تحولت بوصلة المراقبين والمهتمين بالشأن التربوي، إلى مجالس الانضباط والعقوبات التأديبية التي تصدرها ضد المشاغبين داخل المؤسسات التعليمية. ، في ضل تنامي مظاهر العنف المدرسي، وارتفاع درجات الشغب إلى مستوى ارتكاب جنح وجرائم من طرف تلامذة قاصرين. تلك العقوبات التي لم توفق في الحد من آفتي العنف والشغب. بعضها يزيد من انتشار الآفتين، ويؤكد عجز وقصور الأطر التربوية والإدارية أمام مناورات التسيب والانحراف التي يمارسها المشاغبين. المواظبون على توسيع نطاقها في صفوف التلامذة. إن العقوبات العادية من قبيل الإنذار أو التوبيخ أو حتى فرض التوقيع على التزام بعدم العود تصدر في حق المشاغبين الصغار. لكنها تبقى غير رادعة، وتجعلهم يزدادون عنفا وشغبا.. لتأتي بعدها سلسلة من العقوبات غير ذات جدوى. فقد بادرت الوزارة الوصية إلى تغيير عقوبة التوقيف المؤقت، بفرض عقوبات بديلة، كتنظيف ساحات المدارس والقيام بأعمال البستنة وأشغال داخل المكتبة.. ولم تتحدث بعدها عن التوقيف النهائي باعتبار أن التلميذ لا مفر له من التعليم. صحيح أن عقوبة التوقيف المؤقت، يلهث وراءها المشاغبين، وصحيح أن إبعاد التلميذ عن الدراسة لفترة معينة يضر بتحصيله الدراسي .. لكن العقوبات البديلة هي الأخرى ضارة بالتلميذ وزملاءه. من جهة أولى فالتلميذ غير مؤمن للقيام بالأشغال اليدوية، ومن جهة ثانية فمجلس الانضباط يغامر بفرض عقوبة على تلميذ لا يعرف شيئا عن وضعه الصحي والنفسي، ودون استشارة ولي أمره. ومن جهة ثالثة وهي الأهم. فتلك الأشغال اليدوية من المفروض أن تدخل ضمن التكوين التربوي لكل التلامذة، ولا يعقل أن يخصصها المجلس لمعاقبة المشاغبين. لأن باقي زملاءهم سيرفضون مستقبلا القيام بها.عقوبة أخرى بات من الواجب التخلي عنها. تتعلق بفرض تغيير المؤسسة على التلميذ المشاغب. الذي غالبا ما يكون قد قام بشغب وانحرافات كبيرة. فكل المؤسسات لها نفس الأهداف والبرامج ونفس البنية والموارد البشرية. وفرض انتقال تلميذ مشاغب إلى مؤسسة أخرى يعتبر عجزا من طرف تلك المؤسسة. وسيكون على التلميذ إعادة الإدماج في وسطه الجديد. وهو ما قد يزيد من تأزم وضعيته النفسية والتعليمية. وربما سيزيد من أعباء ولي أمره في حالة ما إذا كانت المؤسسة الجديدة بعيدة عن المنزل. فلما لا تشكل خلايا داخل المؤسسات التعليمية مهمتها مجالسة المشاغبين، ودفعهم إلى تغيير سلوكياتهم بطرق تربوية صرفة ؟. لأن الشغب لا يعالج بالعقاب، ولكن بتوفير أساليب للتقويم.