طارق تريب.. التربية البدنية آخر هموم الوزارة الوصية … مطالب بتعميم الرياضة المدرسية على التعليم الخاص والتكوين المهني

أجمع مجموعة من أساتذة التربية البدنية والأطر التربوية الابتدائية على ما اعتبروه واقع مرير لقطاع الرياضة المدرسية، والإكراهات التي تحول دون ارتقاءها بسبب الخصاص في الموارد البشرية، وضعف البنيات التحتية للملاعب الرياضة داخل المؤسسات التعليمية وخصوصا بالمدارس الابتدائية. وتساءلوا لماذا يستمر صمت الوزارة الوصية، إزاء الغياب التام لتلك الفضاءات الرياضية داخل المؤسسات الخصوصية، علما أن بعضها تلجأ إلى تنقيل التلامذة يوميا إلى خارج مرافق عمومية ذات فضاءات رياضية. أو إلى مساحات منعزلة غير مهيأة. والصمت إزاء الشواهد الطبية التي تمنح بداية كل موسم دراسي بعشوائية للأصحاء من التلامذة ،لإعفائهم من مزاولة التربية البدنية. وأكد مسؤول داخل قطاع التربية الوطنية أن الوزارة تتوفر على أطر رياضية ذات كفاءات عالية وسلوكات مهنية تمكنها من الارتقاء بالرياضة إلى مستوى الاحتراف، تتم الاستفادة منها في التدريب والتأطير والتحكيم على مستوى المنافسات الوطنية والدولية الخاصة بالرياضة المدرسية. إلا أنه في ضل افتقار بعض المؤسسات التعليمية للفضاءات الرياضية اللازمة والعتاد الكافي، وفي ضل عدم تخصيص حصص تدريس مناسبة لمزاولة الرياضة موازاة مع باقي حصص التدريس، تضل هذه الأطر معطلة. موضحا أن الأطر المغربية (مدرسي ومفتشي التربية البدنية…) بإمكانها رفع مستوى المغرب في كل الرياضات، والتمهيد لإنتاج النجوم في الرياضة. وأن الوزارة ماضية في تأهيلها للمؤسسات التعليمية، وإيجاد حلول لتسيير تعميم ممارسة الرياضة المدرسية والتربية البدنية. وطالبت الأطر التربوية بعقد شراكات قوية وواضحة بين وزارتي التربية الوطنية والشباب والرياضة من أجل دعم الرياضة. كما طالبت بتوفير الصحة المدرسية التي هي أساس الرياضة. مشيرة إلى أن البرنامج الصحي المدرسي غير مفعل، وأن الدفتر الصحي للتلميذ يضل فارغا طيلة مساره التعليمي، وهو وثيقة تمكن أساتذة التربية البدنية من معرفة صحة التلاميذ قبل إقحامهم في ممارسة بعض أنواع الرياضات التي يبرزون مواهب فيها. وأكدت أن الرياضة تعتبر ضرورية لصحة أطفالهم وضبط سلوكاتهم ومساعدتهم على الدراسة، قبل أن تكون مسلكا لإنتاج النجوم والأبطال. ويعاني قطاع التربية البدنية والرياضة المدرسية حسب مجموعة من الأطر التربوية، من غياب مراكز وطنية وجهوية لتدريب وإعداد المنتخبات الوطنية المدرسية، وعدم تعميم تخصيص حصص لأنشطة الجمعية الرياضية المدرسية بالتعليم الابتدائي، وضعف مراقبة حصص الجمعية الرياضية المدرسية من طرف بعض المديرين والمفتشين، وعدم تعميم تفعيل هياكل فروع الجامعة والجمعيات الرياضية المدرسية في بعض الجهات، وعدم تعميم إحداث الجمعيات الرياضية المدرسية خاصة بالتعليم الابتدائي والتعليم الخاص، بالإضافة إلى ضعف الاشتراكات الخاصة بالتعليم الابتدائي خاصة بالعالم القروي. يضاف إليها عدم احترام الحيز الزمني الأسبوعي المخصص للأنشطة الرياضية بالمؤسسات التعليمية من طرف بعض مديري المؤسسات التعليمية رغم صدور المذكرة الوزارية رقم 119 بتاريخ 26-09- 2003 . وضعف تأهيل أساتذة التعليم الابتدائي لتدريس المادة.
معظم نجوم الرياضات المدرسية منخرطين بأندية ومدارس خاصة
قديما كانت المؤسسات التعليمية مشاتل لنجوم الرياضة. وكانت ملاعبها تعج بالممارسين للرياضة المدرسية. إلى درجة أن مجموعة من التلامذة كانوا يجبرون على الاستقامة والتحصيل، بمجرد تهديدهم بحرمانهم من ممارسة رياضاتهم المفضلة، والمشاركة في المنافسات الخاصة بكل صنف رياضي. وكانت الأندية والمدارس الرياضية تتغذى من المؤسسات التعليمية العمومية. تواظب على الترصد للتلامذة المتفوقين رياضيا. واستدراجهم من أجل الانخراط بها. أما اليوم فأصبحت الأندية والمدارس والمراكز الرياضية هي التي تطعم المؤسسات التعليمية بالنجوم. تجد مثلا أن المديرية الإقليمية بابن سليمان تنتزع موسميا الصدارة وطنيا في العدو الريفي وألعاب القوى..والسبب طبعا هو أن بالمدينة مركز وطني لألعاب القوى.. يأوي عداءين وعداءات أتوا من مختلف مناطق المغرب. ويتابعون دراستهم بثانويات المدينة. وتجد مثلا أن مديريات التعليم بالمدن الكبرى، تنتزع دائما الصدارة وطنيا في الرياضات الجماعية. لأن تلك المدن بها عدة أندية ومدارس رياضية، منخرطوها يتابعون دراستهم بمدارس وثانويات تلك المدن.
تلامذة التعليم الخاص محرومين من المنافسات الرياضة
يؤدي جميع تلامذة التعليم العمومي، مبلغ 20 درهم مع بداية كل موسم دراسي، تخصص بنسب مختلفة لدعم أنشطة جمعية الرياضة المدرسي، على صعيد المؤسسة، حيث يتم تاسيس جمعية محلية، والمديرية حيث الجمعية الإقليمية، والأكاديمية حيث الجمعية الجهوية، والجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية. وهي المبالغ المالية التي تؤمن المشاركة والتنافس في كل التظاهرات الرياضية الخاصة بالمؤسسات التعليمية في كل مراحلها الأولى، وحتى وطنيا ودوليا. إلا أن كل تلامذة القطاع الخاص محرومين من المشاركة إلى جانب زملائهم في القطاع العمومي. أي أن 971484 تلميذة وتلميذ، حسب الإحصائيات الحديثة للوزارة الوصية. لا تدخل المنافسات الرياضية، سواء منها على مستوى الفرق أو الفردي.. علما أن هؤلاء التلامذة يؤدون تأمينات جد باهضة لإدارة تلك المؤسسات الخصوصية بداية كل موسم دراسي. يضاف إليها إهمال مادة التربية البدنية من طرف تلك الإدارات. بعض المؤسسات أخرجتها من ضمن لائحة المواد المدرسة. وبعضها تتباطأ في تعيين مدرسين لها مع بداية كل موسم دراسي.. وتتخلص منهم قبل أسابيع من مواعيد الامتحانات الإشهادية النهائية. معظمها لا تتوفر على ملاعب رياضية وتضطر إلى عقد شراكات مع مؤسسات عمومية تتيح لها تدريس ماد التربية البدنية داخل فضاءاتها.. وهو ما يزيد من خطورة التنقل. وقال مدير الارتقاء بالرياضة المدرسية إن التعليم الخاص يخضع لنفس القوانين التي يخضع لها التعليم العمومي. موضحا أن تدريس مادة التربية البدنية والرياضية إلزامي بجميع مؤسسات التعليم الخاص. ويعتبر حقا تضمنه القوانين المعمول بها لجميع التلميذات والتلاميذ بدون استثناء. وتأسف لبعض المؤسسات التي لا تتوفر على البنيات التحتية اللازمة. مؤكدا أن الوزارة تعمل على تشجيع استعمال المنشآت الرياضية المجاورة في إطار تفعيل الشراكات، كما ستعمل الوزارة من أجل تعميم المراكز الرياضية المدرسية التي سيصبح بإمكانها استقطاب أكبر عدد من تلاميذ التعليم العمومي والخاص.
المدارس الابتدائية ومعضلة تدريس التربية البدنية
أكد مجموعة من الأستاذات والأساتذة بالتعليم الابتدائي أنهم يجدون صعوبة في إنجاز حصص التربية البدنية، لأسباب تتعلق بانعدام أو تدهور الملاعب الرياضية. وعدم انسجامها مع باقي مواد استعمالات الزمن الخاصة بهم. وعدم التوفر على العتاد الرياضي اللازم والبرامج والمناهج الخاصة بالمادة. فالوزارة الوصية تنص على أن يستفيد تلامذة المستويين الأول والثاني ابتدائي من حصتين أسبوعيا في مادة التربية البدنية، مدة كل حصة 45 دقيقة. وأن يستفيد تلامذة باقي المستويات الابتدائية من ساعتين أسبوعيا. وهي حصص تدرج ضمن استعمالات الزمن الخاصة بهم سنويا. وتزداد صعوبة الاستفادة من هذه المادة، لدى تلامذة الوسط القروي، حيث معظم المدارس لا تتوفر على الفضاءات الرياضية. وخصوصا الفروع المدرسية. باستثناء بعض المدارس القروية والمدارس الجماعاتية. ولم يخف بعض المدرسين أنهم ينجزون تلك الحصص الدراسية، وهم يرتدون جلابيب وألبسة رسمية غير رياضية. كما أن معظم التلامذة يأتون بدون ألبسة وأحذية رياضية.
غياب أو تدهور مستودعات الملابس يحد من ممارسة التربية البدنية
إن مجموعة كبيرة من التلامذة وخصوصا التلميذات يمتنعون عن ممارسة مادة التربية البدنية. بسبب انعدام أو تدهور مستودعات الملابس الخاصة بالفضاءات الرياضية للمؤسسات التعليمية. إذ لا يعقل أن تغير التلميذة ملابسها العادية بملابس رياضية أمام زملاءها. وهذا ما يجعلهن يبادرون إلى الادعاء بالمرض، والحصول على شواهد طبية، تعفيهم من تلك المادة. تلك الشواهد التي لا تخضع لمنطق التشخيص الدقيق والتحري الطبي. حيث في الغالب تسلم من طرف أطباء عموميين مكلفين بالصحة المدرسية. لا يتوفرون على أدنى العتاد الطبي اللازم. هذا دون الحديث عن منطق الاستحمام بعد كل حصة للتربية البدنية. الذي هو غير متوفر داخل المؤسسات التعليمية. بمعنى أن التلامذة مجبرين على متابعة باقي الحصص الدراسية بدون تنظيف لأجسامهم وملابسهم. وما يترتب عنه من انتشار للميكروبات والروائح الكريهة (العرق، الأحذية الرياضية..) داخل فصول الدراسية. بالإضافة إلى الزمن المدرسي المخصص لمادة التربية البدنية. حصتين في الأسبوع بمجموع ساعتين. غير كافية لتدبير كل حاجيات الممارسة من تغيير للملابس وتنظيف أو استحمام و.. والذي يزداد صعوبة بسبب عدد التلامذة الذي قد يفوق الأربعين تلميذة وتلميذ.
اختلالات داخل النظام الأساسي لجامعة الرياضة المدرسية
تم إحداث الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية، بناء على الظهير الملكي المؤسس للجمعيات. إلا أن مكتبها الوطني لا يخضع لأية انتخابات. فرئيس الجامعة هو وزير التربية الوطنية والتكوين المهني. ونائبه هو الكاتب العام بالوزارة. والمسؤول عن الرياضة المدرسية بالوزارة يعتبر مديرا منتدبا للجامعة. كما أن النظام الأساسي للجامعة يعتبر في مادته التاسعة الخاصة بتركيبتها البشرية، أن أطر التربية البدنية والرياضية العاملين في قطاع التعليم الخاص ومؤسسات التكوين المهني، من الأعضاء العاملين داخل الجامعة. كما تعتبر تلامذة المؤسسات التعليم الخاص والتكوين المهني، أعضاء ممارسين داخلها إلى جانب تلامذة القطاع العمومي. إلا أن هذه المادة غير مفعلة على أرض الواقع. فتلامذة القطاعين الخاص والمهني مقصيين من كل المنافسات الرياضة المدرسية. بالإضافة إلى أنه ناذرا تعيين المؤسسات الخصوصية، أساتذة للتربية البدنية بالتعاقد. وأنها تلجأ دائما إلى الاستعانة بالمدرسين العموميين.
طارق تريب: التربية البدنية آخر هموم الوزارة الوصية
قال طارق تريب أستاذ مبرز لمادة التربية البدنية إن مادة التربية البدنية هي آخر هموم الوزارة الوصية. وإنها هذه الأخيرة أوقفت منذ سنة 2009 التكوين المستمر لأساتذة التربية البدنية، حيث خضعت الأطر التربوية لتكوين حول المقاربة بالكفايات. وأضاف إن أبرز معيقات التطوير الفعلي للرياضة المدرسية، يكمن في غياب أساتذة التربية البدنية بالتعليم الابتدائي. والخصاص الكبير في البنية التحتية للملاعب الرياضية. والاكتظاظ داخل الأقسام، الذي يحد من استفادة كل التلامذة من العتاد الرياضي (ملعب واحد لكرة السلة أو اليد أو الطائرة …)، لن يمكن الأستاذ من تعليم قسم مكون من أربعين تلميذ مثلا. وعاد طارق للحديث عن المدة الزمنية (ساعة واحدة) للحصة في مادة التربية البدنية. والتي وزعها بين أوقات حصر لائحة المتغيبين من طرف الأستاذ، وفترة تغيير الملابس وارتداء الملابس الرياضية. موضحا أنه لن يتبقى من الحصة الدراسية سوى حوالي 25 دقيقة، وهي غير كافية لتطبيق البرامج والمناهج المقررة. وعرج تريب الخبير في قطاع الرياضة المدرسية، على المتعاقدين الجدد، حيث النقص في التكوين وصعوبة تنفيذ كل المناهج المسطرة. وعن حصص الرياضة المدرسية قال المتحدث إن الوزارة، تخصص حصتين لتلامذة الإعدادي يومي الأربعاء والجمعة (من الثالثة إلى السادسة مساء)، وتخصص حصة واحدة في نفس التوقيت من يوم الجمعة لتلامذة التأهيلي. إلا أنه يلاحظ الحضور القليل للتلامذة. والسبب يعود إلى أن معظم التلامذة ملتزمين بحصص دراسية أخرى ولا يمكن التغيب عنها.
أستاذ مبرز و باحث في الرياضة المدرسية