الرئيسية / ميساج / الفساد الإداري قائم والتربص بالملك مستمر

الفساد الإداري قائم والتربص بالملك مستمر

واهم من يظن أو يحلم حتى .. أنه بإمكانه القضاء على الفساد الإداري بالمغرب في ضل الواقع السياسي الحالي المتردي والحقائق الجارحة لواقع الانتخابات الجماعية والتشريعية وما تفرزه من كائنات بشرية مسؤولة .. معظمها عديمة النفع والسلوك..  

واهم من يقتنع أو يفكر حتى .. أن مجرد النوايا الحسنة لبعض الساسة والموالين لهم، كفيلة بعلاج المغرب من مرض الفساد الإداري الذي تجدر وترسخ منذ سنوات… وتحول إلى (روماتيزم) سكن عروق وعظام الجسد الإداري كاملا (من المكاتب إلى المقاعد والرفوف والملفات..)، مرض انتقلت عدواه عن طريق عرق ودموع ودماء فئة كبيرة من الموظفين المغلوب على أمورهم أو المغرر بهم.. بمختلف مراتبهم من الغفير إلى الوزير..     

واهم من يتوسم الأمل في مجلس النواب الحالي، والحكومة المنتظرة… برلمان معظم أعضاءه تفننوا في شراء ذمم الناخبين، صرفوا أمولا باهضة من أجل تلك المقاعد البرلمانية… وحكومة لن تخرج عن نفس مسار سابقاتها… تركيبة عشوائية من شخصيات منخرطة في أحزاب الأغلبية أو قريبة من مسؤوليها، و شخصيات تكنوقراطية.. لا برنامج وطني لها باستثناء تلك البرامج المطبخية التي اعتمدتها تلك الأحزاب خلال فترة حملاتها الانتخابية… تلك الأحزاب التي كان هم بعض مسؤوليها الخروج بأرباح مالية. ببيع (تزكيات الترشيح)، أو البحث عن مرشحين يصرفون من جيوبهم…وهمها الآن البحث عن استوزار المقربين من مسؤوليها. والبحث عن مناصب شغل داخل دواوين الوزراء والكتاب العامين والمديريات الإقليمية والجهوية..

ليس المشكل في الموظفة أو الموظف المغربي الذي نال وظيفته بمنطق (الرجل المناسب في المكان المناسب). لأن هذه الفئة تدرك حق الإدراك مهامها، وتعي بمسؤوليتها اتجاه المواطنين. وناذرا ما تجد موظف فاسد أو موظفة فاسدة. رغم ما يتلقونه من ضغوطات وما يعيشونه من اكراهات بعض المسؤولين… لكن المفسدين داخل الإدارة هم فئة الموظفين والموظفات الذين ولجوا تلك الوظائف بتقديم الرشاوي والخدمات غير المشروعة.. هؤلاء الذين لا يؤمنون بقسم المهنة. ولكنهم يحتفظون بولاءاتهم لمن ساهموا بإدماجهم في تلك الوظائف.. ولو تمت تنقية عمليات الولوج إلى الوظيفة، وتم اعتماد الكفاءة والمستوى التعليمي والقدرة والسلوك الحسن في انتقاء الموظفين والموظفات.. لوجد الفاسدون صعوبة في الحصول على وثائق وخدمات إدارية غير قانونية.   

  

 

 

إن الفساد الإداري الذي ضرب المغرب منذ سنوات. تلزمه عزيمة قوية من المغاربة الشرفاء الذين فضلوا الانزواء بعيدا عن التنافس السياسي. واختاروا أسلوب المقاطعة والعزوف عن الانتخابات الجماعية والتشريعية.علما أن الدولة المغربية لا تعترف بالمقاطعين ولا العازفين ولا غير المسجلين في اللوائح الانتخابية… هؤلاء الذين يجب عليهم إعادة النظر في انزواءهم. والتكتل من أجل مزاحمة السياسيين الفاسدين وفضحهم. والتصدي لكل الداعمين لهم… هؤلاء الذين تبين الإحصاءات الرسمية أن عددهم يفوق بكثير عدد باقي الناخبين. وأنه بإمكانهم التواصل والإقناع… كما بإمكانهم الانخراط في بعض الأحزاب السياسية. وطرد المفسدين داخلها… أو حتى تأسيس حزب جديد قادر على المواجهة والتحدي.. أو هيئات سياسية يبرزون من خلالها تواجدهم ورؤاهم وأهدافهم… عوض التزام الصمت والتخفي…

إن أول من سيفسد داخل الإدارات المغربية هم فئة عريضة من البرلمانيين الذين ظفروا بمقاعدهم البرلمانية باعتماد سماسرة الانتخابات التشريعية والناخبين الذين يبيعون ذممهم في المزادات العلنية والسرية..هؤلاء الذين دخلوا غمار التنافس غير الشريف، وصرفوا الأموال الباهضة من أجل التموقع السياسي وإيجاد السبل الملتوية لنهب المال العام…هؤلاء الذين لا يترددون في تقديم الرشاوي للموظفين الفاسدين، وإغواء وتهديد الموظفين الشرفاء الذين يرفضون الانصياع لهم.. من أجل الحصول على خدمات إدارية غير مشروعة…

 

  الفساد الإداري سيضل راسخا مادامت الحكومات المغربية، لا تفكر في استقلال الإدارة المغربية  من الإدارة الفرنسية. ولا تفكر في أن تكون لها مساطر وقوانين ومدونات وبرامج وطنية صرفة تتغذى من كل إدارات العالم. عوض عمليات (كوبي كولي) التي تعتمدها الحكومات في كل القطاعات العمومية والخاصة… ألم يحن بعد للمغاربة أن يتحرروا فكريا وتعليميا وثقافيا و… من (الخالة فرنسا). وأن ينظروا إلى إدارات (العم سام) وغيرها من إدارات العالم التي باتت أكثر قوة وفاعلية (الصين، ألمانيا، اليابان،…)… ألم يحن الوقت للتحرر من اللغة الفرنسية التي لم تعد توفر الغذاء اليومي حتى لأصحابها الفرنسيين.

وإلى أن يتحقق المراد بميلاد مواطن نزيف وشريف، بإمكانه أن ينتقي منتخبيه جماعيا وبرلمانيا وحكوميا.. فالأكيد أن المواطنين سيضلون يعانون من الإدارة المغربية في كل القطاعات، وستضل ثقتهم مفقودة في كل أعضاء الحكومة… وسيستمر تربص المواطنين بالملك ومحيطه من أجل تقديم الشكايات وطلب الخدمات… وربما قد يتضاعف عددهم مع البرلمان الجديد والحكومة المرتقبة…       

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *