حل اليوم الخميس خامس أكتوبر اليوم العالمي للمدرس، في أوساط تعليمية مشحونة بغضب وسخط هيئة التربية والتعليم على ما اعتبروه قصور ونواقص شابت النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية. وخصوصا على مستوى التعويضات عن الأعباء أسوة بباقي الموارد البشرية التعليمية (أطر الإدارة والمراقبة وغيرهم..). وكذا على مستوى الشروط المحددة للترقي وتنزيل العقوبات. والتي وصفوها بغير المنصفة. والتي ستزيد من جبروت أجهزة التقييم والتحفيز والمراقبة. إضافة إلى عدم إنصاف عدة فئات تعليمية. حيث ظلت عدة ملفات عالقة، منها أنه لم يكن هناك إدماج فعلي لأطر الأكاديميات (أساتذة التعاقد) ضمن موظفي التربية الوطنية. فبينما يتحدث المرسوم في بدايته عن موظفي التربية الوطنية، يأتي في ديباجة النظام (المادة الأولى)، أن النظام يسري على موظفي وزارة التربية الوطنية وأطر الأكاديميات. مما يعني أنه تم الإبقاء على الفئتين عكس ما تم تداوله سابقا عند مرحلة الإعداد لمشروع المرسوم.
ولم يتم تسوية ملف الأطر العالقة في السلم العاشر أو ما يعرف بأطر (الزنزانة 10)، وكذا ملفات الخاصة بالأثر الرجعي لخارج السلم، وأساتذة الثانوي التأهيلي، الإدارة التربوية، فئات أخرى كثيرة ومتعددة، إضافة إلى كثرة المهام وبدون تعويضات مالية. كما انتقدت تشديد العقوبات على الموظفين والموظفات، عوض الاهتمام بنساء ورجال التعليم وعدم التعامل معهم بعقوبات زجرية. عقوبات تهدد بالحرمان من الحركة الانتقالية والترقية، وتصل حتى الإحالة على التقاعد و العزل. وهي عقوبات تعتمد في مجملها على تقارير إدارية ومراقباتية (المدير والمفتش). والتي قد تصيب وقد تخيب.كما أن النظام الأساسي أكد في أحد بنوده على أنه سيتم إحداث ميثاق لأخلاقيات المهنة. تبعا لما جاءت به المادة 34 من القانون 54/19 الخاص بالمرافق العمومية. ولم تتم الإشارة إلى كيفية إعداد هذا الميثاق. وهل سيكون منزلا أو منجزا بشراكة مع الفرقاء والمعنيين.
كما يشتكي المدرسين من ضبابية بعض المواد التي يتضمنها النظام الأساسي. وخصوصا فيما يتعلق بفرض التزام هيئة التدريس بحماية الممتلكات المادية من التخريب. علما أن المدرسين غير مقيمين داخل الأقسام. ويمكن لأي كان يقوم بالتخريب أو السرقة. إضافة إلى أن النظام الأساسي يفرض على المدرس العمل بما يتوفر عليه من تجهيزات وعتاد وفق (الإمكانات المتاحة) حسب ما جاء في النظام الأساسي. عوض فرض توفير الحد الأدنى اللازم للقيام بمهامه. وكذا غياب أي توضيح بخصوص توفير حاجيات المدرس التي من شأنها أن تعرقل عمله التربوي.
ومعلوم أن المؤسسات التعليمية تعرف منذ أيام ارتباكا على مستوى التسيير والتدريس. بسبب احتجاجات فئوية. حيث يضرب مجموعة من الأطر التربوية. كما أن تتعطل مجموعة من المساطر الإدارية. وينتظر أن تخوض عدة فئات من هيئة التدريس (التربية والتعليم)، أنواع مختلفة من الاحتجاجات. قد تنطلق اليوم الخميس من أمام مقر الوزارة الوصية. حيث أعلنت عدة هيئات وجمعيات مهنية وتنسيقيات عن إحداث ما سمته ب”لجنة التنسيق الوطني لقطاع التعليم”، بعدما أصدرت بيانا شديد اللهجة وتطالب بالإنصاف.ويحمل المتضررون من النظام الأساسي، مسؤولية التقصير والإهمال لمطالبهم للنقابات الأربعة الموقعة على المرسوم إلى جانب ممثلي الحكومة في التعليم والمالية.
ويرى العديد من الباحثين التربويين أن المرسوم رقم 2.23.819 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية والمصادق عليه يوم 28 شتنبر الأخير. كرس تواجد فئتين من المدرسين داخل المدرسة الواحدة (موظفي الوزارة الوصية وأطر الأكادميات). كما تجاهل أطر التعليم الأولي، وكذا أطر الثانويات المهنية، وخصوصا أطر ثانويات الفندقة والسياحية. والتي كانت في السابق معاهدا تابعة لوزارة السياحة. حيث يعتبرون خارج موظفي التعليم.
ويرى هؤلاء الباحثين والمهتمين أن ضعف العمل النقابي، وسيادة سوء الثقة بين موظفي التعليم والنقابات. أدى إلى ضعف الانخراط النقابي. وغياب رؤية واضحة وصحيحة لمتطلبات مهنيي القطاع الحقيقية. موضحين أن النقابات بما فيها الأكثر تمثيلية وباق النقابات لا تمثل إلا حوالي 20 في المائة فقط من موظفي قطاع التعليم. وأن 80 في المائة منهم، إما غير مهتمة بالانخراط النقابي أو عمدت إلى تأسيس تنسيقيات وجمعيات للتواصل عبرها مع الوزارة. ووضع مطالبها.
ويأتي هذا المولود الجديد (حسب الحكومة) في إطار تنفيذ أحكام القانـون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتفعيل التوجهات الواردة في النموذج التنموي الجديد، وانسجاما والبرنامج الحكومي (2021-2026). وبعد التوقيع على اتفاق 14 يناير 2023 مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية. بهدف تنزيل الالتزامات الواردة في خارطة طريق الإصلاح التربوي (2022-2026)، خاصة ما يتعلق بإرساء نظام لتدبير المسار المهني يحث على الارتقاء بالمردودية لما فيه مصلحة المتعلمات والمتعلمين. لكن هذا المولود يأتي كذلك، بعد ثمان سنوات من انطلاق العمل بالرؤية الاستراتيجية (2015/2030)، وكذا بعد مرور خمس سنوات على انطلاق المخطط العشري للتعليم الأولي. الذي يقضي بصرف ثلاثة ملاييير سنتيم سنويا (موارد مختلفة المصادر) وإنجاز 4000 حجرة.
يذكر أن اليوم العالمي للمدرس يأتي سنويا كل خامس أكتوبر إحياءا لإحياء ذكرى توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المدرسين.التوصية ذات مؤشرات مرجعية تتعلق بحقوق ومسؤوليات المدرسين، ومعايير إعدادهم الأولي وتدريبهم اللاحق، وحشدهم، وتوظيفهم، وظروف التعليم والتعلم. وإحياء كذلك لتوصية اليونسكو بشأن أوضاع هيئات التدريس في التعليم العالي التي اُعتمدت سنة 1997 لتكمِّل توصية عام 1966 فيما يخص أوضاع هيئات التدريس والبحوث في التعليم العالي.
بوشعيب حمراوي أستاذ كاتب وصحفي
منشور بالملحق التربوي بجريدة الاحداث المغربية