بديل بريس
يعيش رجل ستيني وحيدا داخل صندوق خشبي صمم كالتابوت، اتخذه كمسكن له بقلب مدينة عين حرودة بضواحي مدينتي المحمدية والبيضاء. لبزع بنعاشر الشيخ المجذوبي الذي كان من أعيان المحدبة وزناتة. تحول فجأة إلى فقير متشرد منبوذ. تحن إليه قلوب البعض، و تقسى عليه عقول الكثيرين، وخصوصا الأطفال والمنحرفين الذين يرشقون مسكنه بالحجارة، ويعبثون بمحتوياته في غيابه. أو يقلبون الصندوق وهو في سبات عميق داخله. اختار الضحية أن يفرش الصندوق على شكل غرفة للنوم، بالكاد تكفي جسده. وأن يضع لها بابا صغيرا، يتسلل عبره إلى داخل الصندوق، قبل أن يغلقه، ويسلم روحه للخالق، بينما يبقى جسده عرضة لعنف البشر و قساوة الطبيعة. هجره الأهل والأحباب، وتنكر له العشرات ممن كان يلقي لهم الأوراق المالية، وهو في قمة إدمانه على الخمور بكل أصنافها. تحدث الضحية والدموع تغرق عيناه، عن معاناته مع التقلبات الجوية، وخصوصا خلال فصل الشتاء، حيث الأمطار والرياح والبرد القارس. بالإضافة إلى الجوع وانعدام ملجأ له، باستثناء الصندوق (التابوت)، الذي يأوي إليه ليلا من أجل النوم، ونهارا من أجل الاسترخاء والاختفاء ولو لفترة عن العيون التي تلاحقه. مشيرا إلى أن أصدقائه الجدد بمحيط مسكنه (حارس سيارات، باعة متجولون، مستخدمين في مقهى…)،هم من يعطفون عليه ويوفرون له المأكل والمشرب. قال بنعاشر إنه ينحدر من دوار أولاد سيدي علي بن عزوز بمنطقة (العرجة) زناتة التابعة للجماعة القروية سيدي موسى المجذوب بتراب عمالة المحمدية. وأن له أخا شقيقا، وثلاثة أخوات. لم تعد له بهم أية علاقة، بعد أن أهملوه. وأضاف إن والده توفي سنة 1975، وأنه ورث رفقة باقي أسرته، حوالي 14 هكتارا، وكانت أسرته تعيش في رفاهية، إلا أنه لم يكن بالشاب والرجل المتزن، وأنه بدر كل ما ورثه من ممتلكات بسبب إدمانه على شرب الخمر. موضحا أن نهاية سنة 1998، كانت بداية فقره. إلا أن والدته كانت تعتني به، وتحضنه، رغم انحرافه. لكن بعد وفاة أمه سنة 2004، لم يعد من يهتم لأمره، فخرج للشارع مشردا بدون مأوى ولا مؤونة. وكشف المتحدث عن محاولة مسؤولة بالمدينة، التخلص منه، وذلك بتحرير تقرير، أكدت فيه أنه مضطرب نفسانيا. وكانت بصدد إحالته على مستشفى الأمراض العقلية بتيط مليل. إلا أنه انتبه للأمر، فقال للطبيب الذي وجه إليه، أنه بكامل قواه العقلية. والتمس من كل الجهات المعنية، توفير ملجأ له، يقيه قساوة الطبيعة، وأنه مستعد للعمل داخل أي مؤسسة اجتماعية أو دار للعجزة. ويذكر ان مسكن الشيخ يوجد على بعد أربعة أمتار من الطريقة الوطنية رقم واحد، على مستوى جوطية عين حرودة.
