ارتفع أصوات نساء العالم المطالبات بجعل اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف سنويا يوم الثامن مارس، يوما للإضراب والاحتجاج. وأكدن أنهن لن ينتظر الحصول على حقوقهن خلال ذاك اليوم. وينضمُّ العديد من الأشخاص في سائر أنحاء العالم إلى إضراب النساء يوم الأربعاء المقبل الثامن من مارس، عوض الاحتفال به، لتوضيح عواقب إضراب (يوم واحد بدون امرأة). وهل يمكن للرجال أن يتحملوا يوماً واحداً بدون نساء من قبيل هؤلاء النساء. نساء انتفضن بقوة بعد مسيرة النساء التاريخية التي نُظمت في يناير2017، وأكدن أن (النساء فاض بهن الكيل من فرط الانتظار). وأنه بات من الضروري الإقدام على احتجاجات على أرض الواقع. من قبيل هذا (الإضراب النسائي التاريخي المرتقب). ففي مطلع عام 2017 خرج ما يربو على ثلاثة ملايين إنسان (من جميع فئات النوع الاجتماعي)، في مسيرات عمَّت شتى أنحاء العالم من أجل حقوق المرأة، إلى جانب العديد من الحقوق المتداخلة معها. ولا تزال هذه الدوافع حقيقية اليوم، حيث أججَّتها المواقف التي تعبِّر عن كراهية النساء التي صدرت عن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، وقرار حظر السفر الذي يقوم على التمييز، والتوجيهات البعيدة الأثر والتي تنطوي على تداعيات سلبية عميقة بالنسبة للمهاجرين والأقليات الأخرى. كما أن سياساته تعرِّض صحة النساء وحياتهن للخطر. بيد أن ذلك ليس أمر تنفرد به الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، كما يدل على ذلك تلك الإضرابات التي تنظمها الآلاف من النساء في جميع أنحاء العالم اليوم.
ويتنبأ المنتدى الاقتصادي العالمي بأن سد فجوة الأجور القائمة على النوع الاجتماعي تحتاج إلى 169 سنة أخرى. وهذا الرقم ليس سوى أحد الأرقام الصادمة العديدة التي تُظهر إلى متى يتعين علينا أن ننتظر قبل أن تتمكن النساء والفتيات من تحقيق المساواة. وفي سائر أنحاء العالم، ثمة نحو 225 مليون امرأة لا تستطيع اختيار ما إذا كن يرغبن في إنجاب أطفال ومتى يردن إنجابهم. وفي كل عام تقضي 47 ألف امرأة نحبهن، وتُصاب 5 ملايين امرأة أخرى بالإعاقة نتيجةً لعمليات الإجهاض غير الآمنة. وتتعرض نحو %35 من النساء في العالم للعنف البدني أو الجنسي. وثمة أكثر من 32 مليون فتاة حول العالم (مقارنةً بنحو 29 مليون صبي)، غير ملتحقات بالمدارس الأساسية. وتزوجت ما يزيد على 700 مليون امرأة، ممن هن على قيد الحياة حالياً، قبل بلوغ سن الثامنة عشرة.
ومع تعذُّر الحصول على الكثير من المكتسبات، بدأت النساء والفتيات في سائر أرجاء العالم بالقول: لقد بلغ السيل الزبى. وفيما يلي ثماني نساء يخضن ناضلاً في الخطوط الأمامية للمطالبة بحقوقهن، ويرفضن الانتظار في مواجهة انعدام العدالة...
الدكتورة تلالنغ موفوكنغ – لن تنتظر … مادامت النساء محرومات من الإجهاض
|
تمثل الطبيبة تلالنغ قوة يُحسب لها حساب في جنوب أفريقيا. فهي ليست طبيبة متفانية في عملها فحسب، وإنما تدعو بلا خوف إلى الحق في الصحة الجنسية كمذيعة في محطة إذاعة، حيث تقوم بنشر رسالتها على نحو واسع النطاق، فتقول: "لن أتوقف إلا بعد أن يتم احترام حق المرأة في الإجهاض وضمانه بشكل آمن. ففي جنوب أفريقيا تقضي العديد من النساء نحبهن في كل عام نتيجة لعمليات الإجهاض غير الآمنة، ومع ذلك، يعتقد السياسيون أن بإمكانهم استخدام حقوق النساء الإنجابية كلعبة "كرة طاولة" سياسية". كما تتحدى الدكتورة تلالنغ ثقافة الاغتصاب وتحث المهنيين الصحيين على معاملة المرضى باحترام وبدون تمييز – وهي مدافعة حقيقية عن حقوق الإنسان، شأنها شأن جميع النساء اللائي نعرض حالاتهن هنا.
"إن العالم بأسره يعتقد أن له الحق في أن يحدد للمرأة ما يجب أن تفعله بمهبلها ورحمها. ويبدو أن صحة المرأة مباحة للجميع بحيث يعتقدون أن لكل منهم الحق في أن يُدلي برأيه بشأنها".
الأمريكية كوني غري آيز – لن تنتظر … حتى تضيع شقيقة أخرى
كوني غري آيز "ناشطة عرَضية "تنتمي إلى جماعة "كري" من السكان الأصليين، وتعيش في مقاطعة كولومبيا البريطانية في غرب كندا. وقد أدركت كوني أن عدداً مهولاً من نساء السكان الأصليين في مجتمعها قد اختفين أو قُتلن. فبدأت بتنظيم الدعم لعائلات أولئك النساء، وحملت المطلب "بإنشاء لجنة تحقيق وطنية إلى العاصمة الكندية أوتاوا. وقال مسؤولون رسميون إن أكثر من 1000 امرأة من السكان الأصليين قد اختفين أو قُتلن في كندا خلال العقود الثلاثة الأخيرة. وقد أثمرت الجهود التي بذلتها كوني وغيرها من نساء السكان الأصليين في شتى أنحاء كندا، بإعلان الحكومة الكندية عن إجراء تحقيق في تلك الحوادث في عام 2016.
"عندما نكون معاً، نتمتع بقوة كبيرة وبالقدرة على الابتسام حتى بعد اكتشاف أن أحد الأحبة قد قُتل. كيف يمكن ألا يستلهم المرء من النساء اللاتي قاسيْن الأمرّين بسبب فقدان أطفالهن في الكفاح من أجل تحقيق العدالة. كيف يمكن للمرء ألا يستمد إلهامه منهن، وألا يرغب في مواصلة الكفاح؟
الأمريكية كارلا أفيلار – لن تنتظر … بينما يُحرم اللاجئون من الأمان
|
كارلا أفيلار إحدى ضحايا اعتداءات العصابات ومحاولات القتل والسجن التي تعرضت لها في السلفادور. وهي اليوم ترأس منظمة "كومكافيس ترانس" التي تدعم الأشخاص المثليين والمثليات وذوي الميول الجنسية الثنائية والمتحولين جنسياً ومزدوجي النوع، الذين يواجهون التهديدات وأعمال العنف في السلفادور. ويعيش هؤلاء في أوضاع خطيرة إلى حد أن العديد منهم يفرون من البلاد كلاجئين. ومن خلال منظمة "كومكافيس ترانس" تُقدم كارلا المعلومات وغيرها من أشكال الدعم لمساعدتهم في رحلتهم غير المأمونة التي عادة ما تأخذهم إلى الولايات المتحدة والمكسيك. بيد أن الموقف المتشدد للولايات المتحدة بشأن اللاجئين والمهاجرين الذين يدخلون البلاد أدى إلى تعريضهم إلى خطر أكبر – وهو أمر تتصدى له كارلا حالياً بتحدٍ مفعم بالحيوية.
"إن القرارات التي يتخذها ترامب تلحق الضرر بآلاف الأشخاص، وخاصة الأشخاص المثليين والمثليات وذوي الميول الجنسية الثنائية والمتحولين جنسياً ومزدوجي النوع من ضحايا العنصرية والتمييز والاعتداءات. وبدلاً من ضمان الحقوق الإنسانية للمهاجرين، تعمد حكومة الولايات المتحدة إلى وصمهم وتجريمهم".
الآسيوية سو تشانغلان – لن تنتظر … حتى يُجمع شمل عروس طفلة أخرى مع والديها
|
قصة المعلمة السابقة سو تشانغلان ليست فريدة من نوعها. وتقول إحدى صديقاتها المقربات إن قصتها هي قصة العديد من النساء في الصين. فهي لم تستطع الوقوف مكتوفة اليدين حيال الفتيات اللاتي يتم الاتجار بهن كعرائس، أو حيال الأهل الذين اختفى أطفالهم. وقد فعلت كل ما في وسعها لتقديم العون لهم إلى جانب آخرين عديدين. ويمتد نشاطها إلى قضايا حقوق الأرض، ودعم الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ. لقد فعلت كل ذلك وهي تعلم أنها ربما تضحيِّ بحريتها في تلك العملية. وهذا ما حدث فعلاً بكل أسف، فقد احتجزتها السلطات منذ عام 2015.
"يحدوني الأمل في ألا ييأس الأهل من البحث عن أطفالهم المفقودين. ويتعين علينا، نحن أعضاء المجتمع المدني، أن نعمل معاً لمساعدتهم على جمع شملهم مع أطفالهم. كما يتعين على الحكومة أن تستثمر أكثر في هذه الجهود بدلاً من إعاقة عملنا."
سميرة حميدي – لن تنتظر … بينما يتم إقصاء المرأة عن المشاركة في الحكومة
|
منذ عام 2004، ما فتئت سميرة حميدي تشق طريقاً ريادياً للنساء في أفغانستان. وبصفتها رئيسة "شبكة النساء الأفغانيات" (أون)، دأبت سميرة على العمل لضمان تمثيل صوت النساء وبواعث قلقهن على أعلى المستويات في الحكومة. وفي الوقت نفسه تُعتبر سميرة الحديدي مدافعة قوية عن حقوق الإنسان في الساحة الدولية، حيث تذكِّر الحكومات والمانحين المحتملين بأن تعزيز وضمان حقوق المرأة في أفغانستان يجب أن يكونا جزءاً من أية محادثات يمكن أن تُجرى مع زعماء البلاد. وهي تواجه طريقاً وعراً، ولكنها تظل غير هيّابه، وتذود عن النساء الأخريات المدافعات عن حقوق الإنسان، وتكفل إظهار بواعث قلقهن.
"ينبغي إتاحة فرص متساوية للنساء من أجل بناء أفغانستان أفضل".
الأوربية جانيت جون سولستاد ريمو – لن تنتظر … حتى يتم الاعتراف بحقها كامرأة
|
حتى وقت قريب كان اسمها جون جانيت. ويشير اسمها إلى الهوية المزدوجة التي أُرغمت على قبولها يومياً في النرويج. وعلى الرغم من أن هذه القائدة السابقة لغواصة نرويجية كانت تشعر بأن مستقبلها لا يمكن أن يكون إلا أنثى، فإن القانون النرويجي لم يسمح لها بتغيير نوعها الاجتماعي بدون الخضوع إلى عملية "تحويل جنس حقيقي" إجبارية. وكان ذلك يقتضي إزالة أعضائها الإنجابية، بالإضافة إلى إجراء تشخيص طبي نفسي. ولكنها رفضت الخضوع لأي منهما. ولذا فإن رخصة القيادة وجواز السفر والوصفات الطبية، وحتى بطاقة المكتبة الخاصة بها ظلت تشير إليها كذكر. وقد ناضلت بكل جهد ممكن ضد القانون النرويجي المعيب إلى أن تمخَّضت حملتها، إلى جانب تحركات الداعمين لها – بمن فيهم منظمة العفو الدولية – عن تحقيق انتصار عظيم. ففي عام 2016 اعتمدت النرويج أخيراً قانوناً جديداً بشأن الاعتراف القانوني بالنوع الاجتماعي يسمح للمتحولين جنسياً باختيار نوعهم الاجتماعي. واليوم، واعترافاً بهذه العلامة الفارقة غيَّرت اسمها إلى جانيت جون.
"لكل شخص الحق في التعبير عن نوعه الاجتماعي".
السعودية لُجين الهذلول – لن تنتظر … حتى تُمنح الحق في قيادة سيارة
|
تحدَّت لُجين الهذلول، بلا خوف وبشكل مهيب، حظر قيادة السيارة المفروض على المرأة في المملكة العربية السعودية، وواجهت عواقب ذلك التحدي. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، احتُجزت لمدة 73 يوماً لأنها نشرت على تويتر صورتها وهي تقود السيارة قادمةً من الإمارات العربية المتحدة إلى المملكة العربية السعودية. وعقب إطلاق سراحها في فبراير/شباط 2015، مضت قُدماً للترشح للانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام – وهي المرة الأولى التي سُمح فيها للمرأة بالتصويت والترشح. بيد أنها، وعلى الرغم من الاعتراف بها أخيراً كمرشحة، فإنه لم تتم إضافة اسمها إلى لوائح الاقتراع. واليوم لا تزال لجين تناضل من أجل صنع مستقبل أفضل لزميلاتها السعوديات – مستقبل تتمتع فيه النساء بحقوقهن كمواطنات كاملات المواطنة في بلدهن.
"سوف أنتصر، ليس فوراً، لكن حتماً".
نرجس محمدي – لن تنتظر … حتى يتم تشويه امرأة أخرى في اعتداء بالحامض
نرجس داعية متحمسة للدفاع عن حقوق المرأة في إيران، وقد تولت زمام قيادة الاحتجاجات ضد الاعتداءات على النساء باستخدام الحامض. ولم يكن ذلك العمل سوى واحد من جهود عديدة بذلتها في سبيل الدفاع عن حقوق الإنسان، بما في ذلك الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام. وقد دفعت ثمناً باهظاً لعملها، حيث تقضي حالياً أحكاماً بالسجن لمدة 22 عاماً بسبب تجرؤها على الكلام. أما "الدليل" الذي استُخدم ضدها أثناء المحاكمة فهو اجتماعها بالممثل الأعلى السابق لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة لعام 2014. وقد بعثت من سجنها برسالة قالت فيها: "في بلاد يُعتبر كونك امرأة أو أماً أو مدافعة عن حقوق الإنسان أمراً صعباً بحد ذاته، فأن تكوني هذه الصفات الثلاث معاً يعتبر جريمة لا تُغتفر." وفي عام 2016، أعلنت نرجس إضراباً عن الطعام احتجاجاً على منعها من إجراء مكالمات هاتفية مع طفليها الصغيرين اللذيْن يعيشان حالياً مع والدهما في فرنسا. أما الآن فقد سُمح لطفليها بالاتصال بوالدتهما هاتفياً مرة واحدة في كل أسبوع، ولكنهما يواجهان احتمال العيش بدون وجودها معهم لسنوات عديدة قادمة.
"أنا مدانة ومسجونة في وطني بسبب "جريمة" الدفاع عن حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق المرأة ومناهضة عقوبة الإعدام. [ولكن] حبسي والحكم بالسجن لمدة 16 عاماً الذي صدر بحقي مؤخراً لم يجعلاني أشعر بأي ندم، بل عزّزا في الحقيقة معتقداتي والتزامي بالدفاع عن حقوق الإنسان أكثر من أي وقت مضى".