قال عبد السلام وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية في كلمة له خلال افتتاح اليوم الوطني للتحسيس والإعلام في مجال الصحة والسلامة في العمل بقطاع البناء والأشغال العمومية الذين نظم اليوم الثلاثاء بالرباط، إن اللقاء يندرج ضمن الإجراءات المتخذة لتنفيذ المخطط الاستراتيجي للوزارة لسنة 2017 والذي يضم من بين محاوره الأساسية محور يتعلق بالوقاية من المخاطر المهنية بقطاع البناء والأشغال العمومية. وقد تم اختيار هذا القطاع لاعتباره من جهة قطاعا حيويا للاقتصاد المغربي سواء من حيث مساهمته في الناتج الداخلي الخام حيث بلغت هذه المساهمة نسبـــــة 6,6 % سنة 2014 أو من حيث مساهمته في خلق مناصب شغل والتي بلغ عددها سنة 2016 حسب المندوبية السامية للتخطيط حوالي 52 ألف منصب شغل، ومن جهة أخرى باعتباره بؤرة للمخاطر المهنية. وأضاف أن الوزارة تعتزم برسم سنة 2017 النهوض بثقافة الوقاية من المخاطر المهنية في قطاع البناء والأشغال العمومية وذلك من خلال تنظيم حملة للتحسيس والإعلام في مجال الصحة والسلامة في العمل بهذا القطاع، ابتدأناها بهذا اليوم الوطني، مع مواصلة هذه العملية بتنظيم ستة أيام جهوية بكل من الدار البيضاء و العيون وفاس ومراكش وطنجة و وجدة على التوالي أيام 16 و20 و22 و27 فبراير و1 و 6 مارس 2017. وشكر الوزير مسؤولي Préventica ، الذي ينظم هذا اللقاء بشراكة معها، عن مساهمتهم القيمة والفعالة لضمان نجاحه. كما شكر المشاركين في هذا الحدث من مختلف مناطق المملكة، و الخبراء الذين لبوا الدعوة قصد المساهمة بخبراتهم ومعارفهم في إثراء النقاش خلال هذا اللقاء والذي يعتبر دون شك مناسبة لتقاسم الاهتمامات وتبادل التجارب من أجل النهوض بالصحة والسلامة في العمل ببلادنا. وأكد أن المغرب يعرف نموا اقتصاديا ملحوظا أدى إلى تحقيق طفرة غير مسبوقة في قطاع البناء والأشغال العمومية. إلا أنه وبالرغم من ذلك فلا زال هذا القطاع يعرف بعض الإكراهات ، فحسب معطيات منظمة العمل الدولية، فإن مستخدمي هذا القطاع يعدون الأكثر عرضة لحوادث الشغل، إذ يسجل سنويا على الصعيد العالمي حوالي 60.000 حادثة مميتة في قطاع البناء والأشغال العمومية، أما بالنسبة لبلادنا تجدر الإشارة إلى أن 10% من حوادث الشغل التي تم التوصل بها من طرف المصالح الخارجية للوزارة تهم هذا القطاع. وأكد أن هذه الوضعية أضحت مقلقة للغاية سيما وأن غالبية العاملين بالقطاع وخاصة منه القطاع غير المهيكل لا يستفيدون من أية تغطية ضد الأخطار المهنية، مما يستوجب منا حكومة ومهنيين ونقابات وشركات التأمين العمل على توفير ظروف عمل ملائمة لهذه الفئة من الأجراء حماية لصحتهم وسلامتهم. موضحا أنالوزارة قامت بإعداد ميثاق حول الوقاية من المخاطر المهنية في قطاع البناء والأشغال العمومية، سيقوم الفاعلون في هذا القطاع بالتوقيع عليه خلال هذا اللقاء. وبهذه المناسبة أتقدم لهم بالشكر الجزيل عن انخراطهم الفعال من أجل النهوض بالصحة والسلامة المهنية بهذا القطاع. وأن الصحة والسلامة في العمل جزء لا يتجزأ من التنمية البشرية، يجب أن تضعه الحكومة في صلب اهتماماتها حتى يتلاءم مع التطورات السريعة لتقنيات الإنتاج والتحولات التي تؤثر على تركيبة القوى العاملة (النساء والشيخوخة)، والأنماط الجديدة في العمل (العمل المؤقت)، وطرق تنظيم العمل (العمل الليلي والعمل بنظام التناوب)، ناهيك عن بروز مخاطر وأمراض جديدة بسبب التوتر والعنف داخل فضاءات العمل (المخاطر النفسية).
إن العمل في بيئة عمل آمنة وصحية حق، وجب ضمانه لجميع العمال. فالحكومة وأرباب العمل والعمال مطالبون بتكثيف الجهود لضمان بيئة عمل صحية ولائقة من خلال بلورة نظام للالتزامات والحقوق المحددة بدقة، يتبوأها مبدأ الوقاية من المخاطر المهنية لأن التنمية الاقتصادية لا يمكن ولا يجب أن تتم على حساب صحة العمال أو سلامتهم.
وأضاف أن وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية اعتمدت في هذا المجال سياسة استوحت مبادئها من اتفاقيات العمل الدولية خصوصا الاتفاقية رقم 187 المتعلقة بالإطار الترويجي للسلامة والصحة في العمل، والتي صادقت عليها بلادنا. وتهدف هذه الاتفاقية، كإطار ترويجي، إلى إدخال تحسينات مستمرة على السلامة والصحة المهنيتين للوقاية من المخاطر المهنية، واتخاذ التدابير الفعالة لتحقيق بيئة عمل آمنة وصحية وذلك بصفة تدريجية وكذا النهوض بثقافة الوقاية من المخاطر المهنية. وانطلاقا من هذه المرجعية الدولية، فإن المغرب مطالب بوضع سياسة وطنية ونظام وطني وبرنامج وطني للسلامة والصحة في العمل، وذلك بتشاور مع المنظمات المهنية للمشغلين وللأجراء. وقد بلورت من جهتها وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية في هذا الإطار استراتيجية للنهوض بالصحة والسلامة في العمل ترتكز على المحاور التالية:
تحسين و تأهيل الإطار التشريعي والتنظيمي للصحة والسلامة في العمل؛
تعزيز وتحسين مراقبة تطبيق القوانين المتعلقة بالصحة والسلامة المهنيتين ؛
تعزيز الحوار الاجتماعي في هذا المجال ؛
تعزيز ثقافة الوقاية من الأخطار المهنية.
ومن أجل توفير الحماية الاجتماعية للمصابين بحوادث الشغل أو لذوي حقوقهم في حالة الوفاة، تم إصدار القانون رقم 12-18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والنصوص التطبيقية له. ويهدف هذا القانون أساسا إلى إحداث نظام عصري و متطور للتعويض عن جميع الأضرار المترتبة عن حوادث الشغل، ويرتكز على المبادئ والقواعد المتعارف عليها في التأمين الاجتماعي.
هذا، ونظرا لكون عدد حوادث الشغل والأمراض المهنية يعرف ارتفاعا سنة بعد سنة، ونظرا لغياب معطيات دقيقة بهذا الخصوص، ستعمل وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية على وضع نظام معلوماتي، يسمح بجمع المعطيات المتعلقة بحوادث الشغل والأمراض المهنية ووضعها رهن إشارة جميع المهنيين و الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.
وعليه تبقى جميع مكونات وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية منخرطة بعزم في بلورة سياسة حقيقية للوقاية من المخاطر المهنية، تستند على المبادئ والمعايير الدولية والتي يتطلب تفعيلها تعبئة جميع الفاعلين في هذا المجال.
ولتحقيق ذلك فقد أصبح لزاما تعزيز جهاز المراقبة بالموارد البشرية الضرورية، من مفتشين و مهندسين و أطباء مكلفين بتفتيش الشغل، وذلك حتى يتمكن هذا الجهاز من القيام بالدور المنوط به على أحسن وجه، والذي يتجلى، بالإضافة إلى السهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية ، في تحسيس و توعية وتقديم النصح والإرشاد للمشغلين. وهكذا فإنه يتحتم على الجميع، كل انطلاقا من موقعه، العمل من أجل أن تتحقق التنمية الاقتصادية في بلادنا في إطار احترام كرامة وصحة وسلامة الأجراء. وأوصى في اختتام كلمته أن تعمل مؤسسات الإنتاج والأجراء وممثليهم على جعل ثقافة السلامة وظروف العمل اللائقة إحدى اهتماماتها الرئيسية.
من جهته عبر محمد نبيل بنعبد الله وزير السكنى وسياسة المدينة عن دواعي سروره للمشاركة في افتتاح هذا اليوم الوطني الإخباري والتحسيسي المنظم من طرف وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعيةوالذي يتمحور حول "المخاطر المهنية ووسائل الوقاية منها في قطاع البناء والأشغال العمومية". وقال إن قطاع السكنى في بلادنا نموا كبيرا من حيث الاستثمار والإنتاج والابتكار. ويهدف بالأساس إلى:
– الحد من العجز السكني بجميع أشكاله؛
– ضمان سكن لائق وملائم للمواطن؛
– تنويع العرض مع ضمان السلامة والجودة التقنية والاستدامة.
مشيرا إلى أن هذا الميدان يشمل فئات مختلفة من المتدخلين بأنشطة متعددة يساهمون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في عملية البناء.ويعد الميدان الأكثر عرضة للمخاطر بعد قطاع الصناعة من حيث عدد الحوادث وجسامتها. حيث تعتبر المخاطر المهنية بقطاع البناء والأشغال العمومية بالمغرب السبب الرئيسي لحالات الانقطاع عن العمل. وبات من الضروري بذل جهد كبير للوقاية منها وكذا يقظة مستمرة من أجل الرفع من مستوى السلامة في أماكن الاشتغال. وأكد أن وزارة السكنى وسياسة المدينة،تعمل بتشاور مع مختلف الفاعلين المؤسساتيين والمهنيين، على مشاريع كبرى تهم المنظومة التنظيمية لهذا القطاع وكذا التأطير التقني بغية تطوير ثقافة السلامة في ميدان البناء. حيث ثم إعداد مشروع قانون يتعلق بتنظيم عمليات البناء "مدونة البناء" بمثابة مرجع تقني، إداري وتنظيمي يهدف إلى تأطير القطاع، لاسيما فيما يتعلق بتأمين الجودة والسلامة. وبما أن أوراش البناء تعتبر مصانع في الهواء الطلق، تكتنفها مختلف المخاطر، سواء داخل حدود الورش أو فيما يحيط به، فقد أوجب هذا المشروع على جميع المتدخلين الذين يعملون في ورش البناء أو المعنيين به، أن يلتزموا بمبادئ الوقاية وقواعد السلامة المعتمدة وبالتدابير المتخذة لتطبيقها داخل الورش أو في محيطه من أجل ضمان سلامة العاملين بالورش. ويتجلى ذلك بالأساس في:
احترام قواعد السلامة؛
إعداد حصيلة دورية بالمخاطر المحدقة بالورش وتقييمها؛
تفعيل المبادئ العامة وقواعد الوقاية، وذلك لضمان صحة وسلامة جميع الأشخاص العاملين بورش البناء؛
تعيين منسق السلامة كمتدخل جديد في عملية البناء ويعهد إليه مهام تنسيق جميع العمليات المتعلقة بالمحافظة على السلامة بورش البناء في الحالة التي يتجاوز فيها عدد العاملين بالورش خمسين (50) شخصًا؛
تنظيم المهام المتعلقة بالتنسيق في ميدان السلامة وحماية الصحة داخل كل ورش، وذلك طيلة مدة إنجاز المنشأة؛
إحداث التزام التأمين على "جميع مخاطر الورش".
إلى جانب ذلك، تسعى هذه الوزارة، من خلال نظام تصنيف وترتيب المقاولات الجاري به العمل، لتشجيع المقاولات الوطنية على تحسين أدائها على مستوى التنظيم والتأطير وما يترتب عن ذلك من تجويد ظروف العمل وضمان السلامة والصحة المهنية للعاملين بأوراش البناء.
ولقد تم تصنيف و ترتيب أزيد من 2022 مقاولة حتى الآن.
وجدير بالذكر أن الوزارة تولي جانب السلامة في مجال البناء اهتماما بالغا بما في ذلك السلامة المهنية، وتعمد باستمرار إلى اتخاد الإجراءات اللازمة لتعزيزه وتطويره.