استبشر سكان إقليم ابن سليمان خيرا، بافتتاح المشروع الملكي (مركز طب الإدمان)، الذي أشرف على انطلاق أشغاله وافتتاحه الملك محمد السادس. أنجزته مؤسسة محمد الخامس للتضامن باستثمار إجمالي بلغ 6 ملايين درهم. والذي يعتبر ثمرة شراكة بين مؤسسة محمد الخامس للتضامن ووزارة الصحة، ومجلس جهة الدار البيضاء/سطات. وثمن الساكنة الزيارات الملكية التي حظيت بها المدينة. وهنئوا بعضهم البعض على نجاح الزيارة. والأجواء الاحتفالية الشعبية التي واكبت يوم الزيارة. كما انزوى المنتخبون والمسؤولون بالمدينة والإقليم في جلسات خاصة للاحتفاء بنجاح مهام ذلك اليوم، ونجاتهم من غضبات ملكية، ولو أن سياسة الترقيع كانت السائدة عند الإعداد للزيارة.
حقيقة طاقم مركز طب الإدمان تثير الجدل
إذا كان لحدث افتتاح المركز الذي طالما انتظرته أسر المدمنين، أثر إيجابي عميق في النفوس، وتأثير قوي، سيخفض من معاناة الأسر مع التنقل إلى مستشفيات مدن الجوار، والمصاريف المالية وهدر الزمن. فإن الوقوف على حقيقة الطاقم الحالي المشرف على المركز، يطرح أكثر من سؤال عن مدى رغبة وزارة الصحة، في تقديم خدمات فعلية لمدمني إقليم ابن سليمان داخل مشروع ملكي، يعد أول مشروع ينجز في وقته المحدد (سنة كاملة). بإشراف تام للملك محمد السادس، الذي وضع حجره الأساس بتاريخ 3 يونيو 2018، وقص شريط افتتاحه يوم 28 ماي 2019. وإليكم التفاصيل..
حسب تصريح لمسؤول في القطاع، فإن المركز به لحد الآن رئيس المركز، الذي هو طبيب في الطب العام، لديه بعض أبجديات طب الإدمان. وسيخضع لتكوين مدته سنتان بالرباط من أجل الحصول على دبلوم جامعي في الطب الإدمان. مما يعني أنه الآن غير مؤهل لذلك العمل. وزارة الصحة وعدت بتعيين طبيب في الطب العام نهاية السنة الجارية. الإطار الطبي الوحيد المتخصص (طبيبة متخصصة في الطب النفسي والعقلي)، سيعمل بالتناوب بين مركز طب الإدمان، ووحدة الطب النفسي والعقلي بالمركز الصحي قرب إعدادية زياد. مما يعني أن حضور الطبيبة لن يكون يوميا … وأن جهدها سيكون مقسما بين المركزين. علما أن مرضى الإدمان الذين سيلجون المركز، هم في حاجة إلى رعاية ومتابعة نفسية يومية. وحصص للاستماع والتجاوب و..
معناه أن المركز الملكي يتواجد فيه الآن طبيب واحد للطب العام ينتظر تكوينه، وهو رئيس المركز. وطبيبة مختصة تعمل على سبيل الإعارة. وأربع ممرضات ومساعدة اجتماعية. وهو ما سيجعل المرضى ينتظرون تحديد مواعيد للقاء الطبيبة. كما لا يستفيدون من كشف طبي من طبيب متخصص في طب الإدمان، باعتبار أن رئيس المركز سيبدأ رحلة التكوين المستمر، التي تتطلب كذلك حضوره في حصص دراسية متعددة بالرباط. إضافة إلى قصور أداءه حاليا، باعتبار عدم التخصص
يتوفر المركز على أربع ممرضات متخصصات في طب الإدمان (خضعن لتداريب في هذا المجال)، ومساعدة اجتماعية. وغيرهم من أطر داعمة في مجالات مختلفة يتطلبها العلاج النفسي وعلاج الإدمان.
كما أن المركز لا يسمح بالرعاية والتتبع داخله، باعتبار أنه لا يتوفر على أسرة لمكوث المرضى. وأن الطاقم سيتكفل بالمتابعة عبر حصص ومواعيد وزيارات ميدانية لمنازل المرضى. والتكفل التام بكل ما يتطلبه علاج المريض.
أصداء ما بعد الزيارة الملكية
كل سكان الإقليم استبشروا خيرا بالزيارة الملكية، وبافتتاح مركز طب الإدمان. وكلهم نسوا أو تناسوا في ذاك اليوم ما يعانوه من فساد واستبداد، وسمحوا لأنفسهم بالوقوف جنبا إلى جنب مع بعض من يعتبرونهم رواد الفساد والاستبداد… فقط من أجل أن يكون الترحيب في مستوى المرحب به. خصوصا أنهم يحتفظون للملك محمد السادس برصيد من الزيارات والمشاريع الملكية المنجزة والمبادرات الخيرية، التي استفادت منها فئات مختلفة. نذكر منها توزيع مجموعة من المأذونيات (كريمات) على ذوي الاحتياجات الخاصة، وتمكين البعض الآخر من حج بيت الله الحرام. والتقاط صور مختلفة، وإرسال تلك الصور إلى كل من حظي بلحظة التصوير معه.
زيارة يوم الثلاثاء عرفت أصداء جانبية منها:
1 ) غاب شفيق الجيلالي رئيس جمعية البحيرة السلييمانية الموكول لها الإشراف على المركز، عن حفل الافتتاح. لتواجده بالديار السعودية لأداء مناسك العمرة. وحضرت مكانه فاطمة الزهراء زهير منسقة الجمعية المشرفة عن المركز. يذكر أن جمعية البحيرة هي المشرفة على مركز تصفية الدم (الدياليز) بالمستشفى الإقليمي.
2 ) غاب محمد اجديرة رئيس بلدية ابن سليمان عن حفل الافتتاح، لتواجده بالديار السعودية من أجل أداء مناسك الحج. اجديرة كلف نائبه الرابع حمدي السليماني بتمثيله في كل المحافل الرسمية. إلا أن كريم زيادي النائب الأول للرئيس، التقى عامل الإقليم، وطلب إلغاء دعوة النائب الرابع، باعتباره الممثل القانوني للرئيس في حال غيابه. وهو ما تم. ولعل العديد تساءل عن تواجد كريم الزيادي ضمن الوفد الرسمي الذي كان في استقبال الملك.
3) اعتداء على عون سلطة (مقدم الحي المحمدي)، من طرف خضار، ولا نعرف من الظالم ومن المظلوم، عون السلطة حصل على شهادة طبية مدة العجز بها 21 يوم. والسبب حسب رواية عون السلطة أن الخضار أراد أخذ علم وطني بعد اختتام الزيارة الملكية. والأكيد أن للخضار روايته الخاصة.
للإشارة فمع اختتام كل زيارة ملكية تختفي عدة أعلام وطنية.. بعضها يأخذها الأطفال والشباب الذين يعتبرونها عتاد الاحتفالات في عدة مناسبات، أبرزها تتويجات المنتخب الوطني والأندية الوطنية.. لكن هناك أعلام أخرى تختفي عمدا.. ليتم شراءها مرة أخرى من أجل احتفال رسمي ثان.. وهنا وجب التحقيق .. في الأموال التي تصرف عند الإعداد للزيارات الملكية.. وكذا العتاد الذي يتم اقتناؤه (أعلام، مصابيح، أعمدة، صياغة،…)
4 ) منتخبون ومسؤولون في السلطة والصحة فرحوا لأن كاميرات قنوات القطب العمومي التقطت صورا لهم بالقرب من الملك محمد السادس. بعضهم توهم أن وجوده بالقرب من ملك البلاد لحظة افتتاح المركز الصحي سيمنحه الحصانة أو حسن السيرة والسلوك. والبعض الآخر بدأ يستغل الصور والفيديوهات لاستعراض عضلاته على المواطنين والموظفين العاملين معه. .. وأطلقوا (السلوكية)كعاداتهم…
5) أثارت مشاهد من تغطية القناة الثانية لحفل افتتاح المركز، جدلا كبيرا في صفوف فعاليات بالإقليم. ويتعلق الأمر بمشاهد لشباب وشابات تم عرضهم على أساس أنهم مرضى يتلقوا العلاج من الإدمان. المستاءون تساءلوا كيف لمركز لم يفتح بعد، أن يكون داخله مرضى يتحدثون وكأنهم يتابعون العلاج داخله.
موقع بديل بريس كان من بين المنددين، وتم الاتصال بمندوب الصحة بالإقليم، الذي أكد أن هؤلاء الذين أظهرتهم القناة الثانية، هم فعلا مرضى يتابعون علاجهم من الإدمان تحت إشراف الطبيبة التي كانت ترافقهم. موضحا أن هناك وحدة للطب النفسي والعقلي بالمركز الصحي المتواجد قبالة إعدادية زياد بابن سليمان. وأن من بين مرضى المركز هناك مدمنين على المخدرات وحبوب الهلوسة. كما أن هناك مجموعة أخرى من أبناء وبنات الإقليم يتابعون علاجهم بعدة مدن (المحمدية، الدار البيضاء، وجدة..). وأن كل هؤلاء سيستفيدون الآن من العلاج والتكفل التام داخل مركز طب الإدمان بابن سليمان.
ملاحظة : يعيش أزيد من ألف مريض نفسانيا وعقليا بإقليم ابن سليمان منذ أزيد من عقد من الزمن، حالة تدهور والمعاناة، معظمهم ضحايا الإدمان. بعضهم حالتهم وصفت بالخطيرة، بسبب حرمانهم من العلاج الدائم والفحوصات الطبية اللازمة. والسبب طبعا الفقر والبطالة والفراغ القاتل.. حيث يتم الاستنجاد في بعض الأحياء بأطباء مدينة المحمدية، يتم إرسال بعض الحالات القديمة أو الجديدة من أجل متابعة العلاج هناك مؤقتا. وبعض المرضى يرفضون بسبب تدهور حالاتهم، وصعوبة التنقل بسبب الإمكانيات المادية والاجتماعية.
نأمل أن ينتبه المسؤولون إلى مركز طب الإدمان بابن سليمان، وأن يوفر له طاقم طبي من اطباء كثر في التخصصات اللازمة. كما نأمل أن ينتبه المسؤولون والمنتخبون إلى أنهم السبب في استفحال ظاهرة الإدمان، وضحايا الأمراض النفسية والعقلية وعمليات الانتحار..