حيثما وليت وجهك بشوارع وأزقة مدينة ابن سليمان، حيثما ألقيت ببصرك داخل المدينة أو بمداخلها… بالمقاهي والملاعب الرياضية الناذرة ودار الشباب ودار الثقافة… تثير انتباهك فئات بشرية تشكل الاستثناء في كل شيء… في الجد والكد والمثابرة والتحدي والصمود والعطاء والسخاء…تشدك بقوة وتجذبك إلى حيث الطهارة والصفاء والالتزام المهني والأخلاقي والإجتماعي… بشر ليسوا كباقي البشر في حزمهم وعزمهم ومداعبتهم للحياة، وقبولهم بأدنى ما يسرت لهم…من عتاد وأعضاء وحواس.. وأدنى ما سخرت لهم من أموال وفضاءات… منهم الزاحف والأعرج والصم والبكم ومعاق اليدين.. فئة الشباب والشابات من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين أصبحوا رموزا ونجوما في الفن والثقافة والرياضة والعمل الجاد… كسروا حواجز الإعاقة، وتمكنوا بما لديهم من طاقات بشرية من التفوق والإبداع ومجابهة الحياة بحيوية ودينامية فاقت طاقات الأصحاء…تحول بعضهم إلى نجوم العالميين في عدة رياضات كالأبطال (جلال الصبري وعبد الله بيدق ومريم كيناوي )، وحصل بعضهم على مستويات عالية في الفن والإبداع في مقدمتهم (جعفر الشريبي)، ودوخت فئة الصم البكم، ساكنة المدينة، بقدراتهم الخلاقة على امتهان عدة مهن (حلاقة، مطالة، ميكانيك، نجارة، صباغة…)، بعضهم من أرباب الأسر، وتمكنهم من إيجاد طرق للتحاور والتواصل فيما بينهم، ومناقشة حتى القضايا الوطنية والدولية الكبرى باستعمال حركات اليد، رغم أنهم محرومين من حاستي السمع والكلام….
من بين هؤلاء الفتاة الصامدة والرياضية المكافحة مريم الكيناوي التي فازت بالرتبة الثالثة افريقيا وانتزعت بطاقة التأهل للمشاركة في المنافسة الدولية للألعاب البار أولمبية بمدينة ريو ديجنيرو البرازيلية.
مريم كيناوي ابنة الحي المحمدي سبق و حصدت العديد من الألقاب. تحدت الإعاقة، وحملت أكبر رسالة تحدي من طرف فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، فالفتاة التي بالكاد تغالب الزمن من أجل المشي لأمتار قليلة، بسبب الإعاقة الجسدية التي تعرضت إليها في رجليها، تمكنت من المثابرة في مجال التعليم والتكوين والرياضة. لترقى على مستوى تعليمي عالي وتكلل بحصولها على وظيفة بجدارة واستحقاق، بعد أن تمكنت من الحصول على شهادة الباكالوريا وديبلوم السكرتارية، والتوظيف داخل المحكمة الابتدائية بابن سليمان. كما توجت بطلة للمغرب لعدة سنوات في رياضة كرة الطاولة. تمتلك مريم عزيمة وإرادة قويتين، مكناها من تجاوز كل الصعاب والعوائق، وتحدي الإعاقة وتحقيق ما لم يحققه الأصحاء.