أشعل الوزير السابق للتعليم بالنيابة محمد الأعرج فتيل الصراع بخصوص قيمة مادة الفلسفة بالتانوي التأهيلي بعد أن أصدر قرارا بحذف الامتحانات الإشهادية الخاصة بها على مستوى شعب ومسالك البكالوريا المهنية. وزاد غموض بيان الوزير الجديد سعيد أمزازي من لهيبه …..
يستمر الجدل بالأوساط التعليمية وفي صفوف المهتمين بالحقل التعليمي والمعرفي حول موضوع إقصاء مادة الفلسفة من الامتحانات الإشهادية الثانوية. وذلك بعد القرار رقم (3295.17)،الذي اتخذه محمد الأعرج الوزير السابق بالنيابة لقطاع التعليم بتاريخ سادس دجنبر 2017. وصدر بالجريدة الرسمية عدد 6647 بتاريخ 12 فبراير 2018. والذي يغير ويتمم قرار الوزير الأسبق رقم (2385.06) الصادر بتاريخ 16 أكتوبر 2006 بشأن تنظيم نيل شهادة البكالوريا. هذا القرار الذي اعتبره المهتمون والمعنيون بمادة الفلسفة قرارا مجحفا، يقضي بإبعاد المادة تدريسا وامتحانا من مستويات الأولى والثانية بكالوريا بالشعب والمسالك المهنية. واستبدالها بمادة التربية الإسلامية في الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا المهنية. ورغم تطمينات الوزارة الوصية ووزيرها الجديد سعيد أمزازي الذي أصدر بيانا ينفي فيه عزم الوزارة إلغاء مادتي الفلسفة والتربية الإسلامية من اختبارات امتحان البكالوريا. وأكد من خلاله أن الوزارة، لم تقم بأي (إلغاء أو تعويض مادة بأخرى يهم المواد المدرجة في الامتحانين الجهوي والوطني للبكالوريا بالنسبة لجميع المسالك والشعب). و بخصوص مسلك البكالوريا المهنية، أفاد البيان (أنه بناء على الهندسة البيداغوجية التي تم إعتمادها فإن مادة الفلسفة تدرس في الجدع المشترك منذ انطلاقة هذا المسلك سنة 2014. هذا البيان نشر مباشرة بعد صدور بيان المكتب الوطني للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة. حيث اعتبر أن قرار الأعرج يتناقض مع القرار الوزيري الذي يشرع لتدريس وتقويم الفلسفة ووضعها الاعتباري كمادة إشهادية وطنية معممة على جميع شعب ومسالك البكالوريا المغربية. واعتبره تراجعا عن الإجماع الوطني المعبر عنه في الميثاق الوطني للتربية والتكوين والكتاب الأبيض ومنطوق استراتيجية إصلاح منظومة التربية والتكوين 2015-2030. وبعد أن وضع فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب سؤالا كتابيا وجهه للوزير امزازي حول مبررات إسقاط مادة الفلسفة من قائمة المواد الإمتحان الإشهادي الوطني الموحد للبكالوريا في بعض الشعب والمسالك. القرار تسبب في حالة احتقان داخل أوساط أساتذة مادة الفلسفة والمفتشين التربويين. هناك من اعتبرها محاولة للإجهاز على ما تبقى من القابلية الذهنية والفكرية لدى التلاميذ. باعتبار أن الفلسفة من أهم آليات ترسيخ وامتلاك عقلية الباحث والمحلل والمبدع والعالم لدى الناشئة، القادرة على إنتاج الفكر والكفاءات. وأنه لا يحق للوزارة الوصية أن تحسم لوحدها في هذا الموضوع. فيما ذهب آخرون إلى حد اتهام جهات تكن العداء للفلسفة والفلاسفة والعلماء. وتسعى إلى تكريس تربية وتعليم وتكوين على مقاس عقائدي، يجعل من التلاميذ مجرد أجهزة للاستقبال وجمع المعلومات دون أدنى تفاعل (فيد باك) أو مبادرات تبرز مستوى التلقي والاستيعاب والقدرة على الخلق والإبداع. موضحين أن من حق تلامذة كل الشعب والمسالك العادية والمهنية، أن ينالوا أقساطهم اللازمة من برامج مادة الفلسفة وأهدافها. وأن يستمر اختبارهم طيلة السنوات الثلاث بالثانوي التأهيلي من خلال الفروض المحروسة وكذا الامتحانات الجهوية والوطنية. وأن الفلسفة هي المفتاح الحقيقي للعقل والضامن لجودة الذكاء ورقيه. ولا قيمة لأي مادة تدريس لا تراعي القيمة الفكرية ومستوى الذكاء لدى المتلقي. وارتفعت أصوات أخرى تطالب بتوسيع دائرة المستفيدين من دروس الفلسفة. لتطال باقي الفئات العمرية. وتعرج إلى باقي المرافق التربوية والثقافية خارج المؤسسات التعليمية. كدور الشباب والثقافة ومراكز ومعاهد التكوين والتأهيل والتخصص..
الفلسفة أم العلوم .. والدين أب العلوم ..
جدل الصراع المفتعل بين مادتي التربية الإسلامية والفلسفة. ذهب بالبعض إلى حد التراشق بشعارات من قبيل (الفلسفة أم العلوم) أو (الدين أب العلوم).. حيث التنافس بين من يغلب العقل ويحرره من أية التزامات قد تعيقه نشاطه. ويمنحه فرص البحث والتحليل والتعليل العلمي في كل الأمور بما فيها الدينية، والتقيد بما يراه صائبا. ومن يفرض تقييده بالعقيدة والشريعة. واعتباره قاصرا وفي حاجة إلى الالتزام الديني من أجل بلوغ أهدافه العلمية. وهو الصراع الذي يرفض التربويون إقحامه داخل فضاءات المؤسسات التعليمية. حيث الحاجة إلى الفلسفة والدين والعلوم.. باعتبار أن التلاميذ في حاجة إلى المادتين معا وبنفس المستوى لتقوية ذكائهم وتقويم سلوكهم وامتلاك الرغبة والإيمان والقدرة على التعلم والاستيعاب. وأن من يلقنونهم المادتين، ليسوا علماء ولا فلاسفة ولا فقهاء.. وإنما هم مدرسون تلقوا تكويناتهم وفق برامج ومناهج مفروضة عليهم. يطالبون بتفريغها في أدمغة التلاميذ وفق طرق ديداكتيكية وبيداغوجية مسطرة من طرف الوزارة الوصية. وهي الطرق التي باتت في حاجة ماسة إلى المراجعة والتغيير لتواكب التطور العلمي الدائم والمستمر.. وعلى العموم فالشعارين المرفوعان حسب هؤلاء التربويين لا يتناقضان مع بعضهما.. بل يمكنان من التأثيث لأسرة صغيرة. تكون حضنا دافئا للعلوم التي عانت وتعاني اليتم في ضل وجود الأم (الفلسفة) والأب (الدين). وطبعا فلك منهما دوره في التربية والتكوين..