الرئيسية / بديل تربوي / الكتاب المدرسي غارق في وحل الأخطاء والقصور … تحول من وثيقة تربوية إلى مهيج للعنف في صفوف التلاميذ

الكتاب المدرسي غارق في وحل الأخطاء والقصور … تحول من وثيقة تربوية إلى مهيج للعنف في صفوف التلاميذ

كثر الحديث والجدل حول ضعف أداء الكتب المدرسية وقصور البرامج والمناهج التعليمية المعتمدة من طرف وزارة التربية الوطنية. بعد توالي النكبات التعليمية ببلادنا. وتوسع دوائر التسريب والهدر وانسداد آفاق البحث العلمي والشغل .. وفي ضل غياب بوادر الأمل في الإصلاح والابتعاد عن ذيل التصنيف العالمي لجودة التعليم. أسئلة كثيرة باتت تطرح نفسها بحدة، حول من يضع البرامج والمناهج والمخططات والرؤى؟ ومن يؤلف الكتب ومن يصادق عليها.. وعن الأموال الطائلة التي صرفت وتصرف بدون جدوى. آباء وأمهات يطالبون بالتحقيق في هويات وكفاءات من تعاقبوا على إنتاج البرامج والمناهج والكتب المدرسية. هذه الأخيرة التي أصبحت  مستباحة التأليف من طرف من هب ودب. ومنتشرة كالفطر والأعشاب الضارة وسط الحقول التربوية. كتب تطبخ في الخفاء، لتفرض على التلاميذ والمدرسين، بأسماء مختلفة، ومضامين منسوخة بأساليب ركيكة ومعان متعارضة.. جعلت التلميذ يفقد التركيز من أجل التحصيل الدراسي، ويرغم على صب تفكيره حول الطريقة التي سينقل بها محفظته الثقيلة ما بين المنزل و المدرسة. أصبح تائها يبحث عن الطريقة التي تمكنه من الاطلاع كل ليلة على عشرات الكتب والدفاتر. وإنجاز فروضه المنزلية.

مؤلفون في حاجة إلى دروس في اللغة والإملاء والمعرفة والقيم

إن المتتبع لمختلف الأخطاء التي شابت وتشوب بعض الكتب المدرسية. يخلص إلى أن هناك بعض المؤلفين هم في حاجة إلى التكوين المستمر، وتلقي دروسا في اللغة والمعرفة والقيم الوطنية. وأنه من العار أن تتم المصادقة على كتب ألفت بطرق عشوائية دون أدنى احترام لدفتر التحملات، المفروض أن يحدد كل الشروط التربوية والتقنية والمعرفية والقيمية. قد بلغ عدد الملاحظات التي رصدها المدقق الغوي محمد كويياس بخصوص ثلاثة كتب مدرسية في مادة اللغة العربية وحدها،حوالي 700 ملاحظة. منها ما هو مـطـبعي، وما هو معرفي ونحوي و توثيقي و رسمي و إملائي. ليست وحدها الأخطاء اللغوية والإملائية والمعرفية التي رصدها مجموعة من الباحثين التربويين والمتخصصين والمدققين اللغويين.. ولكن تم الوقوف على مفاهيم خاطئة ومفردات استعملت في غير محلها، ومعاني وأفكار وحكايات تضرب في عمق الهوية المغربية ودستوره. كالحديث بحرية عن زواج القاصرات، أو الجنس خارج إطار الزواج. نقل مقالات ونصوص سبق ونشرت بجرائد أو مجلات أو تدخل ضمن تقارير أعدت خارج المنظومة التربوية إلى داخل الحرم المدرسي. واعتمادها في أنشطة ودروس خاصة بفئات معينة وبرامج ومناهج ذات بعد تربوي تعليمي.. أكثر من هذا فإن الوزارة الوصية لم ترد بشأن ما راج الكترونيا بخصوص تضمن كتاب مدرسي لمادة الاجتماعيات تعاريف خاطئة تتعلق بصلاحيات الملك. أكدها أمين السعيد الباحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط في تدوينة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي(الفايسبوك). وتناقلتها صفحات وجرائد الكترونية. وقال السعيد إن من الخطأ تعريف (السلطة التنظيمية) على أنها سلطة يتولاها الملك أو رئيس الحكومة . مستندا بدستور 2011.  حيث أن الملك لا يمارس السلطة التشريعية، كما أنه لا يمارس السلطة التشريعية في حالة حل البرلمان، إلى حين انتخاب برلمان جديد، بخلاف ما جاء في الكتاب ذاته.

 

كتب مدرسية تحرض على العنف المدرسي

  تبين أن للكتاب المدرسي نصيبا من المسؤولية في انتشار ظاهرة عنف بعض التلاميذ ضد مدرسيهم، إلى جانب كل الأطراف المعنية بتربية الأطفال وتخليق الحياة العامة. وأن هناك نصوص وصور و رؤى وتصورات ترسخ مفاهيم العنف والتطاول على الأستاذ. وتغذي التلاميذ بأفكار ومعاني تتعارض مع الأخلاق والقوانين والأنظمة التربوية والإدارية. وكنموذج لبعض النصوص والمواضيع الغريبة والغامضة التي تتضمنها بعض الكتب المدرسية المعتمدة من طرف الوزارة الوصية، يمكن الإشارة إلى مضمون (الوثيقة واحد) بالصفحة 162 من كتاب ( في رحاب الاجتماعيات)، الخاص بمستوى السنة الأولى إعدادي. النص المفروض من الطفل استيعابه والإجابة على مجموعة من الأسئلة، واستخلاص المبادئ المرتبطة بحقوق الإنسان. يحكي بطريقة لا تمت للتربية والتعليم ولا للقوانين المنظمة للبلاد بصلة، عن حادث اعتداء تلميذ على أستاذة ضبطته في حالة غش (لم يحدد نوعيته) فطردته. ويضيف أن الضحية رفعت دعوى (لم يحددها)، وأنه تم اعتقال الطفل من طرف جهة (لم يحددها). وأن الأستاذة تنازلت عن الدعوى (؟؟) استجابة لتوسلات أسرته. شريطة اعتذار التلميذ أمام زملائه. وانتهى النص بحادث آخر أغرب. حيث أحضر الضابط المكلف بالقضية التلميذ مكبلا داخل الفصل الدراسي ليعتذر للتلاميذ والأستاذة. وهي المبادرة التي وجدت فيها أسرة التلميذ إهانة لولدها. فقدمت شكوى ضد الضابط، انتهت بتعرضه لعقوبة تأديبية. لم يحدد النص نوعية الغش، الذي لن يكون بالضرورة في الامتحانات. ولم يعر النص اهتماما لمجلس الانضباط والإدارة المشرفة على المدرسة، الجهة الضامنة لحقوق الأستاذة. ولا لدور ولي أمر التلميذ، المفروض إحضاره قبل اتخاذ أي إجراء عقابي داخلي أو خارجي. ولم يقم النص وزنا للإهانة التي وجهها لجهاز الأمن. باعتبار فرضية أن يستجيب ضابط لشرط الأستاذة، وأن يصطحب التلميذ مكبلا إلى داخل الفصل. علما أن ما تم من اتفاق بين الأستاذة والأسرة، لا علاقة له بالإجراءات القضائية، التي تشرف عليها النيابة العامة وليس جهاز الأمن القضائي الذي مهمته التنفيذ فقط.

  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *