الرئيسية / كتاب البديل / تحت شعار : (أنا والسلطان) بديل بريس تنشر كتاب (أنا والسرطان) للصحفي محمد شروق الحلقة الرابعة : تأكد الأمر: سرطان غزوي يخترقني

تحت شعار : (أنا والسلطان) بديل بريس تنشر كتاب (أنا والسرطان) للصحفي محمد شروق الحلقة الرابعة : تأكد الأمر: سرطان غزوي يخترقني

تحت شعار : أنا والسلطان …. بديل بريس تنشر في حلقات كتاب (أنا والسرطان) الذي دون فيه الصحفي محمد شروق رحلته الشاقة والأليمة مع مرض السرطان… رحلة تحول فيها الداء إلى مريض يطلب الرحمة من روح رفضت الانصياع والموت. ومن جسد تحول إلى سجن لأخطر وأقوى أمراض العصر. بديل بريس التي واكبت حياة الكفاح والمقاومة التي عاشها خريج المعهد العالي للصحافة والموظف بقسم الاتصال بعمالة المحمدية. تؤكد على أن روح شروق أبانت على أن لكل إنسان روحا قادرة على أن تكون سلطان جسدها. وبإمكانها أن تطرد الّأمراض والأوبئة بعلاج الصمود والتحدي. وأن بالعزيمة لاشيء مستحيل، لأن الخالق أوصى بأن لكل داء دواء. ولأن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء. فإن روح شروق استحقت أن تكون سلطان بدون تاج لكل مريض. وإن كتاب حياة وكفاح شروق استحق أن يحمل لقب القائد والقدوة لكل المرضى… فقد أشرقت شمس جديدة بنشر كتاب (أنا والسرطان). كتاب (أنا والسرطان) قام بتقديمه هذا البروفيسور عبد اللطيف ابن إيدار وأستاذ بكلية الطب والصيدلة عن جامعة الحسن الثاني – الدار البيضاء ومدير مركز محمد السادس لعلاج السرطان وعضو اللجنة العلمية لمؤسسة للاسلمى للوقاية وعلاج السرطان. وأهداه مؤلفه محمد شروق إلى روح والده الذي ودعه ذات صباح حزين في 07 يوليوز 1991، وإلى أمه الغالية متعها الله بالصحة، وإلى رفيقة دربه زوجته التي تعيش معه رحلة المرض بصبر و عطاء، وإلى أبنائه وإخوته وأصهاره وجميع أفراد عائلته، وإلى جميع الصديقات والأصدقاء الدين اقتسموا معه آلامه وآماله، وإلى جميع المرضى بداء السرطان..شافاهم الله

تأكد الأمر: سرطان غزوي يخترقني

سألتها متلهفا: هل فتحت الظرف؟ هل قالوا لك شيئا في المختبر؟ قالت لي: لا. كنت أنتظر منها جوابا آخر بدل أن أعيش ساعات إضافية من انتظار قاتل. كنت أنتظر أن تزف لي خبرا مفرحا وأنا أتمعن في قسمات وجهها.. أحيانا يمكن أن تكون حروف الوجه أكثر تعبيرا وبلاغة من الكلام.. لكن قسمات وجهها كانت جامدة. انتزعت منها الظرف، فتحته بأصابع مرتعشة ومستعجلة، وشرعت في قراءته بسرعة.. تطارد عيناي السطور الهاربة. تجربتي القصيرة مع المرض أسعفتني في إدراك معاني بعض المفاهيم والمصطلحات الطبية. قرأت وأعدت القراءة بضعة. زوجتي هي الأخرى تنتظر على أحر من الجمر سماع نتيجة حاسمة وهي تمني نفسها بأن تطلق زغرودة الحياة. اكفهر وجهي، بلعت ريقي، كانت لغة عيني ناطقة فصيحة. كل شيء واضح في الورقة التي تؤكد وجود الورم وعلى النوع الغزوي الذي يهجم وينتشرinvasif  maligne. دقت ساعة الحقيقة التي كنت أحاول تأجيلها.. أنا مريض بالسرطان أيها العالَم. كان علي في تلك اللحظة أن أختار بين إعلان الحرب أو رفع راية الاستسلام، فاخترت بدون تفكير أن أدق طبول الحرب.

شرحت لها ما قرأت وبأن الداء موجود. كان عمر ببراءته يأكل الحلوى ويلهو بجانب السيارة دون أن يعلم بأي شيء. ارتبكت للحظات وعجزت عن التفكير. انتهت مرحلة الشك وظهر اليقين. هاتفت صديقي الدكتور عثمان بعيد. قرأت عليه نص التقرير فأكد لي صحة ما استنتجته من التحاليل وقال لي: أنا أنتظرك بالمستشفى.

أول ما رآني قال لي الآن عليك أن تعود إلى الطبيب المختص في الأنكولوجيا. حملت ملفي الذي كان بالمستشفى وعدت إلى البيت. وللقارئ أن يتخيل وقع خبر مثل هذا يرهن حياتك لشهور أو سنوات أو لمدة لا يعلمها إلا الله في يوم رمضاني حار.. كان هذا أصعب يوم في حياتي.

اتفقت مع زوجتي على إبقاء أمر إصابتي بالداء في الكتمان على أساس إخبار الجميع بالتدريج. فليست هناك مصلحة في صدمة الأقرباء الأحباء. فأكيد سيصل اليوم الذي سيعرف فيه الجميع الحقيقة.

كنت أخاف على مشاعر الآخرين أكثر من خوفي على نفسي. أنا تقبلت أمر الله وقدره وكنت أشعر بالقدرة على تحمل المرض. كنت أفكر خاصة في أمي التي لن تتقبل هذا الابتلاء وفي الأخت الوحيدة المصابة بداء السكري. حاولت تأجيل مصارحتهما بالحقيقة أطول فترة ممكنة. فعلمهما بالخبر لن ينفعني بشيء وسيشكل لي مشكلا كبيرا.

فكرت في الموت وأنا دائما على يقين أن الذي يموت لا يتألم. فكل أحاسيسه تتوقف مع توقف نبضه ولكن الألم والحرقة والعذاب يبقى للآخرين الأحياء.

أنا لم أكن أتمنى الموت ولكن إذا جاءت سأرحب به وأشرب معه فنجان قهوة، ثم نغادر سويا، فالموت عنيد وسارق ولا يزورك إلا ليسلب منك أعز ما تملك.. الحياة. لم أكن أتمنى الموت من أجل أبنائي الثلاثة. لم أحقق لهم شيئا بعد، وهم في حاجة لي أكثر مما أنا في حاجة إليهم. كنت أتمنى أن أرى شيماء في يوم ما وهي تفتتح عيادتها كطبيبة جراحة للأسنان. كنت أمني النفس برؤية علي الذي يحمل اسم والدي وهو يعتلي مركزا اجتماعيا ومهنيا أفضل مني. آخر العنقود عمر الذي مازال في القسم الأول من الابتدائي وهو شبهي تماما، كنت أدقق فيه النظر فأستلهم منه القوة والصبر والأمل. شيماء وعلي وعمر… بكم سأحارب هذا الداء الذي غزاني وسأطرده.. من أجلكم ومن أجل أحبة آخرين سأصارع من أجل البقاء.

قابلت بالمستشفى الطبيب أورمشي الذي أجرى لي العملية الجراحية لأسلمه نسخة من نتيجة تحليل العينة. قال لي هذه هي الورقة التي كانت تنقص الملف. نصحني بالعودة إلى   البروفيسور بني إيدر الذي ذهبت إليه في اليوم الموالي حاملا رسالة التأكيد.

وجدت قاعة الانتظار كما تركتها مملوءة بالمرضى أغلبهم نساء تتجاوز أعمارهم الخمسين سنة.

جاء دوري لأقابل الطبيب الذي كان قد توصل عن طريق الكاتبة بنتيجة التحليل. ربما توقع سؤالي عما وقع في الزيارة الأولى وعدم اقتناعه بوجود المرض. لم ينتظر وقال هذه المرة إن التحليل أكد وجود الداء وشرع في شرح ما يسمونه بروتوكول العلاج، أي تلقين فن التعايش مع قاتلك. قال: ستخضع لثلاث حصص من العلاج الكيماوي “الشيميو” وكل حصة تشمل ثلاثة أيام متتالية وهناك فترة راحة مدتها 21 يوم بين كل حصة وحصة. وستخضع أيضا لحصص يومية باستثناء يومي السبت والأحد للأشعة ومدتها شهران. نصحني أيضا بزيارة طبيب أسنان من أجل اتخاذ بعض الاحتياطات والإجراءات التي سأتعرف عليها في ما بعد. الطبيب أضاف أن كمية الدواء تزداد كلما ازداد الوزن. وقد كنت معنيا بهذا لأنني سأبدأ العلاج ووزني 110 كلغ.

 

أهم ما طلبه الطبيب هو استكمال ملف طبي قبل بداية العلاج، ويتضمن الملف تحاليل دموية وأشعة للصدر والإيكوغرافي وصورا للجسم كله تبين هل وصل المرض إلى العظام وهو ما يعرف بـ”سانتيغرافي”. سألني أيضا عن التغطية الصحية، فتكاليف العلاج باهظة.

بعد أسبوع، عدت إلى الطبيب حاملا ملفا متكاملا والحمد لله كانت جميع التحاليل والكشوفات مطمئنة خاصة عدم وصول الداء إلى العظام. وهنا لن أتكلم عن مصاريف الملف المتراكمة.

سلمت الملف للطبيب وطلبت منه إن كان بالإمكان تأجيل بداية العلاج إلى ما بعد يوم عيد الفطر الذي كان على بعد أيام قليلة. لم يعترض واسترسل في الشرح، الحصة الأولى من الشيميو حدد لها أيام 06،07 و08 غشت 2014. والحصة الثانية أيام 27،28 و29 من الشهر نفسه. وسيتحدد موعد الحصة الثالثة في ما بعد. نصحني أيضا بأكل أي شيء في النصف الأول من الراحة بين الحصتين وبأكل ما هو مطبوخ فقط في النصف الثاني نظرا للنقص الكبير في المناعة الذي سيسببه العلاج الكيماوي.

سألته: هل هناك نظام للأكل

 أجاب بدبلوماسية: لا.. كل ما طاب لك

 وهو يدرك تماما أن الشهية ستنعدم خلال الأيام التي تلي العلاج الكيماوي. في خضم الأيام الصعبة ووسط التعب وانعدام شهية الأكل، كنت أتذكر كلامه وأبتسم.

في محاولة للاطمئنان. قلت للطبيب: سأطرح عليك سؤالا محددا.. هل الداء في مراحله الأولى؟

قال بابتسامة رضا: نعم.

ابتسمت بدوري وأنا أتنفس الصعداء: الحمد لله..

ودعته على أمل اللقاء به مباشرة بعد العيد.

خرجت من مكتب الطبيب واعدا نفسي بأن أعيش بقية أيام شهر رمضان بشكل عادي جدا. فلم تكن تبدو علي أي علامة للمرض. حرصت على الذهاب إلى العمل والكتابة الصحافية والجلوس مع الأصدقاء في المقهى وزيارة العائلة والذهاب إلى المسجد وممارسة الرياضة في الغابة والبحر ومشاهدة التلفزيون وقراءة الصحف.. ممارسة حياة عادية جدا بمعنويات مرتفعة في انتظار ما سيأتي.

 

 

 

 

 

غرفة بدون رقم

عالم الطب يتطور كل يوم وبفضل نساء ورجال يكدون ويجتهدون في الدراسة والبحث وأخص بالضبط خلية محاربة داء السرطان، يحرمون أنفسهم من الكثير من متع الحياة من أجل أن يخففوا عنا الألم وأن يسهلوا أمر علاجنا.

في هذا السياق، تم منذ أزيد من 15 سنة اختراع أسلوب جديد في تمرير الدواء إلى الجسم وهو عبارة عن “غرفة” أو “صدفة” توضع عبر عملية بسيطة في أعلى الصدر. وتستعمل خاصة في العلاج الكيميائي.

في الماضي كان يمرر الدواء عبر الوريد، لكن كثرة الاستعمال تضعفه، ينتفخ ويمرض ويطرح حينها مشكلا خطيرا على اليد كلها وأيضا على تمرير الدواء إلى الجسم.

وتظل هذه الغرفة داخل الجسم طيلة فترة العلاج وبعدها حتى يتأكد الطبيب من الشفاء التام حينذاك يمكن نزعها. وتعطى للمريض شهادة يدلي بها في أماكن التفتيش، وخاصة في المطارات لأنها تثير إشارة ومنبها في ممرات المراقبة.

قبل موعد الحصة الأولى للشيميو “العلاج الكيميائي” يوم الأربعاء 06 غشت 2014، كان علي أن أجري عملية تركيب الغرفة يومين قبل هذا الموعد. لكن حصل ما لم يكن في الحسبان. لقد كنت طيلة فترة تشخيص المرض بصحة جيدة وكنت أستعد للشروع في العلاج بنفس الوضع الجيد. في يوم الأحد، أي ثلاثة أيام قبل البداية في العلاج، شعرت بصداع في الرأس سرعان ما تبعه ارتعاش وحرارة في الجسم وحمى. تبرد لم أشعر به طيلة حياتي.. استيقظت في الليل وجسمي يرقص من شدة البرد ضاعفت الغطاء لكن بدون جدوى.

في هذه الحالة، كان علي أن أذهب إلى المصحة لتركيب الغرفة وكنت مصرا رغم كل شيء على عدم التأجيل لأنه سيضطر الطبيب إلى تأجيل مواعيد حصص الشيميو.

مباشرة بعد الخروج من المنزل، وكنت حينها في فيلا أصهاري بواد مرزك بدار بوعزة نواحي مدينة الدار البيضاء حيث قضيت هناك ما يزيد عن 40 يوما وسأعود إلى هذا الموضوع. بعد خروجي من المنزل أصابني الغثيان فقلت في نفسي: سمعت أن الغثيان يكون بسبب الشيميو وأنا بدأت بالتقيؤ قبل ذلك.

المهم قاومت ولم أتراجع وتوجهت رفقة زوجتي إلى المصحة رغم الصداع والحمى والرعشة التي انتابت جسدي. وصلنا إلى المصحة لم ننتظر كثيرا، استقبلتني إحدى الممرضات ووجهتني إلى إحدى الغرف استعدادا للعملية. جاء دوري كان الطبيب شابا بشوشا لطيفا شرع مع بداية العملية التي لم تستغرق أزيد من 15 دقيقة في طرح بعض الأسئلة بلغة فرنسية رصينة عن نوعية عملي وعن مقر سكني بهدف تحويل الانتباه وعدم التركيز على العملية، محاولة لخلق جو مريح بواسطة نقاش من لا شيء وحتى ينسى المريض سبب وجوده بين يدي طبيب جراح تماما كما وقع خلال العملية الأولى.

وبما أنني أشتعل في مجال التواصل والصحافة، فإن الأمر يبدو لي عاديا وممتعا ومشجعا للآخر للدخول في نقاشات متنوعة. وجدت أن الطبيب ابن حي سباتة، ولما عرف أنني ابن حي البرنوصي قال لي إذن نحن جيران. ولكم أسعد عندما أجد ابن حي شعبي في مركز مهني واجتماعي ممتاز مثل هذا الطبيب الشاب.

مرت العملية بسرعة وكان علي أن أغير الضمادة كل يومين، علما بأنني ما زلت أحمل ضمادة أخرى نتيجة العملية الأولى. وهكذا صرت أعالج موضعين للجرح بجسدي إضافة إلى الأدوية التي اشتريتها من أجل مداواة حالة الحمى.. كميات من الدواء ووقاية من الماء الذي يجب ألا يصل إلى مكان العمليتين. في تلك الفترة الصعبة، غاب النوم عن جفوني بسبب الصداع القوي في الرأس وحالة التبرد القصوى. كنت أقول في نفسي يا ربي كنت في أحسن حال وفي الفترة التي يجب أن أكون في كامل قواي قبل اقتحام عالم العلاج الكيميائي ها أنذا أصاب بكل هذا، لا نوم ولا راحة ولا أكل..

كنت أعالج الجرحين في البيت وأذهب إلى المستشفى العمومي لتغيير الضمادة في انتظار بداية الشيميو.

 

 

الرئيسية / كتاب البديل / تحت شعار : (أنا والسلطان) بديل بريس تنشر كتاب (أنا والسرطان) للصحفي محمد شروق الحلقة الثالثة : ثلاثة أيام في جلباب مريض بالسرطان والموت.. لا يعني إلا الآخرين

تحت شعار : (أنا والسلطان) بديل بريس تنشر كتاب (أنا والسرطان) للصحفي محمد شروق الحلقة الثالثة : ثلاثة أيام في جلباب مريض بالسرطان والموت.. لا يعني إلا الآخرين

تحت شعار : أنا والسلطان …. بديل بريس تنشر في حلقات كتاب (أنا والسرطان) الذي دون فيه الصحفي محمد شروق رحلته الشاقة والأليمة مع مرض السرطان… رحلة تحول فيها الداء إلى مريض يطلب الرحمة من روح رفضت الانصياع والموت. ومن جسد تحول إلى سجن لأخطر وأقوى أمراض العصر. بديل بريس التي واكبت حياة الكفاح والمقاومة التي عاشها خريج المعهد العالي للصحافة والموظف بقسم الاتصال بعمالة المحمدية. تؤكد على أن روح شروق أبانت على أن لكل إنسان روحا قادرة على أن تكون سلطان جسدها. وبإمكانها أن تطرد الّأمراض والأوبئة بعلاج الصمود والتحدي. وأن بالعزيمة لاشيء مستحيل، لأن الخالق أوصى بأن لكل داء دواء. ولأن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء. فإن روح شروق استحقت أن تكون سلطان بدون تاج لكل مريض. وإن كتاب حياة وكفاح شروق استحق أن يحمل لقب القائد والقدوة لكل المرضى… فقد أشرقت شمس جديدة بنشر كتاب (أنا والسرطان).  كتاب (أنا والسرطان) قام بتقديمه هذا البروفيسور عبد اللطيف ابن إيدار وأستاذ بكلية الطب والصيدلة عن جامعة الحسن الثاني – الدار البيضاء ومدير مركز محمد السادس لعلاج السرطان وعضو اللجنة العلمية لمؤسسة للاسلمى للوقاية وعلاج السرطان. وأهداه مؤلفه محمد شروق إلى روح والده الذي ودعه ذات صباح حزين في 07 يوليوز 1991، وإلى أمه الغالية متعها الله بالصحة، وإلى رفيقة دربه زوجته التي تعيش معه رحلة المرض بصبر و عطاء، وإلى أبنائه وإخوته وأصهاره وجميع أفراد عائلته، وإلى جميع الصديقات والأصدقاء الدين اقتسموا معه آلامه وآماله، وإلى جميع المرضى بداء السرطان..شافاهم الله

 

 

 

 

 

 

 

 

ثلاثة أيام في جلباب مريض بالسرطان

… في صباح الغد، اتصلت بي كاتبة الدكتور ابراهيم الوافي لتحدد لي موعدا في اليوم الموالي مع الطبيب المختص في الأنكولوجيا البروفيسور عبد اللطيف ابن إيدار.

ذهبت رفقة زوجتي إلى المصحة بالدار البيضاء في الموعد المحدد. لما وصلنا قاعة الاستقبال، تقدمت إلى الكاتبة بالرسالة التي مدني بها الطبيب الوافي. قالت لي أعطني بطاقة تعريف "المدام"، وكانت قد لاحظت وجه زوجتي الشاحب التي تأثرت أكثر مني بعد سماعها خبر الإصابة بالداء. ودعت النوم والأكل وكنت تبكي خلسة عني. في حين كانت السكرتيرة ترى في شخصا في كامل قواه البدنية. وضعت يدي في جيبي ووضعت أمامها بطاقتي وقلت لها مبتسما: أنا المريض.

فتحت لي ملفا التفت إلى قاعة الانتظار فوجدتها مليئة كالعادة، حيث لا يوجد ولو مقعد واحد شاغرا. نساء ورجال أغلبهم يبدون منهوكي القوى. الملاحظة الأولى هي أن جل الناس يحملون قنينات الماء المعدني والتي سأعرف في ما بعد ضرورتها. أخيرا حصلت على مقعد. أخذت مكاني فيه رفعت عيني فوجدت في المقعد المقابل مباشرة سيدة في الخمسينيات من عمرها. يبدو أنها كانت بيضاء البشرة لكن وجهها الآن مكسو بالسواد. وكنت أسمع أن العلاج الاشعاعي "الراديوتيرابي" أو ما يعرف بـ "البولة" من الضوء هو الذي يفعل هذا.

فجأة وقف رجل أمن خاص مرفوقا بممرضة وطلبا من المصاحبين للمرضى أن يغادروا القاعة حتى يتمكن المرضى من الجلوس. كما أن هناك مرضى آخرين ينتظرون في الطابق الأرضي. هنا بدأت أشعر بالضعف، فأنا غير معني بهذا الطلب-الأمر، لأنني بدوري مريض والمقعد من حقي. هنا تغيب الأسماء: لا محمد ولا مصطفى ولا فاطمة ولا خديجة.. الجميع يحمل اسما وحيدا: "مريض".

بقينا في قاعة الانتظار حوالي ثلاث ساعات كنت خلالها أقرأ كتابا عن الصحابي العادل عمر بن الخطاب حملته معي من البيت وأنا معجب بشخصيته منذ أن قرأت كتاب "شخصية عمر" للكاتب مصطفى العقاد عندما كنت في مستوى الباكالوريا. كنت من حين لآخر أتصفح موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" أو مواقع الأخبار. حاولت أن أسلي نفسي بالقراءة، لكنني دخلت مرغما في متاهة من التفكير كنت أترك كل شيء وأسبح بذاكرتي لأمر على صفحات حياتي فتختلط الذكريات بالأحلام.. كنت أفكر في الموت وفي أولادي الذين مازالوا في حاجة لي. لم أحقق أحلامي معهم.. كنت أفكر في وقع الصدمة على أقرب أقربائي.. كنت أفكر في طريقة إخبارهم بمرضي.. كنت أجهد نفسي في التفكير في الآخر أكثر من التفكير في نفسي.

كنت أرفع أحيانا عيني في الجالسين بقاعة الانتظار. أغلبهم يتأبط ملفات ثقيلة. كنت أرى فيهم مستقبلي القريب. لكن الملاحظة التي أثارت فضولي هي أن الجميع يقرأ القرآن. وهو أمر طبيعي أن مرضا مثل السرطان يشعر الإنسان بالضعف ويقربه من الله.

هناك في قاعة الانتظار كنت أقول لزوجتي، وأنا أشير لمكتب الطبيب، إن دخولنا إلى هناك سيحدد الكثير من الأمور في المستقبل ولكنني مازلت متشبثا بخيط صغير من الأمل.

مر الوقت ثقيلا، فجأة شعرت بالارتجاف وأنا أسمع الكاتبة تنادي اسمي. استقبلنا الطبيب في باب مكتبه وهو من الأطباء المعروفين بالمغرب. إنه البروفيسور عبد اللطيف بني إيدر، عضو اللجنة العلمية لجمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان ومدير مركز محمد السادس لعلاج السرطان وأيضا رئيس مصلحة السرطان بمستشفى ابن رشد.

وحتى أطرد الكلفة بيني وبينه من البداية سلمت عليه وقلت له لا نراك إلا في التلفزيون. ابتسم ابتسامة خفيفة ودعاني للجلوس.

وضع ملفي الطبي فوق مكتبه.. إيكوغرافي، سكانير، تحاليل دموية، ونتائج اختبار العينة التي تؤكد وجود مرض السرطان.. بدأ يضع أسئلة محددة، لا أعرف لماذا تخيلته في تلك اللحظة في صورة "المحقق": هل تصاب بالرعاف "سيلان الدم من الأنف"؟ هل تشعر بالحمى؟ هل تدخن؟ أين تسكن وأين كنت من قبل؟ هل هذا السكانير جديد؟… كنت أجيب بالضبط عن جميع الأسئلة بل وكنت أضيف بعض الأمور المفيدة له من أجل مساعدته على التشخيص. حاولت أن ألخص له الأمر فقلت له: أنا لا أشكو من أي مرض وأتمتع بصحة جيدة وقد لعبت قبل ثلاثة أيام مباراة في كرة القدم مدتها ساعة ونصف.

عاد إلى الملف الطبي لدراسته من جديد. لاحظت أنه بعث رسالة نصية عبر هاتفه. بعد لحظات تلقى مكالمة هاتفيه أدركت أنها من طرف الدكتور الوافي الذي أرسلني إلى هنا.

كان البروفيسور بني إيدر يقول كلاما بالفرنسية معناه إنه غير مقتنع بنتيجة التحاليل التي تشير إلى وجود مرض السرطان. وفهمت من الأسئلة التي كان يطرح علي أنه توصل إلى خلاصة غير مؤكدة.

مباشرة بعد نهاية المكالمة، سارعت إلى القول بأسلوب لبق وساخر: إذا لم يخنني ما تعلمته من حروف فرنسية فإنه لا وجود للمرض.

أجابني: ممكن ولكن عليك ان تعيد لي تحليل عينة "بيوبسي"، وهذه المرة من قلب الانتفاخ "الولسيسة".

مدني برسالة وقال لي عد إلى الطبيب الذي بعثك إلي. كدت أنا وزوجتي نطير من الفرح وذكرتها بخيط الأمل الذي كنت أتشبث قبل الدخول إلى مكتب الطبيب.

 

الموت.. لا يعني إلا الآخرين !!

الموت حاضر في كلامنا وفي خطاباتنا، في ماضينا وفي حاضرنا من خلال الأحباب الذين ودعناهم.. من خلال أخبار الموت والدمار التي نتابع يوميا.. من خلال ضحايا الحروب وحوادث السير والعنف والإجرام. ومن خلال التعازي التي نقرأ يوميا في الصحف وفي شبكات التواصل الاجتماعي ونردد بشكل ميكانيكي آلي "كل نفس ذائقة الموت" ولكن..

ولكن رغم حضور الموت في ثرثرتنا اليومية، كنت دائما ومازلت مقتنعا بفكرة وهي أن الإنسان عندما يتحدث عن الموت فهناك إحساس داخلي بأنه غير معني بالأمر: الموت يهم الآخرين فقط. ربما حب البقاء والتشبث بالحياة هما السبب. فحتى عندما يداهمنا الموت ويخطف منا أعز الأحباب وأقرب الأقرباء فإننا نشم رائحته ونشعر بقربه منا، لكن سرعان ما يتلاشى هذا التخوف فنعود لقناعتنا السابقة بأن الموت لا يهم إلا الآخرين.

حتى حين تصاب بمرض لعين كالسرطان، يتعامل معك الآخرون كمشروع "جثة"، ويكتبون شهادة وفاتك قبل "عزرائيل".. يذكرونك بالموت الذي تحاول أن تطرده من رأسك.. لا يزرعون فيك الأمل… أنا في نظرهم رجل في انتظار الإعدام، بل أنا "مومياء" ناطقة.

فخلال مسيرتي العلاجية، كل المرضى الذين صادفتهم وتحدثت معهم حول المرض، كانوا يقولون لي بصيغة التأكيد والاقتناع إنهم اكتشفوا الداء في البداية، ولم ألتق قط مريضا صرح لي بأن المرض انتشر في جسمه لأن هذا التصريح يعني اقتناعه بفوات الأوان، أي الموت بعينه.

سألني مرة صديق عزيز وقد أكملت بروتوكول العلاج:

هل فكرت يوما في الموت بعد اكتشاف المرض؟

نعم فكرت فيه.

ومن خطر على بالك مباشرة؟

أولادي وكيف سيعيشون اليتم وهم مازالوا صغارا؟ كيف سيكملون تعليمهم؟ عموما كيف سيعيشون من بعدي؟ وهذا الإحساس هو الذي ولد في روحا كبيرة وقوية لمقاومة المرض والانتصار عليه. السرطان عادة لا يهزم "المحاربين" و"المقاتلين"، وأنا قررت أن ألبس بزّة محارب كي لا أترك أي فرصة للسرطان ليُغرز نصله القاتل في قلبي.

 

أول الدموع في حضن الوالدة

عشت ثلاث ساعات بقاعة الانتظار وقبلها يومين في جلباب مريض بالسرطان، وها أنا خارج المصحة محملا بأمل جديد. كان اليوم يوم جمعة وكان شهر رمضان قد دشن أيامه الأولى. عدت مباشرة إلى بيتي بالمحمدية، كانت الوالدة هناك رفقة أخي نور الدين الذي يقطن بجانبي. وجدت أسرتي وأسرة أخي مجتمعتين في انتظار آذان المغرب. بشرت الجميع بالخبر الجديد السعيد، عانقت أمي وانخرطت في نوبة من البكاء وتحولت الجلسة إلى جلسة دموع.. دموع أمل وفرح. اتصلت أيضا بأصهاري وبعض الأصدقاء المقربين الذين كانوا يتتبعون الوضع لحظة بلحظة.

في الصباح ذهبت باكرا إلى المقهى، التقيت بعض الأصدقاء الذين فرحوا للخبر. لكن للأسف سيظهر في ما بعد أنه فرح خادع وكاذب ومؤقت.

في يوم الاثنين، عدت إلى الطبيب المختص في أمراض الأنف والحنجرة الذي كان قد أخبرني بأنني لن أصوم شهر رمضان وها أنا أصومه. لما أدخلت الكاتبة رسالتي إليه فهمت أنه يتهرب من رؤيتي. قالت لي الكاتبة: عليك أن تقوم بأخذ موعد لإجراء عملية استئصال عينة لتحليلها. ألححت على رؤية الطبيب الذي استجاب في نهاية الأمر. وما إن رآني حتى رفع يديه كأنه يريد إجراء مباراة في الملاكمة. هو كان يظن أنني سألومه على شيء ما لأنه لم يكن ينتظر مثلي عدم اقتناع البروفيسور بني إيدر. ابتسمت حتى يطمئن لي. أسرع بالقول إنه اعتمد على نتيجة تحليل العينة. وأضاف أنه أكد لي في السابق أن المرض في بدايته. وختم:

سي شروق بصراحة حالتك حيرتني، لأن المصابين أمثالك بهذا النوع السرطاني يأتون والدماء تسيل من الأنف والصداع في الرأس ومشاكل أخرى أما أنت والحمد لله في صحة جيدة.

إذا كنت قد حرت وأنت أستاذ فماذا سأقول أنا؟ المهم ما العمل الآن؟

أجابني بحزم:

عليك أن تعيد تحليل عينة من وسط الانتفاخ كما أمر البروفيسور بني إيدر. ولك أن تختار المكان الذي تجري فيه هذه العملية. عندي في المصحة أو عند طبيب آخر.

ودعته بعد أن وعدته بأن أرد عليه في أقرب وقت من أجل اتخاذ القرار المناسب.

في مساء اليوم نفسه، ذهبت رفقة صديقي جلال كندالي، الصحافي بجريدة الاتحاد الاشتراكي إلى نادي التنس بالمحمدية لمتابعة مباراة من مباريات كأس العالم. أول ما دخلت، لمحت الصديق الدكتور عثمان بعيدا جالسا لوحده. كان يشتعل آنذاك مديرا لمستشفى محمد الخامس بالحي المحمدي. وللإشارة فهو الأخ الأصغر لصديق عزيز علي هو بوبكر بعيد زميلي في الدراسة بالمعهد العالي للصحافة ما بين 1982 و1986. لم نكن نفترق بل كنا نتبادل الزيارات إلى حد أن جميع أفراد أسرته أصبحوا أصدقاء لي. وقد تجدد اللقاء مع الدكتور عثمان عندما عين مديرا لمستشفى مولاي عبد الله بالمحمدية.

أول ما دخلت النادي أشار إلي الدكتور عثمان للجلوس بجانبه. بدأ يسألني عن وضعي الصحي، حكيت له كل شيء إلى أن وصلت إلى مرحلة إجراء عملية أخد العينة وتحليلها. قال لي: لماذا لا تأتي عندي إلى المستشفى وهناك عندنا أطباء يقومون بكل شيء. اتفقت معه على الحضور صباح الغد. وجدته صباحا يتجول على المصالح، يلتقي بالمواطنين فهو بكل موضوعية نموذج للمسؤول ذي الضمير الحي الساهر على أداء أمانته بكل جدية. انتظرت حتى حضر الطبيب أورمشي المختص في السرطان. فتح الرسالة. فحصني مركزا على موضع الانتفاخ وحدد لي موعدا لإجراء العملية على بعد أيام قليلة. ولكن قبل ذلك، كان علي أن اقوم ببعض التحاليل الدموية وهو ما قمت به صباح الغد.

ذهبت رفقة الزوجة في موعد العملية ودائما في شهر رمضان. استقبلتني ممرضة يبدو أنها مشرفة على التقاعد. فتحت لي ملفا وقادتني إلى سرير بقاعة مجاورة. جاءت ممرضة أخرى لتأمرني بخلع ملابسي وارتداء لباس العملية الجراحية التي سأجريها لأول مرة في حياتي. لم أحمل معي من البيت لا غطاء ولا وسادة. أخبروني بأنه ربما أقضي الليلة هنا بالمستشفى. أسرعت زوجتي لاقتناء ما يلزم من السوق المجاور. لكن السوق كان مغلقا لأنه صادف يوم جمعة وهو يوم عطلة. اتصلت بأخي نورالدين الذي كان في الطريق إلى المستشفى وطلبت منه أن يشتري لي وسادتين وغطاء وهو ما فعل.

يقتسم معي الغرفة نفسها شابان. الأول يرقد هنا منذ ستة أشهر. أسرته تقطن بالقرب من المستشفى وعليه إجراء عملية جراحية. لكن كلما اقترب موعدها، يتعرض لتعقيدات صحية من قبيل ارتفاع في الضغط الدموي أو في السكر أو أي شيء آخر.

الشاب الثاني كان يشكو من "ولسيسة" صغيرة في الرأس كان يتلمسها حتى انتفخت وبدأت تسيل بالدماء. هو الآخر سيجري عملية من أجل تحليل عينة منها. جاء رفقة صديق له دون أن يخبر أي فرد من أفراد أسرته.

جاء دوري للنزول إلى قاعة العمليات. حضرت الممرضة.. دفعت السرير الذي كنت ممددا فوقه.. كنت رابط الجأش وآخذ الأمر ببساطة. فقد سلمت أمري لله من البداية. ولست أدري لماذا تذكرت في تلك اللحظة الخراف التي تقاد يوم العيد إلى المذبح؟

هذه أول مرة أخضع لعملية جراحية.. هذه أول مرة سيقتحم مشرط الجراحة جزءا جسمي.

يا أيها الجسد كم ينتظرك من الألم فهذه ليست سوى البداية والفصل الأول من العذاب.

تم نقلي فوق السرير"البياس" إلى قاعة العمليات التي كنت أشاهدها في الأفلام السينمائية وهي كلها تتشابه.. أضواء كثيفة من فوق وفريق طبي يحيط بي كل حسب اختصاصه. تلقيت بعض النصائح كأن أبقي جسمي مستقيما وألا أحرك رجلي.. تلقيت مخدرا موضعيا في الجهة اليسرى للعنق.

كان الفريق الطبي يحاول أن يلطف الأجواء ببعض الأحاديث والنكت الطريفة. وهو أسلوب لتشتيت تركيز المريض وإبعاده عن جو المرض وتحويل الموقف إلى أمر عادي. أنا بدوري انخرطت في هذه الأجواء المرحة. كنت مغمض العينين مغطى الرأس بثوب خفيف لا أسمع إلا صوت المقص وكأنني في فيلم رعب.

لم تدم العملية إلا حوالي 20 دقيقة. قال لي الطبيب: "على سلامتك".. شكرت الجميع أعادتني الممرضة إلى السرير وفي الطريق إلى الغرفة، لمحت أخي نور الدين حاملا الغطاء والوسادتين.

خرجت من غرفة العمليات وجهة العنق الذي أخذوا منها العينة أصبحت مغطاة بضمادة "فاصمة". وكان علي أن أواظب على علاجها وتغييرها كل يومين مع أخذ بعض الأدوية المضادة للتعفن.

لقد تخليت عن عادتي في الكسل والتأجيل. أصبحت أطبق بالحرف كل تعليمات الأطباء.

حمل أخي العينة التي وضعوها في زجاجة صغيرة وأسرع بها إلى مختبر مختص في التشريح وسط مدينة الدار البيضاء. كنت قد اتصلت بهم لأن اليوم يوم جمعة وربما يكون هناك توقيت مغاير. وقالوا لي إن النتيجة لن تظهر إلا بعد خمسة أيام.

طيلة أيام التشخيص كنت أحاول أن أعيش حياتي بشكل عادي. أبتعد عن أجواء المرض، كنت أنتظر الأسوأ حتى لا أصدم. تحديت الطبيب بعد ظهور نتيجة العينة الأولى، وأخلفت الوعد الذي قطعته معه بألا أصوم رمضان وها أنا أصوم نكاية في مرض السرطان.

بعد الإفطار، حرصت على عادتي وهي الذهاب إلى المقهى ولقاء الأصدقاء الأوفياء هناك، شرب القهوة، قراءة صحف الغد والدخول في نقاشات متنوعة سياسية وثقافية ورياضية لا تخلو في الغالب من قفشات ظريفة.

وصل يوم التعرف على نتيجة تحليل العينة "البيوبسي" أو الخزعة باللغة العربية الفصحى. اتصلت هاتفيا بالمختبر. أكدوا لي أن النتيجة موجودة. صباح ذلك اليوم الرمضاني، استيقظت على مشاعر ممتزجة بين الأمل وتوقع الألم في المستقبل القريب.. تفكير في المصير. إنه السرطان وليس مرضا عابرا. وكنت أتذكر جملة قالها أحد أساتذة الطب: ليس مرض السرطان "الكونسير" الذي يقتل ولكن اسمه هو الذي يثير الرعب في النفوس ويقضي على الإنسان. حملت زوجتي وابني الصغير عمر "جرادة" ذي السبع سنوات في السيارة وتوجهت إلى المختبر. وسط مدينة الدار البيضاء الشوارع تعج بالسيارات وحركة السير مختنقة في يوم رمضاني حار. اقتربت من مكان المختبر.  لا مكان هناك لركن السيارة. أعطيت ورقة تسلم النتيجة لزوجتي. بعد لحظات لمحتها تحمل ظرفا سيحدد مصير الأيام والشهور والسنوات المقبلة. بدأ قلبي بالخفقان، أعصابي انفلتت مني، أول مرة أشعر بأن قدمي لم تعد تقويان على حمل جسدي. نتيجة التحاليل التي كانت داخل الظرف إما أن تكون واحدة من اثنتين "السم" أو "الترياق".

الرئيسية / كتاب البديل / تحت شعار : (أنا والسلطان) بديل بريس تنشر كتاب (أنا والسرطان) للصحفي محمد شروق الحلقة الثانية : بداية الحكاية

تحت شعار : (أنا والسلطان) بديل بريس تنشر كتاب (أنا والسرطان) للصحفي محمد شروق الحلقة الثانية : بداية الحكاية

تحت شعار : أنا والسلطان …. بديل بريس تنشر في حلقات كتاب (أنا والسرطان) الذي دون فيه الصحفي محمد شروق رحلته الشاقة والأليمة مع مرض السرطان… رحلة تحول فيها الداء إلى مريض يطلب الرحمة من روح رفضت الانصياع والموت. ومن جسد تحول إلى سجن لأخطر وأقوى أمراض العصر. بديل بريس التي واكبت حياة الكفاح والمقاومة التي عاشها خريج المعهد العالي للصحافة والموظف بقسم الاتصال بعمالة المحمدية. تؤكد على أن روح شروق أبانت على أن لكل إنسان روحا قادرة على أن تكون سلطان جسدها. وبإمكانها أن تطرد الّأمراض والأوبئة بعلاج الصمود والتحدي. وأن بالعزيمة لاشيء مستحيل، لأن الخالق أوصى بأن لكل داء دواء. ولأن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء. فإن روح شروق استحقت أن تكون سلطان بدون تاج لكل مريض. وإن كتاب حياة وكفاح شروق استحق أن يحمل لقب القائد والقدوة لكل المرضى… فقد أشرقت شمس جديدة بنشر كتاب (أنا والسرطان).  كتاب (أنا والسرطان) قام بتقديمه هذا البروفيسور عبد اللطيف ابن إيدار وأستاذ بكلية الطب والصيدلة عن جامعة الحسن الثاني – الدار البيضاء ومدير مركز محمد السادس لعلاج السرطان وعضو اللجنة العلمية لمؤسسة للاسلمى للوقاية وعلاج السرطان. وأهداه مؤلفه محمد شروق إلى روح والده الذي ودعه ذات صباح حزين في 07 يوليوز 1991، وإلى أمه الغالية متعها الله بالصحة، وإلى رفيقة دربه زوجته التي تعيش معه رحلة المرض بصبر و عطاء، وإلى أبنائه وإخوته وأصهاره وجميع أفراد عائلته، وإلى جميع الصديقات والأصدقاء الدين اقتسموا معه آلامه وآماله، وإلى جميع المرضى بداء السرطان..شافاهم الله

 

 

بداية الحكاية

مع توديع صيف سنة 2013 وقع لي انتفاخ بسيط (ولسيسة) في الجهة اليسرى من العنق. كالعادة لم أعر للأمر أهمية. فهذه مسألة ثقافية صرف في التعامل مع الجسد، إذ تعودنا على زيارة روتينية الطبيب حتى نصل إلى مراحل حرجة من المرض.

مع إلحاح أفراد العائلة وبعض الأصدقاء زرت في البداية طبيبة بالدار البيضاء (التاريخ………) بعد الفحص (إيكوغرافي) لم تقف على شيء محدد، لكنها شكت في داء السل الذي يسبب مثل هذا النوع من الانتفاخ. قمت بالتحاليل التي طلبت فكانت كلها سلبية لكن الطبيبة نصحتني بإزالة ذلك الانتفاخ على الأقل من الناحية التجميلية للوجه.

ارتحت للأمر وطويت الملف ولم أفتحه إلا بعد مدة عندما زرت طبيبا آخر مدني ببعض المضادات الحيوية لم يكن لها أي مفعول.

بعد مرور شهرين وبالضبط في 14/12/2014 زرت هذه المرة الدكتور ابراهيم الوافي، وهو طبيب معروف بمدينة الدار البيضاء، مختص في أمراض الأنف والحنجرة. منذ البداية كانت لديه فرضية وجود كيس مائي مجمع في العنق وليتأكد طلب مني إجراء إيكوغرافي. وربما هنا كان الخطأ الكبير لأنني لم أقم بما أمر به الطبيب في الوقت المناسب. إذ أخذتني الالتزامات اليومية والأنشطة الجمعوية، بما فيها زيارة لجمهورية مصر ضمن وفد جمعية المحمدية للصحافة والإعلام، وقبلها استقبال وفد عن الاتحاد المصري للإعلام والثقافة الرياضية هنا بالمغرب بمناسبة احتضان المغرب لكأس العالم للأندية التي عرفت مشاركة الرجاء المغربي والأهلي المصري.. مر الزمن بسرعة ولم أعد إلى الطبيب إلا في يوم 26/05/2014 محملا بصور الإيكوغرافي. أول ما رآني الدكتور الوافي انتفض في وجهي غاضبا بسبب تأخيري غير المبرر. لم يقتنع بتقرير الطبيب الذي أنجز الإيكو والذي لم يقف على شيء محدد. أخذ "نازو سكوبي" وبدأ في فحص أنفي من الداخل. قال: الحمد لله، وأضاف بالفرنسية il n y'a pas de chose spéciale  ليس هناك شيء خاص. سألته لماذا ذهبت مباشرة إلى الأنف في حين أن الانتفاخ في العنق. أجابني بأن هناك شكا في سرطان في الأنف يمكن أن يحدث مثل هذا الانتفاخ.

وكانت أول مرة أسمع فيها كلمة سرطان.

عاد إلى العنق مرة أخرى وفحصه جيدا. قال لي يجب أن تحضر لي سكانيرا مزدوجا حول الأنف والعنق. سكانير مزدوج هنا! بدأ التحول وبدأت الأمور تأخذ عندي مجرى جديا ومسارا مخيفا ومفزعا.

منذ تلك اللحظة قررت أن لا صوت يعلو على صوت الطبيب.

 

في الصباح الباكر توجهت رفقة زوجتي إلى مصحة مختصة في الأشعة بالدار البيضاء. مدوني ببعض الأدوية تجنبا للانعكاسات إن كانت لدي حساسية من دواء ما. بعد مرور أربعة أيام، عدت إلى المصحة لإجراء السكانير المزدوج. العملية دامت حوالي 10 دقائق قرأت خلالها في عيني التقني المكلف بإجراء السكانير بعض التعاطف معي دون أن ينبس ببنت شفة رغم أنني حاصرته بالأسئلة. ففي مثل هذه المواقف نبحث عن أي خيط أمل. تعلمت مع التجربة أن مثل هؤلاء الناس يتكلمون إن كان لديهم خبر مطمئن. وإذا قالوا لك "يكون خير" أو "الله يجيب الشفاء" فاعلم أن في الأمر شيئا غير سار.

تسلمت تقرير السكانير بعد أربعة أيام.. تفحصت التقرير ولم أفهم فيه شيئا. قبل الخروج من المصحة دلوني على طبيب يريد رؤيتي. كان شابا لطيفا فحصني وقال لي: سأعيد لك الإيكوغرافي مجانا. طرح علي بعض الأسئلة وبالمقابل أمطرته بالاستفسارات في محاولة للبحث عن كلمة أمل. قال لي بصراحة: هناك احتمالان اثنان، إما داء السل أو سرطان حميد؟ هذه ثاني مرة أسمع هذه الكلمة. بدأت الفرضية تأخذ طريقها بقوة نحو المرض المخيف. الغريب أنني لم أنفزع ولم تظهر علي علامات الرعب وكنت أتقبل كل ما أسمع بكل بساطة وبشكل عادي. فلسفتي في الحياة أن الإنسان زائر في هذه الدنيا ولا يمكن أن يتحكم في الكثير من الأمور ويمكن أن يحدث أي تغيير في حياته في أي وقت يقلب كل شيء رأسا على عقب. لذا كان علي أن أكون مستعدا في أية لحظة لسماع أو حدوث أي تغيير، والمرض جزء من هذه الأمور.

 

في صباح الغد، توجهنا، أنا والزوجة إلى الطبيب المختص في الأنف والحنجرة حاملا تقرير السكانير. قرأه مرة أولى ثم أعاد القراءة. لم يلاحظ ولم يقف على شيء محدد.قال لي: لحد الساعة لم يظهر لي شيء. نظر إلي نظرة شعرت فيها أنه يريد إقناعي أو أنه يبحث عن شيء محدد مسبقا في ذهنه لكنه لم يتأكد منه. نظر إلى ساعته وكان الزمن يقترب من السادسة مساء. قال عليك أن تذهب الآن إلى مختبر للتشريح قريب من عيادته للقيام باختبار هناك. أسرعنا إليه لم أستعمل سيارتي وركبنا سيارة أجرة. لم يدم الانتظار هناك طويلا. ووقعت هناك صدفة غريبة. امرأة يبدو أنها قادمة من منطقة قروية ما إن لمحتني حتى بدأت تصيح: انتفاخك مثل انتفاخ ابنتي. شرحت لي أن ابنتها التي تبلغ من العمر سبع سنوات أجرت عملية جراحية في صباح اليوم نفسه، وعلى يد الطبيب نفسه الذي يتابع حالتي. وقد. لم تتوقف السيدة التي حضرت إلى المختبر حاملة عينة لفحصها هناك عن البكاء أثناء حديثي معها ليس فقط بسبب مرض ابنتها فقط، بل بسبب عجزها عن أداء ثمن فحص العينة. أشفقت عليها ووجدت نفسي أتحسس ما في جيبي من أموال جيبي لمساعدتها، فبدأت بالدعاء لي إلى أن وصل دوري للدخول عند طبيب المختبر. أخذ إبرة وغرزها في موضع الانتفاخ وقال لي ستعرف النتيجة بعد 10 دقائق. عدت إلى قاعة الانتظار ولم تمر إلا دقائق قليلة حتى نادى علي للدخول إلى مكتبه. بدا لي أنه يبحث عن كلمات ما محاولا إظهار بعض التعاطف معي، مؤكدا لي أنه أعاد التجربة مرتين ليصل إلى نتيجة مؤكدة ولم يفلح. شجعته على الكلام.

أجابني: هناك خلايا لم يعجبني لونها.

قلت في نفسي: خلايا؟ هذا مرتبط بالسرطان الذي بدأت تتحدد معالمه بقوة.

قلت للطبيب: وما العمل الآن؟

أجاب على الفور: عليك أن تقوم بأخذ عينة biopsie (ومرادفها باللغة العربية هو الخزعة)، وفحصها وهو ما سيعطينا نتيجة مضبوطة.

عدت إلى الدكتور الوافي بعد الاطلاع على التقرير الذي كان أهم ما فيه هو القيام بفحص عينة، حدد لي موعدا بعد يومين لأنه هو من سيقوم بأخذ العينة من الأنف.

قلت له: ها أنت عدت للأنف.

فوجئ بملاحظتي، فذكرته بأول زيارة عندما فحص لي أنفي بالمنظار (نازو سكوبي). اطلع على ملفي فتأكد مما قلت له.

في الموعد المحدد، ذهبت إلى العيادة قامت مساعدته بتخدير موضعي بالأنف. عندما وصل الطبيب كنت أول من دخل عنده وبسرعة انتزع عينة صغيرة من أنفي ووضعها على مرآة صغيرة وقال لي أسرع بها إلى المختبر. وهو ما قمت به. هناك طلبوا مني انتظار خمسة أيام لمعرفة النتيجة.

في تلك الأيام كانت الفرضية الأولى هي السرطان ولكن بقي لي خيط صغير من الأمل أتشبث به.

 

اللهم ابلني بمرض السل !!

هذا الخيط ذكرني بالصديق الدكتور الجراح محمد الدحاني المندوب السابق لوزارة الصحة بالمحمدية. هاتفته فالتقينا بعد قليل بإحدى المقاهي القريبة من منزله وضع الملف الطبي أمامه. فقال إنه مع فرضية الإصابة بالسل واقترح علي إجراء اختبار لدى الدكتور مرتقي، وهو من كبار الاختصاصيين بالمغرب في هذا الداء. كنت مستعدا لأي اختبار أو تجربة. في الصباح كنت مع الدكتور مرتقي في مكتبه بالمركز الصحي. قام بزرع إبرة في ذراعي الأيمن، وقال إذا وقع انتفاخ خلال الأيام الثلاثة القادمة فهو السل، وفي حالة العكس فهناك شيء آخر. بعد مرور المدة، كانت النتيجة سلبية. وكنت خلال هذه الأيام الثلاثة عندما ألتقي أحد الأصدقاء أرفع يدي بالدعاء يا ربي "سلط علي داء السل". وكنا نضحك لهذا الدعاء الذي يبدو غريبا، لكنه يصبح عاديا عندما يتم ربطه بالفرضية الثانية وهي السرطان. الفرضية الثانية بدأت تتشكل وتكبر ككرة الثلج، وهذا التدريج في الوصول إلى تشخيصه سهل علي الأمر في نهاية المطاف.

في اليوم الموعود، ذهبت إلى المختبر. أخذت التقرير/النتيجة. قرأته ولم أفهم شيئا. توجهت إلى عيادة الطبيب. سلمت الملف إلى الكاتبة. فتحت الظرف قرأته رفعت عينيها نحوي وقالت: انتظر قليلا.

لغة عينيها فضحتها فمن خلال نظرتها لي شعرت بأنها تحاول أن تخفي شيئا غير سار. فأحيانا تكون لغة العيون أفصح وأبلغ من الكلام.

قاعة الانتظار كانت كالعادة مليئة بالمرضى.

يا رب أينما ذهبت إلا وأجد قاعات الانتظار مكتظة بالمرضى. هل كل الناس مرضى؟ ولست أدري لماذا ظل يتردد في ذهني المثل الذي حفظناه منذ الصغر: الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى. وهي كلمات لا ندرك مغزاها الحقيق إلا في أوقات المرض العصيبة.

لم أجد مكانا بالقاعة فجلست بدرج العمارة التي توجد بها العيادة. شرد عقلي قليلا محاولا أن أقنع نفسي بفكرة عنّت في رأسي: ليكن ما يكون المهم هو تشخيص المرض والوصول إلى نتيجة إيجابية.

نادت علي الكاتبة بالدخول، لم يمهلني الطبيب سريعا وأسرع بالإعلان عن الإصابة بمرض السرطان.

حاول التخفيف من الصدمة قائلا: هذا ما كنا نخاف منه. ولكنه سرطان صغير في البداية.

وبدأ يسترسل في الكلام وأنا صامت أستمع إليه. قال: لن تصوم شهر رمضان الذي كان على الأبواب وستقوم بحصص من العلاج الكيماوي، وهل تملك التغطية الصحية لأن العلاج مكلف جدا. مدني بظرف و قال لي: سأرسلك إلى طبيب مختص في الأنكولوجيا وستخبرك مساعدتي بموعد الذهاب إليه خلال يومين.

لدى خروجي من العيادة رفقة زوجتي التي كانت بصحبتي طوال هذه الرحلة المكوكية، توجهنا إلى بيت أصهاري بالدار البيضاء القريب من عيادة الطبيب والذين كانوا ينتظرون نتيجة اختبار العينة. كان من بين من ينتظروني أيضا الأم والأخت والإخوة وبعض الأصدقاء المقربين، الكل كان يتابع رحلة التشخيص التي طالت..

اتفقت مع زوجتي على إخفاء حقيقة المرض عن الجميع لسبب واحد هو الخوف عليهم من الصدمة. علما بأننا تحملناها ببساطة كابتلاء من الله وقدر مكتوب.

كنت أفكر في الألم الذي سأسببه للآخرين أكثر من التفكير في نفسي.

دخلنا بيت أصهاري وكان الجميع ينتظر.

قلنا لهم: الحمد لله ليس هناك شيء و الطبيب طمأننا ولا وجود للمرض اللعين.

لم يقاوم أحد فرحته بهذا الخبر "السعيد". طلبوا الزردة والحلوى. كان الأمر بالنسبة لي ولزوجتي تمرينا نفسيا عصيبا. نحن نحترق بالداخل ولكن علينا أن نظهر فرحة مصطنعة. لكن المهم أننا أدينا الدور بنجاح.

في مساء ذلك اليوم، كان الموعد مع مباراة في كأس العالم لكرة القدم التي نظمتها البرازيل بين المنتخبين الهولندي والاسباني. ذهبت إلى المقهى لأتفرج على المباراة وكأن شيئا لم يقع. هناك بالمقهى اتصلت بصديقين مقربين لأبوح لهما باكتشاف المرض الأول هو عبد اللطيف لمبرع، زميل الدراسة بالمعهد العالي للصحافة وصديق منذ أزيد من 30 سنة، ويشغل مديرا للأخبار بالإذاعة الوطنية ورئيسا لجمعية خريجي المعهد للإعلام والاتصال التي أتشرف بعضويتي في مكتبها التنفيذي. والثاني هو عبد العزيز بلبودالي، صديق مخلص منذ سنوات طويلة، صحافي بجريدة الاتحاد الاشتراكي ونشترك في كثير من الأمور منها تأسيسنا لجمعية المحمدية للصحافة والإعلام.

اتصالي الهاتفي مع هذين الصديقين العزيزين خففا عني الثقل وأخرجني من الاختناق الذي كنت أشعر به بعد التمرين النفسي الذي عشته في بيت أصهاري، ومن خلال اتصالاتي الهاتفية مع المقربين من عائلتي التي لم تتوقف، والذين كنت أنقل إليهم أخبارا مطمئنة زائفة.

كنت بالمقهى أتفرج على المباراة ومن حين لآخر كنت أسبح بتفكيري نحو العالم المجهول الذي سأقتحمه أو هو الذي سيقتحمني بعد أيام. وكنت أستحضر صورا مريعة حول ما أعرفه عن العلاج الكيميائي من تساقط للشعر وضعف وهزال وإرهاق مختلف عن التعب الناتج عن الجهد البدني أو العقلي  ونقص كبير في المناعة بفعل الانخفاض المؤقت في خلايا الدم البيضاء، وكذا تغيير شامل في الجسم وآثار جانبية أخرى لا أضبطها تماما.

عدنا إلى منزلنا بالمحمدية. في تلك الليلة لم يغمض لي جفن، إذ حرصت على البحث في الشبكة العنكبوتية عن تفاصيل مرض السرطان وخاصة نوع الكافوم الذي أصبت به. كنت أبحث في المواقع والمنتديات الخاصة بالسرطان عموما و"الكافوم" البلعوم الأنفي خصوصا. بحثت هنا وهناك عن مفاتيح أمل عن أمور مطمئنة، عن أسباب المرض، عن كيفية التعامل مع المرض وعن نسب الشفاء منه.

من بين ما تحتفظ به ذاكرتي ما قرأته في منتدى حول سرطان "الكافوم"، ما كتبه أحدهم ومفاده أن من يصاب بهذا النوع من السرطان لن يستطيع النجاة منه. لم أشعر باليأس بقيت أبحث حتى عثرت على ما كتبه شخص آخر أكد أنه كان مصابا بهذا النوع في سنة 2004 واستطاع أن يشفى منه وهو يعيش اليوم حياة طبيعية.

لم أجد على العموم ما يشفي غليلي وهو ما سأتأكد منه بعد ذلك من أن الشبكة العنكبوتية قد تشرح غامضا بأغمض وتدخل الشخص وخاصة المريض في متاهات لا حدود لها. كنت أبحث عن أسباب سرطان "الكافوم" فوجدت أنه يصيب المدخنين والنجارين. فقلت ما أنا بمدخن ولا بنجار. وقرأت أيضا أنه من بين الأسباب أكل "الخليع" وهي الأكلة التي لم أتذوقها في حياتي. ولما بحثت عن الأعراض وجدت الرعاف، آلام في إحدى الأذنين أو الحمى أو نقص الوزن، وكلها أعراض لم تظهر علي أي واحدة منها. وهكذا كلما ازداد الاطلاع على الشبكة تضاعف الغموض، حتى نصحني بعض الاطباء بالابتعاد عنها، لأن هناك أمورا لن أستوعبها وقد أفهمها بشكل مغلوط.

 

 

 

 

 

 

السرطان؟

 

جمعت عددا من المعطيات منها ما كنت أعرفه ومنها ما كنت أجهله. السرطان هو مرض يصيب الخلايا التي تعتبر الوحدة الأساسية في بناء الجسم. تقوم أجسامنا بتوليد خلايا جديدة بشكل مستمر حتى تتم عملية النمو، واستبدال الخلايا الميتة، أو لمعالجة الخلايا التالفة بعد الإصابة بجروح. توجد جينات معينة تتحكم في هذه العملية، ومن ثم فإن مرض السرطان يحدث نتيجة لتلف تلك الجينات، وذلك على الرغم من قلة عدد الأفراد الذين يرثون جينات تالفة من أحد الأبوين. وبشكل عام، فإن الخلايا تنمو وتتكاثر بطريقة منظمة، ولكن قد تؤدي الجينات التالفة إلى تصريف الخلايا بشكل غير طبيعي، فقد تنمو الخلايا مكونةً كتلة يطلق عليها ورم.

قد يكون الورم حميداً (ليس سرطانا) أو خبيثاً (سرطان) ولا تنتشر الأورام الحميدة خارج حدودها الطبيعية إلى أجزاء أخرى من الجسم.

عندما ينمو الورم الخبيث لأول مرة، يكون محدودا في المكان الذي انتشر فيه. ولكن إذا لم تتم معالجة تلك الخلايا فإنها قد تنتشر خارج حدودها الطبيعية لتصيب الأنسجة المجاورة، ويطلق على الورم في هذه الحالة "سرطان غزويّ". أي ورم خبيث ينتشر.

 

 

   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     

 

 

 

 

 

ويحتمل أن تتطور بعض الأورام الحميدة إلى أورام خبيثة إذا لم يتم العلاج. وهناك بعض أنواع الأورام الحميدة التي لا تتطور إلى سرطان.

وهناك أساطير كثيرة عن السرطان رغم أنه مرض غير معد، فهو لن ينتقل إلى أصدقائك أو أفراد عائلتك أو أي شخص آخر مثل نزلات البرد أو الأنفلونزا.

في دراسة نشرت عام 2011، صرح مرضى السرطان الاستراليين بأن الضغط المالي، والرهن العقاري، والتدخين، والسمنة، والتاريخ الأسري هي الأسباب الأولي المؤدية إلى إصابتهم بالسرطان. وقد كشفت دراسة غير مسبوقة أجراها مجلس مكافحة السرطان على أكثر من 2850 مريضا أن نصف المرضى تقريباً لا يعلمون السبب وراء إصابتهم بالسرطان، وربعهم يعتقد أن المرض لا يمكن الوقاية منه.

وفي المغرب إحصاءات رسمية مرعبة تتحدث عن 35 ألف حالة إصابة جديدة بعدد من أنواع السرطان في مقدمتها سرطان الثدي وعنق الرحم والبروستات والرئة.. وفي جهة الدار البيضاء وحدها تسجل ثلاثة آلاف حالة جديدة كل سنة.

وبالمغرب ايضا يصيب السرطان كل ألف طفل في السنة وخاصة سرطان الدم.

أما نوع "الكافوم" البلعوم الأنفي الذي كان من نصيبي داخل نادي السرطان فإنه ورم ينمو وراء الأنف ويسمونه  nasopharnyx ,rhinpharnyx ou épipharnyx .  وهو سرطان منتشر بقوة في دول جنوب شرق آسيا ويسجل بالمغرب خمس حالات جديدة من بين مائة ألف شخص.

من جهة أخرى، يمكن الوقاية من 30% من أنواع السرطانات من خلال بعض الاختيارات البسيطة المتعلقة بأسلوب الحياة، ومنها الحفاظ على اللياقة البدنية والنشاط الرياضي، تجنب التدخين، والحد من تناول المأكولات عديمة القيمة الغذائية. وهذه الأشياء لا تقي من الإصابة بالسرطان فحسب، بل تجعلك تشعر بحال أفضل في حياتك اليومية.

مثلا، السكر في الأنظمة الغذائية لا يعتبر عامل خطر للإصابة بمرض السرطان. ولكن تناول كميات كبيرة منه قد يؤدي إلى زيادة الوزن، ومن المعروف أن زيادة الوزن أو السمنة من عوامل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء، والكلى، والبنكرياس، وقصبة المريء وبطانة الرحم، وسرطان الثدي في مرحلة سن اليأس.

 

لا يبدو أيضاً أن الأعشاب والتوابل تعمل على التقليل من خطر الإصابة بالسرطان لدى البشر. وتشير بعض الدراسات إلى أن حصى اللبان، والثوم، والكمون، والزنجبيل، والكركم من المواد المفيدة، إلا أن الأمر يتطلب مزيدا من الأبحاث المتخصصة. ومن المهم أن نلاحظ أن كمية الأعشاب والتوابل التي نتناولها أقل بكثير من الكميات التي خضعت للتجارب العلمية.

ومع ذلك، تحتوي الأعشاب والتوابل على مجموعة متنوعة من الفيتامينات، والمعادن، ومضادات الأكسدة، ويمكن استخدامها بدلا من الملح لإعطاء نكهة طيبة للطعام.

وتبقى اللحوم هي الغذاء الوحيد الذي ينبغي أن تقلق منه ضمن الأغذية المحروقة، حيث تتكون أمينات الهيتيروسيكليك عند طهي البروتين الموجود في اللحوم الحمراء، والأسماك والدواجن. وهذه هي المركبات المسؤولة عن الإصابة بسرطان الأمعاء لدى الحيوانات.

تعتمد كمية أمينات الهيتيروسيكليك الناتجة على مدة الطهي، ودرجة حرارته، وطريقته. لذا من الوقاية ألا تفرط في طهي اللحوم أو تحرقها أثناء شيّها، ويفضل استخدام الماء المالح في هذه العملية. فإضافة الماء المالح إلى اللحوم يمنع احتراقها ويجعلها سهلة المضغ، ويضيف إليها نكهة طيبة.

ولا يوجد دليل علمي حتى الآن يثبت أن الأفران الكهربائية تسبب الإصابة بالسرطان. فأشعة الميكروويف المنبعثة من الأفران لا تبقى في الطعام بمجرد فصل التيار الكهربائي، ولا تجعل من الطعام مادة مشعة.

ويبدو أن عملية التبريد تقلل من خطر الإصابة بسرطان المعدة. ربما يرجع ذلك إلى قلة الحاجة إلى الملح لحفظ الطعام بالتبريد، أو لأن الأطعمة القابلة للتلف مثل الفاكهة والخضراوات تكون متوفرة لفترات أكبر.

 

ولم تتوصل الدراسات التي أجريت في جميع أنحاء العالم إلى اختلافات جوهرية في محتوي المعادن، والعناصر النادرة أو فيتامين ب في الفواكه والخضراوات والحبوب مقارنة بتلك التي تنمو باستخدام الطرق التقليدية. وعلى الرغم من ذلك، تقترح بعض الدراسات أن الأغذية العضوية تحتوي على معدلات أعلى بقليل من فيتامين ج.

لا يوجد بحث حتى اليوم يثبت ما إذا كانت الأغذية العضوية أكثر فعالية في تقليل خطر الإصابة بالسرطان عن الأغذية التي يتم إنتاجها من خلال الوسائل الزراعية الأخرى. وبالتالي، يكون الاختيار بين الأغذية "العضوية" و"غير العضوية" أمرا شخصيا تماماً.

وتعتبر مبيدات الحشرات ومبيدات الأعشاب الضارة من المواد السامة في حالة عدم استخدامها بالطريقة الصحيحة. فعلى الرغم من أن الفواكه والخضراوات تحتوي أحياناً على مستويات منخفضة من تلك المواد الكيميائية، إلا أن هناك قدرا كبيرا من الأدلة العلمية التي تدعم الفوائد الصحية العامة والآثار الواقية من الإصابة بالسرطان الناتجة عن تناول الفاكهة والخضراوات.

جدير بالذكر أنه لا يوجد دليل على أن الجرعات القليلة المستخدمة من مبيدات الحشرات ومبيدات الأعشاب الضارة في الأغذية تعمل على زيادة خطر الإصابة بالسرطان. وعلى أية حال، يوصى بغسل وتقشير الخضراوات والفواكه بعناية قبل تناولها.

 

الرئيسية / كتاب البديل / تحت شعار : (أنا والسلطان) بديل بريس تنشر كتاب (أنا والسرطان) للصحفي محمد شروق الحلقة الأولى : مهما حاولت، فإنني لن أستطيع نقل مشاعري طيلة فترة المرض والعلاج

تحت شعار : (أنا والسلطان) بديل بريس تنشر كتاب (أنا والسرطان) للصحفي محمد شروق الحلقة الأولى : مهما حاولت، فإنني لن أستطيع نقل مشاعري طيلة فترة المرض والعلاج

تحت شعار : أنا والسلطان …. تعيد بديل بريس نشر كتاب (أنا والسرطان) الذي دون فيه الصحفي محمد شروق رحلته الشاقة والأليمة مع مرض السرطان… رحلة تحول فيها الداء إلى مريض يطلب الرحمة من روح رفضت الانصياع والموت. ومن جسد تحول إلى سجن لأخطر وأقوى أمراض العصر. بديل بريس التي واكبت حياة الكفاح والمقاومة التي عاشها خريج المعهد العالي للصحافة والموظف بقسم الاتصال بعمالة المحمدية. تؤكد على أن روح شروق أبانت على أن لكل إنسان روحا قادرة على أن تكون سلطان جسدها. وبإمكانها أن تطرد الّأمراض والأوبئة بعلاج الصمود والتحدي. وأن بالعزيمة لاشيء مستحيل، لأن الخالق أوصى بأن لكل داء دواء. ولأن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء. فإن روح شروق استحقت أن تكون سلطان بدون تاج لكل مريض. وإن كتاب حياة وكفاح شروق استحق أن يحمل لقب القائد والقدوة لكل المرضى… فقد أشرقت شمس جديدة بنشر كتاب (أنا والسرطان).  كتاب (أنا والسرطان) قام بتقديمه هذا البروفيسور عبد اللطيف ابن إيدار وأستاذ بكلية الطب والصيدلة عن جامعة الحسن الثاني – الدار البيضاء ومدير مركز محمد السادس لعلاج السرطان وعضو اللجنة العلمية لمؤسسة للاسلمى للوقاية وعلاج السرطان. وأهداه مؤلفه محمد شروق إلى روح والده الذي ودعه ذات صباح حزين في 07 يوليوز 1991، وإلى أمه الغالية متعها الله بالصحة، وإلى رفيقة دربه زوجته التي تعيش معه رحلة المرض بصبر و عطاء، وإلى أبنائه وإخوته وأصهاره وجميع أفراد عائلته، وإلى جميع الصديقات والأصدقاء الدين اقتسموا معه آلامه وآماله، وإلى جميع المرضى بداء السرطان..شافاهم الله

 

الحلقة الأولى

مهما حاولت، فإنني لن أستطيع نقل مشاعري طيلة فترة المرض والعلاج

 

 

قصة كتاب : 

منذ اليوم الأول الذي تأكدت فيه أنني مصاب بداء السرطان، قررت أن أحول هذا الحدث المفاجئ في مسار حياتي إلى طاقة إيجابية.

كيف ذلك؟

كل الأصدقاء المقربين الذين عرفوا بالخبر غير السعيد أوصوني بشيء مهم هو الحرص الشديد على المعنويات المرتفعة في التعامل مع هذا الداء اللعين الذي حيكت حوله الحكايات والأساطير.. الحرص على المعنويات كلمة سهلة ينطقها صديق ولكن ترجمتها إلى الواقع في مسار العلاج الذي كان يبدو لي في البداية عالما مجهولا وأمرا صعب التنفيذ، خاصة وأن العلاج يمتد في أحسن الأحوال إلى ستة أشهر، مما يتطلب الكثير من الصبر والجلد.

ويبقى السؤال كيف أحول هذا الطارئ في حياتي إلى أمر إيجابي؟

أيقنت منذ البداية بأن الحرب على المرض أشبه بمباراة في الملاكمة لا مجال فيها للتعادل. فإما أن  أدحر المرض أو يدحرني.

هي إذن مباراة حياة أو موت.

قررت أيضا منذ البداية، وبما أنني أشتغل في مجال الصحافة والكتابة ولم أعرف في حياتي إلا هذا، أن أدون تجربتي مع المرض في كتاب لعدة اعتبارات ودوافع:

أولا: ملء الفراغ خلال حصص العلاج الكيميائي التي تمتد إلى ساعات بأمر مفيد.

ثانيا: عدم التركيز على المرض والابتعاد عن تفاصيله المؤلمة وتشتيت الانتباه ومحاولة الانكباب على تقاسم الألم مع القلم والحبر والورق.

ثالثا: إطلاع الآخرين على خبايا هذا المرض والتعايش معه من خلال طرح تجربتي للعموم، لأنني وقفت خلال مرحلة التشخيص الطويلة على جهل الناس بالكثير من الأمور عن مرض السرطان الذي تعددت أسماؤه عبر التاريخ.

رابعا: كنت دائما أفكر في تأليف كتاب حول موضوع ما يخلد اسمي ولو في مساحة محدودة جدا. وها هي الفرصة تتاح بين يدي لاختزال تجربتي مع المرض في كتاب، وهي تجربة إنسانية غنية بكل المقاييس.

لذا، منذ البداية حاولت أن أضغط على نفسي فأخبرت المحيطين بي في المصحة من أطباء وممرضين وحتى الأصدقاء والعائلة بمشروع الكتاب.

وهكذا دونت أول سطر يوم 07 غشت 2014، علما أن أول حصة لي في العلاج الكيميائي كانت يوما فقط قبل هذا التاريخ.

شرعت في الكتابة على سرير العلاج بالمصحة. كان الدواء ينساب إلى داخل الجسم عبر الأكياس وحبر القلم يسيل فوق الورق.. كتابة بأحاسيس ومشاعر حقيقية ووسط نظرات المرضى والفريق الطبي.

الكتاب إذن عصارة تجربة إنسانية غنية بالمشاعر والأحاسيس، عشتها وأنا أقاوم وأتعايش مع مرض ملعون اسمه السرطان.

الكتاب سرد للمعاناة بدءا من مرحلة التشخيص إلى نهاية العلاج، مرورا عبر محطات العلاج المؤلمة.

في الكتاب أيضا حكي عن المرض الفتاك الذي يغزو الاجساد ويطيب له السكن فيها. ويرفض المغادرة إلا بإعلان موت أحدهما.. المريض أو المرض.

عندما عزمت على تدوين الكتاب، قررت ألا أنجز كتابا قريبا إلى عالم الطب، ضاجا بالنصائح، بل حاولت فقط أن أحكي عن تجربتي الخاصة. وما أحرص عليه شديد الحرص من خلال هذا الكتاب هو تبليغ رسالة إلى كل مصاب بداء السرطان:

تمسك بالأمل في الشفاء، لا تخف من الداء. انفتح على محيطك وتكلم عن كل تفاصيل المرض بأريحية مع المقربين منك، فالأكيد أنهم سيتقاسمون معك مخاض المعاناة ويخففون عنك قسطا من الألم.

وفي الكتاب عودة لبعض المواقف الساخرة ونظرة مختصرة عن حياة الكاتب.

الكتاب إضافة نوعية إلى المكتبة المغربية والعربية التي تشكو من نقص كبير في مجال البوح الذاتي حول تجربة مرض السرطان.

على المستوى العربي، وحسب البحث الذي قمت به، اهتديت إلى هذه العناوين:

  • “الألم.. الكتاب الثاني من السيرة الذاتية” للفنان المغربي المرحوم العربي باطمة
  • “ثورة جسد” للصحافية التونسية ألفة السلامي
  • “حكايتي مع مرض السرطان” للصحافي اللبناني كمال قبيسي
  • “لا تنس الله” للمرحومة ليلى لحلو من المغرب

أما بأوروبا، وخاصة فرنسا وأمريكا، فهناك كتب كثيرة غالبا ما ينجزها صحافيات وصحافيون، أذكر منها آخر كتاب صدر بفرنسا للصحافية الفرنسية Noëlle noblecourt  بعنوان c’est rien c’est juste un cancer.وكتاب the cost of hope “تكلفة الأمل” للصحافية الأمريكية amanda .bennett وفي الكتاب الذي فازت بفضله بجائزة بوليتزر pullitzer  الشهيرة للصحافة، تحكي عن حرب زوجها مع مرض السرطان.

تعمدت أن أقرأ جميع هذه الكتب وكتبا أخرى بعد أن أنهيت كتابي حتى لا أتأثر بأي واحد منها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *