الرئيسية / ميساج / صورة جميلة للقاء تافه … كذب المصورون ولو صدقوا

صورة جميلة للقاء تافه … كذب المصورون ولو صدقوا

أبانت وزارة سعيد أمزازي ورئاسة جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، عن سوء تدبير لكيفية الإعداد للمشاريع التعليمية والطبية المبرمجة بتراب إقليم ابن سليمان. والتي يمكن اعتبارها حاليا مجرد مشاريع على الورق. يتم تسويقها عشوائيا وبدون أدنى تفاصيل تؤكد مدى حقيقتها من طرف الوزير أمزازي ورئيسة جامعة الحسن الثاني، كما يتم استهلاكها سياسيا من طرف بعض البرلمانيين.

فقد مر أزيد من سنة على خبر الإعلان عن قرب إحداث كلية الطب ومستشفى جامعي ونواة جامعية ومعاهد جامعية أخرى بتراب إقليم ابن سليمان. أعلن عنها رسميا خالد الصمدي كاتب الدولة السابق والذي كان مكلفا بالتعليم العالي، وهلل بها رواد حزبه العدالة والتنمية بالإقليم. وأكدها لي شخصيا  إدريس المنصوري  رئيس جامعة الحسن الثاني قبل أن يحال على التقاعد. وكان الرجل صريحا، حين أوضح لي أنها مشاريع مبرمجة فقط، وتحتاج إلى تضافر جهود الشركاء من أجل تنزيلها. وهو ما اعتبرته ولازلت اعتبره خبرا فضفاضا لن نلمسه على أرض الواقع.

لكن ما يجري اليوم من تسويق مجاني وركوب سياسي على تلك المشاريع القديمة، التي لا تعرف وزارة امزازي ومعها الحكومة، متى ستنطلق ومتى ستنتهي. ولا حتى كيف سيتم تدبير غلافها المالي. يعتبر مهزلة كبيرة، ومسرحية مدبرة من أجل تلميع صورة الوزير ورئيسته بالجامعة، وتمكين البرلمانيين من إعادة الثقة في الناخبين. وتوزيع الوهم والخرافة على شباب الإقليم المحبط من أزمات الشغل والنقل والصحة و..

إذ كيف يعقل أن تعلن رئاسة جامعة الحسن الثاني عن ندوة صحفية بمقر عمالة ابن سليمان، لتتحول إلى لقاء تواصلي. لتقديم الرئيسة، وبمحيطها ثلة من المنتخبين والبرلمانيين أتوا لاستعراض عضلاتهم.

وكيف يعقل أن تأتي رئيسة الجامعة إلى مدينة ابن سليمان في أول لقاء لها، وحتى قبل تنظيم مراسيم تعيينها. لتخبر سكان الإقليم ب(لاشيء). لتتحدث عن مشاريع سبق وتحدث عنها الرئيس السابق، وسبق وتحدث عنها الوزير الوصي عن القطاع (خالد الصمدي). بدون أدنى جديد.

كيف سمحت لنفسها بالإعلان عن مشاريع، لا تعرف متى وأين ستبدأ أشغال إنجازها، ولا ما هي الجهات التي ستمول تلك المشاريع..؟؟

وبعد لقاء الرئيسة  بأيام. يطل علينا من جديد البرلمانيين  الثلاث (التجمعي حسن عكاشة، محمد بنجلول عن حزب العدالة والتنمية، فتيحة السادس الاتحادية التي فازت بالمقعد البرلماني ضمن اللائحة النسوية). وهم إلى جانب الوزير امزازي. من أجل إخبارنا ب(لاشيء جديد). والحديث عن تلك المشاريع وكأنها ولدت في كنفهم. علما أن بطن الحكومة (أم تلك المشاريع)، لا يبرز أي حمل. ولم يشعر السكان بأي مخاض لها يوحي بقرب الولادة.

اجتماع الوزير، كان أهم شيء فيه هو التقاط تلك الصورة التي نشرت على صفحات الفايسبوك وباقي منصات التواصل الرقمي، والتي لا شك سينسج من وراءها كل برلماني حكاية على مقاسه. في النضال والمثابرة. والظهور بمظاهر خدام الشعب السليماني. وخلاصة الاجتماع كما جاء على ألسنتهم أن الوزير أكد (موافقته التامة على المشروع مع تخصيص الإعتمادات اللازمة لإنجازه). وهذا كذب في كذب .. أولا لأن موافقته وحده لا تعني شيء، ولا حتى موافقة وزير الصحة معه. وأن المشاريع مبرمجة مسبقا على أساس البحث لها عن عقار وموارد مالية مع الشركاء.

ثانيا لأن الوزير ومعه الحكومة، لا يتوفران على الاعتمادات المالية اللازمة. فالمشاريع تتطلب أموال باهضة. والحكومة في سياستها الجديدة، التي لم يوضحها الوزير. تعتمد على الشراكات. ولن تقبل بأن تكون الممول الوحيد لأي مشروع. فما بالنا بمشاريع تتطلب ملايير الدراهم. وقد سبق أن كذب الرجل (الوزير)، حين أطلق البرنامج العشري (2018/2028) من أجل تعميم التعليم الأولي. حيث أكد تخصيص ثلاثة ملايير سنتيم سنويا للمشروع. إلى أن الوزارة والحكومة بأكملها لم توفر الغلاف المالي للمشروع. بل إنها تعتمد على الشركاء (الجماعات الترابية، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الخواص..). من أجل إتمام المشروع. وهو ما يؤكد تعتره… وكما يقول المثل الشعبي : مفور على الارنب في الدومة…

كما أن الحكومة سبق وكذبت على سكان إقليم ابن سليمان، بعدما وعدتهم في شخص الوزير السابق للتجهيز والنقل عزيز الرباح، بإحداث منطقة صناعية على مساحة 157 هكتار بجماعتي عين تيزغة والشراط. وقد أصدرت الوزارة بلاغا صحافيا في الموضوع بعد دراستها ومناقشتها للمشروع في مجلس حكومي سابق.

كما أن الوزير وحسب تدوينة أحد البرلمانيين، ثمن  خطوة الفريق البرلماني في هذا الباب وحثهم على مواصلة المجهودات حتى إنجاز المشروع بصفة كاملة. وأظن أن الرسالة واضحة من أمزازي. مفادها أنه لحد الآن لا وجود للمشروع. ولم يفض الاجتماع إلى أي مستجد.

وللتذكير فقط فقد سبق قبل سنوات أن تم الإعلان عن عدة أخبار شبيهة. عن عزم وزارة التعليم العالي حينها، إحداث معاهد جامعية. بل وجالس بعض مسؤولي جامعة الحسن الثاني بالمحمدية قبل اندماجها بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، مسؤولين بإقليم ابن سليمان، وعلى رأسهم العمال الثلاث السابقين للإقليم (محمد فطاح، عبد المجيد العلالي، مصطفى المعزة). وفي كل مرة كان ممثلو السلطة الإقليمية يلتزمون الصمت، في انتظار تأكيد تلك الأخبار بالملموس، فيما كان المنتخبون الجماعيون والبرلمانيون، يطلقون العنان لألسنتهم، من أجل الركوب السياسي، على مشاريع كانت مجرد أفكار ورؤى وتبخرت.

كما تبخرت عدة مشاريع خاصة بالتعليم العالي عمومية وخصوصية. كالجامعة الدولية بالرباط، التي كانت مبرمجة بمدينة بوزنيقة، ومثيلاتها التي كانت مقترحة بضواحي مدينة ابن سليمان. ومشاريع تعليمية أخرى لازالت إلى حد الآن  عالقة. ويجهل مصيرها…   أين اختفى مخطط السابق للوزارة والجامعة. والذي  كان يتضمن  بناء المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير  (ENCG)، والمدرسة الوطنية للفنون التطبيقية (ENAP). بل أين اختفى مشروع مدرسة عليا للتكنولوجيا بابن سليمان. والذي كنت شخصيا وسيطا في اللقاء الذي انعقد بين العامل ومسؤول بالجامعة.

نحن لا ننتقد تحركات البرلمانيين، ولا لمتهم، ولا أن تبادر نائبة برلمانية إلى الاستقرار في المدينة، وبدء التحرك من أجل دعم تنمية الإقليم. لكنه لا يعقل أن يشارك البرلمانيين في تسويق الوهم والإعلان عن مشاريع غير واضحة. ألم يكن من المفيد لسكان الإقليم، وطلبته الجامعيين الذين يعيشون جحيم النقل المتدهور وثقل المصاريف. التركيز على الإسراع بحل أزمة النقل، وإحداث نواة جامعية. مادامت الأرض متوفرة. فالعمالة تمكنت من تقليص هيمنة أحد الإقطاعيين بضواحي المدينة (لاسيام)، الذي يكتري آلاف الهكتارات برخص التراب لمدة 99 سنة. وأن تأخذ منه 200 هكتار.

أما الحديث عن كلية الطب، فما يشفع له هو اقتران الكلية بمستشفى جامعي. حيث يمكن أن ينتفع منه السكان. اما كلية الطب فلا أظن أن لها أي أهمية للسكان. بالنظر إلى قلة عدد الراغبين في ولوج كلية الطلب التي تعتبر من الكليات ذات الاستقطاب المحدود.

خلاصة القول ..

  الصورة جميلة.. و اللقاء تافه …

  وكذب المصورون (بفتح الواو والتشديد عليها) ولو صدقوا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *