بقدر ما ابتهجت قلوب المغاربة الذين وجدوها فرصة لكي يتلاءمون ويتصافحون ويعانقون بعضهم البعض، بعيدا عن حرب العصابات التي يسلكونها خلال تحركاتهم اليومية من أجل قضاء مصالحهم. وبعيدا عما يسلكونه من تناثر وتنافر يومي بسبب تلك النزاعات المصلحية والتجاوزات غير المبررة… وبقدر ما وجد هؤلاء وأولائك من وسط وشمال وجنوب وشرق وغرب المغرب من فرص للتلاقي والتحاور والتعبير عن حبهم وإخلاصهم لدينهم ووطنهم وملكهم…. فإن مسيرة الغضب المطالبة برحيل الأمين العام للأمم المتحدة. والمؤكدة على ألا تفاوض بخصوص وحدة المغرب الترابية… وإن كانت قد عرفت تجاوبا كبيرا من طرف الشعب… فإن الجهة المكلفة بالإعداد والتنظيم لها. لم تكن في مستوى الحدث. وأبدت عجزا واضحا على مستوى الإعداد المحلي والجماعاتي والحضري والإقليمي والجهوي والوطني. وطبعا فإن السبب يعود إلى ضعف خبرة المنظمين محليا وجهويا ووطنيا. والهاجس الأمني الذي لازالا يسدي بضلاله، ويلازم بعض الجهات. ولكي لا نضع عامل الوقت، وقصر الفترة ما بين الإعلان عن المسيرة وتنظيمها. كسبب أو عذر، ونغمض العين على الأسباب الحقيقية لعدم تقديم مسيرة توازي قيمة الحضور. كان لابد من الإشارة إلى :
أولا: المبادرات كان وراءها ممثلو السلطة والمنتخبون. وهم من فرضوا أنفسهم كجهة مكلفة بالإعداد للمسيرة. وهم من بحثوا عن الدعم. ولاشك أن المنتخبون سيفاجئوننا عند المصادقة على التقرير المالي لهذه السنة 2016، بأنهم رصدوا مبالغ مالية مهمة في النقل وشراء الأعلام واللافتات والقبعات و… التغذية (دانون، بيمو، قرعة ماء صغيرة..). وطبعا فأغلب ممثلو السلطة والمنتخبون يتعاملون مع الفعاليات المدنية الموالية لهم. والمستعدة للإشادة بهم في كل لحظة وحين. وبالتالي فإنهم يعتبرون أنفسهم جزء من الملكية وجزء من الوحدة الترابية. ومن يعارضونهم فكأنهم ضد الملكية والوحدة والترابية. ويمكن لأي كان أن يقف ميدانيا على أن ممثلي السلطات المحلية والمنتخبين بكل مناطق المغرب. استبعدوا من يعارضونهم، عن المشاركة في المسيرة. وخصوصا الإعداد لها.
ثانيا: فتحت مدينة الرباط كل أبوابها بعشوائية من الشمال والجنوب والشرق والغرب… ولم تضع مسارات واضحة لتلك الوفود لوصول خط البداية. في حين أن كان بالإمكان فرض استعمال مسارات بعينها خاصة بالوفود المشاركة. وإن اقتضى الأمر فسح المجال لمشاركة الوفود حسب الأقاليم، ومعها وسائل نقلها من (شاحنات، سيارات، حافلات، سيارات، دراجات نارية أو عادية. وتمر تلك الوفود بالتراتب، مع تقديم الراجلين حاملين الأعلام واللافتات يرددون الشعارات ، وخلفهم وسائل النقل.
ثالثا: لم يكن الإعلام البصري الوطني في مستوى الحدث. علما أن تظاهرة وطنية كهاته، كان على وزير الإعلام أن يعد لها العدة . لا من حيث التغطيات الجوية ولا من حيث التغطيات الهادفة. عوض تصويب الكاميرات نحو شخصيات، تعتبر المسيرة فرصة لتلميع صورها، وفضاءا للإثارة والاستقطاب.
رابعا وهذا هو الأهم: وزير الإعلام والناطق الرسمين يدرك هو وباقي أعضاء حكومته، أن المسيرة ليست موجهة للمغاربة، وإنما للرأي العام الدولي. وبالتالي فإن أول ما كان يجب أن يفعله وزير الاتصال هو أن يوفر تعبئة إعلامية دولية. وأن يبحث مع نظرائه داخل الدول الشقيقة والصديقة والحليفة و…. من أجل أن تحظى المسيرة بتغطية كبيرة من طرف قنوات تلفزيونية دولية. والحال أن المسيرة مرت مرور الكرام. وأن الرأي العام الدولي، لن يجد سوى مواقع التواصل الاجتماعية والمواقع الالكترونية واليوتوب من أجل مشاهدة وتقييم المسيرة. وهي فضاءات لازالت لم تجد لها أمكنة في مستوى القنوات التلفزيونية الإخبارية العالمية.
خامسا: ماذا وفرت الحكومة لثلاثة مليون مغربي ومغربية بخصوص طرق قضاء حوائجهم البيئية والاستفادة من التغطية الصحية. فلولى مراحيض المقاهي، وسعة صدر سكان العاصمة الذين فتحوا مراحيض منازلهم وصنابير مياههم.. لاضطر العديد إلى قضائها داخل ملابسهم وسياراتهم. كما أن سيارات الإسعاف والوقاية المدنية كانت ترابط ببعض الأمكنة، يصعب عليها إيجاد منافذ لنقل المرضى.