دورة باطلة وتوافق إلى حد التواطؤ بين المعارضة والأغلبية من أجل إحباط سكان المحمدية

يبدو أن الفرقاء السياسيين الممثلين لمجلس بلدية المحمدية، توافقوا على إحباط سكان المدينة، الذين استأمنوهم على أصواتهم منذ أزيد من سنة. وأنه لم يعد داخل المجلس معارضة ولا أغلبية. بعد أن ركب الكل نفس السفينة، ومنحوا القيادة لجهات مجهولة، وتركوا الربان يدحرجهم هنا وهناك وفق ما تشتهيه الرياح. ولعل ما عاشته قاعة البلدية من مهازل منذ انطلاق دورة أكتوبر الأخيرة، التي كان من المفروض أن تناقش وتصادق على مشروع ميزانية 2017، ومعها نقط أخرى.. يؤكد أن العشوائية والعبث تسربا إلى غرفة تدبير الشأن المحلي بالمدينة.. أضواء مستشارو حزب الأصالة والمعاصرة انطفأت منذ الإعلان عن دخولهم صف المعارضة… ولم نسمع أو نرى أي مبادرة أو تعقيب أو احتجاج…وحزبا التجمع الوطني والأحرار والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دخلوا صف الأغلبية… وضلوا يلعبون دور المراقب والمندد في بعض الفترات.. تم فجأة وبدون أي سابق إنذار فكوا تحالفهم مع حزب العدالة والتنمية الذي يقود المجلس. بعد أن صوتوا برفض مشروع الميزانية خلال دورة أكتوبر الأخيرة. وكانوا السبب وراء الإطاحة بالمشروع المالي في قراءته الأولى… علما أنه كان على الحزبين أن يناقشا المشروع مع حليفهم حزب المصباح، قبل الإعداد لانعقاد دورة أكتوبر…
وحتى هذا الإجراء المتخذ من الحزبين لم نسمع أو نقرأ عن تبريرات له. وهل تم فك الترابط نهائيا مع الحزب القائد للمجلس، أو أن الأمر لا يعدو مجرد نوبة عصبية أو خطة ممنهجة بين كل الأطراف أو تواطؤ جماعي ؟؟.. وهل طالبوا بتعديلات في بعض الفصول أو المشاريع المرتقبة؟؟؟ ..كما أنهم لم يحضروا باقي الدورتين (الاستثنائية، ودورة بمن حضر)… والأشد غرابة أن تجد أن قائد الحزب حامل المشروع المالي بالبلدية، يعبر عن فرحه مباشرة بعد انتهاء دورة أكتوبر بعدم المصادقة على مشروع ميزانية 2017. حيث نوه لمصدر إعلامي بالصوت والصورة، بالتصويت بالرفض… واعتبر أنه بمثابة مطلب لكل سكان المحمدية.. وأشار إلى أن البلدية تعاني منذ سنوات، وأن ميزانيتها 21 مليار سنتيم فقط، وهي تعاني من ديون تفوق 13 مليار سنتيم، والتزامات أخرى قال إنها تفوق 12 مليار سنتيم. وهو ما يعطي مصاريف بقيمة 25 مليار سنتيم، تفوق الميزانية بأربع ملايير سنتيم. مشيرا إلى أنه على وزارتي الداخلية والمالية أن يهتما بالمدينة، وأن ميزانية المحمدية لن تترك له فائضا ماليا يكفي حتى لشراء (تروطوارة)…وأنه يجب أن تتجاوز الميزانية 30 مليار سنتيم للتمكن من برمجة مشاريع للمدينة… صاحبنا عنترة (بن شداد) بدا بدون سيفه الذي شهره خلال حملته الانتخابية الجماعية..وكأنه يريد أن يبلغنا بأن مستشاري حزبه (ماكرهوش يصوتوا مع الرافضين)، (غير ماجاتش حيث هما لي واضعين المشروع).
.. غريب أمر هؤلاء الذين انتظروا مرور سنة، ليتحدثوا عن الديون والالتزامات.. علما أن المفروض في كل الأحزاب التي تقدمت للتنافس الانتخابي خلال يوم الرابع من شتنبر 2015، أن تجري تشخيصا دقيقا لواقع المدينة وإكراهاتها ومشاكلها العالقة، وبعدها يضع كل حزب برنامج دقيق بناء على تلك التشخيصات. ليكون هو برنامج حملته الانتخابية… هؤلاء إذن كانوا يسوقون للفضاليين الوهم. ويعدونهم بالأكاذيب. وكان همهم نيل المقاعد… كل السياسيين بالمدينة يعرفون بأمر الديون العالقة، والمشاريع العالقة بل من بينهم من كانوا وراء تلك الديون والمشاريع العالقة وشل نمو المدينة… وإقبار رياضتها ورياضيها وتعفن حدائقها ومياهها الجوفية والبحرية…كلهم يعرفون أن المحطة الحرارية التي تلوث المدينة ومحيطها ليل نهارا، تنتج 20 في المائة من الطاقة الكهربائية بالمغرب، ولا يستفيد منها سكان المدينة، ولو بتخفيض تكلفة الطاقة الكهربائية عليهم. والمساهمة إلى باقي الشركات ببناء مستشفى جامعي يحتضن المرضى ضحايا التلوث، مراكز وقائية. تحد من التلوث الذي يزيد يوما بعد يوم.. كلهم يعرفون أن شركة سامير لتكرير البترول، ضلت لعدة عقود تلوث المدينة، وضلت تضخ الملايير في جيوب الدولة وناهبي المال العام إلى أن أفلست.. وضل السكان صامتون لأنها كانت توظف وتشغل الآلاف الذين شردوا الآن. ولا أحد من المنتخبين اهتم لأمرهم… كلهم يعرفون أن مستوى التلوث بالمحمدية، لا يعادله أي تلوث بأي مدينة في العالم.. بل وحتى المدن التي تتعرض يوميا للقصف والقنابل…ويعرفون أن التلوث متواجد في الهواء بسبب الغبار والأدخنة والروائح الكريهة والسيول المتعفنة المنبعثة من مجموعة من الشركات..إلى درجة أن سطوح المنازل وزجاج نوافذها .. أصبح مكسوا بالغبار والأدخنة.. ولم يعد البعض يجد حتى فرصة نشر ملابسه لتجفيفها.. أما الأمراض والأوبئة فحدت ولا حرج… الكل يعرف أنه تم القضاء على الرياضة، بسبب انتشار الأمراض والأوبئة.. إذ لا يخلو منزل من مريض بداء الحساسية (الديقة) أو العيون أو صعوبة التنفس أو الجلد… وبسبب ركوب مجموعة من السياسيين على الجمعيات والأندية الرياضية. وتهميش الطاقات والكفاءات. وعدم إنصاف من رفعوا مشعل المدينة والوطن في ملتقيات وطنية ودولية…
… إن الدورة الخاصة بالمصادقة على مشروع ميزانية أية جماعة. هي أم الدورات وأهمها. ولا يمكن لرئيس تلك الجماعة أن يتغيب عنها إلا بعذر قاهر. ولا يمكن القبول بأعذار تافهة ومهينة لسكان تلك الجماعة. كالتواجد بمقهى، أو ترؤس دورة مجلس مجموعة الدار البيضاء. التي ورغم أهميتها فهي لن تصل إلى مستوى مناقشة ميزانية تهم المدينة التي اختارت الرئيس لتمثيلها. والتي بواسطتها حظي بعضوية مجموعة البيضاء… كما أن المتتبع لمسار دورة أكتوبر وبعدها الدورة الاستثنائية ودورة (بمن حضر) التي تم بواسطتهما طبخ عملية المصادقة على ميزانية 2017 بواسطة (الكوكوت مينوت)و. في وقت لم يتعدى يومين. وهنا لابد من الوقوف لفترة والتمعن في هذا الإنجاز العظيم لمجلس بلدية المحمدية الذي يعتبر الأول في تاريخ المجالس الجماعية بالمغرب. والحديث هنا ليس على دورة أكتوبر التي عرفت رفض مشروع ميزانية 2017، والذي تحدثنا عنه في بداية المقالة. ولكن الحديث عن الدورة الاستثنائية التي يطلبها القانون التنظيمي للجماعات المحلية رقم (14/113)، وفق للمادة 187 منه.باعتبار أن (القراءة الثانية) للميزانية مفروضة من طرف القانون. وليس عامل المحمدية من يطلبها.. إلا أنه بعد انعقاد دورة الاستثنائية يوم الثلاثاء 15 نونبر الأخير، والتي لم يحضرها سوى 16 مستشار من أصل 47 مستشار. كما لم يحضرها رئيس المجلس البلدي. ولم تعقد الدورة بسبب عدم اكتمال النصاب. لينهي النائب الأول للرئيس الجلسة بالقول (في موعد لاحق). ولم بتحدث حينها عن الموعد والمادة القانونية المفروض اللجوء إليها…ليتضح في اليوم الموالي ودون علم مجموعة من المستشارين، أن دورة (بمن حضر)، أجريت مساء اليوم الموالي (الأربعاء). وبرر رئيس الجلسة (النائب الأول للرئيس)، عقد الدورة باعتماد المادة 37 من القانون التنظيمي. علما أن هذه المادة خاصة بالدورات الاستثنائية التي تنظم بطلب من العامل أو من ينوب عنه. والتي يبادر العامل أو من ينوب عنه إلى اقتراح نقط لإدراجها في تلك الدورات. والصحيح أنه كان يجب تطبيق ما يأتي في المواد 35 و36 و42.. هذه الأخيرة التي توضح أن عدم اكتمال النصاب خلال الدورة الاستثنائية، يفرض استدعاء المستشارين في الفترة ما بين اليوم الثالث والخامس. وإن لم يكتمل النصاب من جديد ، تنظم دورة نهائية في اليوم الثالث بمن حضر… لأن الدورات الاستثنائية لا تتعدى أشغالها سبعة أيام… وأظن أنه على المجلس البلدي أن يعيد المصادقة على تلك الدورة.. لأنها دورة الأربعاء باطلة، ولأنه لازال بإمكانه استدعاء المستشارين، لأن أيام الأعياد والعطل لا يتم اعتمادها….موضوع آخر يستوجب الحديث عنه بإمعان من طرف ليس فقط الإعلاميين، بل المستشارين أنفسهم. ويخص كيفية استدعاءهم لدورة الأربعاء الأخير (دورة بمن حضر)… وخصوصا مشكل التوقيت الزمني لانطلاق الدورة. فحتى إذا اعتبرنا أن الكل متفق على المادة 37 وهذا طبعا يجانب الصواب. فإنهم لا يعرفون في أي وقت بالضبط ستنطلق الدورة وفي أية فترة صباحية أو مسائية أو ليلية…
ثروة المحمدية يا ساسة الطبيعية والصناعية كفيلة بإنصاف سكانها… لكنكم يا ساسة غير قادرين على (إركاع) أثرياء المدينة والمستفردين بأموالها من أجل جعلهم يسلكون أساليب استثمارية نزيهة ومفيدة..عليهم احترام دفاتر التحملات التي تربطهم مع البلدية كل الشركاء للحد من التلوث والتعفن.. وعليهم دفع كل ما عليهم من ضرائب للرفع من قيمة الباقي استخلاصه، عوض تصويب أقلامهم الحمراء اتجاه المواطن البسيط، وانتزاع ضرائب مالية من جيوبه الفارغة أصلا… وعليكم جعلهم يساهمون وفق ما ينص عليه القانون في تنمية المدينة وإنعاش مجتمعها المدني والمساهمة في المشاريع البنيوية والصحية والثقافية والرياضية و… وعليكم التفاوض ليس فقط مع الشركات، بل مع المجالس والغرف الجهوية والوطنية والوزارات التي تنتفع من قوة إنتاجية المنطقة الصناعية وميناء المحمدية.. عوض قمع السكان ومحاصرتهم بين المنطقة رطبة متعفنة وبحر ملوث ومغلق في واجهة العموم.. وغابة تحولت إلى مزبلة مقبرة للحيوانات النافقة وبقايا مواد البناء وواد المالح المتعفن والمطرح القديم الذي لازال ينفث بخاره وسيوله، ووادي النفيفيخ الذي اختلطت مياهه بمياه الوادي الحار والطريق السيار الذي أصبح يشكل خطرا على السيارات بتراب المحمدية، بسبب ما يتعرض السائقين من عمليات إجرامية سببها السخط والغضب الذي بات يفرزه بعض الشبان، بسبب الإهمال والتهميش والعزلة والبطالة وانتشار مواد الهلوسة والماحيا…