الرئيسية / ميساج / احذروا: أطفالنا تجاوزوا سن الرشد

احذروا: أطفالنا تجاوزوا سن الرشد

أطفال بعقول وأفكار البالغين وبثقافة تتعارض مع هويتهم وإرثهم الأخلاقي والديني . لا يؤمنون بنصائح وتوجيهات آبائهم وأمهاتهم التي أصبحت متجاوزة لديهم .. يجارونهم في فرض أبوتهم و أمومتهم للحظات والانتشاء بها، من أجل استخلاص ما يرغبونه منهم، من أموال وخدمات تافهة.. ويعودون إلى عالمهم الممزوج بين الحقيقة والخرافة والخيال لنسجه على هواهم… هذا ما حصلنا عليه، بسبب انشغالنا عنهم، وبسبب ما وفرناه لهم كبديل، من أساليب وتقنيات جديدة في الحياة، وأجهزة الكترونية تفوق قدراتنا وقدراتهم العقلية.. ووسائل علمية لم نشارك في إبداعها وصناعتها ولا حتى في برمجتها.. قبلنا بجعلها رهن إشارة عقول لم تكتمل بعد نموها الجسماني ولا العقلي..وقبلنا بتعبئة عقولهم، بثقافات وطقوس أجنبية، لا تمت بثقافة البلاد وطقوسها، وترسيخ مفاهيم متضاربة، ومتناقضة مع كونهم أطفال مغاربة ينتمون لبلد، هو في حاجة إلى وطنيتهم وحبهم وتفانيهم وحمايتهم..

في سن العاشرة أو بعدها بأشهر، لم يعد العديد من الأطفال يطيقون تعليمات الآباء والأمهات، التي يجدونها في بعض الأحيان متناقضة مع سلوكياتهم… آباء وأمهات .. يمنعون أطفالهم من التدخين أو معاقرة الخمر، وهم يدخنون ويشربون الخمر بحضورهم.. يشاهدون أفلام الخلاعة، ويعاقبون أطفالهم عند مشاهدتها.. ينزفون كذبا في كل تحركاتهم، ويشاركون أطفالهم الكذب. ويغضبون عندما يكذب الأطفال.. يسرفون ويبذرون ويمنعونهم أطفالهم من الإسراف والتبذير.. وفوق كل هذا وذاك.. فهم ناذرا ما يجالسونهم من أجل تقييم أعمالهم وأفعالهم اليومية. ومن أجل تقويم اعوجاجهم، وتمكينهم من نصائح دقيقة وفعالة..  هؤلاء المربون المنشغلون بتدبير مصاريف العيش والمنشغلون بالطبخ والكنس والتنظيف ولعب دور شرطي (صالون الضيوف)، لا يترددون في زجر أطفالهم (سير للزنقة، سير تلعب، خرج من هنا، ..).. لا يدركون مدى التعفن الذي لحق أطفالهم.. لا يشعرون بالتباعد والنفور إلا بعد فوات الأوان. يستفيقون متأخرين، بعد ضياع أطفالهم، وانحرافهم صوب الجرائم والإدمان على المخدرات والخمور و..

     هذا ما يجب أن يعرفه الباحثين التربويين وعلماء النفس وغيرهم من رواد الثقافة المهتمين بمرحلة الطفولة.  وأن يعتمدوه في أبحاثهم ومخططاتهم ومناهجهم الدراسية وبرامجهم داخل دور الشباب والثقافة والمخيمات الصيفية والربيعية و.. وأن يرسخوه في عقول الآباء والأمهات.. الذين يتركون الأطفال على هواهم داخل المنازل وخارجها، يسبحون في بحار (الويب) و(الإعلام الفضائي)، و(قنوات الإثم والعدوان المغربية)، ورهن إشارة مروجي السموم والمخدرات والملاهي المستوردة..لا ينتبهون إلى أطفالهم حتى يبلغون سن الرشد (18 سنة وما فوق).. سنوات من الغفلة الأسرية، قادرة على ترسيخ كل مفاهيم الانحراف والإجرام لدى الأطفال. وقادرة على تحويل مفرقعات الطفولة إلى قنابل موقوتة وأحزمة ناسفة.

     بقراءة سريعة في لائحة نزلاء سجون المملكة، يتأكد بالملموس، أن معظم السجناء تشبعوا الانحراف والإجرام منذ طفولتهم، وأن معظمهم من أصحاب حالات العود. سجنوا وهم أحداث قاصرين، قبل أن يزدادوا عنفا وخبثا وقوة داخل تلك السجون.. كما أن قراءة سريعة في نوعية الجرائم والعنف الذي انتشر بعدة مدن مغربية، تفضي إلى أن وراءها أطفال أبعدوا كرها أو طواعية عن أسرهم… درسوا العنف والإجرام بالشوارع والأزقة و المداشر والمقاهي وداخل العالم الافتراضي (الفايس)، وباقي عوالم (الويب) و(الإعلام الفاسد)…

أعيدوا النظر في تربية أطفالكم، وأعيدوا النظر في ما توفرونه لهم من عتاد وخدمات.. وتأكدوا في كل مرة ، من سن أطفالكم .. فقد تستمرون في التعامل معهم كقاصرين .. ولا تدركون أنهم قد تجاوزوا سن الرشد.. وباتوا يرفضون التربية والتعليم..           

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *