الرئيسية / كتاب البديل / المبادرة الوطنية للتنمية البشرية : أموال طائلة تصرف والمغرب تنمويا في الرتبة 130

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية : أموال طائلة تصرف والمغرب تنمويا في الرتبة 130

احتفل رواد  المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يوم 18 مايو الأخير بعيد ميلادها الثاني عشر، فأسهبت النشرات الإخبارية والتقارير الوطنية والمحلية بالغزل والمديح والتَّمجيد لهذا المحتفل به ، وقُدم على أنه حقق المأمول منه وقضى على الفقر والهشاشة ووفر مصادر للدخل للعديد من الأسر . وأشادت هذه التقارير بمنجزات نسبة كبيرة منها تعد حبرا على ورق، فيما جرفت المياه والفيضانات نسبة أخرى، وحال التضارب بين المجالس والمؤسسات المنتخبة وبين سلطات الوصاية دون خروج نسبة أخرى إلى الواقع. فواقع الحال يؤكد عكس الخطب المديحية والغزلية بهذه المبادرة، التي قيل بأنها جاءت أصلا لمحاربة الإقصاء والفقر والتهميش ، فرصدت لها أموال طائلة من المال العام بغية الإسراع بالرفع من وثيرة التنمية ، غير أن مرور هذه المدة وما صاحبها من صرف أموال طائلة عليها لم تجد في تحسين مرتبة المغرب في مجال التنمية البشرية، إذ لا يزال يقبع في الرتبة 130 من أصل 189 دولة شملها تصنيف الأمم في مجال التنمية، متأخرا بذلك عن دول تعاني من حروب وحصار وأزمات ، طبعا هذا المفارقة تجعل المرء يطرح سؤالا جوهريا وهو : لماذا لم يحقق المغرب ما وعدت به المبادرة الوطنية للتنمية البشرية رغم كل الإمكانات المادية والبشرية التي تم رصدها لها ؟؟ ..  إن السبب الرئيسي الأول في فشل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يكمن في عدم تحديد الهدف الحقيقي لهذه المبادرة والذي قيل بأنه محاربة الفقر والهشاشة، لكن يبدو أن الهدف غير ذلك والدليل هو أن المغرب انتقل بعد عشر سنوات من انطلاق المبادرة من الرتبة 114 إلى الرتبة 130 بين الأمم في مجال التنمية. والسبب الثاني هو عدم تحديد المسؤول عن المبادرة، المسؤول لا يسأل عما أقترفت يداه، بل المسؤول غير محدد أصلا ، فهي كرة تتدحرج بين العديد من الجهات تشمل المجالس المنتخبة  (وما أدراك ما المجالس المنتخبة )، والسلطات الإقليمية والجهوية والوطنية . مع شريك آخر يتمثل في ( جمعيات المجتمع المدني ) والتي لا يختلف الكثير منها عما كان يطلق عليه جمعيات السهول والجبال في الحقبة السابقة . هذه الجمعيات التي تتخذ وسيلة للابتزاز السياسي والمالي .. وما أكثر الجمعيات التي تتأسس وتحصل على الدعم في يومها بل وتحصل على المشاريع حتى قبل الحصول على الوصل القانوني لتأسيسها ،جمعيات تحولت إلى أذرع مدنية للأحزاب السياسية.وهكذا تحولت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى بقرة حلوب لعدد من القيادات الحزبية والبرلمانيين، الذين استغلوا أموال المبادرة للانخراط في حملات انتخابية سابقة لأوانها من خلال مشاريع تم النفخ في قيمتها. فقد جرى التعامل بسخاء كبير مع أسماء سياسية بارزة من طرف اللجان المحلية على مستوى عدد من العمالات والأقاليم ، وهو ما تسبب في إضعاف حصيلة المبادرة بسبب هيمنة الفاعلين السياسيين على التمويلات المرصودة لها .ويرجع السبب الثالث إلى غياب الحكامة واختلال بنية المبادرة، واستهدافها لمشاريع محددة حضر فيها الكم، وغاب عنها النوع، فأفرزت الآلاف من المشاريع الصغيرة، التي عرفت مشاكل في تدبير ماليتها، أو أفلست أوهي غير منتجة أصلا. بالمقابل تم إقصاء مشاريع شبابية هامة لأسباب شخصية أو سياسية أو مزاجية أما السبب الرابع فيكمن في الفوضى في الإشراف على مختلف مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فبعض هذه المشاريع تتم إداراته من مقرات العمالات والولايات، أو بإشراف من مجالس العمالات وتنسيق (في بعضها) مع الجماعات المحلية ومجالس المدن، وتم تفويت مشاريع أخرى لتديرها جمعيات المجتمع المدني، مما يرسخ العشوائية في التدبير تصعب معه المراقبة والمواكبة والمحاسبة ، أضف إلى هذا أن السياسة المتبعة في هذا المجال تهدف إلى الرفع من أرقام المشاريع عوض الرفع من النماذج الناجحة السبب الخامس وهناك سبب آخر لا يقل عن الأسباب السابقة وهو البنية البشرية المكلفة بهذه المشاريع والتي تفتقر إلى الكفاءات والطاقات والخبرات المؤهلة، لإنجاح المشاريع ما أدى إلى هدر المال العام دون مردودية تذكر. فحسب فعاليات جمعوية في جل المناطق بالمغرب ومن خلال الشكايات المتعددة التي ترفعها هذه الجمعيات في كل ربوع المملكة فان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لم تقدم أية إضافة للمجتمع المغربي، ولم تعمل على تقليص نسبة الفقر والهشاشة،.وأنها شهدت العديد من النقاط السلبية، على صعيد المملكة، ولم تقدم مشاريع وإصلاحات في مستوى التطلعات للحد من الفقر والتهميش، وان نسبة نجاح المبادرة ضئيلة ، سيما أنها لم تشمل العديد من المناطق، ولم تقدم حلولا اجتماعيه بالإضافة إلى الاختلالات التي عرفتها بعض المصالح الاجتماعية في الإدارة ، من حيث طريقة انتقاء المشاريع ومعيار اختيار المستفيدين. خاصة وأن الأموال التي وضعت لدعم المبادرة من قبل البنك الدولي ، والولايات المتحدة الأمريكية والمالية العامة تجاوزت ملايين الدولارات لا توازي ما تحقق في مجال التنمية البشرية ،وربما وقع للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية مثل ما وقع للمخطط الأخضر حيث تم استغلال الأموال الضخمة ممن ليس لهم الحق فيها . الخلاصة هي أن السلبيات والاختلالات التي رافقت تطبيق المبادرة من قبل المصالح الاجتماعية في الإدارة جعلت المبادرة تستنزف أموال كثيرة دون تحقيق أهدافها وتصبح مغامرة في صرف المال العام، فالمهتمون بالعمل الاجتماعي يجمعون على أن المبادرة الوطنية شهدت العديد من النقاط السلبية، على صعيد المملكة، ولم تقدم مشاريع وإصلاحات في مستوى التطلعات للحد من الفقر والتهميش، وان نسبة نجاح المبادرة ضئيلة ، سيما أنها لم تشمل العديد من المناطق، ولم تقدم حلولا اجتماعية، بالإضافة إلى الاختلالات التي عرفتها بعض المصالح الاجتماعية في الإدارة سيما في العمالات، من حيث طريقة انتقاء المشاريع ومعيار اختيار المستفيدين.وبسبب تحكم لوبيات طيلة مسار المبادرة في خريطة المشاريع ونوعيتها ونوعية المستفيدين منها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *