بات واضحا أن السياسة بالمغرب، أصبحت هي حصان طروادة العملاق، الذي يمكن للانتهازيين والسماسرة ركوبه واستعراض تفاهاتهم ودعارتهم السياسية على الشعب البريء منهم ومن مخططاتهم السرية. أو الاختباء في جوفه، من أجل اقتناص الفرص والمناسبات، لتدبير مصالحهم الشخصية ونهب المال العام بكل حرية، وبدعوى عبارات فضفاضة من قبيل (النضال، الغيرة الوطنية، مصلحة الوطن فوق كل اعتبار،… ).. فقد اختار معظم زعمائنا السياسيين، أن يعيدوا صناعة أحصنة خشبية شبيهة، بعد نزف ومص دماء ودموع وعرق مناضلي أحزابهم الشرفاء، وغيرهم من المحاربين الذين يتوخون الحصول على خدمات ومصالح شخصية… دخلوا بأحصنتهم غمار المنافسة من أجل كسب حقائب وزارية ووظائف أخرى لهؤلاء المحاربين الذين دسوهم داخل أحصنتهم. استعدادا لليوم الموعود يوم (اقتسام كعكة الحكومة المنتظرة) …بات واضحا أن آخر ما يفكر فيه هؤلاء الساسة ومحاربيهم، هي مصلحة الوطن وسعادة المواطنين. وأنهم أعدوا أحصنتهم لخوض غمار التفاوض من أجل ضمان المكاسب الشخصية. ومن أجل أن يشيدوا القصور تلو القصور، و تنمية وتوسيع ضيعاتهم وأرصدتهم المالية.. وأنه لا يهمهم ما بصموا عليه من قصور في العمل الشريف، وقصور في الوطنية. وقصور في النضال الحقيقي، الذي سوقوا نسخه المزورة على الناخبين. وأقنعوا بها الشعب المغربي الطيب… وما رسخوه من قصور في التنمية والنماء المنشود من طرف من وثقوا فيهم … بات واضحا أن الحياة السياسية بالمغرب تعفنت، وابتليت بوباء الدعارة السياسية الخبيث. وأنها الآن تحتضر، ولا أمل في الشفاء، إن لم يتم قطف رؤوس هؤلاء الزعماء اليانعة. والرمي بها في مزبلة النفايات السياسية…ومحو أرشيفهم المهين من أذهان المغاربة وكتب التاريخ المعاصر..بات واضحا أن السياسة بالمغرب أصبحت شغل من لا شغل له، وأن المسؤولية السياسية داخل الأحزاب باتت تشكل فرصا للاغتناء والتموقع. وأن الشروط المطلوبة للمسؤولية السياسية، لا علاقة لها بالمستويات التعليمية والثقافية والسياسية. وتكفي (الجبهة أو السنطيحة) بدلا من ( الجرأة والشجاعة). و(الفتوة والعربدة) بدلا من (الحكمة والتعقل)، و(اللغط والهمجية) بدلا من (النقاش والتحاور). والقمع بدلا من الإقناع .. … كل تحركاتهم وشطحاتهم باتت لا تطرب المغاربة، ولا تحرك فيهم هوس الاستماع والتمتع بنضال البواسل…وبات المغاربة يقلبون صفحات تاريخ المغرب المنقوش في ذاكراتهم، ليعيشوا أوقات النضال الحقيقي الذي أفرزته أرواح المقاومين والفدائيين.. هؤلاء الذين كان همهم تحرير الأرض وحماية العرض… بل إن واقع الزعامة الحزبية بالمغرب، زادهم إحباطا فوق إحباط من خلال ما جرى ويجري بخصوص مستقبل الحكومة الغامض على ضوء تحركات (الأخ نوش) و(الأخ مامنوش) و(هبيل فاس)، و(الزعيم المحنك)، و(الشيوعي المسلم) و)قمزاز تطوان) .. وغيرهم من الدمى السياسية المتحركة. ومفاوضات السخافة والتفاهة التي يسلكونها بدون أدنى مسؤولية ولا احترام للشعب وأطره وكوادره التي لا تعد ولا تحصى..كل خططهم ومناوراتهم باتت مكشوفة.. وانكشفت معها أقنعة النضال المزعوم. وروح الوطنية المزيفة، وتبين للشعب مدى الحب الدفين الذي يختزنوه للجاه والمال..ومدى العشق الكبير إلى درجة الهوس، الذي يختزلوه في مقاعد وكراسي المسؤولية…ووقف الشعب على مكامن الخلل في التدبير المحلي والجهوي والوطني. كما وقف على العطالة التنموية والخسائر المهولة التي تتكبدها البلاد بسبب سوء تدبير هؤلاء لأموال وممتلكات الدولة. وبسبب حرسهم الشديد على تطوير تقنيات السلب والنهب وتسخير من هب ودب دون احترام للكفاءة والمسؤولية….
متى ينتهي عصر هؤلاء الزعماء الذين أفسدوا السياسة بالمغرب. ومرغوا مبادئ وتاريخ الأحزاب السياسية في الوحل ؟؟ .. ومتى تنتهي مهزلة (عصر) الشعب ونزف سوائله من دماء ودموع وعرق.. ومتى تبزغ الشمس يوما نرى فيه أن أرضنا الطيبة لم تعد يافعة، وأنها زهت ونمت وعصرت (بتشديد الفتحة على حرف الصاد) … متى يأفل (جمر) هؤلاء..لنمسح أرشيفهم برماد الجمر الأسود بعد إخماده.. ومتى يسطع (نجم) من يستحق الزعامة السياسية .. لننتهي من حلقات مسلسل المعاناة والإحباط. ونعيد قطار التنمية إلى سكته الصحيحة ؟؟ … إلى هؤلاء الذين تفننوا في توزيع ثروات البلاد فيما بينهم.. تقاسموا رخص الصيد والنقل ومقالع الرمال والحصى والرخام والأحجار.. وتقاسموا الأراضي الفلاحية والضيعات الفلاحية.. وتقاسموا المناصب والمكاسب… نقول لكم .. كفاكم قصورا … فهناك من أفراد الشعب من يعيش مشردا… ولم يجد ولا خيمة تأويه من البرد القارس والأمطار …وهناك من يعاني العطش والجوع … وأنتم تشيدون القصور تلو القصور في العلن والخفاء … وكفاكم قصورا في الأداء والوفاء والعهد… فإن عجزكم وضعفكم السياسي والأخلاقي أوقف نمو البلاد.. أوقفوا هذا الهراء السياسي … الذي أنهك قوى وعقول وقلوب المغاربة…