خاض الاتحاد العام الوطني لدكاترة الوظيفة العمومية والمؤسسات العامة، يوم الأحد الماضي (11 نونبر 2018) مسيرة احتجاجية حاشدة بأهم شوارع مدينة الرباط، للتنديد بصمت الحكومة إزاء ملف الدكاترة الموظفين، واستنكار الوضعية المجحفة التي تعيشها هذه الفئة بالمغرب.
وعبّر الدكاترة الموظفون المشاركون بالمئات في هذه المسيرة، القادمون من مختلف ربوع المملكة، عن تشبثهم بمطالبهم الأساسية، من خلال التدخل العاجل لإنصافهم، ورد الاعتبار لأرقى شهادة علمية يحملونها. وتأتي هذه المحطة الجديدة، التي تسبق محطات أخرى تصعيدية قادمة، وفق بلاغ للاتحاد، بعد نجاح سلسلة من المسيرات والوقفات والاعتصامات والاضرابات الوطنية التي خاضها أعضاء الاتحاد العام الوطني لدكاترة المغرب بالرباط، إيمانا منهم بقضيتهم العادلة، ودفاعا من مطالبهم الثابتة، وذلك في ظل استمرار واقع الإهمال الذي تتعامل به حكومة سعد الدين العثماني مع ملفهم، وتركهم يتخبطون في وضعية أصبح فيها المغرب يمثل استثناءً في تهميش الدكاترة المؤهلين على جميع الأصعدة.
وندّد الدكاترة المشاركون في مسيرة الأحد الماضي، التي جرت في أجواء من روح المسؤولية، بالمباريات التحويلية المحدودة العدد للالتحاق بالتعليم العالي، وما يغلب عليها من مظاهر التسيّب والمحسوبية، وكذا إقصاء فئة عريضة من دكاترة المؤسسات العمومية من هذه المناصب، وهو ما يعتبر خرقا لمبدأ تكافؤ الفرص الذي نص عليه الدستور المغربي، فضلا عن أن أغلبية هذه المناصب يتم استرجاعها لوزارة المالية، وعدم انخراط بعض المؤسسات الجامعية في الإعلان عن جل هذه المناصب، مما يفوّت عليها الاستفادة من أطرٍ مؤهلة ولها تجربة بيداغوجية مهمة… إلى غيرها من الخروقات الخطيرة التي أدّت إلى إلغاء نتائج كثير من هذه المباريات، وهو ما يعكس لاعدالة الحلّ الذي اقترحه المسؤولون لحل ملف الدكاترة الموظفين، وعدم فعاليته، ممّا يستلزم إيجاد آلية أخرى لمقاربة هذا الملف بشكل نهائيّ وعاجل.
ورفع الدكاترة الموظفون في شعاراتهم الاحتجاجية تظلماتهم لأعلى سلطة البلاد من أجل المطالبة بتسوية وضعية هذه الفئة، من خلال إقرار حقوق كاملة لدكاترة الوظيفة العمومية والمؤسسات العامة، بوضع نظام أساسي خاص بهم، وتيسير إلحاق الراغبين منهم بالمؤسسات الجامعية، مؤكدين أن جميع المبادرات التي باشرتها الحكومات السابقة لمعالجة ملف الدكاترة الموظفين، ذهبت أدراج الرياح، حيث تنصلت حكومتا السيد بنكيران والسيد العثماني من جميع الاتفاقيات المبرمة، وكذلك إفشالهما لمقترح قانون إحداث النظام الأساسي الخاص بهيئة دكاترة الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العامة، كمقترح قانون تم تسجيله في مجلس النواب تحت رقم :141 بتاريخ: 26/06/ 2014، الذي تقدم به حزب الاتحاد الدستوري بعدما عارضته الحكومة السابقة، بحجة أنه لا يمكن للمعارضة تقديم مشاريع أنظمة أساسية، على أن يتم تفعيل هذا المقترح بمرسوم حكومي، و هو الشيء الذي لم يحدث حتى انتهت ولاية الحكومة السابقة .
واعتبر الدكاترة الموظفون المحتجون أن التجاهل الحكومي الممنهج لمطالبهم المشروعة، ليدق ناقوس الخطر لما له من أثر سلبي على واقع الدكتور، بل لما يشكله من امتدادات محبطة اقتصاديا واجتماعيا. مؤكدين أن تسوية هذا الملف، الذي لن يكلف خزينة الدولة الشيء الكثير، يمكن أن يشكل رافعة أساسية للبحث العلمي ببلادنا، وذلك بالنظر إلى استعداد هؤلاء الدكاترة للمساهمة في التفكير والاقتراح والإنجاز، إذ كيف يعقل أن يذهب كل ما تم إنجازه من دراسات وأبحاث سُدًى ودون طائل، الشيء الذي يطرح أسئلة حقيقية ومحرجة حول سياسة البحث العلمي ببلادنا، وإمكانيات استمراره في ظل ظروف أقل ما توصف به بأنها مجحفة في حق الدكتور.