…. ممنوع على أقل من 10 سنوات….
كثر الحديث خلال الأيام العشرة الأخير للشهر الفضيل عن السحر والشعوذة والجن، وتفنن السحرة والدجالون والشوافات كعاداتهم في طرق وأساليب استدراج واستغواء واستبلاد المهووسون بالسحر والجن، وفتحوا خيامهم ومنازلهم لاستقبال وفود المرضى بالوهم… ولو أنه لسوء حضهم، أن تزامن مهرجان السحر والدجل السنوي الذي يكون في قمة توهجه طيلة ليلة القدر، مع قضية الذئب البشري الإسباني (العراقي؟…. الباكستاني؟…)، الذي سبق واغتصب 11 طفلا مغربيا، والذي تم العفو عليه من قبل الملك، قبل أن يتم سحب قرار العفو والمطالبة بعودته إلى قفصه.. ولعل هذا الوحش الذي ارتكب سلسلة اغتصابات في حق أطفال، وتسبب في زلزال للمغرب كاد يهدد أمه واستقراره…يذكرني بالجنية البشرية (عائشة قنديشة) التي ارتكبت طيلة عقود وقرون سلسلات من الاغتصاب في حق عقول وقلوب آلاف المغاربة، واختفت فجأة دون عقاب… ههههههههه…
فقد قل بريق وشهرة الجنية المغربية التي سكنت أرواح وأجساد العديد من الرجال، وقل معها الخوف من التجوال ليلا وملاقاة تلك المرأة الفاتنة التي تستهوي وتقتل وتعاشر وتملك وتسكن… بني البشر.. فعايشة قنديشة المرأة …الفتاة… المقاتلة… الجنية… الملاك… التي استهوت الراكبين والراجلين فرادى وجماعات، بجمالها الفتان وقوامها الذي لا يقاوم وأرعبت آخرين ببطشها الذي رددته عدة ألسنة، ملكت بعضهم، وأربكت عقول الآخرين الذين قضوا الأيام رفقة ذويهم يطوفون بين الفقهاء والكهنة ومقابر أولياء الله الصالحين (السادات) يترجون العودة إلى حالهم (برجهم) دون جدوى… اختفت عائشة عن الأنظار ولم تعد تعترض سبيل المارة. و لم تعد تسيل لعاب الآباء والشيوخ في الخلاء والفضاءات المنعزلة.
… يرى البعض أن عايشة قنديشة أنهت مهمتها الانتقامية من الرجال، وأعلنت توبتها لبني جنسها (الجن)، وأنها قررت أخيرا بناء أسرة من الجن وإنجاب جنيات وجنيين والتفرغ لبناء مستقبلهم. ويعتقد البعض الآخر أنها وهم من ضرب خيال الآباء والأجداد، تفتت مع مرور السنين، فيما ضن آخرون أن قنديشة شاخت ولم تعد تقو على مغازلة بني البشر بعنفها وجمالها وجسدها المركب،… روايات عديدة اختلفت باختلاف الاعتقادات والتخمينات المولدة لهوية وماهية عايشة قنديشة.
… لعل الروايات المتعددة والمتناقضة التي راكمها أرشيف المهووسون بها، أفرزت قناعات لدى شباب اليوم بأن قنديشة هي الوهم الحقيقي الذي سكن الآباء والأجداد وأنه حان الوقت لقطع خيط الدخان الذي كان يمرر ذلك الوهم عبر العصور والأزمنة. فاسم عايشة قنديشة لدى البعض يعود إلى (عايشة كونديشة) وهي تسمية برتغالية أطلقها الجنود البرتغال خلال القرن الخامس عشر على امرأة مغربية مجاهدة كانت تدعم الجيش المغربي ضد الاستعمار البرتغالي، وتعني كلمة كونديشة ( كونتيسة أي الأميرة)، ويؤكدون أن عايشة بلغت درجة مقاومتها للاستعمار ومهاراتها في القتال إلى حد أن العديد ممن عايشوها ضنوا أنها جنية وليست من بني البشر. ولازال الاعتقاد بأنها جنية سائدا بين العديد من الناس.
ويرى آخرون أن عايشة قنديشة جنية مغربية لها تاريخ حافل في مقاومة الاستعمار الفرنسي وأنها من أكثر الجنيات شعبية داخل عالم البشر، وأن المغاربة تغنوا بها، مشيرين إلى بعض الكلمات الغنائية القديمة (عيشة مولات المرجة، عايشة السودانية، عايشة لكناوية…).
وتقول رواية أخرى قيل أنها لطارق ابن زياد فاتح الأندلس أن الجنود البرتغال هاجموا قريتها وقتلوا أسرتها وعشيرتها، وأنه لما عادت إلى منزلها فوجئت بهول ما وقع، فغضبت غضبا شديدا وأصبحت تكره الرجال كرها أعمى، وأنها من فرط غيضها خرجت إلى الخلاء تعترض سبيل الرجال فرادى وجماعات ثارة بالعنف وثارة بالإغراء. وأن قصة عائشة قنديشة اعتمدها الأجداد وبدئوا يخوفون بها الأبناء والأحفاد إلى أن ترسخ في ذهنهم أنها مخلوق غير بشري وعدواني ضد الرجال.
… جسدها البعض الآخر في صورة المرأة التي تستهوي الرجال في الخلاء وداخل المنازل المنعزلة، ففي ثقافتنا الشعبية يتجسّد هذا الخطر في الاعتقاد بأن قنديشة المرأة الجنية ذات الشكل المركب من بني البشر والحيوان، تمتلك أذهان وتفكير الرجال الذين صادفوها راجلين أو راكبين دواب أو سيارات، بفتنتها وشهوانيتها التي تبرزها بشفتيها وثدييها، فيما تكون رجليها على هيئة قدمي الجمل. …تقضي الليالي في اعتراض سبيل الرجال، وتحملهم على مضاجعتها لتسكن أجسامهم إلى الأبد. فترى الرجل المملوك أو المسكون بعايشة قنديشة يمتنع عن الزواج بأية بشرية ويبقى وفيا لها يضاجعها حيث لا ندري نحن البشر. وتقول رواية لازال العديد من الناس يعملون بها لتفادي الوقوع ضحية إغراءات عايشة الجنسية، أن الرجال الذين يسافرون ليلا فرادى راكبين أو راجلين أو الذين يرغمون على قضاء الليل بالمنازل الفارغة من الناس أو المنعزلة يصحبون معهم مفاتيح أو سكينا يضربونه مع الحديد ويقرئون البسملة كلما برزت أمامهم فتختفي عن أنظارهم.
…ولعل الكثير من النساء القرويات يبررن سبب نفور أزواجهن من فراشهن وغيابهم باستمرار عن منازلهم إلى جبروت وإغراءات عايشة قنديشة، فيلجأن لفقيه الدوار ويذبن في الشعوذة والسحر من أجل إبعاد الجنية عن أزواجهن.
فيما أشار أحد الانتربولوجيين الفنلنديين (وست مارك) أنها من المعتقدات التعبدية القديمة، وربط شخصية عايشة التي تغوي الرجال وتمتلكهم بالإلهة (عشتار) إلهة الحب القديمة التي كانت مقدسة لدى شعوب البحر الأبيض المتوسط وبلاد الرافدين من القرطاجيين والكنعانيين والفينيقيين، حيث كانوا يعبدونها ويقيمون من أجلها طقوسا للدعارة المقدسة، كما ربط مارك الجنية التي أرعبت وفتنت المغاربة خلال عدة عقود خلت بملكة السماء عند الساميين القدامى والذين اعتقدوا أنها تسكن العيون والأنهار والبحار والمناطق الرطبة بشكل عام.
… خرافات أخرى يحكي عنها بعض أسلافنا ممن يدعون أنهم صادفوها أو سمعوا عنها، أنها جذابة ومثيرة للفزع، رمز للمرأة المثيرة، الثائرة، ذات الاندفاعات المجنونة، إضافة إلى كونها مسؤولة عن التهييج الجنسي وتوقيف الرغبة الجنسية على السواء، فهي تعد مسؤولة عن حالات الجنون والمس و جنون الحب، والاستحواذ على العقل. لتكون بذلك جنية وبشرية ساحرة لن يجد الرجال بديلا لمقاومتها سوى الالتزام بالطقوس التي تجعلها تختفي (المفاتيح والسكاكين والبسملة).
… واعتبر أحدهم أن المثل المغربي القائل: عندما يزداد مولود ذكر يولد معه مائة شيطان، وعندما تولد طفلة يولد معها مائة ملاك، وفي كل سنة ينتقل شيطان من الولد إلى البنت وينتقل ملاك من المرأة إلى الرجل، بحيث عندما يبلغ الاثنان مائة عام يصير الرجل محاطا بمائة ملاك فيما تصير المرأة محاطة بمائة شيطان. ويصبح ما يقوم به الجني في عامٍ تقوم به العجوز في ساعة واحدة. اعتبر المنطق الوحيد لوجود شخصية قنديشة، بمعنى أن الجنية البشرية ليست سوى بشرية تحولت مع مرور السنين إلى شيطان جعلت من أهدافه اعتراض سبيل الرجال والتنقيص منهم انتقاما لبني جنسها اللطيف. وإشباعا لرغباتها في العبث بالجنس الخشن.