الرئيسية / ميساج / رسالة اليوم ال17 من رمضان: مديرات ومديرو المؤسسات التعليمية بين غياب التكوين وثقل المهام يطالبون بخلق إطار لهم وتقنين مهامهم الإدارية والتربوية وتوفير الموارد البشرية اللازمة

رسالة اليوم ال17 من رمضان: مديرات ومديرو المؤسسات التعليمية بين غياب التكوين وثقل المهام يطالبون بخلق إطار لهم وتقنين مهامهم الإدارية والتربوية وتوفير الموارد البشرية اللازمة

لم يعد مشكل التسيير الإداري داخل المؤسسات التعليمية حبيس رفوف الفصول الدراسية وحديث المدرسين والمدرسات أثناء أوقات استراحتهم بين الحصص الدراسية، لم يعد حكرا على بعض الأخطاء الناتجة عن سوء فهم بعض المذكرات الوزارية أو الأكاديمية أو النيابية، أو بسبب طرق وأساليب التدبير لدى بعض المديرين… فعطر الإدارة الذي أزكم أنوف كل الأطراف التعليمية، فاح وتدفق سحابه على محيط المؤسسات، وأصاب نداه كل المهتمين بالحقل التعليمي، بعد أن أصبحت معظم المؤسسات التعليمية تغوص في مشاكل سببها سوء التسيير الإداري الناتج عن ثقل وجسامة الأعمال الإدارية الملقاة على عاتق الإداريين وعلى رأسهم مديرو المؤسسات التعليمية. وبينما أكد بعض المدرسين أن منصب مدير مؤسسة لا يمكن أن يقبل به المدرس حاليا إلا إن كان مدعما نقابيا أو سياسيا أو مدعما من أطراف نافذة في التعليم، تمكنه من تدبير وتسيير المؤسسة دون خوف من أي ردود فعل داخلية أو خارجية. موضحا أن سفينة التعليم داخل المؤسسات التعليمية تسير وفق ما تشتهيه الأعراف المتعامل بها، وأن المذكرات الوزارية والأكاديمية والنيابية تعالج بمنطق (دير كيف دار صاحبك في المؤسسة الأخرى) بسبب نقص في الخبرة والكفاءة لدى مجموعة من المديرين. رأى البعض الآخر أن مهام المديرين حاليا يصعب إنجازها كلها لأنها تختلف بينما هو تربوي وإداري صرف ومالي، وأن الاستجابة لها يتطلب المزيد من الوقت والموارد البشرية والمادية. وأن المديرين (يحملون عصا التسيير من وسطها) خوفا من أن تتراكم مهامهم وتتضاعف وتزداد حدتها. موضحين أن أكثر من نصف العاملين على رأس إدارات المؤسسات التعليمية وخصوصا الثانوية منها يرغبون في تقديم استقالاتهم والعودة للتدريس. وأن نسبة كبيرة منهم تخاف على فقدان سكنها الوظيفي فقط. فناذرا ما يتم الحديث عن القافلة الإدارية التي تقود المؤسسات التعليمية، والتي يعهد لها التدبير والتسيير اليومي وفق المنظومة التربوية المبرمجة. الحديث هنا عن الأطر الإدارية من مديرين ونظار وحراس عامين ومعيدين والكتاب.. ما مدى تكوينهم التربوي والإداري والنفسي، ومستوى استجابتهم للمعايير الدنيوية من أجل استيعاب الزخم الكبير من المذكرات الوزارية والأكاديمية والنيابية وتطبيقها بالشكل والدقة المطلوبين…
الكل يعرف أن هذه الفئة لا تتوفر على شواهد التخرج من المدارس والمعاهد الإدارية التي لا توجد أساسا ببلادنا. ولا تخضع لتكوينات تمكنها من اكتساب الحد الأدنى من المعلومات والسلوكات التي تواجه بها العبث الإداري الذي يسيطر على سير العمل الإداري داخل المؤسسات التعليمية. فالتسلق في اتجاه هذه المناصب يأتي بالأقدمية في التدريس.
هيئة التدبير و التسيير الإداري و التي يكون على رأسها بشكل رسمي رئيس المؤسسة ( المدير).. منصب الرئيس هذا يستلزم وجوبا وبحكم تعدد اختصاصاته و اتساع مساحاتها وعمومية واجباته التنظيمية، أن يكون على اتصال دائم بأساليب التكوين المستمر في مجالات التربية و التعليم و أساليب التدريس وعلى إلمام واسع بالقوانين التنظيمية وأساليب التدبير و التسيير و المعرفة الواجبة، للحفاظ على اهتماماته المتنوعة وشمولية تكوينه الشيء الذي يغني شخصيته بشكل ملموس بحيث ينعكس إيجابا على مردودية المؤسسة سواء في محيطها القريب أو البعيد لتكون فعلا منارة للمعرفة و التطور .
يرى العديد من مدرسين ومدرسات وآباء وأولياء التلاميذ بل حتى من المديرين أنفسهم، أن المواصفات و الشروط الواجب توفرها في شخص المدير كقائد على رأس المؤسسة التعليمية غير متوفرة للأسف الشديد إلا بنسبة ضعيفة جدا و لدى قلة لا تشكل قاعدة تعتمد في بناء صرح مؤسسة تعليمية رائدة و ناجحة في عصر يعرف فيضا لا ينتهي للمعلومات و فتح آفاقا شاسعة للتواصل و الاتصال .
إشارات وردود تشير كلها إلى أن مديري المؤسسات أصبحوا في السنوات الأخيرة لا يفارقون مكاتبهم الإدارية إلا من أجل حضور اجتماعات داخلية آو خارجية أو تكوينات عشوائية، بسبب كثرة الأشغال التي أثقلت كاهلهم وحالت دون تمكينهم من الإشراف اليومي على سير التعليم داخل مؤسساتهم. موضحين أنهم في الأصل مدرسون أنهك التدريس قواهم ولم يعودوا قادرين على مواجهة فصل يضم ما بين 30 و50 تلميذ حسب طبيعة المؤسسة التعليمية، فكيف لهؤلاء الذين قضوا على الأقل 15 سنة في التدريس أن يتسلموا زمام تسيير مؤسسة تعليمية تضم المئات أو الآلاف من التلاميذ والعشرات من الأطر التربوية والإدارية والأعوان…دون أدنى تكوين ووسط أجواء من العشوائية التي تفرضها عليه (التعليمات العليا) عبر مذكرات يصعب تطبيق معظمها على أرض الواقع، تحرر في كواليس الوزارة والأكاديميات والنيابات .
إن تغيير المدراء وتنصيب البعض ممن لا خبرة لهم في مجال الإدارة، كانوا أساتذة أو حراس عامين أو نظراء قادهم هاجس البحث عن سكن أو تعويض إضافي أو الابتعاد عن التدريس لطلب شغل منصب مدير، عملية تحتاج إلى وقفة تأمل و تحليل، لأن الأمر يتعلق بمؤسسات عمومية هي ملك للجميع ومن حق الجميع أن يسأل ليطمئن قلبه أو تثور ثائرته ويعلو صوته. إن عمليات التنصيب العشوائية للمديرين هي سبب عدم استقرار المؤسسات ذات أهداف نبيلـة، وأنه كان يجب أن يكون من أهم سماتها التنظيم و الانضباط وكان من المفروض الذي يدخل في باب تحصيل الحاصل ألا توضع هذه الأمانة المقدسة في أيادي من لا يقدرونها حق قدرها أو لا يقدرون على أدائها وتحملها على الوجه الأفضل وهو شيء اعتبره المدرس معروف لدى الوزارة بالتفصيل الدقيق. والوزارة المكلفة بشؤون التربية و التعليم تتحمل هنا كامل المسؤولية، فالعديد من المناصب الإدارية تمنح تحت غطاءات نقابية وسياسية ومصلحية… ولعل المنطق والطبيعي من أجل الحصول على إداريين في مستوى مؤسستنا التعليمية، يجب إلغاء اعتماد الأقدمية كقاعدة في التعيينات و الترقيات، فهي التي فتحت بابا دخل منه الصالح و الطالح، وجعلت إدارة التعليم تعج بإداريين عاجزين على ضبط مؤسساتهم. ويجب اعتماد الكفاءة والعمل على إحداث مدارس إدارية لتخرج المديرين والنظار والحراس العامين. غضب واستياء المديرين والمديرات من عشوائية التسيير المفروض يزداد سنة بعد أخرى، بالنظر إلى ثقل وجسامة الأعمال التي يؤدونها بعيدا عن مهامهم الرئيسية، المتمثلة في الإشراف على السير التربوي والتعليمي داخل المؤسسات التي يشرفون عليها. وهو ما اضطرهم إلى تأسيس جمعيات وطنية وعدة فروع لها، تعنى بمصالحهم وأهدافهم. مطالبين بضرورة إعادة النظر في إطار المدير وتحديد مهامه، ومبدين استياءهم من التكليفات تبمهام هي من اختصاص بعض الموظفين بالأكاديميات أو الوزارة الوصية. الجميع يحملهم أعباء إدارية رغم عدم توفر المؤسسات على أطر إدارية كافية، إضافة إلى تخوفهم من عمليات صرف الميزانيات السنوية والتي تحتاج إلى تكوين في الجانب المالي. معتبرين أن الإشراف على الجانب المالي يشكل خطرا على المديرين غير الملمين بمساطر وطرق الصرف. وأن شبح دخولهم السجن بسبب خطأ مالي وارد ، يهدد مسارهم المهني. إضافة إلى تنديدهم بعمليات التوزيع الخاصة بميزانية الثانويات، والتي لا تراعي حاجيات كل مؤسسة ولا تأخذ بعين الاعتبار التقارير التي تبعث سنويا، وتشير إلى الخصاص داخل كل المؤسسة. كما أنه ليست هناك مراعاة للموارد البشرية ولا لعدد القاعات المتوفرة أثناء إجراء الامتحانات الجهوية أو الوطنية ولا أثناء إحداث بعض الشعب الجديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *