أطلت علينا السلطتين التشريعية والتنفيذية (البرلمان والحكومة) في عهد الحكومة السابقة، بتقسيم ترابي وإداري جديد، وتفننا في رسم خريطة جديدة للمغرب الموزع حسبهما إلى 12 جهة. لكن جيشهما المشكل من وزراء وخبراء وبرلمانيين ومستشارين، لم ينتبه إلى أن هناك مدينتين سليبتين، وأن هناك عدة جزر محتلة من طرف النظام الاسباني. وكان من المفروض التطرق إلى تلك المناطق المحتلة في التقسيم الترابي وعند رسم خريطة المغرب الجديدة . وضمها إلى إحدى جهات المملكة، أو إحداث الجهة ال13 السليبة.
فإسبانيا تحتل بالإضافة إلى مدينتي سبتة ومليلية، مجموعة من الجزر المغربية ذات المواقع الاستراتيجية والجمال الطبيعي الخلاب، والتي تدخل في حيز المياه الإقليمية المغربية. بعضها لا تبعد عن الساحل المغربي إلا بمئات الأمتار القليلة. منها شبه جزيرة باديس التي هي امتداد لجبال الريف المطلة على البحر الأبيض المتوسط.. ويتعلق الأمر بالجزر الجعفرية و شبه جزيرة باديس و صخرة الحسيمة أو جزيرة النكور و جزيرة تورة (ليلى) و جزر الخالدات (الكناري). هذه المناطق تعتبر جزءا لا يتجزأ من التراب المغربين لازال يقطنها أصحابها المغاربة الأصليون والذين يتطلعون لرؤيتها تحت لواء المملكة المغربية. وهو حلم يراودهم ويأملون أن يتحقق في حياتهم أو مماتهم. لتعود الأرض المغربية لأبنائهم أو أحفادهم.
إن الأمر يدعو فعلا إلى التساؤل والحيرة. أن تصادفك خريطة أو تقسيم ترابي رسمي. لا يتحدث عن هاتين المدينتين ولا عن تلك الجزر. وأن يتم التعامل الرسمي بتلك المعطيات الرسمية على المستوى الوطني والدولي. خصوصا أن المغرب الآن أصبح محط أنظار عدة دول. خصوم وأصدقاء وأصحاب مصالح. وأن التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحلية، ترصدها أعين هؤلاء بأدق تفاصيلها. فكيف إذن سنرد على مسؤول أو دبلوماسي أجنبي، إذا ما سألنا عن مناطقنا المحتلة. وكيف أننا أزلناها من مخططاتنا المستقبلية ومن أهم تقسيم ترابي جهوي. يدخل أساسا في إطار تقوية بنيان المغرب ورسم كامل ملامحه وحدوده.
على حكومة سعد الدين العثماني ونواب ومستشاري غرفتي البرلمان المغربي أن يدركوا خطورة عدم الإشارة إلى تلك المناطق في تقطيعها الترابي. وأنه بات لزاما استدراك الأمر. وأظن أن الإعلان عن المنطقة المحتلة (مدينتي سبتة ومليلية وباقي الجزر)، كجهة رقم 13 سليبة. سيكون من باب الصواب. ولما لا تعيين وال عليها يديرها من العاصمة الإدارية الرباط. بل الأبعد من ذلك .. لما لا خلق جسور التواصل الالكتروني مع المغاربة أبناء وبنات تلك المنطقة وتشكيل مجلس أو مجالس منتخبة تعمل وفق المستطاع. ولو أنها لا تقدر على العمل ميدانيا. ولكنها ستكون بداية انتفاضة في أفق جلاء المستعمر.
فالنظام الاسباني لاشك سيستفيد من هذا القصور الحكومي والبرلماني المغربي. ولاشك أنه سيعتبر أن التقسيم الترابي المغربي، رسالة تؤكد استغناء المغرب عن مناطقه المحتلة. و
سيفلح في العيش بدون حرب باردة. ولما لا قد تطول السنين. و يعمد إلى انتزاعها بقوة القانون الدولي باعتماد مبدأ التقادم. فالمحتل قد يصبح صاحب الأرض إذا ضلت الأرض بلا صاحب يطالب بها لمدة من الزمن.
وهذه تفاصيل أكثر دقة … عن مصادر إعلامية
الجزر الجعفرية
أو جزر "إشفارن" هي أرخبيل مكون من ثلاث جزر صغيرة في غربي البحر الأبيض المتوسط تقع أمام سواحل إقليم الناظور، وهي واحدة من الأماكن الخاضعة للسلطة الحكومة الإسبانية مباشرة، حيث أنها ليست تابعة لأي مدينة أو حكومة ذاتية محلية إسبانية. تبعد الجزر بـ 3,5 كلم من بلدة رأس الماء المغربية التابعة لإقليم الناظور. وتقيم حامية مكونة من 190 جندياً على أكبرها؛ جزيرة عيشة (كونغريسو) التي توجد في الطرف الأيسر وطولها 900 متر وعرضها 400 متر، والثانية جزيرة إيدو (إيزابيل الثانية) في الوسط وطولها 600 متر، والثالثة جزيرة أسنى (جزيرة الملك) في الجهة اليمنى. يرجع المؤرخون اسم هذه الجزر إلى اللغة الأمازيغية القديمة حين كان يطلق عليها جزر "إشفارن" وهو الاسم الذي بقي محافظاً على شكله ونطقه لدى الإسبان الذين ينادونها بـ"إيسلاس تشافاريناس". واعتبرت الجزر الجعفرية أو جزر "إشفارن" منطقة مفضلة في فترات الصراع وتنامي نشاط القرصنة إذ كانت ملجأ مجموعات اللصوص الهاربين من سلطة الدولة اتخذت من هذا المكان محمية خاصة تنطلق منها في اتجاه عرض المتوسط معترضة السفن التجارية على الخصوص ومصادرة سلعها أو فرض إتاوات لإخلاء سبيلها.
تعتبر إسبانيا إلى حدود اليوم الجزر الثلاث بمثابة امتداد لها في المجال البحري ويزداد تشبت إسبانيا أكثر بهذا الموقع لما يوفره لها من فرص تتبع كافة التحولات بالمنطقة المقابلة مع مراقبة تحركات الجانب المغربي على امتداد الشاطئ الشرقي من إقليم الريف المغربي، حيث يمكن رؤية هذه الجزر من على مسافات قريبة من هضبة السعيدية أو مرتفعات كوركو أو جبال كبدانة. وهو السر الذي جعلها تنال نصيباً كبيراً من الاهتمام لدى إسبانيا، لا سيما في فترة حرب الريف التي وجدت أمامها قوة لا يستهان بها من رجال المقاومة من أبناء قبيلة كبدانة لذلك جندت إسبانيا كافة إمكانياتها مستغلة وجودها فوق الجزر الجعفرية لمحاصرة رجال المقاومة ومراقبة تحركاتهم في اتجاه الغرب والشرق بهدف الحد من أي تعاون وتنسيق مع رجال الثورة بالجزائر أو مع حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي..
شبه جزيرة باديس
جزيرة باديس أو جزيرة قميرة؛ جزيرة تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط لشمال المغرب كانت مرفأ تجارياً مهماً لمدينة فاس خلال فترة الحكم الموحدي، وأصبحت تابعة لإسبانيا منذ عام 1564م وهي الآن قاعدة عسكرية إسبانية تتم إدارتها من قبل مدينة مليلة.
تقع جزيرة باديس 50 كيلومتراً غرب مدينة الحسيمة وكانت جزيرة طبيعية في بحر البوران حتى عام 1934 عندما ضربتها عاصفة رعدية قوية جرفت معها كميات كبيرة من الرمال من القناة القصيرة بين الجزيرة والقارة الأفريقية، ومنذ ذلك الحين تحولت إلى شبة جزيرة متصلة بساحل المغرب عبر برزخ رملي طوله 85 متر ويصل عرضه إلى 100 متر، وهو بذلك يُعد أقصر الحدود في العالم.
أبرمت كلاً من البرتغال وإسبانيا اتفاقاً عام 1496 لتحديد مناطق تأثيرهم على ساحل شمال أفريقيا، وبحسب الاتفاق كان مسموحاً لإسبانيا ضم الأراضي شرق القميرة فقط. لكن هذا التقييد على إسبانيا انتهى بعد معركة وادي المخازن (القصر الكبير) عام 1578 عندما ضعفت البرتغال وسنحت الفرصة أمام إسبانيا فاحتلت مدينة العرائش.
في عام 1508 أطلقت إسبانيا رحلة استكشافية بقيادة بيدرو نافارو لمكافحة القراصنة الذين كانوا ينهبون ويهاجمون باستمرار سواحل إسبانيا الجنوبية، وعندها ضمت إسبانيا جزيرة قميرة.
في عام 1522 شن المغاربة هجوماً ناجحاً قضوا فيه على الحامية الإسبانية واستردوا القميرة. وفي عام 1554 أعطى الملك أبو حسون الوطاسي، القميرة للقوات العثمانية التي ساعدته في الحصول على العرش.
في عام 1563 قام الأسبان بمحاولة فاشلة لضم القميرة، لكنهم نجحوا عام 1564 تحت قيادة غارسيا الفاريز دي توليدو الذي هزم الحامية العثمانية المكونة من 150 جندي. ومنذ ذلك الحين أصبحت تحت السيطرة الإسبانية رغم الحصار المتكرر الذي تعرضت له أعوام 1680م، 1701م، 1755م، 1781م، 1790م.
في عام 1871 ناقش الكونغرس الإسباني التخلي عن جزيرة قميرة لأنها فقدت أهميتها العسكرية، لكن تم إسقاط المقترح في النهاية. (ويكيبيديا بتصرف)
صخرة الحسيمة أو جزيرة النكور
صخرة الحسيمة هي جزيرة صخرية مغربية محاطة من جميع الأطراف بالمياه. طول الصخرة 70 مترًا وعرضها 50 مترًا، وترتفع 27 مترًا فوق سطح البحر. تبعد 300 متر عن ساحل مدينة الحسيمة، وهي محتلة من طرف إسبانيا منذ عام 1559م.
هي جزيرة صغيرة بها حصن وكنيسة والعديد من المنازل. وهي قريبة من مهبط طائرات موجود على الساحل المغربي كانت تستخدمه القوات الإسبانية والفرنسية في أثناء حرب الريف عام 1920م.
اليوم يضم الحصن الذي بني في الجزيرة حوالي 60 فردًا من أفراد الحامية العسكرية الإسبانية.
وقد ذكرها الشريف الإدريسي رحمه الله وهو يسرد المدن الساحلية حيث قال: "وأما ما على ضفة البحر الكبير من المدن الواقعة في هذا البحر المرسوم، فهي طنجة وسبتة ونكور وبادس والمزمة ومليلية وهنين وبنو وزار ووهران ومستغانم..) (خلاصة تاريخ سبتة للقاضي محمد السراج ص:10).
جزيرة تورة (ليلى)
جزيرة ليلى، جزيرة تقع في مضيق جبل طارق وسيادة الجزيرة متنازع عليها بين إسبانيا والمغرب، وقد تم الاتفاق بعد حادثة الجنود المغاربة سنة 2002 والتكتل الأوروبي وراء إسبانيا والحياد الأمريكي المحدود، تحت رعاية أمريكية على أن تبقى الجزيرة خالية..
اسم الجزيرة في المراجع العربية وفي التاريخ المغربي عامة هو "تورة"، وقد وردت بهذا الاسم لدى المؤرخ العربي أبو عبيد البكري، والسكان المغاربة القريبون منها يسمونها حتى الآن بهذا الاسم، وتعرف الجزيرة في وسائل الإعلام المغربية الآن وعلى ألسنة المسؤولين باسم جزيرة ليلى، وهذه تسمية الإسبانيين الأندلسييين لها وأصلها ("la ila" لائيلا) أي "الجزيرة" دون نطق حرف (s) (La Isla).
تقع جزيرة تورة على بعد 200 متر أو أقل بقليل من الشاطئ المغربي، وبينها وبين مدينة طنجة 40 كلم، وبينها وبين مدينة سبتة المغربية التي تحتلها إسبانيا 8 كلم، ويبعد عنها أقرب شاطئ إسباني بـ 14 كلم. وتبلغ مساحة تلك الجزيرة الخالية من السكان 13.5 هكتارا، وقد كانت من حين لآخر مأوى لبعض الصيادين والرعاة المغاربة الذين يسكنون في جبل موسى غير البعيد من الجزيرة.
يقول توماس غارسيا فيغراس في كتابه (المغرب: العمل الإسباني في شمال أفريقيا) الصادر سنة 1941م: "وجدت إسبانيا صعوبة في إقامة مركز بجزيرة تورة لأن سلطان المغرب لا يقبل إقامة مراكز على ترابه الوطني".. (ويكيبيديا بتصرف).
جزر الخالدات (الكناري)
جزر الخالدات، هي جزر تابعة لإسبانيا في المحيط الأطلسي، من سبعة عشر مناطق حكم ذاتي في إسبانيا، وتنقسم المنطقة إلى مقاطعتين: "سانتا كروث دي تينيريفه" و"لاس بالماس".
تتكون جزر الكناري أساساً من أربع جزر كبرى رئيسية -تحيط بها عشرات الجزر الصغيرة المتناثرة حولها-، وهي جزيرة قنارية تعتبر أكبرها حجماً وأكثرها اتساعاً، إذ تناهز مساحتها 1.532 كيلومتراً مربعاً، وشكلها يكاد يكون دائرياً، وارتفاعها عن سطح الماء يصل في بعض المناطق إلى أكثر من ألفي متر. وسكانها الأصليون هم شعب الغوانش الأمازيغي.
وتتكون هذه الجزر من عدة قرى صغيرة، تحول بعضها إلى مدن بفضل انتشار المنتجعات السياحية على امتداد شواطئها التي تحولت إلى مقصد للسياحة الخارجية والداخلية بفضل درجات حرارتها الدائمة الاعتدال على مدار السنة، والتي تراوح بين 20 و25 درجة مئوية. الجزر بمجملها ذات طبيعة بركانية وقمم، تحوطها الشواطئ الصخرية، أعلى قمة في الأرخبيل هي قمة تيد (3.718 م) في تنريف، وتبلغ مساحة جزر الكناري 7.447 كم² .
لا تخلو جزر الكناري الكبرى من آثار تاريخية تعود إلى الزمن الذي كانت تخضع فيه للسيطرة الإسلامية قبيل سقوط دولة الأندلس، وتميز الوجود الإسلامي خلال الحقبة الأندلسية بامتداده، ما جعل الجزيرة محط أنظار الملوك الكاثوليك الذين عمدوا، بعد تسلمهم مفاتيح غرناطة، إلى إرسال أساطيلهم إلى جزر الكناري حتى تكتمل لهم السيطرة على الأندلس..