الرئيسية / بديل تربوي / دعوة إلى تجسيد الأدوار الحقيقية للمدرسة العمومية.. دراسة ميدانية تكشف خطورة انهيار القيم وتفشي الشغب والعنف

دعوة إلى تجسيد الأدوار الحقيقية للمدرسة العمومية.. دراسة ميدانية تكشف خطورة انهيار القيم وتفشي الشغب والعنف

دعت فعاليات تربوية وحقوقية إلى تفعيل الحياة المدرسية إلى وضع مخططات وبرامج  لأنشطة خاصة بالتربية على المواطنة من أجل تعزيز قيم الديمقراطية و حقوق الإنسان والحد من ظاهرة العنف المدرسي. وتكوين الفاعلين التربويين على كيفية تقييم تلك الأنشطة، وخلق فضاءات للمشاركة الفعالة في اتجاه تحقيق انفتاح المؤسسات التعليمية على محيطها الخارجي.وعقد ندوات من أجل توضيح مفاهيم التربية المدنية لدى المتعلمين وأولياء الأمور. وإنشاء المجتمعات المهنية للتعلم (CAP). كما طالبت بتمكين المدرسة من إقامة شراكات حقيقية يضطلع فيها كل طرف من الشركاء بمهمته على أساس أنها مسؤولية وطنية. والعمل على إدخال الحياة الواقعية إلى المدرسة في أفق تدريب المتعلم على اختبار العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ضمن وضعيات تربوية ملموسة. والعمل على دمقرطة الحياة التربوية باعتماد تعاقد اجتماعي يحكمه قانون واقعي ملموس يكون للتلميذ دور أساسي في صنعه. وحثت على إشاعة ثقافة الحق والواجب و ثقافة المشاركة داخل المدرسة.  وتحسيس التلاميذ بأن التعلم مهنة مقدسة شأنها شأن غيرها من المهن الاجتماعية، تتطلب الالتزام، و تستدعي التسلح بكفايات تساهم في تحقيق التنمية بمعناها الحداثي. كما دعت تلك الفعاليات من داخل وخارج المنظومة التربوية إلى تفعيل المقاربات البيداغوجية الفعالة التي تحفز التلاميذ على الإنتاج بدل الاستهلاك المعرفي. وإعادة النظر في نظام التقويم التربوي لمردودية التلاميذ. مع تفعيل المراصد الجهوية للعنف المدرسي. ودق خبراء وباحثين في قطاع التربية والتكوين ناقوس الخطر، بعد وقوفهم على بحث ميداني  حول ظاهرة العنف، أنجزه المركز المغربي للتربية المدنية. كشف بالملموس مدى استفحال العنف والانحراف بكل تجلياته داخل فضاءات وأقسام المدارس.

 

بحث ميداني يكشف استفحال ظواهر سلبية داخل المؤسسات التعليمية

أجرى المركز المغربي للتربية المدنية دراسة ميدانية حول عينة من الفاعلين التربويين (50 مديرا،50 أستاذا و 500 متعلما)، ينتمون لمؤسسـات تعليمية بالسلك الإعدادي تابعة لأكاديميتي التربية والتكوين  بجهتي الدار البيضاء الكبرى و سوس ماسة درعة. وأسفرت النتائج عن انتشار النزاعات البدنية في صفوف التلاميذ بفضاء المدرسة بكيفية ملفتة للانتباه، و هذا ما أكده 78%  من التلاميذ الذين شملهم الاستطــلاع ، و 22٪من فئــة مديري المؤسســات التربويــة و 46 % من فئة الأساتذة المستجوبين. وبخصوص العنف الجسدي الذي هو عبارة عن شجار تختلف مستوياته بين المتعلمين، أو تخريب لممتلكات
المؤسسة. قد بينت نسبة 44٪ من التلاميذ و  62٪ من الأساتذة، ونسبة 48٪ من المديرين أن هذه الأنواع من العنف  تحدث بمعدل مرتين كل أسبوع . أما بالنسبة للعنف اللفظي والمتمثل في الشتم والإهانة ، فقد أثبتت نسبة 82 ٪ من التلاميذ حدوثه أسبوعيا بين ثلاث و خمس مرات، وهو ما أكدته نسبة 8٪ من الأساتذة، وأقرت به نسبة 28٪ من المديرين .هذا دون احتساب حالات العنف التي تتم معالجتها دون اللجوء إلى الإدارة. كما أخبرت بحدوث التهديد بين التلاميذ نسبة 22% من تلامذة العينة المستجوبة. و أثبتت نسبة 18% من أساتذة تعرضها لذلك من قبل التلاميذ . كما عبرت نسبة 35%من المديرين ممن شملهم الاستطلاع أنهم أيضا يعانون هذا النوع من العنف من قبل تلامذتهم. وبخصوص تعدد أماكن العنف. فقد توصل المركز إلى أن العنف المدرسي يحدث في أماكن مختلفة داخل المدرسة . على أن هذا السلوك غير المدني يحدث بشكل أساسي بثلاث نقط رئيسية هي على التوالي : باب المؤسسة، ساحتها و مراحيضها . وذلك حسب ما أكدته عناصر العينة المستجوبة من متعلمين ومدرسين ومديرين بنسب متفاوتة. وتحدث المركز عن سرقة الممتلكات الشخصية ، وأكد أن نسبة 82 % من التلاميذ و50٪ من الأساتذة و 24٪ من المديرين أقرت باستفحال ظاهرة سرقة الممتلكات الشخصية . أما بخصوص تهديد سلامة الأساتذة والمديرين ، فقد اكدت الأبحاث أن نسبة 22٪ من التلاميذ و 12٪من الأساتذة و27٪ من المديرين الذين شملهم الاستطلاع أكدوا أن سلامة كل من الأساتذة و الإداريـين قد غدت مهددة، ولا سيمــا بعــد الحصص الدراسية . و في هذا السياق أثبتت نسبة 84٪ من التلاميذ  و 64٪ من الأساتذة و 51٪ من المديرين ارتفاع درجة العنف بهذه الفترة الزمنية من اليوم الدراسي. كما أثبتت الدراسة ارتفاع مستوى عنف التلاميذ هذه السنة، و هو الشيء الذي تؤكده نسبة 42٪  من التلاميذ و يقره 38٪ من الأساتذة و 53٪ من المديرين. تؤشر هذه المعطيات بشكل كبير على أن أجواء المؤسسات التعليمية أصبحت أقل أمنا من السنة الماضية  حسب 38٪ من التلاميذ، 26٪ من الأساتذة و 58٪ من المديرين . وعن أسباب العنف المدرسي، توصل المركز إلى أن الدراسة أظهرت أن التفكك العائلي والفقر يأتيان في الدرجة الأولى متبوعين  بعدم تدخل الأسرة والحالات النفسية، وتفشي ظاهرة التعاطي للمخدرات بين التلاميذ، الشيء أثبته المتعلمون أنفسهم بنسبة 52٪ و أكده كل من الأساتذة بنسبة 44 % والمديرين بنسبة 39  % . و غياب وسائل الترفيه التربوي والأنشطة الموازية. حيث أكدت نسبة 78٪ من التلاميذ غياب وسائل الترفيه التربوي بالمؤسسات التعليمية . وهو غياب أثبتته نسبة 52٪ من الأساتذة،و 56٪ من المديرين. وفي ظل غياب الأنشطة الترفيهية والرياضية وتردي أساليب التواصل و قنوات الحوار بين المدرسة و باقي الشركاء، يبرز السلوك العدائي للتلميذ تجاه ممتلكات المؤسسة فقد أكدت نسبة 85٪ من التلاميذ استفحال الظاهرة . و هو الشيء الذي أقر به 35٪ من الأساتذة و 42٪ من المديرين. كما كشف استطلاع الرأي المعتمد على أن 74٪ من الأساتذة ،و73٪ من المديرين يعترفون بأنهم يملكون معرفة جد نسبية بكيفية التعامل مع العنف المدرسي ، ويحتاجون إلى تكوين مستمر يجعلهم قادرين على التصدي للظاهرة بشكل علمي.

 

ميكرفون الملحق التربوي : ما هو  دور المدرسة في ترسيخ القيم؟

 

الحسن كرموطي مدير إعدادية  

المدرسة ثان مؤسسة بعد الأسرة، تتلقى فيها الأجيال الصاعدة القيم المرتبطة بصيانة الثوابت الوطنية، وتجسد تعدد روافد الهوية وثراء الثقافة وإذكاء الشعور بالإنتماء للأمة الإسلامية وتكريس الانفتاح على القيم الإنسانية والكونية. قيم  تعتبر خط دفاع ضد كل أشكال التطرف والعنف والإغتراب والإنسلاخ عن الهوية. المدرسة مطالبة بتجاوز دورها التقليدي لمواكبة حركية المجتمع والتحول المستمر في منظومة القيم عبر آليات الخطاب والقدوة والحياة المدرسية وتعبئة المحيط.  

 

ميلود السايح  أستاذ الاجتماعيات :

لم تعد المؤسسة التربوية محتكرة للمعرفة. وظيفتها تزعزعت في محيط اجتماعي يعرف تزايد و تطور قنوات معرفية أكثر تنافسية و جاذبية، مما يفرض مراجعة أهدافها و تنمية كفايات و مهارات و قدرات المتعلمين .المدرسة تعمل اليوم منعزلة ما عدا المبادرات الجمعوية التي تساعدها على نشر القيم ذات الخصائص الشخصية. كالمسؤولية الأخلاقية. والسلوك المتحضر و التعاطف الوجداني و القدرة على تحمل الغموض واحترام القانون و العناية بالشأن العام و الالتزام بالتوازن بين المصالح الذاتية و الرفاهية المشتركة.  

 

يوسف الكلاخي مدير المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية

 

 المدرسة أحد أهم قنوات مؤسسات التنشئة الاجتماعية. فهي منبع خصب للتربية على القيم الإنسانية والكونية، وعلى رأسها قيم الاحترام والتسامح والتعايش والمساواة والحرية وتذكية القيم الجمالية التي تربي لدى التلامذة ملكات الحس والدوق. وظيفتها تحولت إلى نموذج سلبي منعزل، بسبب الفورة المعلوماتية وتراجع دورها في التربية على القيم وبناء الإنسان. وإغراق المناهج التعليمية والمقررات التعليمية في العموميات والحشو وضعف التكوين. ضرورة فتح حوار وطني حول مسألة القيم في المجتمع المغربي ودور المدرسة المغربية في بناؤها. وتفعيل الأندية التربوية الموازية

 

غزلان ازندور  طالبة باحثة وفاعلة جمعوية

 

  أصبح من اللازم إعادة طرح أدوار المدرسة في ترسيخ القيم و التربية للتدارس و التحليل على اعتبار أنها فضاءا اجتماعيا للتنشئة و التربية و التكوين. و ضرورة إدراج مضامين التربية على القيم و الارتقاء بوضعية الأستاذ(ة). ما يستدعي توحيد الجهود بغية دعم المؤسسات التربوية و تعميق التفكير فيما ينبغي القيام به للارتقاء بالمدرسة. حتى تتمكن من قيادة التغيير و تعزيز قيم التنوع و التعدد و قبول الاختلاف و الاعتزاز بالهوية المغربية المتنوعة الروافد المنفتحة.

فيصل قابوس  عن نادي التربية على المواطنة بثانوية ابن زيدون

 تعد المدرسة أبرز المؤسسات الاجتماعية المعنية لبناء نموذج الإنسان المواطن المغربي، من خلال تنمية السلوك المدني والتربية على المواطنة لدى أفراد المجتمع وتكريس المواطنة الكاملة. ذلك أن تشبع المتعلم المغربي بهذه القيم الكبرى يكسبه مناعة حقيقية ضد كل أشكال العنف وكل السلوكات السلبية التي تسربت للأسف الى مؤسساتنا التعليمية كظاهرة الغش والعنف…لذالك تشكل التربية على القيم والمواطنة والسلوك المدني صمام أمان يحمي أمن واستقرار وتوازن المجتمع، وكان لزاما على المدرسة أن تنخرط بشكل فاعل في ربح هذا الرهان.

 

 حنان بيية  رئيسة الأكاديمية الدولية للتدريب الإبداعي

 

 دخلت المدرسة المغربية تحديا مزدوجا في بناء وإعداد وتربية أجيال. وتبقى المكان الوحيد القادر على تربية الأجيال على القيم الإنسانية سواء الفردية التي يحتاجها التلميذ في حياته اليومية كقيمة الأسرة، قيمة الحب، قيمة المشاركة، قيم النجاح.. لهذا أصبح لزاما على المدرسة أن تأخذ بعين الاعتبار في برنامجها التكويني والتدريسي،وضع مجموعة الاعتبارات التي يفرضها التطور والحركية التي يمر بها المجتمع في شتى المجالات. فكل مكونات المجتمع المغربي مسؤولة على ما يحدث من عنف وانعدام للتكوين الجيد والتوجيه الصحيح.وانعدام للكفاءة الشخصية أخلاقيا واجتماعيا وحتى مهنيا.

                                           كوثر الرامي طالبة

للمدرسة دور كبير في تنشئة الطفل وتربية الاجيال. وعليها أن تحمل شعار (التربية قبل التعليم). والمدارس التي تتوفر على أطر  جادة ومكافحة بعيدا عن الغش. هي التي بإمكانها تعليم وتخليق الطفل الذي يلج إليها.وكل مدرسة ناجحة تقوم على تعليم القيم والمبادئ لتلامذتها. بما فيها آداب الطعام وأخلاقيات الحوار وكيفية احترام الآخر.. كما تركز على تكريم وتقدير الأساتذة والرفع من مكانتهم الاجتماعية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *