أثارت قضية البقعة الأرضية المتواجدة بحي الفرح بمدينة ابن سليمان، والتي بيعت قبل عدة سنوات لسيدة، بعدما كانت مخصصة لبناء مركز الهلال الأحمر المغربي، جدلا كبيرا. وحولت بوصلة السكان لموضوع سبق أن طرحته في عدة مقالات، والخاصة بعمليات الإجهاز على البقع الأرضية الخاصة بالمرافق العمومية داخل التجزئات والأحياء السكنية المحدثة بالمدينة. وكيف أن الجهات المعنية (الجماعة، السلطة، الوكالة الحضرية، و…)، تصر على تواجد تلك المرافق بتصاميم التهيئة الخاصة بالتجزئات والاحياء السكنية. ولا تعير اهتماما لمدى تواجدها على أرض الواقع، أو حتى الحرص على المحافظة عليها إلى حين توفر الإمكانيات لإحداثها، أو حتى تحويل تلك البقع الأرضية الخاصة بها، لبناء مشاريع أخرى عمومية. تستفيد منها ساكنة تلك التجزئات والأحياء السكنية.
بمدينة ابن سليمان، كما بكل المدن المغربية. هناك الآلاف من البقع الأرضية الخاصة بالمرافق العمومية، والتي بيعت بقدرة قادر إلى الخواص، وتم حرمان الساكنة من حقوقهم المشروعة في إحداث مرافق عمومية هم في أمس الحاجة إليها (مدارس، مساجد، حمامات، أفران، مراكز للشرطة، مراكز صحية، دور الشباب، دور الثقافة، أرواض، مراكز نسوية، مراكز للهلاك الأحمر، مصحات، ..). والغريب في الأمر هؤلاء السكان المتضررين، لم يحركوا ساكنا.. بل إن هناك أحياء سكنية بالمدينة، لازالت بعض الأرضية المخصصة لمرافق عمومية داخلها في المزاد العلني. تنتظر من يدفع أكثر للفوز بها.
فلنسأل سكان أحياء (النجمة، القدس، السلام، الفرح، كريم، الحي المحمدي، لالة مريم الأولى أو الثانية، الفلين، الحدائق، بنيورا، الإداري، شمس، لوزايس،.. )، عن المرافق العمومية المبنية داخلها. علما أنه يمكن لهم العودة إلى تصاميم التهيئة الخاصة بأحيائهم، وسيجدون أن هناك العشرات من البقع الأرضية الخاصة بها، والتي تم لهفها بطرق ملتوية. ويمكنهم مقارنة تلك التصاميم مع أرض الواقع، وسيجدون أن تلك البقع الأرضية وظفت في استثمارات خاصة. وأن هناك بقع أرضية أخرى موضوع نزاعات سرية من أجل الظفر بها. وأن عمليات البيع تتم بمبررات واهية. كأن سكان الحي لا يحتاجون إلى هذا المرفق العمومي أو ذاك.. علما أنهم لم يستشيروا السكان في الأمر.
وكنموذج لما يجري داخل الاحياء السكنية، لنلقي معا نظرة على حي الفلين الذي أنجز في البداية ليستفيدون منه العسكريين فقط . لكن تم فيما بعد فتح المجال للمدنيين.
سلسلة التجاوزات والفضائح التي شابت مشروع تجزئة الفلين. بعد إخلال وكالة المساكن والتجهيزات العسكرية حاملة المشروع، بدفتر التحملات التي وقعت عليه مع كل الشركاء شهر مارس 2002. حيث يعاني سكان الحي منذ 18 سنة من تدهور البنية التحتية، وخصوصا شبكات التزود بالماء والكهرباء والصرف الصحي والشوارع والأزقة. بالإضافة إلى مياه الأمطار والوادي الحار، التي تجتاح أقباء المنازل في فصل الشتاء. وتساءل السكان المتضررين عن سبب صمت السلطات الإقليمية والمجلس البلدي منذ سنوات، واكتفائهم بمراسلة الشركة الوصية والتفاوض معها، علما أنها كانت تخل دائما بالاتفاقات التي تبرمها مع مسؤوليها العسكريين، والذين معظمهم تقاعدوا عن العمل. الوكالة لم تتسلم بعد الوصل النهائي.
توصلت بديل بريس بدفتر التحملات الخاص بالحي، وبعد زيارة ميدانية للحي، تم الكشف عن فضائح عقارية تمت بمبادرة مسؤولين عسكريين بشركة. ولعل أكبرها، عدم وفاء
بإحداث حديقة التجزئة والجدار المحيط بها، بعد أن حددت لها على التصميم ودفتر التحملات بقعة أرضية مساحتها أزيد من 10 هكتارات. كما حدد لها أجل لا يتعدى 4 أشهر منذ مارس 2002. إلا أن الجدار لم يتم بناؤه، كما لم يتم إحداث الحديقة. وكذا تم بيع أرض مخصصة لبناء مدرسة عمومية (5403 متر مربع)،إلى مسؤول عسكري كبير متقاعد. والترخيص بعدها لوزارة التربية الوطنية ببناء المدرسة فوق نفس البقعة الأرضية. وهو ما جعل المسؤول العسكري يقاضي الوزارة، ويتمكن من تغريمها أزيد من 600 مليون سنتيم. قبل أن يسمح لها ببناء المدرسة التي تحولت إلى ثانوية إعدادية (الفلين). كما باعت الوكالة أرض مخصصة لبناء مصحة خاصة مساحتها1531 متر مربع، لشخص شيد فوقها مدرسة خصوصية. بالإضافة إلى المصير المجهول لعدة بقع أرضية أخرى، نذكر منها أرض خاصة بثانوية تأهيلية مساحتها (10200 متر مربع)، وأرض خاصة بروض للأطفال(1084 متر مربع)، و وبقعة خاصة بمركز للتكوين المهني (343 متر مربع)، وأخرى خصصت لمركز للأمن الوطني (337 متر مربع)، وبقعة لمسجد (1469 متر مربع)، وأراضي خاصة بمستوصف (355 متر مربع)، ونادي نسوي(354 متر مربع)، ودار الشباب (612 متر مربع)، ومركز للبريد (442 متر مربع)، ومقر للقباضة (222 متر مربع). وأرض خاصة بمقر للجماعة الحضرية (361 متر مربع)، وثلاث بقع أرضية خاصة بحمام وفرنين (ما بين 135 و442 متر مربع)، وبقعة أرضية خاصة بست مستودعات كبيرة، ومركز تجاري مكون من 32 محل مساحتها ما بين 40 و94 متر مربع. ويحتوي حي الفلين الذي مساحته 51 هكتار و40 آر و64 سنتآر، على 641 بقعة أرضية (فيلات) مساحتها ما بين 200 و300 متر مربع. و28 بقعة أرضية (فيلات) مساحتها ما بين 400 و500 متر مربع. و73 بقعة أرضية لبناء عمارات بطابق سفلي تجاري وثلاث طوابق معدل مساحتها 240 متر مربع. و55 بقعة أرضية مساحتها ما بين 40 و10000 متر مربع خاصة بالمرافق العمومية الاجتماعية. رئيس المجلس البلدي يؤكد خروقات الوكالة، ويطالب بالتحقيق في الأمر. وممثلو السلطة محليا وإقليميا يدركون جيدا هذا الملف الذي عمر طويلا، والسكان ما فتئوا ينظمون الوقفات الاحتجاجية من أجل إنصافهم دون جدوى.