بعد الهمجية والتسلط والاستعمار في فلسطين والعراق ولبنان وضحايا الطائرة الروسية في مصر، جاء الدور على جمهورية فرنسا و ما عاشته مساء الجمعة الماضي في هجمات باريس الإرهابية التي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) مسؤوليته عنها، وقال إن ثمانية من عناصره قاموا بتنفيذها، و بأن فرنسا على "رأس قائمة أهدافه".
فما تفاصيل و ملابسات اعتداءات باريس ؟؟
في مؤتمر صحفي مساء السبت، كشف المدعي العام الفرنسي "فرانسوا مولان" عن ارتفاع عدد ضحايا هجمات باريس إلى 129 قتيلاً من بينهم مواطن مغربي، و 352 جريحاً منهم 99 على الأقل في حالة حرجة جدّاً، حيث أن العدد الأكبر من القتلى سجل في "مسرح باتاكلان" الذي قتل فيه أكثر من ثمانين شخصا، ومسَّت الهجمات الأخرى ملعب فرنسا الدولي، وشارع شارون حيث سقط 18 قتيلا، وشارع فولتير حيث سقط قتيل واحد، وشارع ألبير حيث سقط 14 قتيلا، وشارع لافونتين أوروا حيث سقط خمسة قتلى.
و أوضح "مولان" أن الأمن الفرنسي تعرَّف على أحد المهاجمين، و أن له سجل إجرامي مرتبط "بالتطرف الإسلامي"، لكنه لم يدخل السجن أبدا. بالإضافة إلى العثور على شخص فرنسي، أشار المحققون الفرنسيون بأنه معروف لدى أجهزة الاستخبارات.
كما أكَّـد أن سبعة عناصر نفَّذوا الهجمات، و تحركوا في ثلاث مجموعات قتلوا جميعاً، و ستة منهم فجَّروا أنفسهم .
بالإضافة إلى أن الشرطة الفرنسية استطاعت العثور على سيارة سوداء استخدمت في الاعتداءات، و هي من نوع سيــــات.
و في السياق ذاته، جاء على لسان مراسل الجزيرة "محمد البقالي"، أن المحققين الفرنسيين عثروا على جوازَيْ سفر، الأول بهوية سورية وُجِدَ بجانب جثة مهاجم في الاعتداءات، أفادت اليونان أن صاحب هذه الوثيقة كان قد دخل أراضيها الشهر الماضي باعتباره لاجئاً. و الثاني جواز سفر مصري عُثر عليه بالقرب من جثة مهاجم آخر، إلاَّ أنه لم تتضح تفاصيل أخرى في الموضوع.
ما التدابير التي قامت بها فرنسا للملمةِ الجراح و التحقيق في الهجمات ؟؟
عَقَدَ الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند"، اجتماعات مع عدد من وزرائه قصد تقييم تداعيات الحادث، التي اعتبرها من "أعمال الحرب"، نُفِّذت بتخطيط خارجي و بأيادٍ من داخل فرنـــسا. لذلك أعلن "هولاند" عن حالة طوارئ تجنَّدت لها قوات الأمن لتشديد الرقابة على حدود البلاد، و كذا تقييد حركة السيارات و الأشخاص في أماكن و مواقع محددة لو لَزِمَ الأمر.
و أشار وزير الداخلية الفرنسي "برنار كازنوف" – في مؤتمر صحفي – ، إلى إعطاء تعليماته للشرطة و الجيش و فُرق الإنقاذ ليظلُّوا في حالة تأهب قصوى للتدخل كلما دعت الضرورة لذلك، ثم تعزيز الأمن في المواقع الفرنسية بالخارج كما جاء على لسان وزير الخارجية "لوران فابيوس".
كما كشف "كازنوف" عن شروع المدعي العام في باريس بإجراء تحقيق قانوني في الهجمات لتحديد كافة ملابسات وظروف هذا "العمل الهمجي"، و قال بضرورة فرض حظر التجوال في حال ظهور مخاطر تُهدد الاستقرار العام، مشيرا إلى أن نتائح التحقيق سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب "ضمانا للشفافية وحرصا على الصرامة في البحث عن المعلومات الموصلة للحقيقة".
و قد قامت السلطات بالعاصمة باريس بإغلاق العديد من المنشآت العامَّة، مثل المدارس و المتاحف و المكتبات و الملاعب و حمامات السباحة و أسواق المواد الغذائية، لتدخل وزارة التعليم على الخط أيضا و تقوم بإغلاق كافة المنشآت الجامعية بالمنطقة و تلغي كل رحلات نهاية الأسبوع، إلى حدود يوم الاثنين المقبل على أقل تقدير.
ما موقف منظمة التعاون الإسلامي من العمليات الإرهابية في باريس ؟؟
منظمة التعاون الإسلامي في بيانٍ لأمينها العام، تنبذُ كل هذه الهجمات الشنيعة التي لحقت جمهورية فرنسا، و تدعو كل الدول إلى عملٍ دولي منسق، مشترك و متواصل لمحاربة الإرهاب، الذي وصفته "بالعدو الأول للإنسانية". و أضاف مدنيٌّ أن مرتكبي هذه الاعتداءات يُحاولون الإضرار "بالقيم الإنسانية"، بما فيها الحرية و المساواة، التي ما انفكَّت فرنسا تدافع عنها، مُدِينًا الإرهاب بمختلف أشكاله.
كما تجدر الإشارة إلى أن منظمة التعاون الإسلامي تضمُّ 57 دولة عضو، و مقرُّها في جدّة غرب السعودية.
ما موقف مجلس الجالية المغربية بالخارج من هجمات باريس الإرهابية ؟؟
أدان مجلس الجالية المغربية بالخارج العمل الإرهابي الذي أودى بضحايا كُثُر، و وصفه بالفعل الهمجي الجبان الذي لا يمت للقيم الإنسانية بِصلة.
كما عبَّر المجلس في بلاغ له، عن أحر التعازي للشعب الفرنسي و دعا كل الجمعيات و المؤسسات التي تمثل الجالية المغربية، العربية و الإسلامية عموماً، إلى التضامن و التآزر قولاً و عملاً ضد كل أشكال الإرهاب، و الوفاء لبلدان الإقامة بالقدر نفسه لبلدانهم الأصلية ترسيخا لقيم العيش الكريم و المشترك، حتى و إن كان في ديار المهجر.
و أضاف المجلس إلى أنه لابد لفرنسا و معها كل دول العالم، أن لا تكون ردود الأفعال متهورة و متسرعة، لما فيه خدمة للذين سوَّلت لهم أنفسهم القيام بمثل هذه العمليات الإرهابية، خصوصا و أن فرنسا كانت دائما بلد الوحدة و التعايش و الأمن و الاستقرار، و التمسك بمبادئ الحرية و المساواة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الهجمات تُعَدُّ هي الأسوأ في أوروبا منذ تفجيرات القطار في مدريد سنة 2004، و التي قُتل فيها 191 شخصاَ، في وقت كانت تستعد فيه فرنسا لاستقبال حدث عالمي، وهو قمة المناخ المقرر لها أواخر الشهر الجاري.
ليبقى طرح السؤال مفتوحا، حول من يتحمل مسؤولية تغذية التطرف و"الإرهاب" ؟ أهي سياسات غربية لممارسة ضغوطات جديدة على المسلمين هناك ؟ أم أنها فعلا هجمات لامست الكيان الفرنسي بالحدة التي خُطط لها ؟ و ما الهدف الرئيسي منها ؟ وهل ستشكل هذه الاعتداءات نقطة تحول في السياسة الخارجية الفرنسية ؟ و لماذا تحدث مُنفذوا التفجيرات عن سوريا و العراق إبان تنفيذ عملياتهم؟