بعد مرور أكثر من خمس سنوات على ما سمي بالربيع العربي والذي اتخذ في المغرب شكل حركة 20 فبراير وما تلاه من( تعديل دستوري )، وإجراء انتخابات حملت حزب العدالة والتنمية ( الاسلامي ) شكليا الى السلطة وما صاحب ذلك من تطبيل وتهليل بميلاد المغرب الجديد الذي ينعم بالاستقرار والتحول الديمقراطي والمحاربة الشرسة للفساد والاستبداد . بعد اكثر من خمس سنوات ازداد الفساد تغولا وازداد الاستغلال والفقر ، وتبخرت كل الأحلام ٬وتأكد لملايين المغاربة زيف الشعارات بعد أن وجدوا أنفسهم أمام واقع ينتقل من سيئ إلى أسوء من خلال.
أولا: سيادة فلسفة الإفلات من العقاب في حق كل من نهب أو بذر المال العام او استغل المنصب ،وبدل المحاسبة تم رفع شعار عفا الله عما سلف .وربط الفساد بكائنات خرافية لا توجد الا في مخيلة رئيس الحكومة سماها بالعفاريت والتماسيح التي اقر بعجزه عن محاربتها، وغطى عن فشله بالعفو المزيف ،لان المنهزم لا يعفو بل العفو يكون عند المقدرة فقط.. يكفي ان نعلم ان آخر تقرير صادر عن "منظمة الشفافية الدولية"، وضع المغرب في الخانة الحمراء واعتبره ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم من حيث انتشار الرشوة والإفلات من العقاب وصنفه في المرتبة 88 ضمن مؤشر "مُدركات الفساد"
ثانيا: ازدهار المحسوبية والزبونية٬٬ واتساع ظاهرة احتكار وتوريث المناصب العمومية. ( منع التوظيف إلا لأبنائهم) وخضوع مسطرة التوظيف في المناصب السامية للحزبية والقرابة والزبونية بحيث أن عائلات بعينها تسيطر على مراكز صنع القرار السياسي والاقتصادي بالمملكة٬ في غياب مساطر واضحة وصارمة لاعتلاء الوظائف الكبرى وضرب عرض الحائط بالمتوفر من هذه القوانين رغم تفاهتها
ثالثا: تشجيع اقتصاد الريع٬ من خلال منح المزيد من الامتيازات٬ والأفضلية٬٬ وفرص الاستثمار لصالح فئة معيّنة ( خدام الدولة ) من دون مراعاة أي اعتبارات ترتبط بالمنافسة الحرة٬ والكفاءة الاقتصادية٬ و الصالح العام.
رابعا: تشجيع التفاوت الطبقي في الاجور والامتيازات التي لا تخضع الا لمعيار الزبونية والمحسوبية والرشوة . إذ نجد موظفين في نفس الوظيفة وأحيانا في نفس المكتب يحملون نفس الشهادات ويمارسون نفس المهام .لكن أحدهم خارج السلم وزميله في السلم التاسع . وعند توزيع التعويضات السنوية او النصف سنوية تجد المقربين يحصلون على الملايين دون اية خدمة يقدمونها، والذين يكدون ويجتهدون يحصلون على الفتات. . هذا الأمر يشعر بعض موظفي الدولة بالغبن والظلم٬مما يؤثر سلبا على المردودية ويشجع على تفشي مظاهر الرشوة والاستهتار بالخدمة العمومية
خامسا: عودة القمع الذي وصل حد (طحن مو ) والذي جعل صورة المغرب بئيسة في العالم كماتؤكد تقارير المنظمات اعالمية المهتمة بحقوق الانسان .هذا القمع الذي لم يستثن اية فئة فشمل المهندسين والاطباء والاساتدة والمتصرفين قبل المعطلين . في وقت ترك فيه المجال مفتوحا للتشرميل والكريساج ليلا ونهار دون ان تتحرك آلية القمع لحماية أجساد وأموال المواطنين ، حتى أن المرء أصبح يتساءل ، هل مهمة قوات الأمن هو حماية أمن المواطنين أم حماية من يأكل أرزاق المواطنين إما باسم القانون أو باسم السيوف
سادسا: الاجهاز على مكتسبات الشعب المغربي التي حصل عليها بعد تقديم اثمنة غالية شملت الشهداء والمنفيين والمعتقلين .. فقد تم الاجهاز بجرة قلم على التقاعد وعلى حق الاضراب وعلى الحق في التوظيف … رغم ان الدستور يضمنها ورغم انها مكتسبات تحققت بفضل التضحيات
سابعا : التراجع الخطير في القدرة الشرائية للمواطنين أمام تجذر سلطة الليبرالية المتوحشة التي حررت الأسعار وأطلقت العنان لمنطق أنا ومن بعدي الطوفان.مما ادى الى تزايد نسب الفقر بين الأسر المغربية٬ بما فيها أسر الطبقات المتوسطة التي أصبحت مستهدفة بشكل صريح من المسؤولين . ( والشعب المقهور في دار غفلون)