إنها صورة تعود لسنة 2014 تظهر فيها العمارة المعروفة بعمارة (الشجر)، والتي تعرضت للانهيار هذا الأسبوع بشارع إدريس الحارثي المعروف تحت اسم ''شارع الشجر'' حيث خلفت الكارثة 4 قتلى وما يفوق 20 مصابا.
ألا ترون الخروقات السافرة واللامشروعة الجلية بكل وضوح حتى للأعمى الذي لا يرى في واضحة النهار ؟ خاصة وأنها تتموقع في مكان استراتيجي وشارع رئيسي يستحيل أن يغض عليه البصر.
إنها قمة في الاستهتار بالمسؤولية وقمة التعبير عن الفساد الإداري المتفشي.
فأين التغيير الذي ينادي به صاحب الجلالة محمد السادس هادفا منه الحفاظ على كرامة المواطن؟
أين المسؤولون الذي لا يبرحون أرائكهم الوثيرة والمريحة من ولاة وعمال وقياد ''حتى لا يفهم من الجمع الحقيقي للكلمة ما يزيغها عن معناها''ومسيري الشأن المحلي الذين همهم الوحيد هو اكتناز الأصوات والعقارات و…؟
أين رجال الأمن من شرطة وقوات مساعدة و…الذين يرجى فيهم استتباب الأمن والمحافظة على سلامة المواطنين ؟
وأين الجيوش المجيشة من''البركاكة المسخرين لتوصيلها سخونة كتحرك و…و…و…؟
هل الكل متواطئ في هذا الفساد الذي لاتكاد تسد فوهة له حتى تظهر فوهات أخرى أكبر وأوسع وأعمق؟
لا، ثم لا ، لا شيء إلا الكلام وتعمار الشوارج والنهب هنا وهناك الذي يقدم عليه أصحاب المصالح الخاصة ضاربين عرض الحائط المصلحة العامة المحلية والوطنية ، غير مطبقين لأوامر رائد البلاد ، بل أعماهم الطمع والجشع اللذين دفعا بهم إلى الاجتهاد في تقويد السياسة الملكية السامية الواعدة بالخير العميم على البلاد والعباد ، باذلين قصارى جهدهم في التربص للمصالح الخاصة بهم وببطانتهم ، على حساب السياسة الحكيمة لجلالته الذي أودعهم ثقته السامية وائتمنهم على شعبه العزيز ، واختط لهم خارطة الطريق السويم ، التي أبوا إلا أن يتجاهلوها ويستبدلوها بخارطة الجحيم ليزجوا فيها من ائتمنوا عليهم ، والتي صممها لهم الشيطان اللئيم ابتغاء مرضاة مصالحهم وغرائزهم الخاصة التي لاتنتهي ولا تشبع.
لم نعد تستطيع أن نصدق كلام أو نية أي مسؤول سياسي أو إداري في الإصلاح أو ما إلى ذلك من الترهات التي لا تتعدى أن تكون تزييفا للحقائق وتطبيلا للأمور المغلوطة ، لكثرة ما انتظرناه من وعود كاذبة وعايشناه من تشجيع للظلم وطمس الحقائق وترميم الفضائح وتزيينها بشتى أساليب الاحتيال والمراوغة والتبليد .
فكل جديد من المسؤولين يسكت عن فضائح سابقيه ، بل يتستر عنهم حتى ، وعندما تقع الواقعة يدعي بأنه لا علم له بالحيثيات والأسباب ، ويخرج نفسه من الورطة بأن يقول أن ذلك لم يكن في عهده ، ويستل منها كما تستل الشعرة من العجين،''ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين''
هذا الحدث المفجع الذي حدث هذا الأسبوع بانهيار عمارة شارع الشجر بسباتة ، ليس إلا قطرة في بحر الفساد الذي نعيشه فيما يخص ميدان البناء الذي ظل مشكلا يسحب وسادة النوم من تحت رؤوس المواطنين المغاربة ، لأنه يضرب بأطنابه في إدارتنا الساهرة عليه وكذا الوصية ، ''إذا ظهرالمعنى فلا فائدة في التكرار'' وعلى سبيل المثال لا الحصر ، لا بأس أن أذكر بفاجعة بوركون التي تم فيها انهيار ثلاث عمارات آهلة بالسكان مخلفة عددا كبيرا من الضحايا القتلى والمصابين ، وانهيارات أخرى كثيرة يمكن أن نعود إليها إن احتجنا إلى ذلك في تفصيل لاحق ، لأنني بهذا ، لا أريد الوقوف على الأطلال والبكاء عليها ، بقدر ما أنا أتلهف إلى ما يمكن ان يقوم به المسؤولون ذوو النيات الحسنة والضمائر الحية والإحساس الفعلي بالوطنية الصادقة المتبقين ، كالسيد محمد علي حبوها عامل سيدي البرنوصي ، في ترسيخ للسياسة السامية لصاحب الجلالة نصره الله وأيده ، وذلك بإنقاذ الموقف الذي قد تؤول فيه بنايات أخرى إلى نفس مصير عمارة شارع الشجر و شبيهاتها .
فقد سبق أن قامت جريدة النشرة بتحقيق على إثر توصلنا بشكايات لساكنة سيدي مومن الجديد بخصوص عدد من البنايات الآهلة بالسكان المتواجدة ببلوك 6 بالإضافة إلى اشتمالها على محلات تجارية ''دكاكين…'' تفيد أن البنايات المعنية قد تم إنجازها على قنوات للصرف الصحي العمومي ، ويتساءلون كيف تم الترخيص لها بالبناء على هذا النحو ، كما أن السيد عامل عين السبع الحي المحمدي انذاك كان قد وجه للجهات المعنية أمرا بمنع مباشرة البناء على هذه الأرض التي كانت مخصصة بالأساس لموقف للسيارات ، إلا أنه لم يؤخذ بالجدية وتم تجاهله من طرف المعنيين من أصحاب المشاريع المستفيدين من هذه الصفقة والذين على ما يبدو من فصيلة خدام الدولة الذين يعتبرون نفسهم فوق القانون وفوق كل اعتبار ، ومن مسؤولين على تدبير الشأن العام المحلي الذين يمكن تصنيفهم ضمن خانة المفسدين في هذه الأرض السعيدة.
وهكذا يبقى السؤال المطروح دائما هو : هل ستنال هذه البنايات التي تم تناولها منذ قليل والتي بنيت على قنوات الصرف الصحي العمومي ، نفس مصير مثيلاتها من عمارة حي الشجر وعمارات بوركون؟
وهل ستقوم السلطات المسؤولة من غفوتها للقيام ببحث جاد في الأمر أم أنها ستتورط في تواطؤها مع المفسدين المستفيدين من مافيا العقار التي لا تهمها مصلحة البلاد والعباد بقدر ما تهمها مصلحتها الخاصة لا غير؟ ! وسيظهر الحق يوما وسيكون الباطل زهوقا زهوقا … والعبرة لمن اعتبر…
أشرطة الفيديو هذه ستنقلكم إلى أجواء الخروقات التي تم ذكرها سالفا فيما تم التعجيل ببنائه أمام أنظار المسؤولين وما يتم التربص به للقيام ببنائه بطرق لا مشروعة أيضا بنفس السيناريو الخبيث الذي اعتادوا عليه ، لتتبينوا حقائق الأمور: