جرت العادة أن تبادر السلطات المحلية والإقليمية والجهوية إلى إرسال دعوات رسمية للفعاليات المحلية والإقليمية والجهوية، من أجل الحضور إلى مقراتها. ومتابعة الخطابات الملكية مباشرة وبشكل جماعي. كما يفتح الباب لكل مغربي أو ضيف أجنبي من أجل الحضور والإنصات إليها جنبا إلى جنب مع المسؤولين المحليين والإقليميين والجهويين مدنيين وعسكريين…تلك العادة وإن كانت تبرز بجلاء حب واحترام الشعب للملك. ومستوى اهتمامهم بكل جديد يطلقه.. فإنها لا تعدو أن تكون عادة قديمة أصبحت متجاوزة .. وفي حاجة إلى تلقيح وتعديل و اجتهاد من الأجل الاستفادة من تجمع الفعاليات والمسؤولين والمنتخبين من جهة وتوسيع نطاق الاستفادة من الخطابات الملكية، لتصل مضامينها إلى كل المواطنات والمواطنين، وخصوصا ذوي المستويات التعليمية والثقافية المتوسطة أو المنعدمة…
… إن الإنصات الجماعي للخطاب الملكي، الذي يدخل فيما تسميه السلطات بالحفل. يتم إحياءه بشكل عشوائي. ويتحول في كثير من المناسبات إلى بروتوكول روتيني. و تكون استجابة الحضور في معظمها إما خوفا من المسؤوليين المحليين والإقليميين والجهويين، أو طمعا في التقرب والاستفادة من خدماتهم…مما يجعلها تقل تدريجيا… وتجعل السلطات تبدل مجهودات كبيرة من أجل ضمان الحضور… لكن انخفاض عدد الحضور ليس له علاقة بخطابات الملك، بل بروتين حفلات الإنصات وبرتوكولاتها التي تخدم أصحابها فقط… وتخيب آمال المواطن الذي لازال ينتظر تجليات المفهوم الجديد للسلطة بدون جدوى…فخلال الحفل يبقى الحاضرون منشغلين بمداعبة هواتفهم النقالة أو الحديث عن من حضر ومن غاب وعن مواضيع تافهة لا علاقة لها بالمناسبة الوطنية ولا بالخطاب الملكي المنتظر… وهناك من همه من تلك الحفلات هو التواصل مع منتخبين ومسؤولين ناذرا ما يجدهم بمكاتبهم خلال أوقات العمل الرسمية… وطبعا فكل واحد له خدمة أو مصلحة لدى أحدهم لابد من أن يحصل عليها أو يحصل على موعد لتسويتها…
…إن برنامج الحفل فارغة من كل قراءة أو عرض أو تجاوب أو نقاش أو نصائح … يمكن من استرجاع الحدث الوطني المحتفى به. وأخذ العبر والمواعظ منه. وتجعل فترة الانتظار مهدورة… كما أن تلك الحفلات الصامتة، توحي لبعض الحضور أنها فقط طقوس يراد منها تقديم الولاء ليس للملك. ولكن لهؤلاء المسؤولين، الذين ينتظرون قاعة الحفل حتى تمتلئ ليخرجوا إليهم في موكب مدني وعسكري. وهم ينتظرون تهليل وتصفيقات الحضور. علما أن هناك من بين هؤلاء المشكلين لموكب السلطة من يستحق السب والرجم… بالنظر إلى ما يجسده من فساد إداري وشطط في استعمال السلطة…
… الحاضرون ينتظرون في صمت وبعضهم في عزلة عن العالم الواقعي.. إلى أن يأتي موعد الخطاب السامي.. لتجد الكل مشدودا إلى شاشات التلفزيونات المنتصبة بعدة أماكن بالقاعة.. وبعد الإنصات يهرولون إلى الباب الرسمي للخروج.. بدون أدنى مناقشة لمضامين الخطاب. ولا تقييم لما أورده الملك في خطابه من أفكار وتوصيات وحقائق و…علما أن الحفل يحضره بالإضافة إلى الفعاليات المحلية والإقليمية والجهوية في كل المجالات، ممثلين عن كل القطاعات العمومية والخاصة… وأي موضوع أثاره الملك، لابد وأن تجد له من داخل قاعة الحفل من يحلله ويعطي أبعاده وحيثياته وأهدافه… لكنهم اعتادوا الإنصات الجماعي وإلقاء التحية على من دعاهم للحفل (مول العرس) قد يكون (قائد، باشا، عامل، والي…). وينصرفون في انتظار حفل إنصات ثان… وهكذا…فمتى يتم تنظيم حفلات إنصات بطعم المتعة و الاستفادة بدون تمرير خطابات الولاء للمسؤولين والمنتخبين ؟ … ألا يكفيكم ولاء المغاربة للعرش الملكي ؟…أم أن لكل منكم مملكته الصغيرة. وتبحثون عن شعوب لها… كفانا مهازل .. فإنها لن تجلب إلا الزلازل …