الرئيسية / بديل تربوي / القطاع يدبر جهويا والوزارة لا تتوفر على تقييم دقيق للخصاص … هيمنة المنتخبين على قطاع النقل المدرسي تحد من فعاليته

القطاع يدبر جهويا والوزارة لا تتوفر على تقييم دقيق للخصاص … هيمنة المنتخبين على قطاع النقل المدرسي تحد من فعاليته

أكد مجموعة من الآباء والأمهات معاناتهم اليومية بسبب، ما يعرفه قطاع النقل المدرسي العمومي، من عشوائية في التسيير والتدبير، أدت إلى قصور أداء بعض أساطيل النقل، وعجز في توفير تغطية كاملة لكل المعنيين. مشيرين بأصابع الاتهام إلى الجهات المشرفة على القطاع، والتي غالبا ما تكون مكاتب جمعيات تحدث من طرف مجالس الجماعات الترابية. وأضاف هؤلاء أن  بعضهم باتوا غير قادرين على ضمان استمرار دراسة بناتهم وأبناءهم. وأن تلك العشوائية والتي تصل إلى حد التلاعب والفساد المالي والإداري، حدت من الاستفادة اللازمة والكافية للتلامذة المعنيين، وخصوصا أبناء وبنات العالم القروي. ويعاني القطاع الخاص بحافلات النقل المدرسي من النقص الحاد في الموارد البشرية (سائقين ومساعدين). وداعمين دائمين لضمان التوفير الوقود والصيانة.. كما يعاني المستفيدين من وسائل النقل الفردي (دراجات هوائية). من كثرة الأعطاب الناجمة عن ضعف جودة تلك الدراجات، وكذا من تدهور الطرقات والمسالك التي يسلكها التلامذة المستفيدين أثناء تنقلاتهم اليومية بين منازلهم والمدارس.                                          فقد بلغ عدد المستفيدين من النقل المدرسي خلال الموسم الدراسي حسب ما جاء على لسان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، 182.577 تلميذا وتلميذة، والذي أكد أن الحكومة تتوخى بلوغ 319.244 مستفيدة ومستفيدا بحلول الموسم الدراسي2020-2021. ولم يكشف العثماني عن عدد وسائل النقل المدرسي، الموضوعة رهن إشارة التلامذة المستفيدين. باعتبار أن هناك فئة تستفيد من حالات النقل، وأن فئة أخرى تستفيد من دراجات هوائية. كما تساهم الداخليات ودور الطلبة والطالبات في التخفيف من معاناة التنقل لدى مجموعة كبيرة من التلامذة، وخصوصا القاطنين بالعالم القروي. وقد أكد المسؤول الحكومي، أن عدد المستفيدين من الداخليات والمطاعم المدرسية بلغ هذه السنة، 1.410.928، وانه سيتم العمل على توسيع قاعدة المستفيدين في أفق بلوغ 1.625.262 مستفيدة ومستفيدا بحلول الموسم الدراسي2020-2021. وأكد مصدر مسؤول بالوزارة الوصية، أن ملف النقل المدرسي موكول لأكاديميات التربية والتكوين وشركائه الخارجيين. وأن الوزارة لا تتوفر على إحصائيات دقيقة لأسطول النقل المدرسي. وأن تلك الحافلات تتواجد تحت إشراف المديريات الإقليمية للتعليم أو مجالس الجماعات الترابية والجمعيات المحدثة لها. وحتى على صعيد أكاديميات التربية والتكوين، فإن الحديث عن النقل المدرسي، يبقى غالبا محصورا في بعض الأرقام دون الحديث عن الخصاص المسجل.  فبجهة فاس/ مكناس، بلاغ الأكاديمية تحدث عن استفادة  27 ألف تلميذة وتلميذ، وبجهة بني ملال / خنيفرة، بلاغ أكد استفادة 10403 تلميذ(ة)، من خدمات أسطول حافلات النقل المدرسي بالجهة والذي يتشكل من 173 حافلة مدرسية من بينها 11 حافلة جديدة. كما تم تخصيص هذه السنة 850 دراجة هوائية. وبجهة الرباط سلا القنيطرة، مجموع عدد حافلات النقل المدرسي 235 حافلة منها 6 حافلات في إطار برنامج محاربة الفوارق الاجتماعية والمحلية في الوسط القروي. وبجهة الدار البيضاء/ سطات، بلغ عدد المستفيدين من النقل المدرسي بالعالم القروي 31100 تلميذ وتلميذة يستعملون 462 حافلة.

 

                                    

نقل مدرسي تحت رحمة المنتخبين

واقع لا أحد ينكره. فمعظم حافلات النقل المدرسي، يتم اقتناؤها من أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وميزانيات الجماعات الترابية، ومجالس العمالات والجهات والمجالس الإقليمية. وبعضها من طرف الوزارة الوصية أو بعض المحسنين. إلا أن تلك الحافلات تسلم لرؤساء الجماعات الترابية، الذين عليهم توفير السائقين والمساعدين والوقود. هؤلاء الذين يبادرون إلى إحداث جمعيات مهمتها الإشراف على حافلة أو حالات النقل المدرسي. ترصد لها الجماعة منحة سنوية لتغطية مصاريف الوقود وتأجير السائقين، والصيانة. علما أن الجمعية تبادر إلى طلب أجر شهري من كل أب، مقابل استفادة ابنه أو ابنته. تلك الجمعيات تحدث بطرق ملتوية حسب شهادات كل المعنيين. حيث يتم تعيين رئيس لها من بين المقربين لبعض المنتخبين. بل إن عدة رؤساء جماعات، اضطروا إلى إحداث جمعية لكل حافلة نقل. لترضية كل المنتخبين. وتتحول الحافلة إلى وسيلة ضغط وورقة انتخابية يشهرها المنتخب في وجه آباء وأمهات المستفيدين.  كما أن بعض المنتخبين يضعون خريطة غير منصفة لتنقل الحافلات، بالدواوير والمراكز القروية. حيث يفرض على بعض التلامذة قطع مئات الأمتار من أجل الوصول إلى مكان مرور الحافلة، فيما يرغم السائق على التنقل إلى قلب بعض المنازل والضيعات من أجل نقل تلامذة موالين للمنتخبين.

حافلات النقل المدرسي تستعمل في أغراض خاصة

بما أن حافلات النقل المدرسي، تبقى في عهدة مكاتب الجمعيات. فإن معظم تلك الحافلات، تبقى رهن إشارة أعضاء مكاتبها. خلال العطل المدرسية ونهاية الأسبوع والليل.حيث يتم تسخيرها في أمور وأنشطة وخدمات لا علاقة لها بالتربية والتعليم. أو في رحلات سياحية. وهو ما يعرضها للأعطاب. ويتسبب في حرمان التلامذة من خدماتها. وقد تسبب تلك التجاوزات في اندلاع عدة مواجهات قبلية أو سياسية عنيفة. انتهت بتدخل السلطات المحلية والقضاء. من جهة أخرى. انتشرت ظاهرة استعمال حافلات شبيهة بحافلات النقل المدرسي  من طرف الباعة وأصحاب النقل السري والمزدوج. أو تلك التي يتم الاستغناء عنها من طرف التعليم الخصوصي. حيث يتم الاحتفاظ بلونها الأصفر ورسوماتها. لتفادي إيقافهم من طرف عناصر الأمن الوطني والدرك الملكي.   

 

                                الابتزاز والسخرية بين السائقين والتلامذة

عشوائية تدبير القطاع، وتركه تحت رحمة المنتخبين، جعل السائقين والتلامذة يعرضون بعضهم البعض للابتزاز. فثارة نسمع عن سائق يبتز بعض التلامذة، ويفرض عليهم جلب أموال إضافية، لكي يؤمن لهم الرحلات اليومية بدون تأخرات ولا تعب وحتى أقرب نقط من منازلهم. ويتذرع بعدم توفر الوقت لمن لا يدفع المال. وثارة نسمع عن تلامذة يسخرون من السائق، ويعمدون إلى إزعاجه خلال قيادته. بل إنهم لا يترددون في خدش وإتلاف بعض أجزاء الحافلة. وكراسيها.. ولا يجد السائق سبيلا لإنصافه، باعتبار قرابة هؤلاء من منتخب.

 

حافلات جديدة مركونة عرضة للصدأ

الغريب في أمر بعض الجماعات المحلية، أن رؤساءها يسارعون إلى طلب حافلات للنقل المدرسي، بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو بعض الجهات المنتخبة إقليما أو جهويا. إلا أنهم لا يبادرون إلى توفير سائقين لها. فيتركون تلك الحافلات مركونة في المرآب، تتعرض للتخريب والصدأ. والسبب وفق ما صرح به منتخبون من داخل مجالسهم، يعود على غياب المساءلة من الجهة المانحة. علما أن هناك تلامذة يعانون الأمرين في التنقل. وأن فقر أسرهم المدقع، يجعلهم  يضطرون إلى قطع عشرات الكلمترات يوميا راجلين. وتزداد معاناتهم خلال فصل الشتاء حيث البرد القارس والأمطار، التساقطات الثلجية.

 

الدراجات الهوائية البديل الصعب
 

تبادر نفس الجهات المعنية بدعم قطاع النقل المدرسي، إلى اقتناء دراجات هوائية لبعض التلامذة، تمكنهم من التنقل اليومي ما بين منازلهم ومدارسهم. وهي في غالبيتها دراجات عادية غير ذات جودة.. وإذا كانت تلك المبادرة تخفف نوعا من جحيم التنقل لدى البعض، فإن تعرض الدراجات للأعطاب المتتالية. تجعل منها هما آخر، يزيد من ثقل هموم التلاميذ. قد يستفيد منها أكثر التلامذة القاطنين بمناطق ذات طرق معبدة. أما القاطنين بمناطق منعزلة بمسالك يغمرها الوحل وتزركشها الحفر. فإن عمر تلك الدراجات لا يتعدى حتى النصف الأول من الموسم الدراسي.. ليعود التلامذة إلى الاستعانة بالدواب في تنقلاتهم.     

 

مطالب بإيفاد قضاة المجلس الأعلى للحسابات

طالبت مجموعة من العاليات الجمعوية والحقوقية بضرورة إيفاد قضاة المجلس الأعلى للحسابات، من أجل التحقيق في موضوع حافلات النقل المدرسي الخاصة بتلامذة العالم القروي. والتي تم إخفاء وإهمال بعضها، رغم أن تلك الحافلات جديدة. وفي حاجة إلى تدوير محركاتها وصيانتها وحمايتها من التغيرات المناخية. كما أنها أخرجت لكي تنتفع منها الأسر والتلاميذ. ويعاني العديد من التلامذة بمعظم الجماعات القروية من إشكالية النقل المدرسي،علما أن تلك الجماعات تتوفر على عدة حافلات للنقل المدرسي منحت لها إما من طرف عمالة الإقليم بدعم من المجلسين الإقليمي والجهوي أو المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أو اقتنتها من مال ميزانيتها الخاصة. لكن الغريب في الأمر أن رؤساء تلك الجماعات يتذرعون بأسباب واهية، ويحرمون التلامذة من حقهم الشرعي في التنقل والتدريس. بعضهم يدعي أن الجماعة لا تتوفر على سائقين، وأنها لا يمكن أن توظف سائقين لهذا الغرض. علما أن تلك الجماعات تخبئ عدة مناصب شغل، من أجل إيجاد طرق ملتوية وتشغيل أبناء وبنات الموالين لهم دون وجه حق، وإما يدخلون في صراعات سياسية، حول كيفية عمل تلك الحافلات ومن سيشرف عليها. إلى درجة أن بعض المنتخبين يستفردون بحافلات، ويرغمون سائقها على المرور من طرق ومسالك تؤدي إلى منازل الموالين لهم. ويتعمدون إقصاء آخرين، انتقاما منهم لعدم التصويت عليهم. قبل أسبوعين اقتحمت عشرات الأمهات اقتحمت مقر جماعة واد البور التابعة لقيادة انفيفة واد البو بإقليم شيشاوة، احتجاجا على انعدام النقل المدرسي لعشرات التلاميذ والتلميذات أبناء وبنات الجماعة المذكورة، التي لا تتوفر على أي سيارة للنقل المدرسي.  وقد عرفت بداية الموسم الدراسي، تعثرات كبيرة على مستوى تدبير النقل، جعلت العديد من الآباء والأمهات يحتجون. إما بسبب النقص في عدد الحافلات، أو سوء تدبيرها.. وسبق لمجموعة من التلامذة بمنطقة وزان أن احتجوا السنة الماضية على عدم توفر النقل المدرسي، بمسيرة للحمير. حيث امتطى تلاميذ دواري الميار و بوركيز الحمير، من أجل التنقل إلى الثانوية الإعدادية.
 

 

 

 

احتجاز واستنطاق تلامذة داخل حافلة ليلا  بسبب خدش في كرسي

 

لازال سكان جماعة عين تيزغة بإقليم ابن سليمان، يعانون من آثار حادث احتجاج أطفالهم ليلا داخل حافلة للنقل المدرسي. حيث قام أحد المنتخبين رفقة سائق الحافلة، باحتجاز التلامذة ليلا داخل الحافلة بمنطقة معزولة تسمى (الطلال)، بعد أن أطلعه السائق عبر الهاتف النقال أن تلميذ ما قام بخدش كرسي داخل الحافلة. السائق كان في طريقه في حدود الساعة الخامسة والنصف مساء من الثانوية الإعدادية إلى دوار المعيدنات حيث يسكن التلاميذ (أطفال وفتيات). تلقى أوامر بعدم إيصالهم إلى منازلهم والاحتفاظ بهم إلى حين عودة المنتخب الذي كان يتواجد خارج المنطقة. حيث قام بتعنيف التلاميذ واستنطاقهم أملا في أن يجد من يعترف عن التلميذ الذي خدش كرسي الحافلة. في الوقت الذي كان فيه الآباء والأمهات يبحثون عن أبنائهم وبناتهم بسبب تأخرهم في الوصول. وقد أفرج عن التلامذة الذين عاشوا رعبا واضطرابا نفسيا، بعد أن قام بالاستفراد بهم وتخويفهم. كما أن نفس المسؤول الجماعي أمر سائق الحافلة بعدم نقل التلاميذ في اليوم الموالي (اليوم الثلاثاء). مما جعل بعضهم يحرم من الدراسة، فيما اضطر آخرون إلى سلك النقل عبر (الأطو سطوب)، أو اصطحابهم من طرف آبائهم. معاناة التلامذة لم تقف عند هذا الحد، بل إن رئيس جمعية الآباء، أقدم بدوره على تجاوز آخر خطير، حين  قام في اليوم الموالي للحادث، بإخراج التلامذة من فصولهم الدراسية، واصطحابهم من منطقة (العيون) إلى  مقر دائرة ابن سليمان، من أجل الاستماع إليهم واستنطاقهم حول واقعة (الاحتجاز والاستنطاق). علما أن القانون لا يسمح بإخراج التلامذة من المؤسسة إلا بحضور أولياء أمورهم أو بإذن منهم.

   

مصطفى تاج: استثمارات الدولة في مجال النقل المدرسي لازالت محتشمة

 معروف أن الغالبية العظمى من التلاميذ المغاربة يقطنون في نواحي المدن وعلى هوامشها وفي الدواوير القروية لذلك فهم يجدون صعوبة كبيرة في التنقل من وإلى المدرسة مما ساهم في ارتفاع نسب الهدر والانقطاع المدرسيين ، خصوصا في فئة الفتيات. وقد لجأت الدولة في وقت سابق إلى تعميم المدارس والزيادة في عدد المجموعات المدرسية مع إحداث وحدات مدرسية جديدة، مكن هذا الإجراء الذي تزامن مع عشرية أجرأت الميثاق الوطني للتربية والتكوين من تقليص نسب الهدر والانقطاع المدرسيين في التعليم الابتدائي، لكن في المقابل بقيت هذه النسب ثابتة في كل من التعليم الإعدادي والثانوي والجامعي
هنا يطرح السؤال حول أهمية النقل المدرسي في المساهمة في تعميم التمدرس ومحاربة الهدر وتيسير الولوج إلى الخدمات التعليمية ورغم أن الحاجة ملحة إلى الاستثمار في النقل المدرسي لما يشكله من قاطرة تسهيل وتيسير التعليم فإننا نرى أن استثمارات الدولة في هذا المجال لازالت محتشمة بشكل كبير ولعل الأدوار الطلائعية التي قام بها ولازال المجتمع المدني في مبادرة منه لتوفير وسائل النقل سواء باقتنائها حديثة أو مستعملة أو باسترادها ممنوحة من طرف محسنين من دول أخرى لهي أهم وأشد وقعا وأكثر إيجابية من تدخلات الدولة نفسها في هذا المجال واستشرافا للمستقبل أظن من وجهة نظري الشخصية أن على الدولة الإستثمار بشكل كبير في العنصر البشري من خلال تخصيص ميزانيات أكبر لاقتناء وسائل النقل المدرسي العمومية بالموازاة مع إحداث مجموعات مدرسية تجمع تلاميذ الجماعة الواحدة مكان الوحدات المدرسية المتفرقة.

الكاتب الوطني للشبيبة المدرسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *