ميساج

زواج المتعة بين وزارتي الثقافة والاتصال

لعل أبرز ما ميز حكومة سعد الدين العثماني التي رأت النور بعد مخاض دام أزيد من ستة أشهر، القران الذي تم بين الثقافة والاتصال، في بلد لم يعد يقيم وزنا للثقافة، ولم تعد له أسس واضحة وصريحة للاتصال والتواصل. وبات مفتوحا على السخافة والإشاعة، حيث التهميش الكلي للأطر والكفاءات والمبدعين..  لعل ما عطل الفكر المغربي وأشعل حراكا فكريا وجدلا داخل الوسط الإعلامي، الترابط الذي تم غرس بذوره بين وزارة الثقافة، المفروض أنها تشرف وتدبر كل ما هو ثقافي بالبلاد. وبين وزارة الاتصال التي تثير الجدل بمهامها وظهورها بوجهين لا يمكن المزج بينهما.. وجه الاتصال الرسمي والخاضع لقوانين وضوابط مقننة. وبين وجه الصحافة والإعلام المفروض أن يكون قطاعا مستقلا وغير خاضع لكل حامل حقيبة سياسية، على رأسها وزير بغطاء حزبي..

قران يعرف الكل أنه لن يكون سوى زواج متعة، عمره لن يتعدى عمر هذه الحكومة. قد يرى البعض أنه سيخدم الجانب الثقافي، باعتبار أن (الاتصال) زوج (الثقافة)، سيمكن من تسويق وإنعاش الإبداعات الثقافية والفنية، وفضح وتعرية أشباه المثقفين والداعمين لهم.. وقد يرى البعض  أن (الثقافة) زوجة (الاتصال) ستقوم بتنقية وتطهير الجسم الصحفي من بعض الأقلام التي لا تفرق بين (الليف) و(الزرواطة). وأنها ستضفي على السلطة الرابعة جمالا وفنا وعمقا فكريا وأخلاقيا، يرفع نوعا ما من مستواها الإعلامي.. ويرى  آخرون أن هذا الترابط فرصة لتجديد دماء الفكر المغربي..  

 قد تكون رؤى هؤلاء و أولائك صحيحة  لو كان للزوج والزوجة الكفايات والاستقلالية اللازمتين، وأخلاقيات المهنة التي بإمكانها التنقية والتطهير. لأن هذا القران هو سيف ذو حدين. وقد يجعل من مثقف فاسد، نجما ناجحا، وطبعا وراءه زوجة صالحة معه، وفاسدة مع الشعب. تسوق لأعماله الرخيصة. وقد يجعل من زوجة بالكاد تحارب الأمية، لا علاقة لها بصاحبة الجلالة والمهابة سوى ذلك المنبر الرخيص الذي فتح لها باب الارتزاق، نجمة إعلامية. وربما قد تلتحق بركب زوجها المثقف مع وقف التنفيذ، ويمكنها من انتحال صفة كاتبة أو شاعرة أو زجالة أو فنانة تشكيلية و…

إنه واقعنا نحن المغاربة، حيث الأبواب تفتح لذوي النفوذ والمال والأقارب والموالين لهم. هذا الواقع الذي وبعد أن شل وأضعف عطاء ونهضة كل المرافق العمومية، وأفقدها فرصة التطوير والاجتهاد. قتل روح الإبداع. بتهميشه للعقلاء، وإقصاءه للمثقفين والإعلاميين الجادين والمثابرين. وتعويضهم بأشخاص لا يمتون للثقافة والإعلام بصلة..

مؤلفون لكتب تنزف هراءا وخرافا ، يتم تقديمهم على أنهم نوابغ وأدباء وعلماء، توزن كلماتهم،  بالذهب.. وإعلاميون (سخافيون) يتم إبرازهم وتلميع صورهم على حساب صانعي الإعلام الحر والمهني..

هذا الانهيار الثقافي والمسخ الإعلامي زاد عفنا مع الإعلام البديل وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها موقع (الفايسبوك)، حيث أصبح كل المغاربة يحملون صفة مراسل لهذا الموقع.. وعوض أن يتم استغلال صفحاته لنشر الثقافة وترسيخ مفهوم التواصل الإيجابي والوطنية الحقة، وجعله كتابا متنوع الثقافات والفنون والعلوم .. وحافظا للروح المغربية الأصيلة…فقد تحولت صفحات هذا الكتاب إلى مكان خصب لنشر الإشاعة والفتن والتلاعب والنصب والاحتيال والتموقع السياسي والحقوقي.. وفضاء لتتويج الفاشلين والفاسدين وإحباط الصالحين والمبدعين..

إن أكبر خطر بات يهدد مستقبل الأطفال والشباب بالمغرب هو فيروس (الفايسبوك)..الذي بات قرينا لهم، يقضون الساعات في متابعة صفحاته. (الفايسبوك) الخطر القادم من الغرب، والذي يعتبر الدرع التسويقي لكل المواقع الالكترونية. وأن لا حياة لها بدونه. بات من المفروض أن تجد له وزارة الثقافة والاتصال ومعها الحكومة حلا. إذ لا يعقل أن تشن الحروب على المواقع الالكترونية الوطنية، ويترك (الفايسبوك) ومعه باقي المواقع (يوتوب).. على هواها تعبث بشعب بأكمله..

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قراءة جميلة ،لكن للقارئ رد قد يكون أجمل:” لا نرى مانعا في هذا الزواج بين وزارتي الاعلام والثقافة،فمنبر المثقف في العصر الحالي هو الاعلام،من خلاله يمكنه تمرير رسائله ولكل مثقف رسالة يرغب في تسويقها والهدف منها هوأن تصل بسلام لتصيب الهدف،وفي الكلمة الهادفة ومن منابر الاعلام الحرة فليتنافس المتنافسون…فالقارئ للجرائد الالكترونية أو الورقية متعدد متنوع،والسلعة تتحسن مع التسويق ونوعية العرض والطلب،أما عن المثقفين الواعرين الذين يتبوؤون مقاعد عليا من الثقافة والفكر والخطابات العلمية العميقة فيكفيهم مدارج الكليات وقاعات المحاضرات والجمهور الخاص ،فالاعلام للجميع وأظن هذا هو الفرق،ونحن نريد العلم والتعلم والقراءة للخواص والعوام وليس للأنتليجنشيا فقط،اذن نبارك هذا الزواج ،زواج المتعة لأنها متعة تصيب الجميع” وشكرا لك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى