غصت إحدى الغرف الطبية بالمستشفى الإقليمي بنمسيك مساء اليوم الجمعة بالعشرات من ممثلي المنابر الإعلامية (مراسلين، صحافيين، مصورين صحافين)، وآخرون ممن جاءوا من أجل زيارة أحد الوجوه الإعلامية الجادة والنزيهة، والتي أقعدها المرض، وجعلها تركن لفترة فوق سرير متهالك تتابع بعينيها قنينة (أوكسيجين) فارغة. سالت قطراتها الأخيرة في عروقه… لحظة لقاء بين رواد صاحبة الجلالة. وأحد أجنحتها التي انكسرت بفعل الإهمال واللامبالاة… لحظات بكاء وصراخ وأنين متبادل بين زوار وافدين من عدة مدن مغربية، وبين أحد ضحايا العمل الصحفي. الذي أفنى شبابه وجزء كبير من رجولته من أجل أن تؤدي السلطة الرابعة دورها المنوط بها في محاربة الفساد وتقريب المواطنين من الخبر والصورة بكل مهنية… إنه المصور الصحفي والزوج والأب والصديق والأخ والرجل الذي … إنه عزيز زغلول الذي كانت هاتفه لا يهدأ إلا لكي يرد على زملائه الصحافيين من عدة منابر ورقية والكترونية… ليعود من جديد للرنين.. وهكذا … من أجل طلب معلومة أو صور لحدث ما… كان لا يكل ولا يمل رغم أنه كان يتقاضى فتاة المال من تلك المنابر التي ساهم في تزايد عدد قراءها ومشاهديها…
زيارة اليوم التي نظمها رواد السلطة الرابعة بمختلف انتماءاتهم النقابية والجمعوية، وبغض النظر عن تموقعاتهم الوظيفية وعن خطوط تحريرهم…كشفت عن الأوضاع المتدهورة والمهينة لفئة عريضة من ركائز قطاع الصحافة… ويتعلق الأمر بالمراسلين والصحافيين غير المهنيين، متعاونين، وكذا مجموعة كبيرة من المصورين الصحافيين… هؤلاء الذين يعتبرون الأعمدة الحقيقية لمنابرهم، والذين تستفيد منهم مجموعة من هواة جمع المعلومات وتلقي الأخبار وتحرير المقالات وهم كالمعاقين لا يفارقون الكراسي والهواتف النقالة والثابتة… فقد أجمع كل من زاروا الضحية زغلول، وتحدثوا إليه، واستمعوا إلى أنينه وشاهدوا ومسحوا دموعه التي أغرقت عينيه، وفاضت فوق خديه… كلهم أدركوا أن واقع العاملين بقطاع الصحافة هو واقع مر ومهين. وتساءلوا عن دور وزارة الاتصال وناطقها الرسمي باسم الحكومة… إن لم يلتفت إلى معاناتهم… كما تساءلوا عن دور من كانوا يسارعون الزمن من أجل تقلد المهام النقابية والجمعوية. ومن اختاروا تكديس الأموال العمومية وعدم صرفها في حماية ورعاية وعلاج رواد القطاع؟؟ … وتساءلوا عن دور مؤسسة الأعمال الاجتماعية التي غرفت مكتبها من ميزانية وزارة الخلفي ملايين الدراهم. ولماذا لم يسارع أعضاء مكتبها إلى عيادة عزيز زغلول ابن حي لالة مريم بالدار البيضاء.. والذي يعاني المرض والعجز والإهانة والبعد عن أسرته الصغيرة والفقيرة.
معاناة عزيز زغلول التي تعتبر بصمة عار على وزارة الاتصال والحكومة وعلى كل المعنيين والمهتمين بقطاع الصحافة. لن ينهيها إلى تدخل ملكي. وهو الأمل الوحيد الذي ينتظره الضحية عزيز وأسرته وكل راود الصحافة المستضعفين في هذه البلاد….وأخيرا وفي انتظار التفاتة ملكية من أجل إنقاذ عزيز زغلول… لا يسعنا إلا أن نردد الحقيقة المطلقة التي باتت تدير مجتمعنا والمتمثلة في أن (السلطة تسود … والفساد يحكم). وهي الحقيقة المرة التي زادت وتزيد من إحباط الكفاءات وأصحاب الضمائر الحية.