كلما حلت بهذا الوطن الحبيب مصيبة قدرها الله عليه , كما على غيره من شعوب العالم إلا و اتجه المواطن مباشرة الى وسائل الإعلام “الوطنية” لتقصي حقيقة و حيتيات الخبر و مدى ملائمته مع ما جاء عبر شبكات التواصل الإجتماعي و المواقع الإليكترونية الإخبارية التي تنشط في جميع ربوع هذا الوطن , بغية تصحيح الخبر و إخراجه من “الخبر الإشاعة ” الى الخبر اليقين الرسمي. و رغم توفرنا على أكثر من 7 قنوات عمومية أو شبه عمومية فإن أصبعك سيلف لساعات و ساعات بين أزرار جهاز التحكم عن بعد , دون أن تخرجك اي من القنوات عن برامجها المعتادة و التي كثيرا ما لا تتناسب و حجم الحدث , فالقناة الثانية غارقة في سهرة الشحرورة غير آبهة بما جرفته السيول من نسل و حرث و دواب و قناطر ومساكن ليس لها من المساكن إلا الإسم ,و ميدي 1 تيفي صامدة أمام ضربات الجزاء التي تنوي الكاف فرضها على المغرب و تنسى حتى أن تشير بشريط متحرك الى وفاة دراماية لأحد أبناء هذه البلاد المخلصين الأستاذ محمد باها و الذي جاء به قدره الى نفس مكان صديقه في الوفاء لهذا الوطن السيد أحمد الزايدي وهي ضربات موجعة لكل من كان يؤمن بأن التغيير سيأتي من مثل هؤلاء الذين جمعوا حولهم حب ملايين من ابناء تربوا في كنفه أطفالا شيبا و شيابا ,أما الأولى فتقدم مسلسلات مستهلكة مهلكة لما تبقى من الحياء أو تغطي مهرجان فرنسيا في أرض مغربية لا نسمع فيه لغة الضاد إلا خطأ أو سهوا أو من وراء حجاب ,حتى “فنانونا ” أبوا إلا أن تكون لغتهم الحوارية لغة الأب جاك و كأن مهرجان” كان ” يستعمل اللغة العربية و لو على سبيل المجاملة .
إن القنوات الأمريكية و الأوروبية و بعض القنوات العربية تقطع إرسالها العادي لتبث من عين مكان الحدث أخر التطورات محترمة في ذلك المهنية التي ترتبط بالراهنية في تقديم الحدث و تسجيل السبق الصحفي من موقع الحدث خاصة إذا كان الحدث يهم شخصية عمومية أو حياة مواطنين معرضين أو تعرضوا للخطر , تسائلنا في مقال سابق عن دور الإعلام في الكوارث الطبيعية و تأسفنا لعدم انخراط القنوات التلفزية و الإذاعية في التوعية و الإشعار على اعتبار أن ميزانيتها تخرج من جيوب دافعي الضرائب و دافعي إتاوة الماء و الكهرباء , و على اعتبار عامل اللغة و ووو لكن تنطبق الحكمة علينا “يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر ” يوجد في فرنسا 24 , في الجزيرة في القنوات الفرنسية ما لا يوجد في دوزيم و أخواتها , احترافية , راهنية هذا بمقارنة المقارن .
أما ما يثلج الصدر و يرد الاعتبار فهو نتائج 3 اختراعات مهمة يتم استغلالها بشكل جيد من طرف جميع المواطنين لتوثيق الحدث بالصوت و الصورة , أولها الهواتف الذكية و ثانيها مواقع التواصل الاجتماعي و ثالثها المواقع الإخبارية على الشبكة العنكبوتية , بالإضافة طبعا إلى مراسلي المنابر الإعلامية المكتوبة الذين كثيرا ما يخاطرون من اجل الوصول إلى مكان الحدث رغم ضعف الإمكانيات في أفق وصول الخبر أو التغطية قبل الشروع في الطباعة , فالتقاطع بين هذه الوسائل أصبح هو الحل الأمثل للاستباق الخبر بالصوت و الصورة بعيدا عن أي تعتيم و أو رقابة تفرغ الحدث من محتواه , بل بالنقيض من ذلك يساهم هذا الاختلاف في إغناء الحدث و وإثراء محيطه .
,إن حادثي بوزنيقة و فيضانات الجنوب , و من قبلهم زلزال الحسيمة و كارثة ليوني وغيرهم تطرح تساؤلات جوهرية حول الإعلام العمومي و تجاوبه مع المرحلة التي نسعى فيها من خلال الإعلام و ما يستثمر فيه أو ما “يسرف عليه” سواء من خلال الميزانيات الضخمة للقطب العمومي أو من خلال الدعم السنيمائي الذي يدعم أفلام لا تقارب أي معضلة اجتماعية مغربية في حين يغيب الدعم على مشاريع أفلام تنبض بمشاكلنا , نحاول إذن من خلال إعلام نظيف المساهمة في التنمية البشرية في مفهومها الفكري أولا قبل مفهومها “الإقتصادي ” , المساهمة في إقرار عدالة اجتماعية , المساهمة في التقرب من ما يعيشه المواطن من إكراهات بكل واقعية و تجرد , المساهمة في توعية المواطن بواجباته و بحقوقه , فأين نجد هذه المساهمة هل من خلال سهرات بدون نهاية , أو من خلال تغطيات لمهرجانات بنكهة فرنسية في أرض المغرب مثل موازين و مهرجان السينما بمراكش ,أو بالعكس من ذلك من خلال برامج واقعية تذكرنا بقصص ناسنا و معاناتهم و تفتح المجال لتكافل اجتماعي متأصل في مجتمعنا عبر برامج نشجعها و نتمنى أن يرصد لها ما يرصد لبرامج “قلة الحيا” من مسلسلات تخرب شبابنا و شيابنا و بناتنا و نساءنا و حتى أمهتنا الاتي هجرن السبحة و انتظرن عودة مهند.
نتمنى أن تطلع علينا مذيعة الأخبار الصباحية ليوم 8 ديسمبر بميدي1 تيفي لتعتذر للجمهور المغربي داخل و خارج الوطن , نيابة عن القناة عن ما جاء في خبر وفاة السيد الوزير محمد باها , و التي غالطت به المشاهد, أن الفقيد دهس من طرف قطار و هو يسوق سيارته الشيء الذي يجانب الصواب خاصة أن عمر الحدث يفوق 12 ساعة و أن إمكانية القناة للتأكد من صحة المعلومات كثيرة منها الرجوع إلى قصاصات المواطنين و المدونين و لمراسلي الصحافة المكتوبة .
رحم الله أحباءنا من أبناء هذا الوطن و أسكنهم فسيح جناته , و أجارنا الله في مصيبة إسمها القطب السمومي .