وأنا في زحمة البحث عن حياة بديلة… حيث يمكن إيجاد سبل لكي يقضي الإنسان كل حوائجه (الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والصحية …). وجدت أن معظم حوائجنا مكتسبة، تختلف بين البشر وتزيد وتنقص من شخص لآخر… لكنني توقفت عند حوائج الناس البيولوجية، والتي تعتبر فطرية، وعفوية وهي مشتركة بين كل الناس. ولا يمكن لأي كان أن يستغني عنها. تلك الحوائج التي من المفروض أن توفر لها أماكن خاصة لقضائها داخل المنزل وخارجه. والتي تعتبر من الأولويات لدى البشر. إذ قد يضطر الإنسان إلى الاستصغار وتقبل الإهانة والظهور بمواقف مخجلة من أجل قضائها. لأنها وبطبيعة الحال.. قد لا تحتاج إلى التأخير في عدة فترات مباغتة وسط زحمة الشوارع والأسواق والمرافق العمومية والخاصة والحدائق والمنتزهات و… وقد لا تجد أمكنة خاصة بها… ترغم بيولوجيا على الانحطاط والتدني والظهور في مواقف مخجلة ومدلة ومقرفة … سبب كل هذا الكلام الذي يتحاشى الكثيرون الحديث عنه. هو أن اليوم الخميس 19 نونبر، يتزامن مع اليوم العالمي للمراحيض (بيوت الراحة)، التي تقضى داخلها حوائج الناس البيولوجية. تلك المراحيض الحاضرة داخل كل المنازل. نجدها غائبة داخل كل المدن المغربية…
بمدننا وقرانا، يمكن أن يقضي الناس حوائجهم البيولوجية فوق البقع الأرضية غير المبنية، أو الأمكنة المنعزلة أو المظلمة، ويمكن أن يختبئوا خلف الأسوار والجدران والأشجار، والسيارات والشاحنات والحافلات… لكن أن تبادر مجالس الجماعات المحلية، إلى إنجاز مراحيض عمومية، فهذا حلم لا يتحقق… علما أن مثل هذا المشروع، سيكون مدرا للدخل، ومساهما في الحفاظ على نظافة المدينة والقرية، وواقيا للسكان من الأمراض والأوبئة التي قد تصيبهم من جراء تلك التعفنات. ولولى سعة صدر بعض أصحاب المقاهي، لكانت مدينة الدار البيضاء، مرحاضا مفتوحان وكانت شوارعها وأزقتها مجار للصرف الصحي. فتلك المدينة الأولى ماليا واقتصاديا وسكانيا بالمغرب، لم يكلف مسؤولوها أنفسهم عناء بناء مراحيض. علما أنها تستقبل يوميا عشرات الآلاف من المواطنين والمواطنات غير القاطنين بها. والذين يعانون من الازدحام في السير وصعوبة الحصول على مواقف للسيارات. مما يجعل بعضهم يقضون حوائجهم في المناديل الورقية والقنينات البلاستيكية، ويتخلصون بها داخل المدينة.
فهل سيفرض على الناس، استعمال مراحيض خاصة متنقلة، أو أن الدولة ستبادر إلى الاتصال بشركات يابانية أو صينية، لكي يصنعون مراحيض فردية، أو علب للاستهلال اليومي..؟ .. إن مستوى التعفن الذي بلغه الضمير المنتخب، ومستوى التلوث الذي لطخ المدن والقرى، يفرض على الدولة أن تبرمج مشروعا كبيرا لإنجاز ملايين المراحيض، من أجل راحة الناس… ولما لا يتم بناء مرحاضا لكل مواطن … .