دخلت قضية الابتزاز والارتشاء التي أحد أطرافها خليفة قائد موقوف عن العمل بالمحمدية وعون سلطة برتبة (شيخ) لازال يزاول مهامه، مراحلها الأخيرة داخل محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بعد الجلسة العمومية رقم 22، التي خصصت الثلاثاء الماضي، للمواجهة بين كل الأطراف المعنية. حيث تبين لرئيس الجلسة والنيابة العامة، مدى الارتباك والتناقض الذي ميز أجوبة (خليفة القائد)، المعفى من مهامه، منذ أشهر من طرف وزارة الداخلية. حيث الارتباك والتناقض في الأجوبة بين ردوده بمحكمة الاستئناف وما صرح به لدى الشرطة القضائية، والنيابة العامة وقاضي التحقيق بمحكمة المحمدية الابتدائية. ردود عقبت التخلي الغامض لمحاميه الأول عن الدفاع عنه، مباشرة بعد حكم المحكمة الابتدائية بالمحمدية، الذي قضى بالسجن النافذ في حقه بسنة حبسا نافذة، ونفس الحكم في حق المواطن المشتكي.
الحكم الأخير الذي أثار جدلا كبيرا في صفوف كل من تابعوا القضية. باعتبار أنه لا يعقل أن ينال المشتكي الذي كان يتعرض للإبتزاز، نفس الحكم القضائي، الذي صدر في حق المشتكى به، والذي تلقى كميات كبيرة من الزيت (البلدي)، والزيتون.إضافة إلى تسلمه عن طريق وكالة لتحويل الأموال، مبلغا بقيمة مليون سنتيم مرسلة من طرف المشتكي، وتسلمها شخصيا.
وقد تم تأجيل القضية إلى جلسة الثلاثاء المقبل تاسع يوليوز 2019، من أجل الترافع، حيث من المنتظر أن تعرف الجلسة، جزءا أولا من الترافع، وتؤجل إلى الثلاثاء الذي يليه، من أجل إتمام المرافعة، ودخول القضية إلى المداولة من أجل النطق في الحكم. علما أن المشتكي قد وضع تسجيلات صوتية عن اتصالات دارت بين ابن المشتكي، والخليفة وكذا الوسيط ، والتي توصل بعدها الخليفة بمبلغ مليون سنتيم عن طريق وكالة لتحويل الأموال. كما لديه عدة شهود تؤكد عمليات الابتزاز والتسلط التي مارسها الخليفة على المشتكي وأسرته، ضمن الشهود مسؤول في الدرك الملكي يقطن بجواره. كان قد حضر عمليات اقتحام غير قانونية للخليفة ومجموعة من أعوان السلطة وأفراد من القوات المساعدة لمنزله ومحله لغسل السيارات. حيث تم تعنيف الأسرة وحجز زرابي. وهي التي المداهمة التي تبث للمحكمة أنها غير قانونية. ولا تتوفر الإدارة على أي سجل لها.
وقد كشف الضحية محمد الغنامي عن أطوار عملية الابتزاز التي تعرض لها من طرف الخليفة، مقابل الصمت عن ما ارتكبه من بناء عشوائي بمنزله الكائن بحي الوحدة، وهي بنايات قديمة، سبق وتلقى المشتكي أحكام قضائية وأدى غرامات مالية بشأنها. والتي مكنت الخليفة من تلقي رشاوي بلغت حوالي ثلاثة ملايين سنتيم، ضمنها مبلغ مليون سنتيم تسلمه شخصيا عن طريق وكالة لتحويل الأموال. وخمسين لتر زيت الزيتون و30 ملغ من الزيتون. مقابل التستر عليه.
وكان الراحل طارق السباعي الرئيس السابق للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب. تبنى قضية المواطن المشتكي، حيث وقف على عدة تجاوزات قضائية، منها أن ملف القضية لا يتوفر على التاريخ الذي أحيل فيه الملف من النيابة العامة على الجلسة الابتدائية العمومية بالمحمدية. وهو ما كشف عنه أحد محاميي الضحية، وما أقرته القاضية رئيسة الجلسة بالمحكمة الابتدائية المحمدية، بعد اطلاعها على الملف.. وهو خطأ لم يعرف بعد هل كان متعمدا، أو أنه بفعل فاعل..
وفاجأ الراحل طارق السباعي حينها كل الحضور، بوضعه شكاية مباشرة من أجل الابتزاز وضعها في نفس اليوم لدى رئيس المحكمة، وسلم نسخة منها للقاضية رئيسة الجلسة. والتي وبعد أخذ ورد.. رفعت الجلسة مؤقتا للتأمل، قبل أن تعود وتعلن تأجيل الجلسة. في الوقت الذي كان الكل ينتظر أن تكون آخر جلسة ابتدائية.
شكاية السباعي، تقدم بها باسم المواطن الضحية محمد الغنامي وابنه، ضد الخليفة (ح، ع) . أكد فيها على أن التهمة تتعلق بالابتزاز، وليس الارتشاء كما تم تحويره من طرف النيابة العامة وقاضي التحقيق. موضحا أن الأفعال التي ارتكبها الخليفة منصوص عليها في الفصل 538. منتقدا قرار قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية الذي تابع المشتكى به من أجل الارتشاء والعنف. مؤكدا أن هناك حقائق تثبت أن المواطن الغنامي تعرض للتهديد والابتزاز.. وأن هناك أدلة وقرائن تؤكد ذلك. وأن وثائق الملف تؤكد أنه تم إجبار المشتكي على توقيع وثيقة تتضمن حقائق تترتب عنها عقوبة جنحية، وتندرج تحت طائلة القيام بالتهديد والابتزاز. موضحا أن القرص المدمج المرفق بالملف، تضمن استسلام المشتكي لابتزاز المشتكى به، وأنه صرح بأنه أعطاه كل ما طلبه ابتزازا. حيث طلب منه 50 ألف درهم، وهجم عليه بداره وحجز له زرابي زبنائه، ومارس عليه شتى ضروب الابتزاز مستقويا بسلطته كقائد. ورفض إرجاع الزرابي إلى أن مكنه من باقي الرشوة التي فرضها عليه.
وأضاف السباعي في شكايته المباشرة أن الوسيط (ع.خ) أكد وساطته أثناء المناقشة، ونصحه بأداء الرشوة التي طلبها القائد(الخليفة). ولم يتوقف عن الاتصال به بالهاتف ليعطي ثلاثة ملايين رشوة.
وبرر طارق شكايته المفاجئة. بقصور أداء قاضي التحقيق. حيث أن قرار الإحالة لم يضمن مقتضيات الابتزاز و الثابتة ثبوتا شرعيا من خلال كل الوقائع التي نوقشت شفاهيا وحضوريا أمام المحكمة. وهو ما دعاه إلى المطالبة بإضافة الفصل 538 من القانون الجنائي. مبرزا أنه من حيث الدعوى العمومية، فإن الوقائع تؤكد ضرورة اعتماد الفصل 538. ومن حيث الدعوى المدنية التابعة، فإن العارض تضرر من الأفعال التي اقترفها المشتكى به .. ولم يطلب السباعي سوى درهم رمزي لجبر الضرر ..
وكانت المحكمة الابتدائية المحمدية قضت في هذا الملف، بسنة نافذة حبسا في حق الخليفة مع غرامة نافذة ألف درهم بعد أن أدانته بتهمة الإرتشاء. ونزلت بنفس الحكم على المشتكي المواطن (الغنامي)الرجل الأمي الذي أدانته بتهمة الإرشاء. علما أنه ضل يردد رفقة دفاعه بأنه كان يتعرض للابتزاز. بينما برأته هو وكل أفراد أسرته (زوجته، ابنه، صهره) من تهمة إهانة موظفين أثناء مزاولتهم لمهامهم، كما برأتهم من تعنيف الموظفين (خليفة القائد، الشيخ..). علما أن خليفة القائد كان قد اتهم زوجة المشتكي وابنه وصهره بالاعتداء عليه. بل إنه تلفظ في إحدى جلسات المحكمة، بتهمة (ساقطة) في حق الزوجة المحافظة. وقد تبث للمحكمة براءتهم التامة منها. وقضت في نفس منطوق الحكم بتغريم خليفة القائد مبلغ 10 آلاف درهم لكل واحد منهم. إلا أن المحكمة لم تقض بشيء بخصوص هذه التهمة الملفقة لابن المشتكي وزوجته وصهره. وقد تمت جرجرتهم لأزيد من سنة أمام مكاتب الأمن الوطني والمحكمة. خليفة القائد الذي تم إعفاءه من مهامه قبل أسبوع من طرف وزير الداخلية، وإحالته على المجلس التأديبي بخصوص ملفات فساد أخرى. في مقدمتها تهمة البناء العشوائي بالجماعة القروية الشلالات، التي سبق وتمت تبرئته منها قضائيا. مما يدعو إلى التساؤل حول من حقيقة ما يجري ويدور ..
وبرأت المحكمة الابتدائية بشكل يدعو إلى الجدل عون السلطة (الشيخ) الذي تسلم بدوره مبلغ 3000 درهم من يد المواطن الغنامي، بعد أن ادعى أنه تم الاعتداء عليه من ٍطرف أفراد من أسرة المواطن المشتكي. علما أن نفس منطوق الحكم يؤكد براءة أفراد أسرة المواطن من تهمة إهانة موظفين عموميين ومن تعنيفهم. مما يعني أن مبلغ 3000 درهم ليس تعويضا عن الضرر. وعلما أن (الشيخ) لا يحق له التنازل ولا القبول بأي تعويض عشوائي، عن أي اعتداء طاله أثناء مزاولته مهامه. لأن الأمر يتعلق بالاعتداء على رجل سلطة.
نفس المحكمة قضت بعدم مؤاخذة المشتكي ابن المواطن الغنامي، الذي تحول داخل رفوف المحكمة إلى متهم بالمشاركة في الإرشاء، وقبلها إلى متهم بإهانة موظفين والاعتداء عليهم، علما أن لا أحد من الموظفين تقدم بشكاية لدى وكيل الملك بخصوص هذه التهمة الأخيرة. وحكمت عليه المحكمة بأربعة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة ألف درهم. كما تمت مؤاخذة المتهم الوسيط مالك سيارة تعليم السياقة، من أجل المشاركة في الإرشاء وحكمت عليه بأربعة أشهر موقوفة التنفيذ وغرامة ألف درهم نافذة.