الرئيسية / ميساج / رسالة اليوم الثامن من رمضان … وصيتي إلى كل مقبل عن فئة الشباب في زمن الحروب والعولمة

رسالة اليوم الثامن من رمضان … وصيتي إلى كل مقبل عن فئة الشباب في زمن الحروب والعولمة

 إنك الآن في مرحلة تدعو إلى التفكير قبل التدبير… في مرحلة تدعو إلى الاستقامة في المشي قبل المضي فيه… في مرحلة تجعلك تنظر بعين دقيقة إلى الآفاق لمعرفة سبل الوصول إليها .

فأرجوا الصمود و المثابرة لنيل ما هو أطيب و أحلى … و أرجوا قوة العقل و صفاء القلب و رقة اللسان… فإن بهذه الصفات الثلاث تستطيع ركوب صاروخ السعادة و تفجير أيام الشقاء.

ابني العزيز.

 إنك اليوم تطل على جبهة غير التي كانت مسرحك… و تسير في اتجاه يطلب منك الدقة و التركيز.. و لهذا فإنني أوصيك بالحذر…احذر فإن السبل ملغمة و الأجواء مظلمة و المغريات مسمومة.

فلا تسلك طريقا قبل فحصه…  و لا تدخل فضاء إلا و عقلك نورا له، فنور العين لا يكفي… أما لقمة عيشك فأنت من يسممها و أنت من يطهرها.

 

أي بني…

 

 انظر إلى الشيء قبل أن تنظر في أعماقه… و اجعل بصيرة العقل الأساس و بصيرة العين مزكية….(( أما بصيرة القلب فحدودها الفرقان)).

إياك و المراهنة فإنها عمل الضعيف… فليكن صوتا مقنعا، أو سمعك مقتنعا … وإلا فالشورى هي حل المتناقشين.. .إياك و التشبث فإنه يضعف الحواس… فليكن رأيك موضوع مناقشة و لتكن عينك مرافقة للعيون …و لتكن يدك مبسوطة تلتقط ما سقط.

ابني العزيز…

 أتدري أن الحياة ملعب كرة القدم … و أن الفريقين هما  أنت و الزمن … فلتأخذ المبادرة لتبدأ بالهجوم … و لتكن توغلاتك مجدية و قذفاتك  صاروخية تصيب الأهداف المرسومة … فالزمن آت و الويل لك إن ضاعت كرتك.

 

ابني العزيز…

 

 قد حان للسانك أن ينوب عن بقية أعضاء جسمك بحكمة و قناعة و هدوء … و حان لحركاتك أن تستقيم … فكن أذنا صاغية و نفسا راضية و روحا عالية… فلا تترك الفرصة لأعداء البشرية حتى يخدرون عقلك و يغيرون مقاصدك… إياك أن يدخلك الفضول السلبي فتطرق أبواب وهمية أو تنغمس في مآرب وحشية… فإن ذلك يضعف من إقدامك و ينسيك مهامك الحقيقة… إياك أن تتباهى بأعمالك، فإنك ستكثر من حسادك … فليكن التواضع و السرية موطنك و ليكن نجاحك أنت لا أنت نجاحك.

ابني العزيز…

 سألتك بالله أين الصبي ؟؟؟   و أسألك اليوم أين الطفولة ؟؟؟   فاسأل نفسك عن الشباب… هل هو آت أم أنك ذاهب اليه ؟؟؟ …  و إذا كان الأمر كذلك …  فما هو سلاحك؟؟؟ …  بماذا ستغذيه و قد وقف عند بابك …  بالأمس كان صراخك مصدر قوتك و حركاتك البريئة موطن سعادتك أما اليوم فقد حان لعقلك أن يزن كل حركة بمكيال يوقف بين الحياتين(( الدنيا و الآخرة)) … لا بمكيال التناوب الذي يخدم الأولى بضرب الثانية أو ينفع الثانية بسحق الأولى … فاجعل من شبابك عذابك … فليكن ذراعك سلاحك و عقلك وكيلك… فأما السقوط فالنجاح مناله …و أما الخمول فالضياع مصيره … و إن سقوط المثابر لنجاح للأمة….  فإياك و أنياب اليأس… فلتكن جدران عقلك من حديد صلب شفاف… و ليكن جسدك لا باللين و لا بالصلب …  و ليكن انحناؤك طاعة الله أو تواضعا للبشر لا خضوعا لهم.

 

ابني العزيز…

 

 إياك أن تهمل موطن الصداقة … فهو للهموم مقر للتفريغ و للسعادة مجال للتفريخ… فالصداقة مجلس الشورى و الأنس …  فأرجوا اختيار أعضاء هذا المجلس.

فلتخضع صديقك للتجربة مرات و مرات … و ليكن الإغراء أولها … ثم الأسرار ثانيها … ثم التنافس ثالثها…  فإذا سلم من هذه التجارب فالله راعيكما.

 إياك و الشك … وإياك و التأويل فليكن كلام صديقك مفهوما كما جاء لا تعطيه أبعادا أخرى

 

ابني العزيز …

 

 أوصيك بالصدق بلا قسم .. و بإعطاء الجملة كاملة بفعلها و فاعلها و مفعولها .. إياك و التكرار … لأن التكرار يولد الشك في نفوس المستمعين …  فالتأكيد يأتي عن طريق الإقناع لا عن طريق التكرار و القسم.

كن صاحب مبدأ و ليكن مبدأك يحترم آراء الآخرين … و يرتكز على صفات حميدة وقواعد علمية حديثة تسير  ووضعك اليوم … و ليكن في تطور دائم يسد حاجتك الفكرية و المادية و يراعي المصالح الإجتماعية.

 

ابني العزيز…

 

 إذا أسند إليك منصب المسؤولية … فليكن أمرك أمر شورى … و ليكن حبك لمصلحة المتوخاة أكثر من حبك لمصلحتك الشخصية … فإياك و العفرتة فإن الله يجزي كلا حسب عمله.

 فلتكن سعادتك ملتحمة مع سعادة مرؤوسيك … ليكتمل السعد و تنال المصلحة قدرها مما كانت تنتظر …  فليكن منصبك عضوا خاضعا أو رئيسا نافعا أو مستشارا متواضعا … و ليكن قلبك ضمن القلوب لا محميا بهم و لا زاهيا فوقهم … فإن حب القلوب يزيد من ارتباط العقول و ارتباط العقول فوز للأمة و مجد لها.

و أخيرا ابني أوصيك بطهارة السلوك إنها مفتاح لكل البنوك و شرف العقل فإن:

 

      سمة العقل الشرف                    إن غاب عنهم انحرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *