الرئيسية / ميساج / رسالة اليوم ال22 من رمضان: معاناة الزوجات مع مسلسل رمضاني عنوانه …زوجي مقطوع

رسالة اليوم ال22 من رمضان: معاناة الزوجات مع مسلسل رمضاني عنوانه …زوجي مقطوع

تعيش  بعض الزوجات خلال شهر رمضان أياما عصيبة بسبب عنف وغضب أزواجهن المدمنين على التدخين والمخدرات والخمور ، و(المقطوعين) أملا في كسب حسنات الشهر الفضيل. بعضهن تعودن على تحويل أزواجهن خلال شهر رمضان إلى أطفال يبالغن في مداعبتهن وحضانتهم وإرضائهم، و يوفرن لهم الهدوء والتغذية والخدمات العادية والتافهة تفاديا لإغضابهم، وضمانا لهدنة تقي الأسرة من الصراخ والشتم، الذي قد يتحول إلى اعتداءات  وتخريب لمحتوى المنزل.  وأخريات يفقدن بسرعة صبرهن، فيدخلن في جدال غير محمود مع أزواجهن، ينتهي بمال لا يحمد عقباه.

زوجي مقطوع  …. شعار تحمله زوجات عديدة  تغطي به شتائم واهانات واعتداءات أزواجهن… زوج مقطوع عن التدخين، يبالغ في النوم حتى فترة الظهر أو العصر، يمنع الحديث أو الحركة داخل المنزل، يضن أنه يجنب محيطه غضبه وانفعاله السريع، ويقلص عليه فترة الصوم عن التدخين، وينتظر بشوق ولهفة لحظة آذان المغرب، ليلف سيجارته الأولى التي تجر وراءها علب سجائر يستمر في ضخ دخانها داخل رئتيه حتى ساعات متأخرة من الليل، وفي نيته أنه يدخرها لفترة الصوم خلال اليوم الموالي.

زوج مقطوع عن الخمور أو المخدرات، يحمل عبوة من الغضب والألم النفسي قابلة للانفجار عند كل احتكاك، زوج رأى أنه لا بد أن يكف عن شرب الخمر أو تناول المخدرات خلال شهري شعبان ورمضان رغبة في كسب رصيد كاف من الحسنات لولوج الجنة، فكان لا بد أن يضاعف من صبره  وحزمه  ويجند كل أفراد أسرته لخدمته  تفاديا لتفجير عبوته.  ليكون مثالا للرجل المسلم الصائم، رغم أنه لا يحمل سيف التسامح (اللهم إني صائم) الذي اعتاد المسلمون أن يشهروه كلما وجد أحدهم نفسه طرفا في نزاع بشري.

 

 

 

قالت إحداهن… زوجي الذي تزوجته منذ سبع سنوات، ولي معه طفلين، مدمن على التدخين، عود ثقاب واحد يكفيه لإشعال كل سجائر اليوم، لا أنكر أنه ودود وصبور طيلة أيام السنة، لكن ما إن يدخل شهر الصيام، حتى يتحول إلى شخص آخر لا يطيق الحديث ولا مناقشة أمور البيت، أتذكر أن خلال أول شهر رمضان صمناه  كزوجين بعد ستة أشهر من زواجنا، فاجأني عصر يوم سادس رمضان  وقد كان يبحث عن محفظة نقوده، فانتقدته لضياع محفظته، وطلبت منه أن يتذكر أين وضعها، لكنني لم أشعر إلا وهو يجرني من شعري وجسدي على الأرض، ويطلب مني أن أبحث عن المحفظة، واستمر في جري حتى أصبت بكسر في  مرفقي الأيمن، وتمكنت من الانفلات منه وهرعت إلى منزل احد أقربائي بالحي المجاور لحينا، حيث نادى قريبي على والدي الذي أصر على طلبي الطلاق،     لكن بعد صلاة المغرب، جاء زوجي ومعه لفيف من كبار الحي، ولم يستطع أبي رفض طلبهم، فعدت رفقة زوجي الذي  قبل حينها قدمي طالبا المعذرة، فعلمت حينها انه كان تحت تأثير الصيام  وعدم التدخين، فقررت حينها أن أتجنب الدخول معه في مشادات كلامية خلال شهر رمضان.              

 

وتحكي ثانية…لا أحد يصدق أن زوجي الذي أصبحت معه جدة للعشرات الأحفاد، وعشنا معا زوجين أزيد من خمسين سنة رمى علي يمين الطلاق أكثر من عشرين مرة  في يوم واحد خلال السنة الرابعة من زواجنا، وكنا حينها قد أنجبنا فتاة في سنتها الثانية، كان زوجي مترفا يقضي لياليه في شرب الخمر والقمار، ويعود عند الفجر فارغ الجيوب مثقلا بالعيوب (سكيرا ومتعفنا…)، ليخلد إلى النوم  حيثما تمكن من إلقاء جسده داخل المنزل أو قرب (الزريبة أو نوادر ديال التبن)، حل رمضان وبدأ حال زوجي يتحسن قليلا خصوصا بعد أن بدأ يحس بألم في بطنه وبعد أن وجد أن رصيده المالي  الذي ورثه عن أمه بدأ ينفذ، فنصحته ونصحه أقاربه بالصيام  والالتزام بشرع الله، وأن توبته سيقبلها الله وسيعوضه خيرا في المستقبل، انغمس زوجي في صيامه الجاد، يوما بعد يوما، وبدأت نوبات الغضب والانفعال تنتابه كل يوم إلى درجة أنه بقدر تشبثه بإتمام الصيام  والابتعاد عن الخمور، بقدر ما أصبح سريع الغضب  وأصبح يطلق لسانه دون أن يدري ما كان يقذف به من حروف…  الطلاق ثم الطلاق لعدم سماعي نداءه من أجل إغلاق نافذة أو لصراخي في وجه ابنتي، أو تأخيري عن تقديم الغسيل أو …  والغريب أنه كان يرمي علي الطلاق ويؤكد عزمه تطليقي في اليوم الموالي، ليعود بعد دقائق  وكأن شيء لم يكن ويناديني من أجل تسخين الماء أو البحث عن قميص له. 

والأغرب من هذا أنه بمجرد انتهائه من تناول وجبة الفطور، طلب مني أن أحضر جلبابي وجلبابه للذاهب من أجل زيارة أسرة شقيقه وتناول وجبة العشاء معهم.

تصرفات  زوجي جعلتني أتمسك به كثيرا وربطت العزم على مساعدته من أجل الإقلاع عن شرب الخمور  ، وكان لي ما أردت بعد ثمان سنوات من التضحية.

 

 

 

وتسرد ثالثة بحسرة وألم… لم نتمكن من ضمان عمر طويل لكثير من الأواني والآليات المنزلية التي كانت يتلفها زوجي بمجرد ما تنتابه لحظات غضب بسبب أمور عادية، إقلاعه عن التدخين خلال أيام شهر رمضان يكلف الأسرة مصاريف إضافية لتعويض ما تم تكسيره ، لم يكن عنيفا معي أو مع أطفالي الثلاث، فقد كان يصرف غضبه بعيدا عن أجسادنا، قد نتلقى منه بعض الاهانات والشتائم وهي أمور اعتدنا تقبلها منه كل ما كان صائما سواء خلال شهر رمضان أو الأيام الستة من شوال،  لكنه عنفه كان يفرغه في عمليات التكسير، التي قد تكون ذات كلفة بسيطة (رمي كأس او صحن من زجاج…) وقد يصل إلى حد تكسير شاشة التلفاز أو الحاسوب، وقد تكون الأسباب جد تافهة برنامج  أو شريط سينمائي أو مسلسل دون المستوى أو بطء في ولوج الانترنت، أو خدمة منزلية متأخرة أو غير مضبوطة من أحد أبنائه أو مني.

وعلى العموم وبما أننا لم نتمكن من وقف حركاته العصبية خلال شه رمضان، فقد عمدت شخصيا إلى استعمال أواني بلاستيكية أو من زجاج صلب لتفادي عمليات التكسير، كما بدأت أشغله بأعمال خارج المنزل إضافة إلى وظيفته ليعود منهكا ويخلد إلى النوم إلى أن يسمع آذان المغرب.

 

 

 

وهذه حكاية رابعة… حكاية زوجي مع شهر رمضان طويلة ومتشابكة، لشهر الصيام هو شهر عطلة زوجي المدمن على التدخين، رئيسه في العمل وبعد تجارب عدة سنوات، اقترح عليه أن يكون شهر إجازته السنوية خلال كل رمضان، طبعا فرئيسه يعرف كيف يتحول زوجي المواظب والمتفاني في عمله خلال شهر رمضان إلى علبة صوتية لإصدار الأوامر  ومعاقبة العمال لمجرد وقوفهم لحظة من أجل الاستراحة، فكان لا بد من التخلص من سلوكه المؤقت، وإبعاده عن العمال.

يعطل زوجي المقطوع ليصبح عضوا ثقيلا علي وعلى باقي مكونات الأسرة طفليه وشقيقته وأمه، تكثر انتقاداته لحركة أو صوت  وتزداد طلباته واستفساراته عن كل ما ننجزه داخل المطبخ أو داخل غرف المنزل، شتائم بالجملة و أحذية تتطاير من أجل سد الأفواه أو معاقبة الطفلين البريئين لمجرد أنهما بالغا في اللعب داخل الصالون أو حجبا عنه رؤية التلفاز. واسم حنان يطلقه مئات المرات في اليوم إما طالبا أ ومستفسرا أ وناقما أو شاتما …  

 

 

يقول الدكتور عبد الجليل أميمأستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة القاضي عياض مراكش… إن أية مادة يستعملها الإنسان، وتسافر به إلى جنة اصطناعية، إنما تؤدي مهمتها عن طريق إحداث خلل في الوعي. و(المقطوع) يعاني من خلل في وعيه ناتج بالأساس عن مضاعفة المواد التي استدخلها جسمه، وأثرت عليه واستحكمت في سلوكه. ولو أخذنا المدخن كمثال فإن أول أوكسيد الكاربون يتسرب إلى دمه، وتتأثر ضربات قلبه، وحرارة جسمه، كما أن أعصابه تتأثر عند انقطاع النيكوتين عنها، وتعرف الدورة الدموية صعوبات عديدة، كما تظهر انعكاسات ذلك في تنفسه بحكم تأثر الرئتين.

هذا من الناحية العضوية، أما من الناحية النفسية فإن انقطاع المدمن عن تناول منشطه يؤدي إلى اضطراب النشاطات النفسية ويساهم بصورة فاعلة في توليد الإنحرافات السلوكية والميول نحو العنف، الذي  قد يصل إلى حد الإجرام نظرا إلى الإضطرابات الحاصلة في الوعي .

والإدمان عند المقطوع ليس حالة نفسية وعضوية فقط ناتجة عن تفاعل الفرد مع المادة التي يتناولها بل هو كذلك لحظة نشوة ومتعة إن لم تكن على المستوى الإجتماعي ترتبط باعتقاد المدمن أنه ينتمي إلى الفئة المتحررة أو المتمردة أو غيرهما.

ولو ربطنا ذلك كله بالوضعية التواصلية الأسرية في حالة الإمساك في شهر رمضان وانعكاس الصيام على العلاقة الزوجية لقلنا إن الزوجة تعاني أصلا قبل رمضان، فبيتها لا تشم فيه إلا الروائح الكريهة، وملابسها و فراشها كذلك، بل ولون حائط بيتها قد يتغير إن كان الزوج من المدخنين في المنزل، وأشد معاناة هي تلك التي تعانيها الزوجة أثناء الجماع مع رائحة الفم النثنة، أما عندما يستيقظ في الصباح فإن قبلة الصباح بالنسبة للزوجة تكاد تكون عقابا نفسيا نظرا لاختمار ذلك في الليل.

 أما في رمضان فالمعاناة فيه تزداد على صعيد المعاملة، لذلك ننصحك سيدتي زوجة المقطوع بما يلي:

 – تجاوزي أخطاء زوجك في أيام الصيام، واجعلي صبرك جزءا من صيامك، وابتلاء يجعله الله في ميزان حسناتك.

– لا تثقلي عليه بالطلب فهو ميال بحكم تأثير المواد المقطوعة عنه إلى الكسل وانتظار لحطة الفرج. واعلمي أن الإلحاح في الطلب ومحاولة إلزامه بفعل معين تستدعي عند المقطوع سلوك العنف المعنوي أو المادي إن قولا أو فعلا

– اقضي حوائجك في هذا الشهر مااستطعت بدون اللجوء لطلب مساعدته

– إن كنت تريدين أن تطلبي منه شيئا فتحري وقت الليل أي بعد أن يكون جسمه عاد لحالته الطبيعية ونفسيته رجعت إلى توازنها

– إن طلبت منه شيئا في النهار فليكن ذلك بغير صيغة الأمر فهو دائما على شفا الإنفعال والإنزعاج

– تجنبي انتقاده أو انتقاد سلوكاته في رمضان كالنوم والكسل مثلا فإن ذلك سيعكر صفو علاقتكما الزوجية، وزوجك المدمن في ورطة عضوية ونفسية لا يحسد عليها

– ادعمي كل سلوك إيجابي يصدر عنه بالشكر والقول الحسن

– لا تفاجئيه بدعوة قريب أو صديق للإفطار إلا بعد استشارته ليلا

لاتشككيه في صيامه عندما يكثر من النوم ذلك أن مضار الاستيقاظ أكثر من منافعه ولربما كان نومه عبادة.

حضري له من الطعام ما يحبه لدفع أسباب الشجار والنزاع

استعيني في كل ذلك بالذكر والتسبيح عسى الله أن يتوب عليه

 

هذه بعض النصائح والتي وجب أن نذكر بعدها لمسايرة الأزواج المقطوعين، وهم أنواع، فهناك من هو في بداية الطريق أو في وسطها أومن استحكم فيه الإدمان، ولكل واحد من هؤلاء طريقة خاصة في التعامل. لذلك فالتعميم لا يجوز.

وهناك ملاحظة جوهرية يجب أن أختم بها مفادها أنه كلما كان المدمن أكثر ارتباطا بالصيام كعبادة يتقرب بها إلى الله كلما كان أذاه أقل إذ يعتبر الصيام فرصة لمغفرة الذنوب، فتجده يقاوم سلوكاته السلبية ويعزز كل ما هو إيجابي في شخصيته، فخلفيته النفسية من رمضان تساعده على الرقي في مدارج الصبروالتحمل. وبالعكس كلما كان المدمن يعتبر الصيام عقوبة إلاهية إلا وعانى أكثر وتأذى منه أهله كذلك. فالأول يصوم صوم المختار والآخر يصوم صوم المضطر وبين الموقفين سيكولوجيا بون شاسع.

 

وبخصوص رأي الدين حسب الأستاذ والإمام محمد لحسن الخلف…فقد أكرم الله المسلمين في رمضان برحمته بأن صفد مردة الشياطين، وأنزل على المسلمين العافية الدينية التي يحسها الصائمون من مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين، ولكي يستفيد المسلمون من سخاء الله ورحمته، عليهم تجنب ما يمكن أن يعرك صفوة الأجواء الرمضانية وخصوصا داخل الأسر، وعلى الزوجة  والزوج معا أن يدركا قيمة تسامحهما وصبرهما سواء فيما بينهما أو اتجاه أي شخص من داخل أو خارج المنزل.وجزاء الزوجة الصالحة التي تدرك قيمة التسامح والصبر خصوصا في الأوقات الحرجة التي ينفذ فيها صبر الأزواج نتيجة انفعال أو غضب غير مألوفين، كأن يكون الزوج تحت ضغط الألم والصداع الذي يفقد توازن عقله بسبب انقطاعه مؤقتا عن التدخين أو استعمال المخدرات أو الخمر، فالزوجة مطالبة بعودة الموازنة إلى عقل وقلب الزوج، ومساعدته على  تخفيف الألم. كما أن الزوج المقطوع مطالب بالعودة إلى الله، ومحاولة الابتعاد نهائيا عن تلك المؤثرات التي أصلا محرمة شرعا، كما عليه أن لا يغالي في صب ألمه على الزوجة وأفراد أسرته، لان ذلك لن يزيده إلا ألما أكثر ،  ويزيد أفراد أسرته تعاسة ومرضا قد يجر إليه وباءات أخرى يصعب صرفها عن الأسرة. فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التقاطع والتدابر والتباغض، وكل ما من شأنه أن يفرق بين المسلم وأخيه، ففي صحيح مسلم انه صلى الله عليه وسلم قال: لا تقاطعوا وتباغضوا وتحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله. وقال كذلك: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا  وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.  رواه البخاري. والواجب على الزوجين أن يتفاديا الخصام، وخيرهما   الذي يبدأ بالصلح وأن يتقي كل منهما ربه في الآخر، خصوصا أن شهر رمضان او موسم التعبد وجمع الحسنات، فعلى كل منهما أن يؤدي ما أوجب الله عليه اتجاه الأسرة، فهناك حقوق متبادلة بينهما لا يمكن القيام بها مع الخصام والتقاطع والاعتداء، وليتقيا الله في أبنائهم الذين غالبا ما يدفعون ثمن الخصام أو التقاطع، وفق الله الجميع لما يحب ويرضاه.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *