ثرى ما هي الرسالة الغامضة التي حاول سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية تمريرها بتنظيمه حفل إفطار ملكي بأفخم فندق بمدينة المحمدية على شرف من حملوه على قبة البرلمان، وبتكريمه لبعض الوجوه الشابة التي دعمته وإهداءهم أجهزة (إيباد).. هل هو نوع من الردود على المنتفضين في حراك الريف وباقي المدن المغربية.. بعد اختفاءه عن الأنظار في وقت دخل فيه الحراك أوجهه، وبعد أن تم اعتقال مجموعة من رواده بمدينة الحسيمة..واشتعال شموع الاحتجاج بعدة مدن مغربية.. فقد تين لكل المهتمين والمعنيين أن العثماني سوق لحفله إعلاميا. ودعا مجموعة من المنابر الإعلامية لتغطيته. ولم يجد أي حرج في الرد على أسئلة بعضه ممثلي تلك المنابر. لأنه كان يسعى فعلا إلى تسويق الحفل والصور وشرائط الفيديو التي تغطي كل تحركات الحضور أثناء الأكل والاستماع بالحفل الخطابي ولحظات التكريم…
فبعد مرور أزيد من سبعة أشهر على فوزه بالمقعد البرلماني كوكيلا للائحة حزب العدالة والتنمية بالمحمدية، وبعد مرور ثلاثة أشهر على تنصيبه رئيسا للحكومة. فجأة وفي عز الحراك والغليان والاحتقان الشعبي، والارتباك و التدبدب الحكومي، تذكر الطبيب النفساني سعد الدين العثماني أنه لم يشكر ولم يكافئ من خدموه في الانتخابات التشريعية بدائرة المحمدية. وكانوا وراء حصوله على منصب ثاني رجل في البلاد.. فقرر تنظيم فطور الأمراء لهؤلاء بأفخم فندق بالمحمدية (خمس نجوم). وأن يهدي لبعضهم أجهزة (إيباد) الالكترونية، من بينهم شقيقه الأصغر طبيب الأسنان صلاح الدين… فجأة تشكلت لجنة تنظيمية بعيدة عن هياكل الحزب محليا وإقليميا وجهويا، وقررت تنظيم حفل التكريم الذي ترأسه العثماني. استدعت أعضاء من داخل الحزب، منتخبين ومنخرطين ومتعاطفين وأقصت آخرين من نفس الطينة لاعتبارات سياسية صرفة…أبرزها الانشقاقات التي هدت المكتب الإقليمي للحزب بالمحمدية، وأغلبية مجلس جماعة المحمدية.. فقد غاب المكتب الجهوي لجهة الدار البيضاء/ سطات. وغاب نواب حسن عنترة رئيس بلدية المحمدية، واكتفى هذا الأخير بحضور مأدبة الفطور، وانسحب خلسة لكي لا يشارك في بقية فقرات الحفل.. فطور العثماني الذي شكل من أطيب وأشهى وأفخم المأكولات والمشروبات، تميز بفقرة موسيقية شرقية. حيث سبح العثماني و من معه في عالم سيدة الطرب العربي وكوكب الشرق الراحلة أم كلثوم.. بعد أن عزف موسيقيي الفندق أغنية من روائعها الخالدة (أنت عمري)..
العثماني الذي أنقذ أحد ضيوفه الحفل المصباحي بلحظات من الموعظة وترتيل القرآن. أثار بحفله جدلا كبيرا داخل أوسط الفضاليين والمجذبة والزناتيين، الذين تذكروا كيف كان يجلس معهم بتواضع وبساطة داخل المقاهي والمحلات التجارية والمنازل.. إبان حملة الانتخابات التشريعية الأخيرة ، وكيف كان يحلق رأسه عند حلاق الدرب ولا يمانع في التقاط الصور له هنا وهناك لتسويق تواضع وبساطة فقيه حزب العدالة والتنمية.. كما أثار الجدل في أوساط زملائه في الأغلبية والمعارضة الحكومية.. وأثار استغراب المحتجين الذين كانوا ينتظرون أن يخرج ببلاغ رئاسي أو قرارات حاسمة لوقف النزيف وإنصاف المحتجين.. وإطفاء الفتنة التي يحاول بعض العملاء والخونة توسيع دائرتها..