النيات السيئة والمبيتة تعكس الإرادة الخفية لفعل الشر، وتعتبر من أعظم المعاصي التي تردي صاحبها في السخط. وسوء النية يُظهر في القلب رغبة في تحقيق مكاسب دنيوية على حساب المبادئ، مما يؤدي إلى محق الخيرات وذهاب البركات ،كما أن النيات السيئة قد تجعل الشخص أبغض خلق الله، حيث يُعاقب على ما يضمره من سوء.
في الإسلام، يُعتبر الإخلاص في النية شرطًا لقبول الأعمال، لذا فإن النية السيئة تُعظم من خطايا صاحبها وتؤدي إلى نتائج وخيمة في الآخرة.
النيات المبيتة في المجتمع الحديث تشير إلى الإرادات الخفية التي يسعى الأفراد لتحقيقها، وغالبًا ما تكون نوايا غير صادقة أو مشبوهة.
هذه النيات قد تتجلى في مجالات متعددة مثل السياسة، حيث يسعى البعض لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة، أو في الأعمال التجارية حيث يتم استخدام أساليب غير أخلاقية لتحقيق الربح.
سوء النية يمكن أن يؤدي إلى تدمير الثقة بين الأفراد ويزيد من الفساد. كما أن النيات السيئة تُعتبر محركًا رئيسيًا للعديد من الأفعال السلبية، مما يتطلب وعيًا أكبر من المجتمع لإصلاح النوايا وتعزيز القيم الأخلاقية.
تحديد النيات المبيتة في العلاقات الاجتماعية يتطلب الوعي والانتباه إلى عدة عوامل:
التواصل الصريح حيث يجب على الأفراد التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم بوضوح لتجنب سوء الفهم وتحديد النوايا الحقيقية.
مراقبة السلوك بالانتباه إلى تصرفات الآخرين، مثل المجاملات المفرطة أو التلاعب العاطفي، يمكن أن يكشف عن نيات غير صادقة.
الحدود الشخصية بوضع حدود واضحة في العلاقات يساعد في تحديد ما إذا كانت النية سليمة أم لا، حيث أن العلاقات الصحية تعتمد على الاحترام المتبادل.
الشعور بالراحة عند تقييم مدى الارتياح الشخصي في العلاقة ويمكن أن يكون مؤشراً على وجود نيات مبيتة، فإذا كانت العلاقة تسبب الضيق أو التوتر، يجب إعادة النظر فيها.
ومن العوامل التي تساعد في فهم النوايا المبيتة وتجنب التأثيرات السلبية على المجتمع وخاصة في مجال الإعلام يجب الانتباه إلى عدة جوانب:
تحليل المحتوى: فحص الرسائل الإعلامية بعناية للكشف عن الأهداف الخفية، مثل الدعاية السياسية أو الاقتصادية.
مراقبة السلوك: متابعة تصرفات الإعلاميين والمصادر، مثل تكرار المعلومات المضللة أو التحيز الواضح.
التفاعل مع الجمهور: تحليل ردود فعل الجمهور على المحتوى الإعلامي، حيث يمكن أن تكشف التعليقات والمناقشات عن نوايا غير معلنة.
الشفافية والمصداقية: تقييم مدى شفافية المؤسسات الإعلامية في تقديم المعلومات، مما يساعد في كشف النوايا الحقيقية وراء الأخبار والتقارير.
ودائما في مجال الإعلام وخاصة منه الاجتماعي، تتعلق النيات المبيتة بالأهداف الخفية التي يسعى الأفراد أو المؤسسات لتحقيقها من خلال استخدام منصات التواصل ونسرد منها :
????????التلاعب بالمعلومات: نشر معلومات مضللة أو مشوهة لتحقيق أغراض سياسية أو اقتصادية، مما يؤثر على الرأي العام.
????????التحريض: استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للتحريض على العنف أو الفوضى، كما يحدث في بعض الحملات التي تستغل الأزمات الاجتماعية.
????????التسويق الخفي: استغلال الأحداث الجارية لجذب الانتباه وزيادة المتابعين، مما قد يؤدي إلى استغلال القضايا الإنسانية لأغراض تجارية.
وكل ما ذكر قد يؤثر على الأمن الاجتماعي بعدة طرق:
نشر المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة التي من الممكن أن تؤدي إلى زعزعة الثقة بين أفراد المجتمع، مما يزيد من الانقسامات ويؤدي إلى توترات اجتماعية.
التجنيد الافتراضي حيث تجد الجماعات المتطرفة وسائل التواصل الاجتماعي منبتا خصبا للتواصل والتجنيد، واستخدامها لجذب الأفراد، خاصة الشباب، إلى الجماعات المتطرفة من خلال محتوى عاطفي وجذاب مما يهدد الأمن الوطني والدولي ويزيد من احتمالات العنف .
ومنه إلى التحريض على العنف إذ أن النيات السيئة تؤدي إلى نشر ثقافات العنف والتحريض التي ينتج عنها تأثير سلبي على الانسجام الاجتماعي ويزيد من النزاعات الداخلية.
وظهرت كذلك الجرائم الإلكترونية التي تزايدت أشكالها مثل الابتزاز والتشهير، وهو ما يهدد سلامة الأفراد ويؤثر على الأمن الاجتماعي بشكل عام.
كما أن الصراعات المخابراتية للاستيلاء على المجموعات الافتراضية لأغراض التوجيه أو التجنيد أو بث التفريق باستعمال عدة استراتيجيات:
كالتجسس الرقمي باستخدام الأجهزة الاستخباراتية لتقنيات لجمع المعلومات حول الأفراد والجماعات المتطرفة، مما يساعد في تحديد الأهداف المحتملة للتجنيد.
والتلاعب بالمعلومات بنشر معلومات مضللة أو روايات مضادة لتفكيك الأفكار سواء المتطرفة منها أو غيرها .
والاختراق والتسلل إذ تسعى بعض الجهات،مثلا، إلى اختراق الجماعات المتطرفة عبر إنشاء حسابات وهمية للتواصل مع الأعضاء وكسب ثقتهم.
وكما تعتمد التنظيمات الإرهابية على هذه الوسائل للتجنيد والتواصل، توظف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وسائل التواصل الاجتماعي لمراقبتها واحتوائها والتخطيط لعمليات استباقية لنسف ما يخطط له من طرف تلك التنظيمات الإرهابية والاجرامية وهو ما يسمى بالأمن السيبيراني.وهذه الصراعات تعكس التحديات الأمنية المعقدة التي تواجه الدول في العصر الرقمي.
يمكن للتربية الإعلامية أن تقلل من انتشار الأفكار التطرفية عبر الإعلام الاجتماعي
ومن الاستراتيجيات التي قد تساهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وقدرة على مواجهة الأفكار المتطرفة نجد :
تعزيز التفكير النقدي: تطوير مهارات التفكير النقدي لدى الأفراد يساعدهم على تقييم المعلومات بدقة، مما يمكنهم من التمييز بين المحتوى الموثوق والمضلل.
توعية المستخدمين: تنفيذ برامج توعية لتعريف الأفراد بمخاطر المعلومات الزائفة وخطاب الكراهية، لتعزيز وعيهم حول كيفية التعامل مع المحتوى المتطرف.
تشجيع الحوار الثقافي: تقوية التواصل بين الثقافات المختلفة من خلال التربية الإعلامية، لتقليل التشدد الثقافي وزيادة التفاهم.
تنمية مهارات الاستخدام الآمن: تعليم الأفراد كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل آمن وفعّال، بما في ذلك حماية الخصوصية والتعامل مع المحتوى العنيف.
توفير محتوى بديل إيجابي: إنتاج وتوزيع محتوى يعزز القيم الإيجابية ويشجع على الحوار البناء، مما يقلل من تأثير الرسائل المتطرفة.
وبالرغم من تواجد عدة تحديات التي تواجهها التربية الإعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي كتسهيل تداول المعلومات غير الدقيقة، مما يصعب على الأفراد التحقق من صحتها زيادة على أن هناك نقص في الحملات التوعوية حول أهمية التربية الإعلامية، مما يؤدي إلى عدم اهتمام الأفراد بالموضوعات المتعلقة بها وتفضيل المنصات تقديم محتوى قصير وسريع يقلل من قدرة الأفراد على فهم وتحليل المعلومات بشكل عميق والاستخدام المفرط لهذه الوسائل الذي يؤدي إلى تشتيت الانتباه، وبالتالي يعيق التفاعل الفعّال مع محتويات التربية الإعلامية ،وتأثير التفاهة حيث تساهم الثقافة السطحية في تقويض الجهود التربوية وتعزيز استهلاك المحتويات غير المفيدة، مما يؤثر سلبًا على التفكير النقدي.
ويمكننا ،لتعزيز حملات التوعية التعريفية بالتربية الإعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، اتباع الاستراتيجيات التالية:
????????إنشاء محتوى جذاب: تطوير محتوى بصري ومرئي مثل الفيديوهات والرسوم المتحركة لجذب انتباه المستخدمين وتعزيز فهمهم لمفاهيم التربية الإعلامية.
????????التعاون مع المؤثرين: الاستفادة من تأثير الشخصيات العامة والمشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر رسائل التربية الإعلامية، مما يسهل الوصول إلى جمهور واسع.
????????تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية: تقديم ورش عمل عبر الإنترنت لتعليم المهارات الأساسية في التربية الإعلامية، مما يعزز الوعي ويشجع المشاركة الفعالة.
????????تفعيل الحملات التفاعلية: استخدام الاستطلاعات والمسابقات لتشجيع المستخدمين على التفاعل مع المحتوى التعليمي، مما يزيد من فرص التعلم والمشاركة.
????????توفير موارد تعليمية: إنشاء مكتبات رقمية تحتوي على مقالات، دراسات، وأدلة حول التربية الإعلامية، مما يسهل الوصول إلى المعلومات المفيدة.
إعداد حميد فوزي
مراجع:مقالات وتقارير اعلامية