ذعرف المغرب في السنوات الأخيرة عدة كوارث طبيعية (زلازل، فيضانات ، سيول ناتجة عن أمطار غزيرة ، غزو الجراد، التصحر، الجفاف انزلاق التربة..) وبعض الحوادث التكنولوجية. وقد تسببت هذه الكوارث في خسائر فادحة في الأرواح البشرية وخسائر مادية مهمة وعجز لا يمكن تقديره على المستوى الاقتصادي والبيئي. ولذا، فقد أصبحت الوقاية من المخاطر تعد شيئا فشيئا الشغل الشاغل لمختلف الفاعلين ومن بينهم القطاعات الوزارية ،القطاع الخاص وشركات التأمين.
إن فيضانات السنوات الأخيرة ولا سيما الزلزال الذي تعرضت له مدينة الحسيمة بتاريخ 24 فبراير 2004 أبان عن ضعف جوهري مرتبط بهشاشة النسيج الاجتماعي الاقتصادي والبنيات التحية الأساسية والنقص الحاصل على المستوى المؤسساتي والتقني والتنظيمي من أجل مواجهة كوارث من هذا الحجم.
ووعيا من المغرب بأن معرفة المخاطر ضروري من أجل تقليص أفضل لآثار الكوارث، بادر من جهة، لجعل المسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين ومن جهة أخرى، أدرج الوقاية من المخاطر ضمن السياسات والاستراتجيات الوطنية للتنمية.
هذه بعد المقتطفات التي تجدونها على الصفحات الرسمية لبعض الوزارات المغربية , مشفوعة بدراسات علمية ضخمة كلفت بدون أدنى شك الملايين من الدراهم و جهد ميداني مهم للوصول إلى حلول و إن لم تمنع من حدوث الكوارث الطبيعية فإنها على الأقل تضع إطارا عاما لتدبيرها و نخص بالذكر –التقرير الوطني للحماية من الكوارث – و هو عمل علمي قيم في أكثر من 63 صفحة تناول بالتحليل و الدراسة مجموعة من الكوارث الطبيعية و مدى تأثيرها السلبي اقتصاديا و اجتماعيا و التقرير للإشارة نشر سنة 2005 و أخذ بعين الاعتبار الكوارث الطبيعية السابقة و منها بالخصوص فيضانات الغرب سنة 1996 ,فيضانات المحمدية برشيد الدار البيضاء بوزنيقة 2002 ,أوريكا 1995 , أكثر من 150 قتيل و خسائر مادية تجاوزت 80 مليون درهم,- كما أن التقرير البالغ الأهمية المنجز من طرف مكتب الدراسات – دراسة و قياس 5الميادين- لحساب وزارة الماء و البيئة لسنة 2008,حول الوقاية من الفيضانات قد جاء بعد تشخيص منهجي علمي مدقق بالتدابير التي يجب اتخاذها بعد مسح شامل لجميع مناطق المغرب و بشكل محين فإن السؤال المطروح هو أين نجد ملامسة الواقع لشعار أو مبدأ الوزارة المتمثل في *ننظم لنقي *نستشعر لنتدخل *نشيد لنحمي ,خاصة بعد كارثة أوريكا 150 قتيل ,كارثة بوزنيقة 30 نونبر 2010 التي راح ضحيتها 26 من شبابنا في هذه المدينة إضافة إلى عنصر من الوقاية المدنية,يتعدد الضحايا بتعدد الفيضانات و أخرها و ليس أخرها فيضانات الجنوب التي لا تزال حصيلتها لم تحدد بعد و الأرجح أنه تتعدى 36 قتيل , إذن أين نجد التنظيم من اجل الوقاية خاصة أن التقرير يشير في صفحته 39 –نشر سنة 2008-أن أكبر خطر للفيضانات تهم حوض سوس ماسة درعة ب99 نقطة حساسة و ب8 مناطق ذات حساسية قصوى و بالتالي كان يستوجب أن تقوم السلطات المختصة بما يستوجب في هذه الحالة خاصة توسيع مجاري المياه و تنظيفها من المخلفات الصلبة التي أصبحت الأودية و الوديان مكان سهلا لطرحها النماذج كثيرة و متعددة , و أين نجد مبدأ نشيد لنحمي خاصة و انه كما جاء في التوصيات أن تصاميم جميع القناطر يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تسهيل سيولة المخلفات الصلبة التي تنقل جراء الفيضانات و التي تؤثر مباشرة على سطح القنطرة و هذا ما شاهدناه في كثير من القناطر التي قسمت إلى نصفين …و أين هي إستراتيجية التشجير التي يجب أن تعطي الأسبقية للأودية التي لها اتصال مباشر بالوديان و أين هي الصرامة التي يجب أن تطبق مع كل من يبني في مجاري الوديان عوض استعمالها-أي الصرامة- كما جاء على لسان رئيس الحكومة بعد الاجتماع الحكومي ليوم 28 نونبر "اتخاذ القرار بالتعامل الصارم والحازم مع المواطنات والمواطنين من أجل المنع المباشر من عبور الوديان التي حذرت السلطات من اجتيازها." بعد فوات الأوان ,أما المبدأ الثالث نستشعر لنتدخل فلقد استشعرنا عبر نشرات إنذاريه لمديرية الأرصاد الجوية فأي يتجلى التدخل الفعال مع وجود الصوت و الصورة ؟ و أين هو التطبيق الفعلي على أرض الواقع لتصميم –أورسيك- و تصميم –سينون- المحدث لكل عمالة و إقليم و الذي ينظم و بشكل مفصل عمليات التدخل و يوحد وحدة التنسيق و يحصي بشكل دقيق الإمكانيات الموارد البشرية و اللوجيستية التي ستستعمل في عمليات الرصد و التدخل و يجيز الالتجاء إلى الأقاليم الأخرى لسد أي خصاص استباقي..هل يظهر ذلك في مواطنين يطلبون النجدة من فوق طاكسي أو من خلال آخرين واجهوا التيار بالسباحة أو ربما من خلال شاحنات جمع القمامة التي تخصصت في جمع جثث المواطنين , أين هي الحملة التحسيسية التي يجب أن تلي الإشعار بالكارثة؟ و التي يجب أن تعمم على كافة المحطات الإذاعية و التلفزية من أجل توعية المواطنين بما يجب القيام به عند الفيضانات كما جاء في الصفحة 19 من الدراسة, أسئلة لا ندري كم سنستمر في طرحها لكن ربط المحاسبة بالمسؤولية التي جاء به الدستور الجديد و فراق أصدقاء و إخوان لنا في العقيدة و الوطن يستوجبها.
اليوم و على ضوء هذا الكم الهائل من البرامج و الدراسات و البحوث و اللجان الوطنية و الإقليمية التي ترتبط بتدبير الكوارث الطبيعية , يجب أن نقف وقفة تأمل على مدى تكوينها و على مدى استعدادها و على مدى إمكانياتها البشرية و اللوجيستية و على مدى سرعة تفاعلها مع الأحداث , لكن ذلك غير كاف في مجتمع يتطور في جانبه المدني من خلال أكثر من 90 ألف جمعية ,فالمجتمع المدني أيضا مطالب بخلق جمعيات متطوعة متخصصة للمساهمة الفعلية في عمليات الإنقاذ و الإسعاف بالتنسيق مع مؤسسات الدولة التي تشكو من خصاص بشري ,في أفق التعاطي بسرعة و فاعلية مع أي حادث لا ينتظر وصول رجال الوقاية المدنية من ثكنات تبعد بعشرات الكيلومترات عن أماكن الحدث.
عزاءنا واحد في ضحايا أوريكا و وجدة و المحمدية و بوزنيقة و كلميم و الله يحد البأس .