الرئيسية / ميساج / الدوباج المدرسي ودوامة الشحن والتفريغ

الدوباج المدرسي ودوامة الشحن والتفريغ

ترسخ لدى معظم التلاميذ والطلبة  مفهوم الدوباج المدرسي كآلية فعالة لمواجهة الامتحانات والفروض. حيث يقضون معظم فترات السنة الدراسية في اللهو والترفيه إلى حين اقتراب مواعيد الامتحانات والفروض، ليبدؤون رحلات الحفظ والفهم والاستيعاب العشوائية والمكثفة للدروس المبرمجة للتقييم. وتبدأ معها رحلات البحث عن أساليب جديدة للغش.  عملية تحصيل أو شحن المعارف والمكتسبات والمهارات في كل الشعب والمسالك، تنتهي بمجرد اجتياز الامتحانات. حيث يتم تفريغ تلقائيا كل ما قضوا الليالي والأيام في  شحنه. لا أحد ينبههم إلى ضرورة الاحتفاظ بتلك المعارف داخل الأذهان، لتوظيفها في عمليات التحصيل الموالية. لأن التخلص منها يعيق عملية تحصيل معارف جديدة.  يدخلون طوال سنوات الدراسة في دوامة الشحن والتفريغ السريعة. ويفقدون سنويا مهارات الشحن بسبب تضاعف صعوبة التحصيل. وتنتهي مساراتهم التعليمية بدون كفايات ولا مهارات لمواجهة الحياة.  حتى وإن تمكن بعضهم من الحصول على شواهد عليا ودبلومات، باعتماد ما علق في أذهانهم من جزيئات معرفية.

ما يتعرض له التلاميذ والطلبة  أثناء اجتيازهم للامتحانات من تعثرات واضطرابات وبلوكاج هو بسبب لجوئهم إلى الدوباج المدرسي. وعدم متابعة التحصيل والفهم بشكل منتظم. إذ لا يمكن أن نحمل العقل البشري ما لا يمكن احتماله. عندما نشحن التلميذ بالمعلومات في مواد مختلفة بعشوائية بدون تصفيف ولا حسن توظيف. فإنه لا يستطيع الحفاظ على كل الحمولة إلى الأبد. فيحرص على حملها إلى غاية يوم الامتحان فقط، وبعدها بدقائق وربما لحظات يفرغ كل الحمولة. وقد لا يوفق في المضي قدما حتى موعد الامتحان، فيصاب باضطرابات وأمراض، ويفقد خيوط كل تلك المعلومات التي راكمها بعشوائية وتسرع.  فحتى الشاحنة ذات الحمولة العشوائية والزائدة. تبقى عرضة للمخاطر السير. وناذرا ما تنقل الحمولة بدون خسائر.  وقد تنقلب وتفرغ كل الحمولة مع كل هبة ريح أو منعرج أو فرملة. وقد تتساقط أجزاء من الحمولة على طول طريق الرحلة لأن الحمولة غير مؤمنة. علينا بتعليم بنظام التنقيط (goute a goute ) كما هو معمول به في السقي الفلاحي. وعلينا برغبة مشتركة و حب و وئام وتبادل للاحترام، وعلينا بفضاءات مدرسية للهو والترفيه وإفراز الميولات والهوايات وصقلها. فإذا كان التلاميذ (يتقيئون) كل ما تغذوا به من معارف ومكتسبات علمية  وأدبية.. بمجرد خوضهم لامتحان أو فرض محروس بخصوصها.  وإذا كانوا لا يؤمنون بمنطق ترسيخ تلك المعارف في أذهانهم وصقلها، ولا يعترفون بقيمتها في تدبير القادم من الدروس والمناهج. وتدبير الحياة بكل تجلياتها.. فما الجدوى إذن من الرؤية الإستراتيجية ؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *