تحيي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اليوم العالمي لحقوق الإنسان، 10 دجنبر 2017، الذي يخلد هذه السنة الذكرى 69 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تحت شعار:» لا للقمع والاعتقال والتفقير، كل حقوق الانسان للجميع « ، في ظل ترد عام للوضعية الحقوقية في المغرب، سواء على مستوى الحقوق المدنية والسياسية أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أو الحقوق البيئية والحق في التنمية أو حقوق الفئات. فالحق في تأسيس الجمعيات والانتماء إليها، وحرية التجمع والتظاهر السلمي، وحرية التعبير وحرية الصحافة، وحق الجمعيات والنقابات والأحزاب في تجديد مكاتبها، وعقد اجتماعاتها وتنظيم أنشطتها الإشعاعية والثقافية تعرف تضييقا غير مسبوق في مغرب القرن الواحد والعشرين؛ بينما تشهد حرية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان مسا خطيرا بها، منذ التصريح الذي أدلى به وزير الداخلية أمام البرلمان في 14 يوليوز 2014 ؛ في محاولة من الدولة تسفيه عمل الحركة الحقوقية والمس بمصداقيتها، بوجه عام، وتشديد الخناق حول الجمعية والضغط عليها، بكيفية خاصة، عبر المزاوجة، من جهة، بين تكثيف حملات الدعاية المغرضة والرخيصة الموجهة ضدها؛ واعتماد، من جهة أخرى، كافة الأساليب اللامشروعة وغير القانونية المفضية إلى عرقلة أنشطتها وحرمانها من استعمال القاعات العمومية؛ في مسعى منها لإعاقة برامجها في مجال النهوض بحقوق الإنسان والتربية عليها، مع المراهنة على شل فروعها بعدم الاعتراف بوجودها القانوني، وذلك وفق خطة ممنهجة تفيد ما يشبه الحظر العملي أو التقني للجمعية.
هذا فيما تستمر شعوب المنطقة المغاربية والعربية في نضالها ضد قوى الاستبداد والتخلف، وفي مواجهة تدخل الإمبريالية الأمريكية والأوروبية وحلفائها، لإدامة تحكمها في سياسات واقتصادات وخيرات المنطقة، والإجهاز على تراكمات الحراك الشعبي الذي انطلق من أجل إرساء أسس الديمقراطية وبناء دول الحقوق والحريات؛ وهو ما جعل الأحداث في بعض الدول تتخذ مسارا خطيرا إما نحو حرب أهلية مروعة ومدمرة للإنسان وللبنيات الاقتصادية والسياسية والمجتمعية تقودها فيالق التطرف والإرهاب ودعاة الطائفية والاحتراب، وإما صوب حكم عسكري يجهز على آمال الشعوب في التحرر والديمقراطية.
أما على المستوى العالمي فإن الاحتفال بالذكرى التاسعة والستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يجري على إيقاع التدهور المتزايد لحقوق الإنسان والتراجع على مكاسب البشرية، واحتجاج الشعوب في الكثير من الدول الأوروبية والأمريكية على انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية ؛ نتيجة سياسات الحكومات المحملة للمواطنين والمواطنات عبء وثمن الأزمة الاقتصادية العالمية؛ فيما تتصاعد النزاعات والصراعات الإقليمية، وتستعر الحروب في العديد من المناطق، ويتوالى التقويض الجامح للبيئة والاستغلال المكثف للمخزون الطبيعي؛ الأمر الذي حدا بالمنظمات والشبكات المدافعة عن حقوق الإنسان في العالم إلى رفع صوتها للمناداة بإقرار التوازن والعدالة واحترام حقوق الإنسان كثابت في أية معادلة سياسية دولية، بالرغم مما ينالها من هجومات ومضايقات.
1/ وتخلد الجمعية اليوم العالمي لحقوق الإنسان هذه السنة تحت شعار: ” لا للقمع والاعتقال والتفقير، كل حقوق الانسان للجميع “،الذي تعبر من خلاله عن إدانتها لاعتداء السلطات وأجهزة الدولة على الكرامة الإنسانية للمواطنين والمواطنات وحقهم في الحياة والسلامة البدنية، وتنديدها بالحملة القمعية الممنهجة، والاعتقالات والمتابعات في صفوف المدافعين والمدافعات على حقوق الإنسان بشكل عام، والحراك الشعبي بالريف وجل الحركات الاجتماعية الداعمة له أو للمطالبة بحقوق اقتصادية واجتماعية خاصة على وجه التخصيص.
2/ إن أهم ما ميز ويميز الواقع الراهن لحقوق الإنسان بالمغرب، هذه السنة، هو استمرار التراجع الكبير الذي يعرفه مجال الحريات والحقوق الأساسية، وهو ما تؤكده تقارير منظمات الأمم المتحدة ذات الصلة بحقوق الإنسان ، كما تؤكده تقارير حركات حقوق الإنسان الوطنية والدولية ، من خلال وقوفها على طبيعة الانتهاكات الذي تنتهجها الدولة المغربية في التعاطي مع الحقوق المتعلقة بحرية التعبير والصحافة والتجمع والتنظيم والتظاهر السلمي، واستعمال الفضاءات العمومية والخاصة لتنظيم أنشطة حقوقية أو نقابية أو سياسية، أو جمعوية في خرق سافر ، للقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ وللقانون المغربي وهو ما يشكل إجهازا على المكاسب الجزئية، التي راكمتها الحركة الحقوقية والديمقراطية المغربية على امتداد العقود الماضية، الأمر الذي يضع الدولة في تناقض أمام التزاماتها الدولية، بموجب الاتفاقيات والبرتوكولات المصادق عليها، وبمقتضى شغل المغرب لعضوية مجلس حقوق الإنسان بجنيف خلال فترة 2014-2016.
وفي هذا السياق فقد سجلت الجمعية ما يلي:
3/ على مستوى الوضع الاتفاقي:
تأكيد الجمعية على أن الدولة المغربية أصبحت ملزمة، أكثر من أي وقت مضى، بالتصديق على كافة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، ورفع كافة التحفظات والاعلانات، التي لازالت تبديها بخصوص البعض منها، مع مطالبتها ب:
- الإسراع بتنفيذ الالتزام بالتصديق على البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم الشكايات الفردية
- التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، معربة عن أسفها على استمرار امتناع الدولة المغربية عن التصويت على القرار الأممي المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، في تعارض مع أحكام الواقع، حيث أن المغرب لم ينفذ هذه العقوبة منذ 1993.
- التصديق على قانون روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية.
- المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- المصادقة على عدد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وفي مقدمتها الاتفاقية 87 حول الحرية النقابية.
- التعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان سواء في إطار الاستعراض الدولي الشامل أوالهيئات القائمة على المعاهدات أوالإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان أ(المقررين الخاصين) وتنفيذ التوصيات الصادرة عنها.
- نشر الاتفاقيات و المعاهدات الدولية التي صادقت عليها الدولة في الجريدة الرسمية، وفي صفوف القضاة والمحامين وكل المعنيين بشأن القضاء، والعمل من أجل ملاءمة القوانين الوطنية مع مقتضياتها.
التأخر في إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، التي يجب أن تعرف النور في مدة لا تتجاوز السنة بعد تصديق الدولة على البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، ويتعين أن تتمتع بكل الوسائل الكفيلة بضمان استقلاليتها وفعاليتها، كما يؤكد عدد كبير من المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان على ذلك.
4/ على المستوى الدستوري والتشريعي:
لازالت الجمعية تعتبر أن القوانين المغربية في مجملها لا تستجيب لمتطلبات الملاءمة، التي تؤكد عليها كل الاتفاقيات والعهود الدولية المصادق عليها من طرف بلادنا، وعلى رأسها الدستور المغربي، الذي توجب عند أي صياغة جديدة له ليغدو دستورا ديمقراطيا، أن تكون صلاحية وضعه موكولة لهيئة ممثلة فيها مختلف القوى الحية، وأن تتم المصادقة عليه عبر استفتاء ديمقراطي حر ونزيه، وأن يكون مضمونه ديمقراطيا يؤكد بالأساس على السيادة للشعب أولا وأخيرا، وأن الشعب هو المصدر الوحيد لكل السلطات؛ كما يقر بشكل واضح بكونية وشمولية حقوق الإنسان، وفي مقدمتها المساواة بين النساء والرجال في جميع الحقوق، وبالفصل بين السلط الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبين الدين والدولة، وينص على كافة الحقوق والحريات الفردية والعامة بما فيها حرية العقيدة، وعلى اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، دون تأجيل أو مفاضلة.
والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إذ تؤكد على مطلب الدستور الديمقراطي، فإنها لازالت تعتبر أن التعديل الدستوري، لفاتح يوليوز 2011، حافظ على الجوهر الاستبدادي للدستور، رغم تنصيصه على عدد من الحقوق والحريات واعترافه بالهوية الأمازيغية وترسيمه للغة الأمازيغية لأول مرة.
وعلى المستوى التشريعي تعتبرأن مشاريع القوانين المعروضة أمام مجلسي البرلمان للدراسة والتصويت أو التي تمت المصادقة عليها ، كقانون الصحافة والنشر والقانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز لا تستجيب لانتظارات الحركة الحقوقية المغربية، وتجدد رفضها تقديم مشاريع القوانين التنظيمية القوانين والمراسيم أمام البرلمان للمصادقة إلا بعد اكتمال النقاش العمومي حولها، بإشراك كل مكونات الحركة الحقوقية المغربية، ودراسة مدى ملائمتها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وعلى الخصوص مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب ، ومشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدراجها في التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، مشروع قانون يتعلق بالحق في الحصول على المعلومات ومشروع قانون محاربة العنف ضد النساء.
في تجاهل تام لمطالب منظمات المجتمع المدني والحركة الحقوقية والنقابات وكل المعنيين بتدبير الشأن العام.
وتعتبرالجمعية أن المراجعات الحالية للقانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، بعد شهور من النقاش بين مختلف المكونات المجتمعية المطالبة بالإصلاح الشامل لمنظومة العدالة لا تستجيب للمعايير الدولية لحقوق الإنسان ولتوصيات الاستعراض الدوري الشامل الأخير واللجنة المعنية بحقوق الإنسان والآليات الأممية الأخرى.
5/ وبخصوص الملف المتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتبط بالقمع السياسي؛ فعلى الرغم من انقضاء ما يقارب إثنى عشر سنة على انتهاء أشغال هيئة الإنصاف والمصالحة من أشغالها، وتقديمها التقرير الختامي لعملها للملك في 6 يناير 2006، الذي صادق عليه، وأوصى المجلس الاستشاري حينها -المجلس الوطني لحقوق الإنسان حاليا- والقطاعات الحكومية المعنية، بالعمل على وضع التوصيات المتضمنة فيه موضع التنفيذ، فإن الجمعية تسجل:
ــ عدم الكشف عن مصير كافة المختطفين مجهولي المصير، وخصوصا الذين أبقت هيئة الإنصاف والمصالحة البحث مفتوحا بشأنهم؛
ــ عدم تحديد هوية عدد من المتوفين وتسليم رفاتهم إلى عائلاتهم؛
ــ التماطل في استكمال جبر الأضرار الفردية لعدد من الضحايا وذوي الحقوق، والتجاهل الكامل لآلاف الملفات الموضوعة لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو ما يفسر الاعتصامات المتتالية والإضرابات عن الطعام بنايته بحي الرياض بالرباط.
ــ التنصل من وضع العديد من التوصيات موضع التنفيذ، وأساسا منها تلك المتعلقة بالإصلاحات الدستورية والمؤسساتية والقانونية والتشريعية والإدارية والتربوية، ووضع الاستراتيجية الوطنية لمناهضة الإفلات من العقاب ضمانا لعدم التكرار، والتوصيات المتعلقة بحفظ الذاكرة، والاعتذار الرسمي والعلني للدولة، وجبر الأضرار الجماعية للمناطق التي كانت أكثر عرضة للانتهاكات خلال العقود الماضية،
ــ استمرار الاعتقال السياسي والمحاكمات غير العادلة، ومواصلة الدولة رفضها، الاستجابة لقرارات فريق الأمم المتحدة الخاص بالاعتقال التعسفي، التي تطالبها فيها بإطلاق السراح الفوري لمجموعة من المعتقلين السياسيين (آخر قرار بهم عبد القادر بليرج) وجبر أضرارهم.
6/ وفي ما يهم ملف الانتهاكات المرتبطة بمناهضة الإرهاب؛ فإن الجمعية إذ تؤكد مجددا على موقفها المبدئي المدين لكل أشكال الإرهاب المستهدف لأرواح وسلامة المواطنين والمواطنات، والمساس بالحق في الحياة والحق في السلامة البدنية والأمان الشخصي وبالممتلكات العامة والخاصة، فإنها ترى أن الحد من مظاهر الإرهاب يجب أن يبنى على مقاربة شاملة لا تقف فقط عند المقاربة الأمنية الصرفة، بل يجب أن تذهب إلى الأسباب العميقة لتصاعد المد الإرهابي على المستوى الإقليمي والدولي، والذي تعود أسبابه الرئيسية إلى انتهاك حقوق الشعوب في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والثقافي والبيئي ، واستحكام القوى الإمبريالية والصهيونية وقوى الاستبداد في المنطقة المغاربية والشرق الأوسطية، التي تعمق انتهاك الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؛ وهو ما يستدعي من الدولة المغربية:
ــ الالتزام الكامل من طرف جميع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والقضائية باحترام سيادة القانون في مواجهة الإرهاب.
ــ تفعيل الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان والخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان في المغرب، وتشييد أسس دولة المواطنة الحقة، التي يتمتع فيها المواطنون والمواطنات بكافة حقوقهم وحرياتهم.
وقد سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان خلال متابعتها لأوضاع معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية بمختلف السجون المغربية، ما يتعرضون له من تعذيب ومعاملات قاسية ولا إنسانية ومهينة وحاطة من الكرامة، ومن إجهاز على المكتسبات التي راكموها على امتداد سنوات الاعتقال الطويلة. ونظرا للملابسات التي أحاطت بتوقيفهم واعتقالهم، وعدم تمتعهم بشروط وضمانات الحق في المحاكمة العادلة، ظلت الجمعية تطالب بإطلاق سراحهم أو إعادة محاكمتهم، لقناعتها بأن الجزء الأكبر منهم هم ضحايا اعتقالات تعسفية ومحاكمات غير عادلة.
7/ وفي ما يتصل بالانتهاكات المرتبطة بالنزاع حول الصحراء؛ فإن الجمعية تجدد موقفها المعبر عنه من طرف مؤتمراتها، والمتجسد في المطالبة بالحل الديمقراطي والسلمي للنزاع ومناهضة الحرب، وبالتعاطي الحقوقي مع كافة الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بهذا الملف أيا كان مصدرها، بما يخدم الوحدة المغاربية لشعوب المنطقة، ومن أجل السلم والديمقراطية والتنمية المستدامة.
8/ أما فيما يتعلق بالحق في الحياة؛ فإن الوفيات الناتجة عن التعذيب أو الإهمال بمراكز الاعتقال المختلفة، سواء منها مقرات الشرطة القضائية أو أجهزة أمنية أخرى، أو إطلاق الرصاص من طرق قوات الأمن دون احترام للمعايير الدولية ذات الصلة أو السجون أو المستشفيات، أو تلك المتعلقة بالمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء، تؤكد استمرار انتهاك هذا الحق من طرف السلطات المغربية.
وفي هذا الإطار تجدد الجمعية استنكارها للطريقة التي تم الاعتداء على الحق في الحياة في قضية ضحية الحكرة الشهيد محسن فكري والشهيد عماد العتابي الذي إصيب برصاصة في رأسه أثناء استعمال قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع بشكل عشوائي وإطلاق قنابلها على المتظاهرين/ات بالحسيمة خلال المسيرة اللشعبية بالحسيمة والغازي خلادة بعد خوضه لإضراب مفتوح عن الطعام لمدة 90 يوما، وتطالب بإجلاء الحقيقة كاملة في كل هذه الجرائم، ونشر نتائج البحث للعموم، ومعاقبة المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عنها، تفعيلا لمبدإ عدم الإفلات من العقاب.
وإذا كانت الجمعية تطالب السلطات المختصة بفتح تحقيق في موضوع الوفيات هاته قصد تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات، حتى لا يظل مرتكبوها بعيدين عن المساءلة وإعمال العدالة، فإنها تجدد استنكارها لعدم تحمل السلطات لمسؤولياتها في الكشف عن حقيقة الوفيات، التي ذهب ضحيتها نشطاء من حركة 20 فبراير، ومعتقلون في إطار ملف ما يسمى بالسلفية الجهادية، وأحد نشطاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بعد إضراب لا محدود عن الطعام دام أكثر من شهرين. وأحد مناضلي حركة المعطلين، واختفاء طالب بجامعة ابن زھر بأكادير في ظروف غامضة، والعثور على جثته متحللة داخل الحرم الجامعي ووفيات أخرى.
9/ أما بخصوص الحق في السلامة البدنية والأمان الشخصي والشطط في استعمال السلطة أو ما يمكننا أن ندرجه في حكم التعذيب والمعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة أو الحاطة من الكرامة؛ فإن تقارير العديد من الهيآت والتنسيقيات والائتلافات الوطنية لحقوق الإنسان تجمع كلها على استمرار هذه الممارسات الخارجة عن القانون بشكل واسع سواء أثناء الاعتقال والاستنطاق بمراكز الشرطة والدرك أو في السجون ؛ وهو ما يمكن الوقوف عليه من خلال ما تنشره الصحف والمواقع الإلكترونية وشهادات بعض معتقلي الحراك الشعبي بالريف عن عشرات الحالات والطريق المهينة التي ظهر بها المعتقل السياسي ناصر الزفزافي من خلال تصويره عاريا في شريط الفيديو وهو رهن الاعتقال.
ويبقى موضوع إخراج الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التي يتعين أن تكون تتمتع بالاستقلالية التامة عن كل تأثير من أي جهة كانت، حتى يمكنها أن تمارس مهامها بفعالية وتساهم إلى حد ما في الحد من تعرض المواطنات والمواطنين للتعذيب والمعاملات القاسية و اللاإنسانية والمهينة والحاطة من الكرامة.
10/ وبالنسبة لملف الاعتقال السياسي؛ وفي سياق التضييق على حرية الرأي والتعبير ولاحتجاج، فقد تابعت الجمعية الاستمرار المتزايد، للاعتقالات والمتابعات والاستنطاقات التعسفية التي تمس نشطاء المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء حراك الريف والداعمين لهم ومناضلي ومناضلات جمعيتنا ونشطاء حركة 20 فبراير، ومناضلات ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وحركات المعطلين، ومعتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية، والنشيطات والنشطاء الصحراويين، والمواطنات والمواطنين المشاركين في احتجاجات سلمية بالعديد من المناطق، بشأن عدد من القضايا الاجتماعية المتعلقة بالأسعار والماء والكهرباء، والأراضي السلالية، والحق في الشغل، والحق في السكن والذين أصبحت السلطة تبدع في فبركة متابعتهم بتلفيق تهم الحق العام لهم، وبذلك يبقى هذا الملف مفتوحا.
ومن الواجب التذكير بأن السلطات المعنية تمعن في إبقاء معاناة الذين يتم الإفراج عنهم بعد إتمامهم العقوبة، بعدم تسوية أوضاعهم المهنية أو الإدارية أو الدراسية، أو بتوفير الشروط لإعادة إدماجهم؛ وهو ما يدفع العديد منهم للارتماء في أحضان التطرف، والتوجه إلى مناطق النزاع.
11/ أما ملف الاختفاء القسري، فإنه،
إذا كانت الدولة المغربية قد صادقت على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، فإنها لحد الآن لم تقدم تقريرها الأولي بشأن تفعيل مقتضيات الاتفاقية إلى اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري؛ كما أنها ولحد الآن لم ترفق هذا التصديق بالتصريح باعتراف الدولة المغربية باختصاص اللجنة الأممية المعنية بحالات بالاختفاء القسري وفق المادة 31 من الاتفاقية المذكورة.
12/ وبخصوص الأوضاع بالسجون، فإن التقارير الرسمية نفسها تجمع كلها على أن أوضاعها مأساوية، سواء تعلق الأمر بالإقامة حيث الاكتظاظ الذي يحول السجن إلى جحيم لا يطاق ، وينعكس ذلك على كل مناحي العيش من حيث التغذية والنظافة والاستحمام والفسحة ومتابعة الدراسة والزيارة والتطبيب والعلاج؛ وهي الأوضاع التي تؤدي إلى انتشار الأمراض، والوفيات وما يترتب عن كل ذلك من تعرض السجناء للتعذيب والمعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة والحاطة من الكرامة، وتحول السجن إلى مشاتل لتفريخ العصابات الإجرامية خصوصا مع الترويج الواسع بداخلها للمخدرات وغيرها من الممنوعات التي تساهم في تدمير عقول السجناء وأجسادهم. ولقد سجلت الفترة الأخيرة سلسلة من الإضرابات عن الطعام بمختلف السجون نتيجة ادعاءات سجناء بتعرضهم للتعذيب والمعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة والحاطة من الكرامة وانتحار سجين محكوم في إطار قضايا الإرهاب كان يعاني من مرض نفسي حسب إدارة السجن. ورغم كل هذه الأوضاع، لا تعير القطاعات الحكومية المعنية بقطاع السجون أدنى اهتمام أو التفات لتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان واللجان البرلمانية، وللتوصيات التي تحملها تقارير المنظمات غير الحكومية وضمنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؛ مع غياب المراقبة القضائية للسجون، وعدم اضطلاع اللجان الإقليمية لمراقبة السجون بمهامها المتمثلة في الزيارات الدورية للمؤسسات السجنية، مفضلة إصدار البيانات التكذيبية المتشنجة إزاء أي تقرير وطني أو دولي بخصوص أوضاع السجون والسجناء.
لذلك فإن الدولة أصبحت مطالبة وباستعجال، أمام الأوضاع الكارثية التي تعرفها السجون المغربية، بالبحث مع المكونات المجتمعية المعنية بأوضاع السجون، حول السبل الكفيلة بإيجاد الحلول للأوضاع المتردية بالسجون.
13/ وبالنسبة للحق في التنظيم، فإن التقارير الدولية الأخيرة تؤكد جميعها على العودة الممنهجة للإجهاز على الحق في التنظيم، وهو ما يمكن تلمسه من خلال امتناع السلطات عن تسليم وصولات الإيداع القانونية لعدد من الجمعيات الوطنية والمحلية أو تجديد مكاتب الجمعيات المؤسسة وفق القانون، من بينها جمعيتنا، والمستمر منذ تصريحات وزير الداخلية أمام البرلمان في 15 يوليوز 2014 ،يضاف إلى ذلك العودة للممارسات التعسفية في التضييف على العاملين في مجال حقوق الإنسان، رغم الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري لفائدة الهيآت ضحايا المنع التعسفي.
14/ وبخصوص الحق في التجمع والتظاهر السلمي ؛ فإن هذه السنة عرفت تصعيدا كبيرا، يمكن الوقوف عليه من خلال التدخلات المفرطة وغير المبررة في استعمال القوة من طرف القوات العمومية ؛في حق عدد من المسيرات والوقفات والتظاهرات السلمية والتي تناقلتها العديد من وسائل الإعلام ومست حراك الريف والحراك الداعم له، حيث وصلت الاعتداءات حد اقتحام المنازل بكل مناطق الريف، وفئات المعطلين حاملي الشهادات،بما فيهم حاملو الإعاقة والأساتذة المتدربين المرسبين ومجموعة 10 آلاف إطار والأساتذة المجازين ونشطاء حركة 20 فبراير، ونشطاء الإتحاد الوطني لطلبة المغرب واحتجاجات سلمية اجتماعية للمواطنين والمواطنات المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بما فيها تلك التي تشهدها شهدتها مدن الصحراء.
إن هذه الأمثلة التي تعرضنا لها على سبيل المثال لا الحصر توضح أن السلطات متمادية في الإخلال بالتزاماتها الوطنية والدولية بخصوص الحق في التجمع والتظاهر السلمي
15/ وفي ما يخص حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، فإن الجمعية تسجل ما يلي:
ــ إصرار السلطات على التضييق على عدد من النشطاء والنشيطات وتبقى الأمثلة كثيرة نسوق على سبيل المثال منها اعتقال ومتابعة حميد المهدوي: مدير موقع بديل، ربيع الأبلق: مراسل موقع بديل، عادل لبداحي: مراسل موقع/جريدة ملفات تادلة، عبد العالي حود: «araghi.tv»، جواد الصابري ومحمد الأصريحي: موقع ريف 24 و عبد الكبير الحر: مدير موقع رصد المغربية لا الحصر واستمرار ، متابعة المعطي منجب ورفاقه والصحفي عبد الله البقالي ومتابعة مجموعة من الصحفيين والنشطاء الرقميين بتهم خطيرة؛ من قبيل المس بسلامة أمن الدولة الداخلي، والتمويل الأجنبي غير القانوني، زعزعة النظام العام، والإشادة بالإرهاب؛
ــ استمرار احتكار الدولة المغربية لوسائل الإعلام العمومية ولتوظيفها خدمة لسياستها البعيدة عن تطلعات المواطنين والمواطنات في إعلام مستقل ومواطن يخدم المصلحة العامة، وينشر ويشيع ثقافة حقوق الإنسان وقيمها.
وفي علاقة بما تتعرض له حرية الصحافة، فإن الجمعية تجدد ، إلى حانب كل المكونات المجتمعية وضمنها الحركة الحقوقية المغربية، المعنية بإصلاح الإعلام، التعبيرعن خيبة الأمل من المراجعة التي تمت لقانون الصحافة، والتي أبقت جميع المقتضيات المعرقلة لحرية الرأي والتعبير، والتفت على مطلب إلغاء العقوبات السالبة للحرية، وجعل حد للغرامات والتعويضات الباهظة التي قد تؤدي إلى إقبار عدد من المقاولات الفتية.بتفويت هذه المهمة للقانون الجنائي للزج بنساء ورجال الإعلام في السجون ،أو منعهم من ممارسة الصحافة لمدة قد تصل لعشر سنوات
وبخصوص الحريات الفردية وحرية المعتقد والضمير والوجدان، فإن الجمعية تسجل ما يلي:
ــ استمرار تجريم حرية المعتقدات الشخصية للأفراد والإفطار العلني في رمضان؛على الرغم من التزام الدولة المغربية باحترام “حرية المعتقد والحرية الدينية” وتجريم المثلية الجنسية، والاختلاف الجنسي والعلاقات الجنسية الرضائية خارج مؤسسة الزواج بمقتضى فصول من القانون الجنائي وتعرض العديد من المواطنات والمواطنين للاعتقال والسجن.
كما عبرت الجمعية عن استنكارها لانتشار ظاهرة قانون الشارع وتعرض العديد من المواطنات والمواطنين إلى العنف والاعتداءات والمس بالسلامة البدنية والنفسية والتحريض على القتل بسبب ممارستهم لهذه الحقوق والحريات
16/ وفي ما يتصل بملف القضاء، فإنه وبالرغم من الخطاب الرسمي حول فتح ورش إصلاح منظومة العدالة بالمغرب، فإن واقع الحال يوضح أن ما جرى التوصل إليه بهذا الخصوص بمصادقة البرلمان على مشروعي القانونين التنظیمیین المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائیة وبالنظام الأساسي للقضاة والقانون المتعلق بنقل الإشراف على النيابة العامة من وزارة العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض لا يرقى إلى مستوى المعايير الدولية ذات الصلة.
وعلى مستوى الواقع تسجل الجمعية:
ــ استمرار القضاء في تبييض الانتهاكات التي تتعرض لها الحقوق والحريات، من خلال الأحكام غير العادلة التي يصدرها في القضايا المتصلة بملفات نشطاء الحراك الشعبي بالريف والداعمين له وملفات ما يسمى بمعتقلي السلفية الجهادية، ونشطاء ونشيطات الحركة الطلابية وحركة 20 فبراير والنشطاء والنشيطات الصحراويين، والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، وضمنهم مناضلات ومناضلي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ملفات ضحايا الحركات الاحتجاجية الاجتماعية للمواطنين والمواطنات بعدد من المدن والقرى.
– استمرار حرمان القضاة من الحرية التنظيم والتعبير
17/ وفي ما يتعلق بعقوبة الإعدام؛ فإن المغرب لازال يصر على عدم الانخراط في الدينامية العالمية حول إلغاء عقوبة الإعدام، إذ لازالت المحاكم المغربية تصدر أحكاما بالإعدام، حتى وإن كانت الدولة لم تنفذ عقوبة الإعدام منذ 1993، وامتناع المغرب للمرة السادسة عن ألتصويت يوم 17 نونبر 2016 باللجنة الثالثة للأمم المتحدة على القرار المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، تماشيا، على الأقل، مع ما هو قائم بحكم الواقع. وتجدد الجمعية مطلبها بالمصادقة على مشروع القرار الأممي المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام الموضوع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال نصف الشهر الحالي. في افق إلغائها عملا بتوصيات هيأة الإنصاف والمصالحة.
18/ وبخصوص أوضاع المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان؛ تسجل الجمعية الاستهداف الواضح لهم من طرف مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، والذي اتخذ طابعا ممنهجا منذ التصريح الذي أدلى به وزير الداخلية بالبرلمان المغربي يوم 15 يوليوز 2014 والذي اتهم فيه الحركة الحقوقية المغربية بتلقي تمويلات أجنبية وخدمة أجندتها، والتشويش على عمل القوات الأمنية في مكافحتها للإرهاب، وقد تجسد ذلك فيما يلي:
ــ المنع الذي تعرضت له وتتعرض له الجمعية في تنظيم أنشطتها وتجديد مكاتبها الفرعية، وحرمانها من الدعم المالي والمادي، والضغط على القطاعات الوزارية الشريكة،. وحرمانها من تنظيم المخيمات الحقوقية، وتنفيذ مقتضيات الاتفاقية المبرمة مع وزارة التعليم لنشر قيم وثقافة حقوق الإنسان وتنشيط الأندية الحقوقية بالمؤسسات التعليمية بعد أن تم إلغاء قرار لوزارة التربية الوطنية بوضع 5 موظفين رهن إشارتها.
ــ المنع الذي تعرضت له عدد من الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية
الحملة الإعلامية التي تشنها عدد من الجرائد والمواقع الإلكترونية ــ المسخرة من طرف الأجهزة الاستخباراتية المغربية والتي تستهدف أطر ومناضلي الحركة الحقوقية المغربية والتي تخرق فيها هذه الوسائل كل أخلاقيات مهنة الصحافة.
ــ المتابعات والمحاكمات التي يتعرض لها المدافعات والمدافعون عن حقوق الإنسان، والزج بهم في السجون.
19/ أما في مجال حقوق المرأة؛ فقد سجلت الجمعية:
ــ ضعف المؤشرات في مجال إعمال مبدأ المساواة بين الجنسين في كل المجالات، فعدد من التحفظات بشأن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لا زالت قائمة، فيما تمت إعادة صياغة بعضها في شكل اعلانات تحافظ من حيث الجوهر على روح تلك التحفظات.
ــ تزايد حالات الإجهاض السري وعدم استجابة المقتضيات اتشريعية المقترحة في إطار مراجعة القانون الجنائي الحالي والخاصة بالإجهاض لمطالب الجمعيات الحقوقية والجمعيات الطبية المهتمة بالحق في إجهاض آمن. من خلال توسيع نطاق الاستثناءات الخاصة بالإيقاف الطوعي للحمل.
ــ الطابع الموبوء بالتمييز لمدونة الأسرة، على مستوى المرجعية ومنطوق النصوص، وخاصة في القضايا الجوهرية، مثل تعدد الزوجات ومساطر الطلاق والولاية الشرعية، وضعف تطبيق مقتضياتها الإيجابية ــ رغم أنها لا ترقى لمستوى المعايير الكونية في مجال حقوق النساء داخل الأسرة ــ نظرا لبعض مضامينها نفسها غير القابلة للتطبيق، وللعراقيل المتعددة في هذا المجال المتمثلة أساسا في طبيعة قضاء الأسرة المتسم بالعقلية المحافظة إلى جانب العاهات الأخرى التي تطبع القضاء المغربي؛ وهو ما أدى إلى المساهمة في انتهاك حقوق النساء داخل الأسرة، وأبرزها العدد الكبير من حالات زواج القاصرات، التي بدأت تطفو على السطح نتائجها الكارثية المتجسدة في تفاقم حالات العنف الزوجي بكل أشكاله ومخاطره على حياة الطفلات الضحايا.
ــ أن ظاهرة العنف ضد المرأة ما تزال تعم المجتمع المغربي، وأن التحرش الجنسي الذي يشكل انتهاكا صارخا لحقوق المرأة وتهديدا للمساواة في الفرص بين الجنسين وإهانة وتبخيسا لكرامة المرأة مازال مستشريا، وفي تنام مضطرد ومقلق، في ظل تساهل القضاء مع جرائم العنف اتجاه النساء. وفي هذا الإطار تضم الجمعية صوتها إلى باقي مكونات الحركة النسائية الديمقراطية إلى سحب مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء من مجلس المستشارين بعد أن صادق عليه مجلس النواب، بتاريخ 20 يوليوز 2016، وسط معارضة شديدة من قبل الجمعيات النسائية والحقوقية، نظرا لتجاهله لمعايير التشريع في مجال مناهضة العنف، الذي لا يوفر آليات فعلية لحماية للمرأة من العنف بكل أشكاله ولا يضع حدا للإفلات من العقاب.
ويبقى مطلب تغيير جذري وشامل للتشريع الجنائي المتعلق بالمرأة، أحد المطالب الأساسية إلى جانب القيام بمراجعة شاملة وجذرية لقانون مكافحة العنف ضد المرأة المعتمد، والذي يجب أن يتم بالتنسيق مع كل الجهات المعنية، وبإشراك الحركة الحقوقية والنسائية في بلورة مضامينه ومراسيم تطبيقه.
ــ تعتبر أن القانون التنظيمي المحدث لهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، لا يستجيب لانتظارات المنظمات الحقوقية والنسائية وهيآت أخرى ولا تتمثل فيه مواصفات مبادئ باريس للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان على مستوى التشكيلة والأهداف والاستقلالية.
ــ ضعف أداء الدولة بشأن الإجراءات التربوية والتثقيفية وبرامج التربية على المساواة، سواء في مجال المقررات المدرسية أو على مستوى الإعلام، الكفيلة بتغيير الأدوار النمطية لكل من الجنسين داخل المجتمع، كما تنص على ذلك الاتفاقية الدولية لمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة.
ــ الانعكاس الشديد لآثار التدهور الذي تعرفه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على النساء، معمقة حالات الفقر وسطهن ومسرعة من وتيرتها بينهن؛ في حين لازالت أوضاع العاملات في البيوت، لا تحظى بأي تغطية قانونية، وأوضاع العاملات الزراعيات عرضة لكل أشكال الاستغلال. ولعل أصدق تعبير عن الأوضاع المهينة، القائمة على أشد أشكال الاقصاء والاستبعاد والتفقير، هو الفاجعة المروعة التي أودت بحياة 15 امرأة، بمنطقة سيدي بولعلام بإقليم الصويرة، يوم الأحد 19 نونبر 2017؛ وأيضا الوفيات المتكررة وسط النساء “الحمالات”، جراء التدافع أثناء المرور من خلال معبر طراخال بسبتة المحتلة.
20/ وبخصوص وضعية حقوق الطفل، فإن أهم ما ميزها هو عدم التزام الدولة المغربية بتعهداتها في مجال حقوق الطفل، وعدم الأخذ بالمصالح الفضلى للطفل في رسم السياسات العمومية، وتغييب المجتمع المدني في صياغة الخطط والبرامج للنهوض بأوضاع الطفولة؛ هذا إلى جانب انفجار انتهاكات خطيرة مست الحق في الحياة والتسمية والتعليم والصحة؛ بالإضافة إلى التعذيب وسوء المعاملة والاعتداءات الجنسية، والتزايد المقلق لجرائم الاغتصاب وتساهل القضاء عموما مع المتورطين فيها؛ كما أن هناك مؤشرات تبين أن الاستغلال الجنسي للأطفال يتفاقم في إطار ما يسمى بالسياحة الجنسية، حيث تنشط الشبكات الإجرامية المتاجرة في الأطفال؛ فضلا عن استغلالهم الاقتصادي في الحقول والمعامل والصناعة التقليدية وكخادمات في البيوت.، ورغم الخطوة الايجابية التي عرفها المصادقة على قانون عمال المنازل، فإنه لا زالت تعتريه ثغرات عدة؛ حيث أقر بتشغيل الأطفال والطفلات دون سن 18، حين حدد السن الأدنى للتشغيل في 16 سنة
ومن جهة أخرى، لازال الأطفال يعانون من العنف في مختلف الفضاءات الخاصة منها والعامة، ومن آفة الهدر المدرسي وإفلاس المدرسة العمومية؛ فيما تتزايد أعداد أطفال الشوارع والأطفال الموجودين في نزاع مع القانون، وتتفاقم هجرة القاصرين غير المرافقين.
21/ حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء: رغم إعلان المغرب سنة 2013 عن “سياسة جديدة” في مجال الهجرة تعتمد المقاربة الإنسانية” وإصدار اللجنة الأممية المعنية بالاتفاقية لتوصياتها إلى المغرب حول احترام حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وإطلاق مسلسل التسوية الإدارية الاستثنائية للمهاجرين في وضعية غير نظامية للمرة الثانية إلا أن الجمعية ما فتئت تسجل استمرار معاناة المهاجرين ببلادنا، خاصة مع تزايد وتيرة الكراهية والعنصرية اتجاههم، والانتهاكات الخطيرة لحقوقهم؛
ولا زالت السلطات تعمد إلى ترحيل المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء من منطقة إلى أخرى، خصوصا الموجودين في المناطق الحدودية، وإلى بلدانهم الأصلية دون احترام أبسط الحقوق التي تكفلها لهم المواثيق الدولية وحتى القوانين الوطنية رغم عدم ملاءمتها للاتفاقيات ذات الصلة، حيث يتعرضون للاعتداء عليهم والاحتجاز في ظروف لا إنسانية، وتنامي مظاهر الوصم الاجتماعي والتمييز العنصري ضدهم، والحرمان من الحقوق الأساسية مثل الحق في الصحة، والحق في الماء والتغذية، والسكن والتعليم والشغل
ولم تؤد جل الإجراءات المتخذة إلى إخراج المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء من وضعية الهشاشة والحرمان من حقوقهم الأساسية التي يوجدون عليها. كما انها لم تمكن من تسوية وضعية العديد من اللاجئين وعلى الخصوص السوريين
وبشكل عام لم تتجاوب الدولة مع التوصيات الصادرة عن الأمم المتحدة في سنة 2013، سواء على المستوى التشريعي حيث لا زال القانون 03 -02، هو المؤطر لدخول وإقامة الأجانب بالمغرب والذي يتميز بطابعه الأمني وتعارضه مع المواثيق الدولية، أو على مستوى الواقع الذي تتم فيه تغييب المقاربة الحقوقية في معالجة ملف الهجرة. ولم يتم لحدود اليوم إصدار تشريع خاص باللجوء كما وعدت به السياسة الجديدة والإستراتيجية المعلن عنهما سنة 2013.
ويتعرض المهاجرون من أصل مغربي ــ بالبلدان الغربية خاصة ــ لأوضاع تزداد ترديا نتيجة العطالة والعنصرية، وتعمقت هذه الأوضاع بسبب انعكاسات الأزمة الاقتصادية على أوضاع المهاجرين بشكل عام من ضمنهم المغاربيين، إضافة إلى التراجعات المتتالية في سياسة الهجرة بدول أوروبا. كما أن دول الاتحاد الأوروبي لم تصادق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم؛ في حين لا زالت الهجرة غير النظامية للمغاربة نحو الخارج تؤدي إلى مآسي حقيقية.
كما يعيش المهاجرون المغاربة إلى دول الخليج، وخاصة النساء منهم، مآسي حقيقية كشفت عنها العديد من التسجيلات والشكايات، فضحت الاستعباد والاستغلال الجنسي للعديد من المشغلين، في ظل نظام الكفيل القروسطي. ولم تتحمل الدولة المغربية مسؤوليتها في حماية المواطنات والمواطنين المغاربة في السعودية وغيرها من الاستعباد والاستغلال.
كما تتضاعف مأساة المهاجرين المغاربة بليبيا جراء الوضع السياسي الذي يعرفه البلد، حيث اصبح عدد منهم، علاوة على عدد من المهاجرين من افريقيا جنوب الصحراء، ضحية لشبكات الاتجار بالبشر، بل اصبحو سلعة تباع وتشترى في اسواق للنخاسة في ضرب سافر للكرامة الانسانية.
22/ وبشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: تسجل الجمعية استمرار وتعمق الانتهاكات في هذا المجال، نتيجة النظام الاقتصادي السائد، وضخامة خدمات المديونية الخارجية، وانعكاسات السياسة الليبرالية المتوحشة – خاصة بالنسبة لميزانية الدولة التي أصبحت متعارضة مع التنمية والتشغيل – إلى جانب الخوصصة ومجمل الإجراءات المالية والاقتصادية المفروضة من طرف البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، والانخراط الكامل للمغرب في العولمة من موقع الضعف، والنهب السافر للمال العام والثروات الوطنية مع استمرار الإفلات من العقاب بشأن الجرائم الاقتصادية. وسجلت هذه السنة استفحال ظاهرة الرشوة وضعف الآلية الوطنية للوقاية من الرشوة وعدم ملاءمتها مع ما تنص عليه الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد مما جعل رتبة المغرب في سلم الشفافية العالمية متدنية، في ظل عجز الحكومة عن مواجهة الفساد، ومضيها في تنفيذ البرامج والسياسات المملاة من الدوائر المالية الإمبريالية بالرفع من أسعار المواد والخدمات الأساسية، وإلغاء صندوق المقاصة، والإجهاز على مكتسبات الشعب المغربي بتمرير قوانين “إصلاح التقاعد” ضد على الموظفات والموظفين باللجوء إلى إجراءات لمعالجة أزمة صندوق التقاعد، تحمّل سوء التدبير لهذه الصناديق للمنخرطين؛ وذلك برفع سن الإحالة على التقاعد، ورفع نسبة الاقتطاع من الأجور لتمويل الصندوق، وتقليص قيمة المعاش، ورفع مدة إمكانية الإحالة على التقاعد النسبي؛.
ولم تؤد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي انطلقت منذ ما يقارب إثنى عشر سنة، إلى أي تحسن لرتبة المغرب في سلم التنمية البشرية )الرتبة 123 (الذي يعده برنامج الأمم المتحدة للتنمية، ويفيد تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن 60% من المغاربة يعانون من الفقر والعوز، وأن المغرب يعد من أكثر دول منطقة شمال أفريقيا فقرا؛ حيث يعيش أزيد من 5 ملايين مغربي بأقل من 550 درهما في الشهر؛ بينما حوالي مليوني مغربي يقل دخلهم عن 300 درهم في الشهر مما يوضح أن ملف التنمية البشرية بالمغرب لازال يراوح مكانه في غياب سياسة جديدة في مجال التنمية ترتكز على المقاربة الحقوقية وتنسجم مع المادة الأولى من العهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تنص على حق الشعوب في تقرير مصيرها الاقتصادي والتحكم في ثرواتها. ومن جانب آخر لا بد من تقييم لنتائج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وافتحاص للمشاريع التي مولتها والوقوف على الاختلالات التي رافقتها ومساءلة المسؤولين عنها.
- بالنسبة للحق في الشغل، تسجل الجمعية استمرار الانتهاك الخطير لهذا الحق، والمتجسد في البطالة المكشوفة أو المقنعة لملايين المواطنين والمواطنات بمن فيهم مئات الآلاف من الشباب حاملي الشهادات العليا، والتعامل السلبي للسلطات مع مطلب الحق في الشغل ــ عبر ضعف الإجراءات الجادة لخلق فرص الشغل أو عبر قمع الاحتجاجات السلمية ــ وكذا تراجع الدولة والمجالس المنتخبة عن وعودها وعن الاتفاقات المبرمة مع المعنيين في العديد من الأحيان؛ وفي إجراء خطير على الشغل القار عملت الدولة على تمرير قانون يجيز التوظيف بالعقد المحدود الأجل من طرف الدولة فيما تابعت الجمعية خلال هذه السنة الاعتداءات المستمرة ضد احتجاجات الأطر العليا المعطلة وأعضاء الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين المطالبين بحقهم في الشغل، والذين تم اعتقال و محاكمة بعضهم.
وتفيد معطيات كشف عنها تقرير المندوبية السامية للتخطيط بخصوص العطالة وأوضاع الشباب ببلادنا، أن 25 % من الشباب، تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، وعددهم مليون و685 ألف شاب، لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين؛
- وفيما يخص حقوق العمال والحقوق النقابية، فإن الجمعية تسجل استفحال الانتهاكات الخطيرة التي تطالها، ــ فرغم أن مدونة الشغل لا تترجم التزامات المغرب على المستوى الدولي في مجال الحقوق الشغلية بما تتضمنه من سلبيات جوهرية متعلقة بمرونة التشغيل ومرونة الأجور وتهميش دور النقابة على مستوى المقاولة، فإنها عرضة للخرق بشكل كبير ومستمر؛ وهذا ما يتجسد بالخصوص في إغلاق المعامل والتسريحات الجماعية التعسفية وعدم احترام الحد الأدنى للأجور ومدة العمل والضمان الاجتماعي ومختلف العطل في قطاعات وازنة مثل الفلاحة والنسيج والسياحة والبناء والأشغال العمومية والصناعات الغذائية، ناهيك عن القطاعات غير المنظمة؛ ويحصل كل هذا بعلم كافة السلطات، التي لا تقوم بالإجراءات اللازمة لردع المسؤولين عن انتهاك قوانين الشغل. هذا علاوة على تردي أوضاع العمل من خلال توفير الشروط اللازمة والآمنة والتي يشتغل فيها العديد من العمال والعاملات وقد تابعت الجمعية العديد من حالات الاختناق داخل مقاولات صناعية.
- أما الحريات النقابية، فقد أصبحت عرضة للانتهاك أكثر على مستوى المقاولة مما أدى إلى ترهيب فئات واسعة من عمال القطاع الخاص وابتعادهم عن العمل النقابي، بينما لازالت الدولة تتملص من التصديق على الاتفاقية 87 للمنظمة الدولية للشغل. وقد عرفت هذه السنة سلسلة من انتهاكات الحقوق النقابية، من خلال إغلاق المعامل وطرد و وتسريح العديد من العمال والعاملات، بسبب الانتماء والنشاط النقابيين، وتحيز السلطة للمشغلين وتدخلها ضد العمال والعاملات، بتعنيفهم واعتقالهم ومحاكمتهم خلال النزاعات الشغلية، كما يتجلى ذلك بالخصوص في استمرار معاناة العمال الزراعيين في العديد من المناطق، خاصة مع تنامي التشغيل بالمناولة، وتملص أرباب العمل من المسؤولية اتجاه تطبيق قانون الشغل لفائدة عمالهم.
- وبشأن الحق في الإضراب: لازالت السلطات والمشغلون يواصلون الإجهاز على هذا الحق، في القطاع الخاص أساسا، عبر استعمال الفصل 288 من القانون الجنائي لاعتقال ومحاكمة وإدانة المضربين والاقتطاع من الأجور.
وتجدد الجمعية التعبير عن رفضها مشروع القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب المصادق عليه من طرف المجلس الوزاري خلال الولاية الحكومية السابقة والذي جاء لتكبيل الحق في الإضراب كحق من حقوق الإنسان وعرقلة ممارسته والحد من فعاليته ، في تجاهل تام للنقابات.
ولم تعرف الحقوق الاجتماعية الأخرى، التي تؤثر بشكل أساسي على الحق في العيش الكريم، هي الأخرى تحسنا ملموسا:
- الحق في التربية والتعليم: اعترفت الدولة على أعلى مستوياتها بفشل كل المخططات في المجال وبالأزمة الخطيرة لقطاع التعليم، رغم ما تطلبته تلك المخططات من ميزانيات ضخمة، مما يستوجب تحديد المسؤوليات في تبذير المال العام الذي تسببت فيه تلك المخططات، إعمالا لمبدا ربط المسؤولية بالمحاسبة؛ وبدل ذلك، وفي إجراء سيمس كل الشرائح الاجتماعية ويضرب في الصميم الحق في التعليم، تستعد الدولة لفرض رسوم على التسجيل والدراسة في الجامعات والثانويات، عبر استصدار توصية من المجلس الأعلى للتربية والتكوين.
- وفي هذا السياق تابعت الجمعية:
- الظروف المزرية لقطاع التربية والتعليم بالمغرب والمتجلية أساسا:
- فشل المغرب في تنفيذ التزامه بتحقيق الأهداف التي سطرتها البرامج الأممية للقضاء على الأمية. فنسبة 30% التي تعلن عنها مديرية محاربة الأمية، تتناقض ونتائج الدراسات والأبحاث الميدانية التي تعتبر أن نسبة الأمية أكبر من ذلك علما أن النسبة الرسمية في حد ذاتها إدانة للسياسة المتبعة في مجال التعليم ومحو الأمية…؛
- الخصاص الذي يعرفه القطاع في الأطر التربوية والإدارية نتيجة وصول أعداد مهمة لسن التقاعد وتزايد حالات الإحالة على التقاعد النسبي وعدم تخصيص مناصب مالية للقطاع، وإقرار نظام التعاقد كبديل لها وبلوغ الاكتظاظ داخل المؤسسات التعليمية العمومية أرقاما قياسية غير مسبوقة في تاريخ المدرسة المغربية خلال الموسم الدراسي 2016-2017، بعد أن تجاوز الرقم 72 تلميذا وتلميذة داخل الفصل
- النقص المهول في التجهيزات والمرافق والأطر ومواصلة العمل بتعدد المستويات، بقطاع التعليم المدرسي وعجز الجامعة عن استيعاب كل طلبات التسجيل، وتسييد المقاربة الأمنية في الإعداد للدخول الجامعي والمدرسي لهذه السنة.
- الإبقاء على نفس المناهج والبرامج الدراسية التي لا تتلاءم وقيم حقوق الإنسان و التضييق على أنشطة الأندية الحقوقية ومنع أنشطة التثقيف الحقوقي وسط التلاميذ مما أدى إلى تفشي ظاهرة العنف ضد هيئة التدريس والتطبيع معه في الوسط المدرسي.
- وفيما يتعلق بتقييم مكتسبات التلاميد فقد كشفت التقرير الأول للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول، أن اكنساب تلامذة التعليم العمومي للكفايات الأساسية في مواد اللغات والرياضيات يبقى ضعيفا.
- اتساع دائرة الهدر المدرسي والانقطاع عن الدراسة، مما يقوي ارتفاع نسبة الأمية وتشغيل الأطفال، وانتشار الأمراض الاجتماعية وتقليص إمكانية دمجهم اجتماعيا؛
- محاولة القضاء على المدرسة والجامعة العموميتين عبر ضرب المجانية والخوصصة التدريجية، عوض اهتمام الحكومة بمعالجة الاختلالات في المجال التعليمي عبر مقاربة اجتماعية وحقوقية، من خلال مشروع القانون الإطار حول تنفيذ الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030 الذي قدم إلى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لإبداء رأيه خصوصا فيما يتعلق بإجراءات فرض الرسوم والشراكة بين القطاع العام والخاص التي من شأنها ضرب مبدأ تكافؤ الفرص، وحرمان فئات عريضة من الشعب من تعليم عمومي مجاني وذي جودة؛
- تسجيل محاولة ضرب عدد من المكتسبات والحقوق المادية والمعنوية للطلاب، على غرار المرسوم الوزاري رقم 2.15.644 القاضي تعسفا بإدماج وتوحيد المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية والمدارس العليا للتكنولوجيا وكليات العلوم والتقنيات
- تسييد المقاربة الأمنية والقمعية اتجاه الاحتجاجات والأشكال النضالية للحركة الطلابية، بالاستعمال المفرط للقوة من طرف القوات العمومية لتفريق المظاهرات والاعتصامات التي شهدت العديد من الجامعات مع ما يرافق ذلك من اعتقالات وتعنيف للطلاب يصل حد الاعتداء الجسدي والتعذيب والمتابعات والمحاكمات.
- محاولة مصادرة المقر المركزي للنقابة الطلابية “الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بعد قيام رئيس الحكومة ووزيره في الشبيبة والرياضة رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية بالرباط من أجل تفويته
- الحق في الصحة: تسجل الجمعية تدهور الخدمات الصحية وتراجع الوصول للعلاج بالنسبة للمواطنين والمواطنات؛ وهو ما يتبين من خلال ما عرفته هذه السنة حالات متعددة لنساء وضعن في شروط مهينة ووفيات بسبب الإهمال وشروط العمل المتردية في المستشفيات، وانتشار أمراض خطيرة في العديد من المناطق، في ظل ضعف التمويل العمومي للصحة، وارتفاع نصيب النفقات الذاتية من جيوب الأسر المغربية من النفقات الإجمالية على الرعاية الصحية، وفشل وتعثر نظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود المعروف ب “الراميد”، إضافة إلى ضعف البنيات التحتية وقلتها مقارنة مع تزايد حاجيات المواطنين إلى العلاج، والعجز المهول في الموارد البشرية؛ وأشار تقرير صادر عن المنظمة العالمية للصحة إلى أن عدد الأطباء قليل مقارنة مع عدد السكان، وإلى نقص الاستثمار في قطاع الصحة ومحدودية الميزانية المخصصة للعلاجات الوقائية من الأمراض، وأن النظام المغربي للصحة يتميز بشيخوخة العاملين في القطاع، وسوء توزيعهم في المجالين الجغرافي وفي التخصصات؛، وضعف الحكامة وسوء التدبير والتسيير للموارد المتوفرة وتزايد الفوارق بين الأقاليم والجهات
- الحق في السكن: تسجل الجمعية أن هناك محنة حقيقية لفئات واسعة من المواطنين في مجال السكن وتعرف عدد من المدن إجراءات هدم المساكن بشكل تعسفي تم تشييدها بموافقة وأمام أعين السلطات وذلك دون توفير البديل لضحايا هذه الإجراءات، مما أدى إلى احتجاجات عديدة تم قمعها واعتقال العديد من المواطنين ومحاكمتهم. كما تستمر المساكن في “المدن القديمة” في الانهيار في غياب العناية بها وإيجاد الحلول لقاطنيها. ولم تتمكن الدولة من الاستجابة لمتطلبات السكن للفئات ذوي الدخل المحدود والفئات المتوسطة رغم التسهيلات الضريبية والدعم الذي توفره للمنعشين العقاريين.
- الحق في البيئة السليمة: تسجل الجمعية التدهور الذي تعرفه البيئة والانتهاكات السافرة للحق في لبيئة السليمة ومن ضمنها نهب الثروات الطبيعية عبر اقتلاع المناطق الخضراء وجتثاث ما تبقى من المناطق الغابوية وتفويت جبال لاستخدامها كمقالع للرمال أو الحصى واستعمال المتفجرات في صيد الأسماك، وإفراغ النفايات المنزلية والطبية والصناعية للعديد من المدن في محطات عشوائية، والمياه العادمة في الأنهار والبحار بدون معالجة، واستقبال واستيراد نفايات بعض الدول الأوروبية واستعمالها في الأفران الصناعية لبعض المعامل كوقود… وهو ما يهدد التوازن البيئي في البلاد ككل. حيث يسجل المغرب تراجعا في ترتيب الفعالية في مجال البيئة.
- الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية:
- تجدد الجمعيىة التعبير عن أن مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المصادق عليهما من طرف المجلس الوزاري لا يتلاءمان مع المرجعية الأممية ذات الصلة ويسجلان تراجعا واضحا وضربا لما تم تحقيقه خلال العقدين الأخيرين ولا يستجيبان لانتظارات الحركة الحقوقية والأمازيغية وما راكمته في هذا المجال، وتطالب بعرضه للنقاش العمومي لدراسة ملائمته مع المعايير الدولية قبل عرضه على البرلمان.
- تسجل الجمعية استمرار رفض الأسماء الأمازيغية، ومنع استخدام اللغة الأمازيغية داخل البرلمان، والتمييز الذي تعانيه القناة الأمازيغية مقارنة مع القنوات الأخرى، وتوقيف تدريس الأمازيغية بالعديد من المؤسسات، وجعلها غير إجبارية وغير معممة ولا تحتسب في الامتحانات، والارتجال في سياسة الدولة المتعلقة بإدماج اللغة الأمازيغية في مختلف مناحي الحياة العامة.
وبهذا الخصوص تطالب الجمعية بتطبيق الدولة لتوصيات اللجنة الأممية المعنية بالاتفاقية الدولية بشأن القضاء على الميز العنصري، الصادرة على إثر تقديم الحكومة المغربية لتقريريها الأخيرين حول تطبيق هذه الاتفاقية وتقديم الجمعيات المعنية لتقاريرها الموازية من ضمنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وبشكل خاص إقرار الدستور للغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية دون تراتبية بين اللغتين ودون تمييز أو تسويف.
23/ وبالنسبة لبعض القضايا الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان، فإن الجمعية إذ تحيي بشكل خاص نضالات القوى الديمقراطية المغاربية ــ وفي مقدمتها مكونات الحركة الحقوقية المنضوية في التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان ــ المناضلة من أجل إقرار حقوق الإنسان والديمقراطية في هذه المنطقة، تسجل:
- تفاقم انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية للشعوب، جراء تعميق واتساع نظام الهيمنة الليبيرالية، والعدوان والحصار، مما يحرم الأمم و الشعوب من حقها في التمتع بخيراتها المادية وحقها في السيادة وتقرير المصير؛
- قلقها البالغ من الأوضاع الكارثية على المستوى الإقليمي وخاصة في كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن والمتسمة بتصعيد للأعمال الإجرامية، من تقتيل وذبح واختطاف وسبي للنساء، والقتل على الهوية…، من طرف الجماعات المسلحة المدعومة من طرف قوى خليجية وإقليمية وقوى غربية، ضمن مشروع الإمبريالية لإعادة إعادة هيكلة الوضع في المنطقة، في انتهاك سافر لحق شعوب المنطقة في تقرير مصيرها؛
- ـتجدد إدانتها للعدوان العسكري السعودي الامبريالي على اليمن وتطالب بسحب القوات المغربية من هذه العملية .
- انشغالها بشأن التطور المأساوي للوضع في ليبيا، وما يعانيه الشعب البحريني الذي يواصل نضاله السلمي من أجل حقه في تقرير المصير، من قمع وتنكيل ومصادرة للحريات، وما يتعرض له المحتجون السلميون في السعودية من اعتقال ومحاكمات، وما يواجهونه من أحكام بالإعدام (حالة المعارض السياسي نمر باقر النمر الذي تم إعدامه ، والفلسطيني أشرف فياض ).
- و بالنسبة لفلسطين تطالب الجمعية ب:
- إنهاء الاحتلال والاستيطان واحترام حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس وحق اللاجئين في العودة؛ كما تطالب بجعل حد للإفلات من العقاب لمجرمي الحرب الصهاينة.
- إصدار قانون يجرم كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، معبرة عن إدانتها لإمعان الدولة المغربية في سياستها المطبعة مع الكيان الصهيوني اقتصاديا وثقافيا وأكاديميا، وتعبر الجمعية عن دعمها لمبادرة مقاطعة البضائع ورفض الاستثمار وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS) بالمغرب و في العالم.
- وتجدد الجمعيىة المغربية إدانتها لقرار الرئيس الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية لدى الكيان الصهيوني لمدينة القدس الفلسطينية وتدعو مناضلاتها ومناضليها إلى الانخراط في كل المبادرات الهادفة إلى إيقاف هدا القرار الإجرامي ودعم نضالات الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال.
24/ وأخيرا، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار: “لا للقمع والاعتقال والتفقير، كل حقوق الانسان للجميع”
- توجه مجددا تحية عالية للشباب المغربي في انتفاضته ضد الاستبداد والفساد وضد الحكرة سواء في إطار الحراك الشعبي بالريف أو الحراك الداعم له أو في إطار الحركات الاجتماعية بالعديد من المناطق أو في إطار في إطار حركة 20 فبراير، وعلى الدور الذي لعبته الحركة في تحريك مطالب حقوقية أساسية ومواجهتهم لمختلف أنواع الاعتداءات المعنوية منها والجسدية، وتجدد تضامنها مع كل ضحايا القمع و مع عائلات الشهداء مؤكدة تشبثها التام بمطلب الحقيقة والمساءلة لكل المتورطين في الجرائم التي أدت إلى استشهادهم. كما تؤكد دعمها لنضالات الحركات الاجتماعية والاحتجاجية المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
- تؤكد تشبثها بمواصلة النضال من أجل إقرار دستور ديمقراطي من حيث منهجية صياغته من طرف ممثلي القوى الحية بالبلاد ومن حيث مضمونه الديمقراطي وأسلوب المصادقة النهائية عليه عبر استفتاء ديمقراطي حر ونزيه، مع التأكيد على مطالبتها بملاءمة الدستور المغربي مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان واعتبار ذلك من أولويات المطالب الحقوقية والديمقراطية نظرا لما يشكله الدستور غير الديمقراطي الحالي من عرقلة أمام تشييد دولة الحق والقانون وبناء الديمقراطية وتحقيق التنمية. كما تؤكد الجمعية على ضرورة بناء أسس دولة الحق والقانون المتجسدة بالخصوص في انتخابات حرة ونزيهة تفرز برلمانا بكامل السلطات التشريعية والرقابية، وحكومة لها كامل السلطات التنفيذية، في ظل وفي قضاء مستقل ونزيه وكفء وتشييد مجتمع الكرامة والمواطنة.
- وانطلاقا من قناعتها المبدئية بأهمية العمل المشترك، تعبر الجمعية عن تشبثها بشعار “وحدة العمل للدفاع عن حقوق الإنسان” وتحيي الدور الذي يؤديه الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، وكافة الشبكات الموضوعاتية التي تشكلها الحركة الحقوقية من أجل الدفع بأوضاع حقوق الإنسان وتحسينها، مؤكدة على شعارات مؤتمراتها الأخيرة: “حركة حقوقية وديمقراطية قوية من أجل دستور ديمقراطي، دولة الحق والقانون ومجتمع الكرامة والمواطنة“، و”نضال مستمر ووحدوي من أجل دستور ديمقراطي يؤسس لسيادة قيم حقوق الإنسان الكونية” و” نضال وحدوي ومتواصل من اجل مغرب الكرامة والديمقراطية وكافة حقوق الانسان للجميع“، التي تعكس استعداد الجمعية للعمل مع كافة مكونات الحركة الحقوقية وسائر القوى الديمقراطية ببلادنا من أجل بناء دولة الحق والقانون ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق.
المكتب المركزي
10 دجنبر 2017