استفحلت ظاهرة إعادة استعمال المياه الملوثة الصناعية بسطات والمنزلية بابن سليمان. من طرف أصحاب الأراضي السقوية المجاورة لمجاريها. حيث مئات الهكتارات من الأراضي الفلاحية، التي يعمد أصحابها إلى تحويل مجاري مياه تلك الأودية الملوثة، لتصب في برك وسدود صغيرة، تضخ مياهها يوميا باستعمال محركات تعمل بالوقود أو غاز البوطان. لسقي الخضر والقطاني والنعناع والأعشاب العطرية (كزبرة، بقدونس، كرفس..)، بالإضافة إلى كلأ المواشي والبقر. ضمن المستفيدين مستثمرين كبار وشخصيات نافذة. مجموعة من هؤلاء المنتجين لمواد غذائية فاسدة وسامة. تعمل بطرق سرية واحتيالية لتفادي تدخل السلطة والمشرفين على الفلاحة والمياه. وذلك بحفر آبار مجاورة لأراضيهم، ونصب محركات لا تعمل، والادعاء باستعمال مياه تلك الآبار في السقي. ومجموعة ثانية تستغل تلك المياه بتواطؤ مع المشرفين، وآخرون لا يترددون في طرد عناصر شرطة المياه، كلما اقتربوا من أراضيهم، أو حاولوا نزع تلك المحركات التي يستعملونها لضخ المياه الملوثة في اتجاه أراضيهم. كما وقع الثلاثاء الماضي بأرض فلاحية متواجدة بالمقاطعة الثانية بمدينة سطات. حيث تم طرد عناصر من شرطة المياه التابعين لوكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية من طرف أصحاب الأرض، الذي يستعملون مياه العادمة الصناعية الملوثة في السقي. أما بمدينة ابن سليمان فإن السلطات المحلية والإقليمية والمجلس البلدي وكالة الحوض المائي الوصية على المياه والمكتب الوطني للماء والكهرباء ممنوعون من ولوج محطة معالجة المياه، وفق ما أكدوه في عدة مناسبات رسمية سابقة. وهي المحطة التي تقادمت أجهزتها وأحواضها. وتسببت في تلوث أراضي فلاحية ومناطق غابوية بمنطقة عين السفيرجلة، التي اعتبرت إلى وقت قريب من أحسن المنتزهات الطبيعية بالإقليم.
أراضي فلاحية تسقى من سيول المنطقة الصناعية بسطات
تتواجد المنطقة الصناعية لسطات في عالية قناة واد بوموسى. مجهزة بشبكة الصرف الصحي تشرف عليها الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء. إلا أن المنطقة الصناعية لا تتوفر حاليا على محطة لمعاجلة تلك المياه العادمة والصناعية، باعتبار أن محطة التصفية الخاصة بالمياه العادمة المنزلية، هي من نوع الأحواض الطبيعية، لا يمكنها أن تستقبل المياه العادمة الصناعية مخافة أن تؤثر على مردوديتها. ولا يمكن أن تعالج تلك المياه السامة. حيث يتم تجميع سيول المنطقة الصناعية في قنوات شبكة الصرف الصحي، التي تصب بعدها في وادي بوموسى. وعلى طول الوادي تم نصب مجموعة محركات لضخ تك المياه، أو إغلاق مجراها وتحويله في اتجاه برك وسدود صغيرة، وذلك بوضع الأطنان من الأتربة والأحجار بعرض الوادي. و يقدر الصبيب الإجمالي المقذوف للمياه العادمة لهذه المنطقة حسب خبراء وكالة الحوض المائي، بحوالي 2800 متر مكعب في اليوم. بينما تبلغ كمية المواد العضوية المقذوفة من المنطقة الصناعية، ب 1075 كلغ في اليوم . ونظرا لاختلاف خصائص هذا الصبيب عن المياه العادمة المنزلية فإن معالجته بطريقة كلية تبقى صعبة، لهذا وجب تفعيل معالجة أولية عند المصدر ( معالجة فردية لكل وحدة صناعية ) . وأفاد مصدر مسؤول، أنه في إطار دوريات لمراقبة السقي بالمياه العادمة، قامت لجنة مكونة من عناصر شرطة المياه التابعة لوكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية، عناصر الدرك الملكي المكلفة بالبيئة والسلطات المحلية ابتداء من 16 نونبر 2017 بكل من قيادة المزامزة والمقاطعة الإدارية 4 التابعتين لإقليم سطات بعملية لمراقبة سقي الأراضي الفلاحية بالمياه الملوثة لواد بوموسى. وخلال عملية المراقبة، ضبطت اللجنة مجموعة من الفلاحين الذين يستغلون مياه واد بوموسى الملوثة بمياه المنطقة الصناعية لسطات في سقي أراضيهم الفلاحية، وذلك من خلال إقامة حواجز بالأتربة على مجرى واد بوموسى لتغيير مجراه نحو أراضيهم، كما يقومون بضخ المياه الملوثة بواسطة محركات ضخ المياه.
المصدر ذاته أكد أن ما يقترفه أصحاب تلك الأراضي والضيعات الفلاحية، يعتبرجريمة يعاقب عليها القانون. وأنه طبقا لمقتضيات قانون الماء 36-15 ، فإنه يمنع استعمال المياه العادمة أو الملوثة لغرض سقي الأراضي الفلاحية. وذلك لما يترتب عن ذلك من أضرار جسيمة على صحة الإنسان (الفلاح والمستهلك)وعلى صحة الماشية. وأفاد أن عناصر شرطة المياه التابعة لوكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية قامت في عدة مناسبات بزجر المخالفين دون جدوى، بل تعرض بعضهم إلى العنف من طرف هؤلاء المتجاوزين. حيث تم حجز الآليات المستعملة لدى بعضهم، في ضخ المياه وكذلك تحرير محاضر شرطة المياه في حق المخالفين. بينهما استعصى تطبيق القانون على آخرين. كما قامت اللجنة بهدم السواقي المنشأة والحواجز الموضوعة على مجرى واد بوموسى. ولم تنفع التحسيسات التي قام بها عناصر شرطة المياه التابعة لوكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية في صفوف المخالفين والفلاحين المجاورين، بخطورة السقي بهذه المياه الملوثة.
خطر سيول المناطق الصناعية يهدد الحياة بجهة الدار البيضاء/ سطات
عدم توفر مجموعة من المناطق الصناعية بجهة الدار البيضاء/ سطات، القطب الاقتصادي والمالي للمغرب.يهدد بتلوث عدة مناطق، وإتلاف طبيعتها. الحديث عن المنطقة الصناعية ببوزنيقة، التي تصب مياهها السامة في شبكة التطهير الخاص بسكان المدينة. والمنطقة الصناعية ابن سليمان، التي يتم التعامل معها كحي سكني. والمنطقة الصناعية بالمحمدية، التي لوثت الأرض والجور والبحر.. ومعها المناطق الصناعية المتواجدة بعين السبع وزناتة بعين حرودة.. وتجدر الإشارة ، أنه في إطار إستراتيجية وكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية لمحاربة التلوث الصناعي، فقد بدلت هذه الأخيرة مجهودات عديدة على صعيد جهة الدار البيضاء سطات، والتي تعرف تواجد مجموعة من المناطق الصناعية مما يشكل خطرا على جودة الموارد المائية. و قد قامت الوكالة بإنجاز دورات تحسيسية في عدة مناسبات مع مسؤولي الوحدات الصناعية تضمنت عرض أنواع التلوث الناتج عن الوحدات الصناعية والتأثير الناتج عن المياه العادمة الصناعية على أجهزة الصرف الصحي وخاصة قناة وادي بوموسى ، وكذلك النصوص القانونية المتعلقة بقانون الماء 36-15 و نصوصه التطبيقية، وأيضا المعايير المحددة لصب المياه العادمة. وقد وضعت الوكالة رهن إشارة هذه الوحدات الصناعية مساعدات لمعالجة مياهها العادمة وذلك عبر مساهمة مالية وأيضا مساعدة تقنية. يبقى حل هذا المشكل رهين بانخراط الصناعيين في هذا البرنامج. وفي هذا الصدد وبعدما تم توفير إعانات مهمة للصناعيين ببرشيد من أجل إنجاز محطات المعالجة القبلية وصلت إلى 60 في المائة من مصاريف إنجاز محطات المعالجة و بعد التحقق من جودة المياه التي يتم صرفها تم ربط المنطقة الصناعية لبرشيد بمحطة المعالجة الخاصة المدينة. وتقوم الوكالة حاليا بنفس التجربة بالمنطقة الصناعية لسطات حيث تم إبرام اتفاقية شراكة من أجل دعم أكبر وحدة صناعية بالمنطقة من أجل معالجة مياهها العادمة لملائمتها مع معايير قذف المياه المستعملة وهذا المشروع حاليا في طور الانجاز.
المياه العادمة بابن سليمان تسقي أراضي فلاحية وتلوث منتزها
تحول منتزه منطقة عين السفيرجلة الغابوية إلى بركة متعفنة بسبب المياه العادمة، كما تحولت مجاري تلك المياه المتعفنة وغير المعالجة على طول عدة كلمترات بتراب جماعات ابن سليمان وعين تيزغة وبوزنيقة، إلى موارد مائية لسقي عشرات الهكتارات من الٍأراضي المجاورة. بل إن هناك من بنا سدا صغيرا، جعله كخزان مائي. ورغم تدخل ممثلي السلطات المحلية والإقليمية، واستدعاء غير ما مرة مجموعة من هؤلاء المتجاوزين من أجل تحذيرهم. فإن الوضع زاد استفحالا، خصوصا بعد أن تبث قصور كل الأجهزة المعنية أمام إصرارهم. أكثر من نصف كميات المياه المتدفقة على المجرى العادي غير المغطى، تجري خلف محطة التصفية، وتتدفق فوق الأراضي الغابوية، وتلوث أكبر منطقة سياحية بضواحي المدينة (عين السفيرجلة). كما بدأت المياه تحفر لها مسارات وجاري في اتجاه البحر. وبدأت مجموعة من الأسر تستفيد من مياهه المتعفنة في السقي وتغذية وشرب الأبقار والمواشي والدواجن. كما بدأت أسر أخرى تحل بالمنطقة لنيل نصيبها من العملية خصوصا أن معظم الأراضي المجاورة للوادي غير محفظة وبها مشاكل عقارية تجعل العديد يعمد إلى كرائها. مصادر من داخل عمالة وبلدية ابن سليمان اعتبرت أن المشرف على المحطة يستهزئ من المسؤولين والساكنة، وأن لا أحد استطاع ردعه. علما أن المدينة تعاني من مشاكل خطيرة في الصرف الصحي، سواء من حيث ضيق قنوات الصرف وتقادمها أو من حيث عشوائية الشبكة المعمول بها داخل عدة أحياء سكنية. وتمت الإشارة إلى الأحياء السكنية (الفلين، المحمدي، الحسني،القدس،…)، والتي تعرف مشاكل كبيرة في الصرف الصحي، وإلى تجزئة نزهة التي تبعد بأمتار قليلة عن محطة التصفية ولم تتمكن البلدية من ربطها بشبكة التطهير. وكذا ثانوية الشريف الإدريسي ودار الطالب غير المرتبطتان بشبكة الصرف الصحي.
محطة ابن سليمان منتهية الصلاحية منذ ثمان سنوات
الكل بمدينة ابن سليمان يتساءل عن الوضع الغريب لمحطة التصفية الخاصة المفروض أنها أحدثت لمعالجة مياههم العادمة المنزلية. مالك الغولف الذي لديه عقدة استغلالها على سبيل الكراء من المجلس البلدي، لم يعد يعالج كل المياه. وأجهزة المحطة تقادمت ولم تعد تعالج المياه وفق المعايير اللازمة. وأحواضها تصدعت وتقلصت سعتها، بسبب الأوحال التي تراكمت في قاعها. بل إن مساحة الكولف (المنزه) تقلصت إلى أقل من الربع. وتحولت معظم أراضيه إلى اسمنت مسلح.. والأكثر غرابة أن لا أحد من الجهات المعنية، سمح له بالدخول من أجل تقييم وتشخيص وضعها المتردي.. ممثلو السلطات المحلية والإقليمية ووكالة الحوض المائي والمكتب الوطني للماء والكهرباء.. وغيرهم. أكدوا في أكثر من مناسبة أنهم ممنوعون من ولوج المحطة. وأكدوا أن المحطة لا تخضع للتفتيش والتحاليل اللازمة، ولا تخضع لأية صيانة بعد أن غادرها الموظفون المختصون الذين كانوا يشرفون عليها.
عشرون سنة من الاستغلال العشوائي والإهمال
المحطة صممت لمعالجة صبيب يقدر بحوالي 5600 متر مكعب في اليوم، على أساس أن تتم عملية توسيعها بعد سنة 2010، ما يعني أنها لم تعد صالحة للاستعمال منذ ثمان سنوات تقريبا. ونتج عن قصور أداء المحطة التي أنجزت سنة 1997 من أجل معالجة كل مياه المدينة، تدفق المياه في اتجاه أراضي فلاحية مجاورة وتسربها إلى الآبار وتلويثها.
سنة 1995 تم التوقيع على اتفاقية الشراكة وقعت بين المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وبلدية ابن سليمان وشركة (ميلد) لصاحبها آنذاك هشام البصري ابن الراحل وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري. منح الإشراف التقني حينها بموجب الاتفاقية للمكتب الوطني، باعتبار توفره على الأطر اللازمة. وأخذت شركة (ميلد) على عاتقها التسيير اليومي والصيانة والاستفادة من المياه المعالجة. وبلغت التكلفة الإجمالية لإنجاز المحطة 96.5 مليون درهم. موزعة حسب المساهمين (3075 مليون دولار كندي) أي 23.25 مليون درهم منحة كندية و34.12 مليون درهم مساهمة المكتب الوطن للماء الصالح للشرب و39.12 مليون درهم مساهمة بلدية ابن سليمان. وهو المبلغ الذي قدر كثمن للأرض التي منحتها البلدية للمشروع، والتي بنيت حينها خارج تراب البلدية وفوق تراب الجماعة القروية موالين الغابة التي تم حذفت بدورها، وأصبحت تابعة لجماعة عين تزيغة. قبل أن تعود المنطقة لتصبح تابعة لبلدية ابن سليمان. عينت الشركة الوصية عند افتتاح المحطة سنة 1997 موظفين بينهم مهندس وتقنيين وعمال وحراس. وكان على مكتب (لونيب) المراقبة التقنية ، حيث كانت لجنة تقنية تحل شهريا من أجل إجراء تحاليل للمياه المعالجة والوقوف على مدى عمل المحطة.. وتتوفر المحطة على قناة جلب المياه المستعملة طولها 2400 متر وقطرها 600 ملم، ووحدة للمعالجة الأولية وخمسة أحواض للمعالجة اللاهوائية بسعة 3500 متر مكعب وأربعة أحواض للتهوية بسعة 5000 متر مكعب لكل حوض، وأربع أحواض للمعالجة الثنائية بسعة 17000 متر مكعب وأربع خزانات عميقة للمعالجة الثلاثية بسعة 75000 متر مكعب لكل خزان ومحطة للضخ بصبيب 150 مكعب في الساعة وقناة لضخ الماء المصفى طولها 4500 متر مكعب بقطر 250 ملم..فجأة اختفت الشركة المشرفة. وأصبحت محطة التصفية بدون مشرف عرضة للتلف والخراب..
فوتت لمالك الكولف باعتماد اتفاق سري تم مع رئيس البلدية
بينما كان الكل ينتظر أن يتكلف المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، بالإشراف على المحطة. وأن يبادر المجلس البلدي إلى التوقيع على اتفاقية الإشراف والتسيير وعقد شراكة جديدة المكتب المتخصص. بادر المجلس البلدي إلى عقد اتفاق سري جرى بين رئيس البلدية حينها ومالك كولف المنزه الذي انتهى بعقد الاتفاقية (اللغز) التي مكنت مالك الكولف من الاستمرار في الاستفادة وحده من مياه المعالجة والإشراف على المحطة مقابل صيانتها.
وكان تبرير رئيس البلدية حينها، أن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، اقترح الزيادة في قيمة استهلاك ماء الشرب، مقابل الإشراف والصيانة. علما أن البلدية كانت ستفيد من تلك المياه المعالجة من أجل سقي حدائقها، ولما لا بيع ماء السقي للخواص من بينهم مالك الكولف. المحطة لم يعد بها سوى حارس وأحد التقنين وبنيتها التحتية تدهورت وأصبحت لغزا غامضا بالنسبة إليهم ولم تعد لهم أية معلومات حول مدى عطائها ومدى جودة أجهزتها وأحواضها، ولا أرقام عن كميات المياه العادمة التي تستقبلها يوميا، علما أن أزيد من نصفها تتدفق خلف سورها في اتجاه مدينة منطقة البسابس ومدينة بوزنيقة. وهو ما مهد لبعض المجاورين لمجرى تلك المياه المتعفنة، لاستغلالها في السقي.
المجلس البلدي يقر بأن المحطة خارج تغطيته
بلدية ابن سليمان المعنية الأولى بمعالجة مياهها العادمة بمقتضى قانون الماء لسنة 1995
أكد مسؤول بها أن المحطة خارج تغطية مكتبها المسير، بعد أن تم تفويت تسيير وصيانة المحطة لصاحب كولف المنزه ومنحه حق الانفراد باستغلال مياهها وفق قرار اتخذه المجلس البلدي في إحدى دوراته العادية سنة 2001. وأن المكتب المسير حينها للبلدية اتخذ القرار بعد جمود نشاط شركة هشام البصري التي كانت تدير المحطة وفق اتفاقية شراكة ثلاثية مدتها ربع قرن (1995 إلى 2020). وسبق أن تم منع عدة لجان محلية وإقليمية ووطنية من دخول المحطة في تحدي صارخ لكل القوانين. آخرها، لجنة إقليمية شكلت من طرف عامل الإقليم السابق وشملت ممثلين العمالة والبلدية والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب. الأحداث المغربية زارت عدة مرات المحطة، أملا في أن تجد أي مسؤول أو شخص يمكنه الرد على استفسارات وتساؤلات عدة أطراف معنية.. لكن بدون جدوى..