الرئيسية / نبض الشارع / ديرو شي حل… الروائح الكريهة المنبعثة من عين السفيرجلة أزكمت أنوف مرضى وأطر المستشفى وسكان الجوار ومستعملي طريق بوزنيقة وهواة الرياضة

ديرو شي حل… الروائح الكريهة المنبعثة من عين السفيرجلة أزكمت أنوف مرضى وأطر المستشفى وسكان الجوار ومستعملي طريق بوزنيقة وهواة الرياضة

ارتفعت درجة الحرارة مع دخول فصل الصيف، واتسعت معها رقعة التعفن والروائح الكريهة المنبعثة من منطقة عين السفيرجلة، حيث محطة تصفية المياه العادمة، وحيث مجاري الوادي الحار غطت كل المنطقة الغابوية. فقد وقفت بديل بريس على مدى الضرر البيئي الذي ألقحته محطة التصفية بالمنطقة والجوار. وقد تأدى من تلك الروائح الكريهة حتى سكان حي لالة مريم، ومستعملي الطريق المؤدية إلى بوزنيقة، وهواة الرياضة… وقد وصل مداها إلى داخل المستشفى الإقليمي حيث  المرضى والأطر الطبية. كما تضررت منها العناصر الأمنية المرابطة بنقطة المداومة (السد الأمني) بمدخل مدينة ابن سليمان في اتجاه بوزنيقة.   

تشكل مجاري الوادي الحار التي  تتدفق على طول أزيد من عشرين كيلومترا، انطلاقا من   حي للا مريم بمدينة ابن سليمان ومرورا بمنطقة عين السفيرجلة السياحية (يا حسرة)، والبسابس التابعة لجماعة موالين عين تيزغة، في اتجاه مدينة بوزنيقة، مصدر معاناة لدى العشرات من الأسر القروية التي تقطن بجوارها، بسبب الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف والحشرات الضارة والبرك المتعفة التي لوثت الغابة .

لم تعد تلك المجاري موضوع شكايات واحتجاجات من طرف بعض هؤلاء السكان، بعد أن اكتشفوا أن بإمكانهم الاستثمار في مياهها المتعفنة، وكسب أموال من ورائها  بالباطل، إذ بدؤوا في استغلالها السقي وتوفير الغذاء وماء الشرب للمواشي  والدواجن
فعلى طول مجرى الوادي المتعفن، انتشرت محركات ضخ المياه وأنابيب مخبأة أسفل محيط الوادي، لجلب المياه وسقي عشرات الهكتارات من حقول الخضر بمختلف أنواعها (الفلفل، الباذنجان، الخيار، السلاوي، البطاطس… النعناع…)، وحقول الذرة والعشب.
وإذا كانت السلطات الإقليمية عمدت قبل سنوات إلى محاربة الظاهرة وإتلاف عشرات الهكتارات من حقول الخضر بضواحي المدينة، فإن العديد من هؤلاء  مازالوا يستغلون العشرات من الأراضي الفلاحية المجاورة للوادي والبعيدة عن الأنظار لانعدام  مسالك واضحة لولوجها، في إنتاج الخضر والذرة معتمدين على المياه العادمة غير المعالجة. وفي غياب أدنى مراقبة لمنتوجاتهم الفلاحية  ومستوى جودة إنتاجها، يرى بعض القرويين أن الاستفادة من المياه العادمة في الشرب لدى الماشية والدواجن، وتغذيتها من منتوج حقول الذرة والعشب الذي يسقى بتلك المياه المتعفنة لا يضر بصحتها. بل على العكس بحسب تصريحات بعضهم: “إنه يزيد من جودتها، على اعتبار أن تلك المياه بها أنواع مختلفة من المواد العضوية تمنحها أكثر ما تمنحها الأسمدة العصرية”. 
فعلى مسؤولي الفلاحة بالإقليم مراقبة كل ما يقع داخل الأراضي الفلاحية والتصدي لكل مزارع أو فلاح ينتج حبوبا أو خضرا مضرة بصحة الإنسان أو الحيوان، وكل مربي الماشية الذين يعتمدون في تغذية المواشي والدواجن على الذرة أو العشب المسقي من المياه المتعفنة، ويتركونها ترعى فوق حوض الوادي وتشرب مياه إلى جانب الدواجن. كما هو من واجب مكتب حفظ الصحة والمجلس البلدي والسلطة المحلية وقف هذا التعفن الذي لوث الأرض والعباد.

أزيد من نصف المياه العادمة لا تعالج 

 

 

بعد معاينة جزء من المجرى على طول حوالي سبعة كيلومترات، وقفت بديل بريس على أن محطة التصفية الموجودة بضواحي المدينة، لا تستقبل كل مياه الوادي الحار، وأن المشرفين عليها أنجزوا قنوات مغلقة قرب حي للا مريم  لإيصال المياه إلى أحواض المحطة، يتم بواسطتها استغلال المياه الكافية لسقي كولف المنزه على أساس أن صاحبه يمتلك وحده حق الاستفادة من المياه المعالجة وفق اتفاقية بينه وبين بلدية المدينة. فيما تحال أكثر من نصف كميات المياه المتدفقة على المجرى العادي غير المغطى والذي بدأ يحفر له مسارات في اتجاه البحر. وهو المجرى الذي بدأت مجموعة من الأسر تستفيد من مياهه المتعفنة في السقي وتغذية وشرب الأبقار والمواشي والدواجن. كما بدأت أسر أخرى تحل بالمنطقة لنيل نصيبها من العملية، خصوصا أن معظم الأراضي المجاورة للوادي غير محفظة وبها مشاكل عقارية تجعل العديد يعمد إلى كرائها. فيما سبق لآخرين أن اختاروا الاستفادة من مياه الوادي في صنع الآجور  بإنجاز حوض يتم ملؤه من مياه الوادي عن طريق محرك لجلب المياه من داخل المجرى المغطى. قبل أن تتم إزالته.
السلطة المحلية والمجلس البلدي لمدينة ابن سليمان على علم بهذه الكارثة البيئية. بهذه المنطقة التي لم تكن تابعة لها سابقا. وسبق أن تم عقد لجن إقليمية من أجل تسوية الموضوع. لكن لا شيء تم.

  
وسبق لمصدر مسؤول بالمكتب الوطني للماء الصالح للشرب بابن سليمان، أن أكد أن محطة التصفية أصبحت فضاء مجهولا لديهم، بعدما كانوا مكلفين بمراقبتها والإشراف التقني على عملها، وأوضح أن المحطة لا تخضع للتفتيش والتحاليل اللازمة، ولا تخضع لأي صيانة، بعد أن غادرها الموظفون المختصون الذين كانوا يشرفون عليها. وأشار إلى أنهم ممنوعون من دخولها إلا بإذن من صاحب  كولف المنزه المستفيد الوحيد من مياهها المعالجة.
وأوضح أن المحطة صممت لمعالجة صبيب يقدر بحوالي 5600 متر مكعب في اليوم، على أساس أن تتم عملية توسيعها بعد سنة 2010، ما يعني أنها لم تعد صالحة للاستعمال.   
ونتج عن قصور أداء المحطة التي أنجزت سنة 1997 من أجل معالجة كل مياه المدينة، تدفق المياه في اتجاه أراض فلاحية مجاورة وتسربها إلى آبار المياه، مما جعل بعض السكان يهدمون آبارهم أو يغلقونها مؤقتا في انتظار تطهير المنطقة. بينما يضع البعض الآخر آبار ومحركات قربها، موهما المارة بأن يستغلها في سقي أراضيه، في الوقت الذي تم نصب محركات أخرى تجلب الماء من الوادي الحار.
وقال المصدر المسؤول إن اتفاقية الشراكة وقعت سنة 1995 بين المكتب الوطني وبلدية ابن سليمان وشركة ميلد، ومنح الإشراف التقني حينها بموجب الاتفاقية للمكتب الوطني، فيما أخذت الشركة على عاتقها التسيير اليومي  والصيانة والاستفادة من المياه المعالجة. وبلغت التكلفة الإجمالية لإنجاز المحطة 96.5 مليون درهم، موزعة حسب المساهمين (3075 مليون دولار كندي) أي 23.25 مليون درهم منحة كندية و34.12 مليون درهم مساهمة المكتب الوطن للماء الصالح للشرب و39.12 مليون درهم مساهمة بلدية ابن سليمان. وهو المبلغ الذي قدر ثمنا للأرض التي منحتها البلدية للمشروع، والتي  بنيت حينها خارج تراب البلدية وداخل تراب الجماعة القروية موالين الغابة التي تم حذفها هذه السنة. وعينت الشركة الوصية عند افتتاح المحطة سنة 1997  موظفين بينهم مهندس وتقنيون وعمال وحراس.  
وكان على مكتب “لونيب” الاهتمام بالمراقبة التقنية، إذ كانت لجنة تقنية تحل شهريا من أجل إجراء تحاليل للمياه المعالجة والوقوف على مدى عمل المحطة
وتتوفر المحطة على  قناة جلب المياه المستعملة طولها 2400 متر وقطرها 600 ملم، ووحدة للمعالجة الأولية وخمسة أحواض للمعالجة اللاهوائية بسعة 3500 متر مكعب وأربعة أحواض للتهوية  بسعة 5000 متر مكعب لكل حوض، وأربع أحواض للمعالجة الثنائية بسعة 17000 متر مكعب وأربع خزانات عميقة للمعالجة الثلاثية بسعة 75000 متر مكعب لكل خزان ومحطة للضخ بصبيب 150 مكعب في الساعة وقناة لضخ الماء المصفى طولها 4500 متر مكعب بقطر 250 ملمترا.
لكن، يضيف المصدر المسؤول، في الوقت الذي كانت الأمور تسير في اتجاه منح (لونيب) حق الإشراف والتسيير وعقد شراكة جديدة بينها وبين البلدية، فوجئوا بأن اتفاقا جرى بين رئيس البلدية حينها ومالك كولف المنزه الذي انتهى بعقد الاتفاقية التي مكنت مالك الكولف من الاستمرار في الاستفادة وحده من مياه المعالجة والإشراف على المحطة مقابل صيانتها
وأكد المصدر أن المحطة لم يعد بها سوى حارس وأحد التقنيين وأن بنيتها التحتية تدهورت وأصبحت لغزا غامضا بالنسبة إليهم ولم تعد لهم أي معلومات حول مدى عطائها ومدى جودة أجهزتها وأحواضها، مؤكدا أنهم راسلوا كل الجهات المعنية وابلغوهم أن المحطة تحتضر
وأوضح أنه حسب الدراسات السابقة تم تحديد سنة 2010 موعدا لتوسيعها من أجل أن تستوعب الكميات الكبيرة من المياه العادمة التي تزايدت بعد تزايد السكان والأحياء السكنية، وأن كولف المنزه تقلصت مساحته ولم يعد يصرف كل تلك المياه، مما جعل المشرفين على المحطة يعالجون كميات قليلة من المياه العادمة التي يستقبلونها داخل الأحواض، بينما تصرف معظم المياه العادمة في واد منحرف حدد له مجرى منحرف وسط الأراضي الفلاحية.
وأكد مسؤول ببلدية ابن سليمان  المعنية الأولى بمعالجة مياهها العادمة بمقتضى قانون الماء لسنة 1995، أن المحطة خارج تغطية مكتبها المسير، بعد أن تم تفويت تسييرها وصيانتها المحطة لصاحب الكولف ومنحه حق الانفراد باستغلال مياهها وفق قرار اتخذه المجلس البلدي في  إحدى دوراته العادية سنة 2001.
وأن المكتب المسير للبلدية حينها اتخذ القرار بعد جمود نشاط شركة هشام البصري التي كانت تدير المحطة وفق اتفاقية شراكة ثلاثية مدتها ربع قرن (1995 إلى 2020).

ملاحظة: كان بالإمكان أن تفوت المحطة للمكتب الوطني للماء والكهرباء على أساس ان يعاد إصلاحها وضمان صيانتها واستغلال المياه المعالجة لسقي حدائق المدينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *