سؤال: بداية، هل لكم أن تقدموا لنا نظرة عامة عن وضع مادة الفلسفة ضمن المنهاج الدراسي للبكاوريا المغربية؟
بصفة عامة تحتل مادة الفلسفة وضعية اعتبارية خاصة ضمن المنهاج الدراسي المغربي للتعليم الثانوي التأهيلي، ويتجسد هذا الوضع أولا في تعميم تدريس مادة الفلسفة في جميع مستويات التعليم الثانوي التأهيلي، وثانيا من خلال اعتبار مادة الفلسفة مادة إشهادية وطنية معممة في جميع امتحانات شعب ومسالك البكالوريا المغربية، منذ 2004، وهذا الوضع لا تتمتع به سوى مادتين في البكالوريا المغربية وهما الفلسفة والإنجليزية.
سؤال: ماهو الجديد الذي أتى به القرار الوزيري الأخير والذي أثار استياءكم كجمعية؟
الجديد هو تراجع الوزارة عن مبدإ تعميم مادة الفلسفة في جميع شعب ومسالك البكالوريا المغربية والذي أقره الكتاب الأبيض كتجسيد لمنطوق وروح الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ومخالفته للقرار الإطار لوزير التربية الوطنية(2006) في شأن تنظيم نيل شهادة البكالوريا عندما حذف تدريسها بالسنة الأولى والثانية بكالوريا مهنية وإلغائها من امتحانها الوطني.إن الأمر يتعلق بترسيم حذف مادة دراسية من التدريس والامتحان الوطني، وهذا أمر غاية في الخطورة ويهدد التوافق الوطني التربوي. ولعل من حسنات هذا القرار إرجاع مادة التربية الإسلامية الى مكانتها التربوية الصحيحة وهي الامتحان الجهوي بدل الامتحان الوطني للبكالوريا المهنية والذي كانت تحتله دون سند قانوني أو تربوي. لكنه بالمقابل استمر في الإجهاز على حق مادة الفلسفة في التدريس والامتحان الوطني، وهو ما نطالب الان بإحقاقه. وبذلك فهذا القرار يرسم وضعية غير سليمة قانونيا وتربويا، لكن من السهل تداركها. وهذا القرار معيب قانونيا لما ذكرت سابقا، ومعيب سياسيا لأنه خروج عن الإجماع التربوي الوطني، ومعيب حقوقيا لأن فيه تمييز وحيف لحق بتلاميذ وتلميذات هذه المسالك بالمقارنة بباقي شعب ومسالك البكالوريا المغربية، ومعيب بيداغوجيا لأنه لا يحقق تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين والمترشحات للبكالوريا المغربية الذين يدرسون مادة الفلسفة ويجتازون فيها الامتحان الوطني الموحد باستثناء البكالوريا المهنية، ومعيب تربويا لأنه يحتقر الذكاء الفردي والجماعي لتلاميذ الشعب والمسالك المهنية، ومعيب قيميا لأنه يكرس الأحكام والتمثلات المدرسية والاجتماعية الدونية حول الشعب المهنية.
سؤال:ماهو مطلب الجمعية الآن؟
مطلبنا واضح وبسيط وقانوني وبيداغوجي وهو أن تعمل الوزارة على تعديل هذا القرار المجحف قانونيا وبيداغوجيا في حق مادة الفلسفة، والتنصيص على إدراجها ضمن منهاج البكالوريا المهنية تدريسا وامتحانا وطنيا إشهاديا.
سؤال: يلوم البعض الجمعية على عدم إثارتها للموضوع بالرغم من أن إرساء المسالك المهنية قد بدأ منذ 2014؟
ربما لا يعرف الكثيرون أن الجمعية قد عاشت فترة من الجمود التنظيمي منذ آخر مؤتمر وطني لها سنة 2003، حتى جاءت مبادرة فرع الجديدة بعقد مؤتمر وطني استثنائي لبعث الجمعية من جديد، وقد تحقق ذلك في ماي 2016 بمدينة الجديدة. وهذا يوضح أن الجمعية لم تكن قائمة كهيكل وطني تنظيمي إبان بداية إرساء مسالك البكالوريا المهنية. ولكن بعد هيكلة الجمعية أثير موضوع وضعية مادة الفلسفة في البكالوريا المهنية، وأجمع موقفنا على إعطاء الفرصة للوزارة وانتظار إرساء الهندسة البيداغوجية النهائية وصدور القرار التربوي النهائي. القرار الذي يعطينا الآن حجية الترافع من أجل حق مادة الفلسفة في التدريس والامتحان الوطني للبكالوريا المهنية. وأن الفيصل بيننا وبين الوزارة كما عرفتنا هو الحكمة والتعقل والمصلحة التربوية الوطنية.
سؤال: خضتم في السنة الماضية حراكا فلسفيا وطنيا ودوليا في الترافع عن الحيف الذي طال مادة الفلسفة في كتب منار للتربية الاسلامية المسيئة للفلسفة، واليوم يبدو أنكم تخوضون غمار حراك فلسفي مشابه، فهل تعتقدون أن الفلسفة في المغرب مستهدفة؟
استهداف الفلسفة هو استهداف للعقل ولحرية التفكير والتعبير والإبداع والمسؤولية، ومن يستهدف الفلسفة يستهدف حق المتعلمين مواطني الغد وحق المجتمع في الحياة الحرة والكريمة. فالحجر الحقيقي على الإنسان هو أن تمنعه بكل الوسائل من التفكير السليم وتعرضه بذلك لشتى أهوال الدوغمائية والتطرف والإنحذار القيمي.
سؤال: عشية إصداركم لبيان 20 فبراير أصدرت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بيانا توضيحيا للرأي العام. ماهو تعليقكم عليه؟
البيان جاء لطمأنة الرأي العام لأن الكثير مما تناقلته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لم يكن صحيحا وكانت تنقصه الكثير من المعطيات. وغير مقنع للجمعية ولم يجب عن مطلبنا. فالوزارة تحاشت الدخول في صلب الموضوع، ولكنها أقرت في نفس الوقت بأنها لا تدرس الفلسفة في السنة أولى والثانية بكالوريا ولا تجري فيها الامتحان الوطني الموحد. وهذا ما نعتبره خروجا عن الاجماع التربوي الوطني باعتبار الفلسفة مادة معممة على جميع شعب ومسالك البكالوريا المغربية تدريسا وامتحانا وطنيا.
سؤال: ألا تعتقدون أن منهاج وبرامج والكتب المدرسية المعتمدة في تدريس مادة الفلسفة تحتاج إلى مراجعة وإصلاح؟
بالفعل، يحتاج منهاج وبرامج وكتب مادة الفلسفة إلى مراجعة عميقة تأخذ بعين الاعتبار المكتسبات في مجالات التربية وحقوق الانسان والطفل والمرأة وحاجيات التنمية الفردية والاجتماعية في ظل مغرب يتغير في عالم يتغير في كل لحظة. وفي هذا الصدد قدمت الجمعية للوزارة هذه السنة مشروع ايام دراسية حول اصلاح منهاج وبرامج وكتب وتقويم مادة الفلسفة يحضره مدرسون ومفتشون وخبراء وباحثون يخرجون بأرضية لفتح نقاش تربوي بين كافة المتدخلين اقليميا وجهويا ووطنيا وصياغة مقترح لمنهاج بديل، ولكن للأسف لم تتجاوب الوزارة مع مطلبنا. ومع ذلك فهذا المشروع لازال قائما في الجمعية التي ستنظم لقاءات وايام دراسية بالاقاليم والجهات وإنجاز تقرير تركيبي يعرض للنقاش وطنيا.
سؤال: ماهي الأشكال النضالية التي تفكرون فيها للترافع عن مطلبكم؟
كل ما يتيحه لنا الحق والقانون وتضامن القوى الحية بالبلاد والمجتمع المدني والفعاليات والإعلام وأصدقاؤنا في الداخل والخارج.
سؤال: هل من رسالة أخيرة إلى من يهمهم الأمر؟
أعتقد أن رسالتنا قد وصلت وهي قيد الدرس، ونحن مطمئنون إلى حكمة العقلاء في هذا البلد.