الرئيسية / السياسية / إشكالية الشغل بالمغرب من وجهة نظر وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية

إشكالية الشغل بالمغرب من وجهة نظر وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية

أكد عبد السلام الصديقي وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية أن حكومة المملكة المغربية، عملت  بتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، جاهدة في السنوات الأخيرة على فتح آفاق جديدة لنمو مندمج يوفر مناصب وفرص الشغل من خلال مواصلة تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية والبرامج المُهيكلة، وتحسين الإطار الماكرو- اقتصادي ومؤشرات توازن المالية العمومية، وتعزيز السياسة العمومية للاستثمار، وكذا تحسين مناخ الأعمال للرفع من جاذبية بلادنا للاستثمارات الوطنية والدولية. كما عملت أيضا على اتخاذ عدة تدابير ومبادرات بهدف إنعاش التشغيل نذكر منها: إرساء النظام الجديد للمقاول الذاتي القائم على تحفيزات جبائية ومساطر مبسطة لتشجيع الشباب على التشغيل الذاتي، ووضع برنامج تحفيزي للتشغيل يمنح مساعدات للمقاولات والجمعيات حديثة النشأة في شكل تحفيزات ضريبية واجتماعية، وإصلاح عقود التدريب من أجل الإدماج عبر توفير التغطية الصحية والاجتماعية لفائدة المتدربين، وإحداث الصندوق الخاص بالتعويض عن فقدان الشغل لمساعدة المستفيدين في البحث عن عمل جديد. كما تم إطلاق برنامج للتكوين في ميدان التعليم لفائدة عشرة آلاف (10.000) من حاملي الإجازة، وكذا برنامج استكمال تأهيل خمسة وعشرين ألف (25.000) مجاز  باحث عن الشغل من أجل الحصول على شهادة الكفاءة المهنية بغرض ملائمة تكويناتهم لحاجيات النسيج الاقتصادي وتقوية حظوظ اندماجهم في سوق الشغل. وقال الصديقي  خلال ترؤسه للندوة الجهوية للجمعية العالمية للمصالح العمومية للتشغيل التي نظمت أمس الثلاثاء بالرباط حول موضوع ( مواكبة المستثمرين والمشغلين لتلبية حاجياتهم في التشغيل). إن البطالة تشكل ظاهرة اجتماعية مركبة، تحكمها عدة عوامل، وتتدخل في صيرورتها جهات ومؤسسات مختلفة، إذ تعاني منها كل الدول على اختلاف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية وبنسب متفاوتة، كما أن أسبابها تبقى متعددة الأبعاد ومتشعبة الخيوط، وهي وترتبط أساسا بوثيرة النمو الاقتصادي وضعف التوازن الكيفي بين العرض والطلب، إضافة إلى الإشكاليات المرتبطة بملاءمة التكوين مع متطلبات التشغيل وكذا محدودية الآليات الضرورية لدراسة وتحديد حاجيات سوق الشغل الذي يعرف العديد من الاختلالات. وأضاف في كلمته أن موضوع التشغيل يشكل المحور الرئيسي لاندماج الأفراد داخل المجتمع، وبالتالي فإن إحداث المزيد من مناصب الشغل اللائق يبقى التحدي الأكبر الذي تواجهه السياسات الاقتصادية والاجتماعية.  وإذا كان النمو الاقتصادي يشكل الرافد الأساسي لإحداث مناصب الشغل، فإنه يبقى وحده غير كاف لسد الهوة بين الأغنياء والفقراء، بين الرجال والنساء، وبين مناصب الشغل الجيدة وتلك الهشة التي ترتبط بتأهيل غير كاف لليد العاملة وضعف في الإنتاجية. لذا، فقد أصبح لزاما علينا الاستثمار في اقتصاد المعرفة وفي التكوين باعتبارهما عاملان أساسيان للرفع من الإنتاجية والاندماج الاجتماعي.

وتابع : وعيا منا بمدى مساهمة التشغيل في إنجاح التنمية الاجتماعية والاقتصادية ومحاربة الإقصاء الاجتماعي، ولتهيئ بلادنا لمواجهة التحديات الجديدة التي تطرحها الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، كان لزاما علينا تبني استراتيجية شمولية من أجل التخفيف من حدة البطالة وإنعاش سوق الشغل من خلال خلق بيئة مواتية وتوفير الشروط الملائمة لخلق ديناميكية اقتصادية جديدة منتجة للثروات وتساعد على تشجيع الاستثمار المنتج الكفيل باستيعاب الطلب المتزايد ومعالجة التراكمات المسجلة.  

موضحا أن سنة 2015 تميزت باعتماد الحكومة للاستراتيجية الوطنية للتشغيل في أفق سنة 2025، والتي تهدف إلى إنعاش الشغل المنتج، وتثمين الرأسمال البشري وتحسين حكامة سوق الشغل وتعزيز السياسات النشيطة للتشغيل والوساطة في سوق الشغل. وذكر في إطار الالتقائية بين مختلف السياسات العمومية، بالسياسة الجديدة للهجرة التي ينهجها المغرب تجاه المهاجرين الأجانب وطالبي اللجوء، والتي تعتبر بحق تجربة رائدة وفريدة لبلد ينتمي للجنوب، باعتبارها تساهم في تحقيق الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للمهاجرين بالمغرب .

إلى ذلك أكد أن الحكومة أولت الاستراتيجية الوطنية للتشغيل أهمية بالغة لدور المصالح العمومية للتشغيل في التقريب بين العرض والطلب في مجال التشغيل، وركزت على مواكبة الباحثين عن شغل في الإدماج وعلى توجيه الشباب حاملي المشاريع في تحقيق مشاريعهم الاقتصادية ومساعدة وإرشاد المشغلين في تلبية حاجياتهم من الكفاءات وكذا مواكبة جميع المبادرات الوطنية والاستراتيجيات القطاعية. وتعتبر الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات أحد الفاعلين الأساسيين المعول عليهم لتحقيق هذه الأهداف من خلال مخطط تنمية الوكالة للفترة الممتدة ما بين سنتي 2016 و2020.

مشيرا انه في في إطار الانفتاح وتعزيز التعاون جنوب – جنوب، تسعى الوكالة بمعية شركائها بالعديد من الدول الإفريقية على تعزيز الشراكة والتنسيق فيما بينها ووضع آلية لتكوين أطر المصالح العمومية للتشغيل الإفريقية. ومن المرتقب تأسيس هيئة لإدارات التشغيل والمصالح العمومية للتشغيل بإفريقيا بهدف تيسير هذا التعاون جنوب-جنوب.

 

واختتم كلمته بالتعبير عن ارتياحه لوجود عدد من الدول المشاركة في هذه الندوة من أجل اقتراح تدابير لمواكبة جيدة للمستثمرين والمشغلين في تلبية حاجياتهم في التشغيل، وذلك على اعتبار أن نجاح أي مقاولة يعتمد بالدرجة الاولى على مدى جودة انتداباتها من الموارد البشرية . وإن الخبرة العالية والمعرفة المتراكمة التي يتميز بها الخبراء والمشاركون الحاضرون في هذا اللقاء ستمكن بالتأكيد من تبادل الآراء وتعميق التفكير في الموضوع وبلورة اقتراحات في الميادين التي تشكل محاور الندوة بغية تبني مقاربات مندمجة لمواجهة معضلة البطالة و تحديات التشغيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *