حد المرض من تحركات الفنان المخضرم والمحبوب بوشعيب السفاج. وأرغمه على المكوث بالمنزل في انتظار الفرج الإلهي.. السفاج الرجل الطيب والوديع والبشوش يجد صعوبة في النوم والوقوف بسبب آلام حلت برجله اليمنى. يكافح من أجل إخفاء ألمه، والتحرك زاحفا فوق سريره لملاقاة كل من عرج إلى منزله بحي لابيطا بالمحمدية، لزيارته. حيث يقاوم من أجل الجلوس والترحاب بضيوفه وعناقهم. إنه الفنان والكوميدي والشيخ بوشعيب السفاج الذي شكل إلى جانب الفنان الموهوب والمحبوب محمد مهيول ثنائيا انعش الكوميديا المغربية لعدة عقود. في زمن كان العطاء الفني بسخاء، وكانت الموارد المالية هزيلة بالكاد تسد مصاريف أسرتيهما اليومية.. السفاح أبان على حبه الكبير لصديقه وشريكه الفني امهيول، الذي تحدث عن وضعيته الاجتماعية بمرارة. مشيرا إلى ما يعانيه من مرض وضيق مالي وأبناء صغار، رغم ما قدمه للكوميديا المغربية….
يكتري السفاج منزلا ضيقا بغرفتين صغيرتين وشبه مطبخ بحي لابيطا بمدينة المحمدية. عانى لأزيد من ثلاثين سنة، من أجل تربية وتعليم أبنائه الأربعة، وتطبيبهم وتغذيتهم بما تيسر من مداخيل هزيلة ناذرا ما يحصل عليها. السفاج البالغ من العمر 66 سنة، وبعد قضائه أزيد من أربعين سنة في المسرح والكوميديا والتمثيل، خرج خاوي الوفاض، مما جعله يستمر في عمله الذي لا يسمن ولا يغني عن جوع، وفرضت عليه الحياة الأسرية ألا يتمتع بالتقاعد المريح المفروض الذي يحصل عليه كل عامل أو موظف بعد تجاوزه سن الستين. قال السفاج إنه تأتي عليه أياما لا يجد مالا يصرفه على الأسرة، وإنه لولى ابنيه (كريم وعصام) وابنتيه (سلوى وأحلام)، الذين يدعمونه بين الفينة والأخرى، لوجد نفسه عاجزا على تدبير شؤون المنزل. علما أن وضعيتهم الاجتماعية جد متوسطة. وأضاف المتحدث أنه يقتات من الفن، ولا يمكن أن يدخر مالا، من أجل تدبير مشروع صغير يدعم به مصروف الأسرة. وأن بطاقة الفنان التي حصل عليها، لا تفيده في شيء. وتمتم في سخرية ممزوجة بالألم ( إلى المغرب راشقة ليه حنا كان نتحركوا وإلى غضبان ما كاين والوا)، في إشارة إلى أن عمل الفنان رهين بالوضع الاجتماعي والاقتصادي والأمني للبلاد. وأن أي سحابة غضب أو حزن أو ضيق تكسو فضاء البلاد، يكون الفنان أول المتأثرين بها ماديا. وتحدث عن جولته رفقة مجموعة من الفنانين بالأقاليم الجنوبية التي دامت شهر ونصف سنتي 1991 و1995، بدعم من وزارة الثقافة، تحت إشراف الأميرة لالة مريم. حيث نظموا حفلات بمخيمات الوحدة والسمارة و بوجدور والعيون الداخلة وكذا المناطق العسكرية. موضحا أنهم تقاضوا تعويضات عن تلك السهرات، لكن ما أحزنه، أن هناك من استفادوا من مأذونيات، ولا التفت إليه رغم فقره وحاجته الملحة إلى الدعم. إلى ذلك أعطى الكوميدي الفضالي مثلا مغربيا على وضعه الاجتماعي، حيث قال (لي جابتوا النملة ملي كاين الشمس كتصرفو في وقت الشتا). وأفاد بحسرة وألم أن أحد أبنائه الذي كان يعول عليه، وصرف عليه كثيرا من أجل دعم الأسرة، لم يوفق في الحفاظ على وظيفته كدركي، بعد أن أصيب بمرض عضال، أرغمه على التخلي عن وظيفته. وأنه سبق أن أتيحت له فرصة الفوز بمأذونية أو غيرها من الإكراميات التي حظي فنانون وفنانات كثر. حين التقى أميرات، والتقى وزير الداخلية حينها دارس البصري. لكنه التزم الصمت. وختم قوله مازحا (باقية لي غير 15 يوم ونموت، بغيت نموت بكرامة وطلبي أن أنتشل أسرتي من الفقر، وأحظى بسكن لائق.