إن المتتبع لبعض تصريحات الذين أسندت لهم مهمة تسيير قطاع التعليم في السنوات الأخيرة يكتشف من خلال هذه التصريحات : العبثية وانعدام المسؤولية وانعدام رؤيا واضحة لتدبير هذا القطاع الحيوي ، فالسيد محمد الوفا مثلا ، لما كان وزيرا للتعليم في الحكومة الأولى لعبد الاله بنكيران ، كان يعتبر التعليم المغربي في القمة سواء من حيث المناهج أو البنايات أو غيرها ( والله باباه اوباما ما عندو مدرسة بحال هذي ). فالرجل يقسم بأغلظ الايمان ان المدرسة المغربية اجود وأجمل من المدرسة الأمريكية ، جاء بعده رشيد بالمختار الذي لم يستطع ان ينكر تدهور التعليم بالمغرب ، فقط لأنه قبل تعيينه كان الخطاب الملكي قد أكد أن التعليم المغربي في الحضيض ، ولم يجد سي بالمختار إلا المدرس ليعلق عليه ذنب انحطاط التعليم ، فاتهم المدرسين بالأمية وبتدريس (التخربيق) ، ونسي أن المدرسين الذين هاجمهم واتهمهم بالأمية – وهو شيئ غير صحيح طبعا – هو من أشرف على تكوينهم لما كان وزيرا للتعليم في التسعينات من القرن الماضي ، ولم يشر كذلك إلى ان (التخربيق) الذي يدرسه الاساتذة – كما يدعي – ليسوا هم من وضعوه بل هم ينفذون المقررات والبرامج والتوجيهات الرسمية التي تشرف عليها وزارته ، وبعد التقرير الاخير للبنك الدولي الذي اكد ان التعليم المغربي في الحضيض ويحتاج الى معجزة لانقاده ، جاء الوزير الجديد محمد حصاد الذي قال في اول تصريح له بعد تعيينه بأنه(تلقى توجيهات من الملك وسينفذها )، ليسير على نهج سلفه ، واعتبر ( عدم اضباط الاساتذة هو السبب في كارثة التعليم ) قبل ان يذرف دموعه على البنايات والتجهيزات و الاكتضاض ووعد بمعالجتها قبل الدخول المدرسي المقبل ، وهكذا نلاحظ ان المسؤولين المتعاقبين على تدبير هذا القطاع لم يشر أي واحد منهم إلى معاناة العاملين ووضعيتهم الادارية والمالية المـتأزمة ، كما لم يستطيعون أن يدركوا أن إصلاح وضعية التعليم مرهون بإصلاح وضعية العاملين فيه ، وأن الدعامة الاساسية للتعليم هو المدرس ثم المدرس إن وضعية التعليم بالمغرب كارثية كما توضح الاحصائيات الرسمية : – فأزيد من 60% من عمالة البلاد بدون شهادة ( أي السكان النشيطين) وهي نسبة مائوية، تعبر عن الهشاشة في العمل. – وأزيد من مليون و 685 ألف شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة، يعيشون حالة عطالة. – وأن أزيد من 350.000 يغادرون المدرسة سنويا. – وأن من بين 100 تلميذ لا يحصل على الإجازة سوى 3 منهم. – ومن خلال البحت الذي قامت به منظمة اليونسكو سنة 2014 تبين أن المغرب يتوفر على أكبر نسبة من الهذر المدرسي في العالم العربي – حسب الدراسة نفسها 1000 تلميذ مسجلين للمرة الأولى في السنة الأولى من التعليم الابتدائي ، 620 و صلوا إلى السنة السادسة أما 380 منهم فقد غادروا مقاعد الدراسة قبل الوصول إلى هذا المستوى (اين نحن من اجبارية التعليم الاساسي وتعميمه ). – 600.000 طفل يشتغل في المغرب اليوم والمسؤولية لا يتحملها المدرس كما تحاول السياسة الرسمية ايهام الناس به ، بل الاسباب متعدد ، منها ما هو من داخل المنظومة و أخرى من خارجها ،( اجتماعية وثقافية واقتصادية) .ومن العوامل الداخلية نسجل : – بعد المدارس عن مكان إقامة التلاميذ، – وعزلة الدواوير- وضعف التجهيزات الأساسية في المدارس (ماء-كهرباء-مراحيض) -وظروف عيش المدرسين،- وعدم ملائمة مقررات التعليم مع الواقع المحلي، العديد من بنايات المدارس ( خاصة الابتدائية ) تعاني من التدهور و التلاشي – الاكتظاظ – الأقسام المشتركة،- ومعاناة التلاميذ من الازدحام بسبب قلة المقاعد.-انعدام الوسائل البيداغوجية -قلة الأنشطة التربوية – ارتفاع تكاليف التمدرس. و الأمر الأكثر تعقيدا هو أن الآباء والتلاميذ لا يرون في المدرسة سوى مؤسسة لتخريج المعطلين ، فالحصول على شهادة عليا لا يعني بالضرورة في المغرب الحصول على عمل محترم….. فهل المدرس هو المسؤول عن كل هذا أم القضاء على ما تبقى من المجانية هو الحل لهذه المشكلات ، الصواب طبعا هو : طاحت الصمعة علقوا الحجام