يبدو أنه كتب على رمضان 2016 بالمغرب، ألا يكون رحيما ولا كريما ولا داعما لذوي الحاجة الذي اعتادوا تلقي الإحسان والدعم المالي و المؤونة من رواد العمل الخيري وموائد الرحمان. فقد أراد له المسؤولون أن يزيد المتشردين والمتسولين والفقراء… تشردا وتسولا وفقرا … بعد أن منعوا عنهم (الكفة) و(موائد الفطور والسحور) بدعوى استغلالها في الحملات الانتخابية السابقة لآوانها.
قد نكون مع منطق منع توزيع (الكفة) و(الحريرة)، باعتبار أن البعض يعتبرها مهينة.. أو باعتبارها مبادرات قد تساهم في توسيع دائرة المتسولين، وتنامي الكائنات البشرية المحبة للخمول والكسل.. باعتبار أنه يجب أن نعلم هؤلاء كيفية اصطياد السمك، لا أن نعودهم على انتظار أن نوزعه عليهم في المناسبات الدينية والوطنية… لكن هذا المنطق لا يمكن أن نقيسه بمبادرات الشهر الفضيل التي يبتغي المحسنون من وراءها رضا الله ورحمته. والتي لا يمكن بأي حال أن نصنف أصحابها في خانة الباحثين عن مصالح الدنيا. علما أن فرض الصيام خلال هذا الشهر الفضيل، هو قرار رباني، يهدف أصلا إلى جعل الصائمين (وخصوصا الأثرياء منهم)، يعانون من الجوع والحرمان الغذائي الذي يعاني منه الفقراء طيلة السنة. ويجعلهم يفكرون في التخفيف من تلك المعاناة. بزيارتهم ودعمهم ونشر البسمة والسعادة في وجوه المشردين بلا أسر ولا مرقد، ولكل أفراد أسر الفقراء والمحتاجين (إن كانت لهم أسرا).
كما أن عملية المنع المفاجئة التي تجند لها الولاة والعمال والباشاورات وكل ممثلي وأعوان السلطة بمدن وقرى المغرب. لم تسبقها مبادرات بديلة. لكي نديم الفرحة على المحتاجين. ونواظب على تمكينهم من حاجياتهم لهذا الشهر العظيم. وأظن أنه كان من السهل أن تبادر وزارة الداخلية صاحبة قرار المنع. إلى توفير البدائل. بالعمل على سد الخصاص. وفتح حساب بنكي لاستقبال أموال المحسنات والمحسنين، الذين عادة ما يتبرعون بأموالهم في سرية تامة للجمعيات من أجل العمل الخيري. ويمكن الاعتماد على هذا الحساب البنكي، من أجل تقديم مساعدات ونصب موائد الرحمان (الفطور والسحور) بكل المدن والقرى. ويمكن لأعوان السلطة والقياد أن يقوموا بتسجيل الفقراء والمحتاجين والمتشردين. ودعوتهم لتلك الموائد والأعمال الخيرية. بعيدا عن السياسيين والمنتخبين وحتى الجمعويين المشكوك في أهدافهم الخيرية. كما يمكن اللجوء إلى دعم الجيش الملكي. فهذا الجهاز القوي المكلف بحماية الحدود. والضامن لاستقرار البلاد من الداخل. وحامل المهمات الصعبة عند الكوارث والاضطرابات. بإمكانه أن يمد يد العون في العمليات الخيرية.. وأظن أن هذا الفئة من ممثلي السلطة والعسكر لا علاقة لها بالسياسية. بل إن أفرادها ممنوعون حتى من الترشيح في الانتخابات الجماعية والتشريعية.