إنه ليس مشهدا من فيلم رعب سينمائي، بل هو وضع مرعب وقاتم يحياه خيرة أبناء هذا الوطن بين دروب مغربهم، إنه بلد اختار استنزاف عقوله واقفين وعلى مرأى الجميع، وببلاهة لا تغتفر يقتل ثروة بشرية صنعها على يده ووفقا لمناهجه التعليمية. إنه اليوم، وبعد أن فاض الكأس، ويئس أعضاء المجموعة الوطنية للدكاترة المعطلين المعتصمين لأزيد من سبعة أشهر أمام مجمع وزارات، الداخلية والاقتصاد والمالية والأمانة العامة للحكومة، ومراسلتهم لمختلف الجهات المسؤولة، خاصة وزارة التعليم العالي الحالية التي تجاهلت مراسلاتهم العديدة، فقد تأكد لأعضاء هذه المجموعة أنهم يصارعون أشباحا وليس كائنات آدمية، سينتابها الفزع لا محالة إذا أدركت عبثية سياسة الأذان الصماء التي تنتهجها، وما صنعته بمستقبل هؤلاء، وما يمكن أن تنتهي به صرخاتهم المتواصلة والتي لن تكتم إلا بالموت. وبناء عليه، فإن المجموعة اتجهت إلى الدخول عازمة في سلسلة من الأشكال النضالية، تحت شعار "العمل أو الموت"، كانت بدايتها اليوم بلبس الدكاترة لأكفان سوداء تعبيرا عن ما وصلوا إليه من يأس وظلامية، وأحوال نفسية قاتمة، فانطلقوا من أمام الأمانة العامة للحكومة في اتجاه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، وفي منتصف المسيرة تدخل الأمن الوطني ومنع المسيرة من الوصول إلى مقر الوزارة، مستعملين كل أشكال التعنيف اللفظي من سب وشتم، وألفاظ نابية وساقطة في حق الدكاترة رغم سلمية مسيرتهم. لكن، وإلى حد الساعة فإن المجموعة تطالب الجهات المسؤولة بالتدخل لحل ملف أفرادها الذين تبنوا طريق الاحتجاج السلمي لغرض واحد فقط، وهو العيش بكرامة والاحتفاظ بما تبقى من ماء الوجه، أما الكرامة فقد ديست بالأقدام، وأصبحت بعيدة المنال في مغرب المفارقات العجيبة، ففي الوقت الذي تسوى فيه ملفات بجرة قلم، وتدبر فيه حلول لملفات في أقل من رشفة ماء، لازال التجاهل مستمرا لهذه الفئة التي تطالب بحقها البسيط والعادل، بعد أن بلغت من الكبر عتيا وعانت من سنوات البطالة نتيجة لهدر فرصها في العمل، وسيطرة اللوبيات على اللجن المكلفة بالتوظيف داخل الجامعات.