الرئيسية / بديل تربوي / فؤاد شفيقي: المدرسة غير منصفة والطلبة الجامعيين تائهون عن سوق الشغل … أكد مدير المناهج والبرامج بوزارة التربية الوطنية أن الوزارة بصدد توفير البدائل على مستوى الكتب المدرسية والبرامج والمناهج التعليمية وكذا فرض التدريس وفق المنهاج المنقح الذي سيعمم عل

فؤاد شفيقي: المدرسة غير منصفة والطلبة الجامعيين تائهون عن سوق الشغل … أكد مدير المناهج والبرامج بوزارة التربية الوطنية أن الوزارة بصدد توفير البدائل على مستوى الكتب المدرسية والبرامج والمناهج التعليمية وكذا فرض التدريس وفق المنهاج المنقح الذي سيعمم عل

حاوره : بوشعيب حمراوي (الأحداث المغربية)

ما ذا أعدت الوزارة لتنفيذ رؤية المجلس الأعلى للتعليم الاستراتيجية  (2015/2030)؟

اعتبر أن الحوار جاء في الوقت المناسب، من أجل التواصل مع الرأي العام والمتتبعين للشأن التربوي. وإيصال ما يجري ويدور على مستوى وزارة التربية الوطنية، من إنجازات وتحديات وإكراهات يعاني منها قطاع التربية والتكوين.  فبعد إحداث المجلس الأعلى للتعليم و التربية و التكوين العلمي في صيغتة الجديدة، وإعداده لتصور مستقبلي لقطاع التربية و التكوين. ووضعه  الإصبع على الأسس التي يجب بناء المنظومة عليها، لتستجيب أولا لتطلعات المملكة المغربية، التي تعتبر قطاع التعليم  واحد من الأوراش الكبرى مفتوحة. تصور مستقبلي  مهيكل سمي ب(الرؤية الاستراتيجية). فالمدرسة الحالية غير منصفة، وهناك مجموعة من الملتحقين بها لا ينالون حظوظهم في التربية والتكوين. كما أن العديد من الأطفال كانوا لا يجدون الإمكانيات لولوج المدرسة. وأعتقد أنه منذ سنة 2000 وحتى اليوم، تم التغلب بشكل تدريجي على هذه المعضلة. حيث بلغت نسبة المسجلين الجدد بالمدرسة، أزيد من 99,7 في المائة. إكراه آخر، واجهنا  ويتعلق بكيفية العمل على الاحتفاظ بالتلاميذ داخل المدرسة، ومنع التسريب والهدر. وكذا الإكراه المتمثل في الزاد المعرفي و المهاري الذي يجب أن يتغذى به التلاميذ. هل هو كاف لولوجهم مستقبلا إلى عالم الشغل والحياة العامة. وخصوصا الفئات القادمة من الأوساط الشعبية وهوامش المدن و البوادي. وثيقة (الرؤية الاستراتيجية) تتحدث عن ثلاثة محاور (الإنصاف، تطوير نموذج بيداغوجي، الارتقاء بالفرد والمجتمع). ورش إصلاح قطاع التربية والتكوين الذي جاءت به الوثيقة يتعلق بكل الفئات العمرية. بداية بالتعليم الأولي وحتى نهاية العمر.لأنه المفروض أن يستمر كل فرد من المجتمع الحالي في التعلم الذي يفرضه الاقتصاد العالمي. والفرد منا قد يشغل عدة مهن ووظائف في حياته حسب تطور أسواق الشغل و حسب حاجياته.

ماذا وفرت الوزارة وفرقها التربوية من بديل لتجاوز الاختلالات  ؟

استثمرنا نتائج كل فرق بيداغوجيا الإدماج. وأحدثنا ما سميناه ب(المنهاج المنقح للتلميذ) الخاص بالتعليم الابتدائي. واشتغلنا على الأربع سنوات الأولى من التعليم الابتدائي. على أساس تقييمها،عوض انتظار مرور ست سنوات. مدة التعليم الابتدائي. لأن التقويمات الدولية تبدأ بعد مرور الأربع سنوات الأولى. فبتنقيح البرامج الابتدائية، نكون قد أنجزنا 50 في المائة من التغيير المطلوب. يبقى لنا الاعتماد الكامل والشامل على المنهاج المنقح في كل المستويات التعليمية. نحن بصدد تجريبه هذه السنة. المنهاج المنقح تم تنزيله سابقا في أكاديميتين للتربية والتكوين (دكالة عبدة، الشاوية ورذيغة). وهذه السنة بأكاديميتين (مراكش، الرباط). هو الآن مطبق في حوالي 700 مدرسة بجميع المديريات الإقليمية. يشرف عليها طاقم من المفتشين المكلفين بتأطير الأساتذة المعنيين بشكل دوري في أفق تعميمها. كما أن مجموعة من المفتشين والأساتذة أحدثوا مجموعات الكترونية (الواتساب، الفايس..)، حيث يتم تقاسم المعلومات والدروس التي ينجزها البعض منهم). هذا الموسم الدراسي قررنا أن يكون سنة تقويم العمل ب(المنهاج المنقح). من أجل الوقوف على الاختلالات التي لاشك سنقف عليها وتصحيحها. وسنوزع استمارة على المدرسين والمفتشين. وفي تصورنا أنه سيعمم على مستوى الأول والثاني خلال الموسم المقبل، على أساس أن يعمم على التعليم الابتدائي كله سنة 2020.

 

ما ذا أعدت الوزارة لتسهيل وتسريع  تعلم القراءة باللغة العربية لدى التلاميذ ؟ 

بدأنا هذه السنة في الإصلاح وخاصة مشروع  (القراءة المقطعية) الذي نأمل أن ينهي المشاكل والإكراهات التي تعيق تعلم القراءة بالمدرسة العمومية. وأن نؤهل التلميذ ونوفر له الكفايات اللازمة للقراءة بطلاقة. وذلك انطلاقا من أحدث النظريات في اللسانيات لتعلم اللغات. تبين من خلال عدة دراسات قمنا بها أن الصعوبات التي يعاني منها التلاميذ في القراءة سببها منهاج التدريس. جربنا الآن هذا الإصلاح في 90 مدرسة منذ سنتين وعممنا هذه السنة على القسم الأول ابتدائي.  لكننا لم ننتج بعد الكتاب المدرسي، واعتمدنا هذه السنة على وثائق وجهت للمفتشين والأساتذة، تتعلق بالقراءة استعملت بشكل مؤقت للأسدس الأول والثاني، لتيسير العمل وفق الإصلاح الجديد بالقراءة المقطعية. وكذا كراستين للأسدس الأول والثاني وزعت هذه السنة بالمجان على كل التلاميذ (800 ألف تلميذ). وأحدثنا معها دليل الأستاذ على 212 صفحة لوضع الأستاذ في آخر مستجدات التوجهات التربوية. مفهوم القراءة الذي يعتمد بالأساس على خمسة مكونات (الوعي الصوتي، المبدأ الألف بائي،الطلاقة، المفردات والفهم). حيث تم وضع أنشطة خاصة بل مكون.. وسأكون أنانيا إن قلت إنني لو تمكنا من تفعيل هذه (الحسنة) وحدها. فإنني سأكون قد أنجزت عملا كبيرا وصدقة جارية وقد لمست هذا عندما زرت أقساما لتلاميذ درسوا فقط لأسابيع قليلة تعلموا القراءة بطلاقة. إذ لا يعقل أن نجد تلاميذ بالثانوي الإعدادي يتعثرون في القراءة. فالتلميذ بالمفهوم الجديد سيعرف معنى التقطيع للكلمة ومعنى الصوت والمصوت وكيف يجمع بينهما.. وبالتعليم الأولي تم اعتماد الحكاية  التي لا تتجاوز كلماتها 150 كلمة. يمكن تغيير مضمونها. وبعدها يطلب من التلميذ تأليف حكايات شبيهة، وليس بالضروري كتابتها. ويمكن الاشتغال داخل القسم، بمجموعات من التلاميذ من أجل كتابة حكايات شبيهة.عندما يتعلم التلميذ مجموعة حروف، نضع له حكايات بها كلمات وجمل تتضمن تلك الحروف. وترتيب الحكايات يكون خاضع لترتيب الحروف الهجائية التي يدرسها التلميذ.كما قمنا بترجمة حكايات من الأدب العالمي. ربما قد تكون الترجمة غير كاملة أو ركيكة. لكنها ستقوي الرصيد اللغوي لدى التلميذ. فريق (الخبرة الوطنية) الذي يشتغل على هذا المشروع (القراءة المقطعية)، مكون من خمسين عضو.  وسننكب على مشروع آخر شبيه يهم اللغة الأمازيغية.

وماذا أعدت الوزارة لفك معضلة اللغة الفرنسية التي باتت عائقا أمام الطلبة الجامعيين ؟  

لقد بات واضحا أن  قصور تدريس اللغة الفرنسية، من بين أسباب عدم تكافؤ الفرص. فالأغنياء يوجهون أطفالهم إلى المدارس الخاصة. حيث يدرسون بلغات مزدوجة، ابتداءا من التعليم الأولي. لكن 90 في المائة من تلاميذ الأسر المغربية يلجون المدارس العمومية، حيث تدرس الفرنسية ابتداء من القسم الثاني. يتلقون تعليما بسيطا يجعلهم لا يتقنونها، وخصوصا عندما يحتاجون لاعتمادها كلغة تدريس بالتعليم العالي. لقد آن الأوان، لمصارحة المغاربة بهذه الحقيقة. والتساؤل..  هل نريد أن نساير المدرسة بسرعتين بسبب اللغة الفرنسية… المجلس الأعلى للتعليم أعطى الحل وفق وثيقة (الرؤية الاستراتيجية)، حيث أكد على ضرورة تدريس اللغتين العربية والفرنسية بروض الأطفال وبداية من السنة الأولى ابتدائي.   كما أكد على أن تدرس بعض مضامين التعليم الثانوي باللغات الأجنبية.  وقد دخلنا هذه السنة في التطبيق. حيث أنجزنا عملا استثنائيا، متمثلا في إحداث برنامج اللغة الفرنسية بالسنة الأولى ابتدائي. الذي عمم على جميع التلاميذ. كتب طبعت ووزعت مجانا على المدارس العمومية (كتاب مدرسي ودليل الأستاذ). أنجزته فرقة اشتغلت خلال العطلة الصيفية الماضية. وتم توجيه المدارس الخاصة لاقتناءه من مطبعات خاصة.

أين انتهى الجدل حول مادة التربية الإسلامية ؟

أظن أننا أنهينا ملف مادة التربية الإسلامية. وحذفنا كل ما كان يعرقل مسارها. حيث وضعنها حدا للتداخل الذي كانت تفرضه مجموعة من البرامج التعليمية. وتم حصر التعلمات في كل ما يتعلق بالدين الإسلامي والممارسات الدينية. فوظيفة التربية الإسلامية أن تقدم للتلميذ ما يحتاجه في أمور الدين فقط. ولا يمكن التداخل مع باقي العلوم والمواد الأخرى.هناك مطالب لبعض جمعيات أساتذة التربية الإسلامية. وقد سبق أن تقدموا بمذكرات مطلبية  للوزارة والمجلس الأعلى للتعليم. هم يطالبون بإحداث حصة للأنشطة بالتعليم الابتدائي سنتعامل معها ايجابيا. حصة الأنشطة كانت تدرس بالثانوي الإعدادي والتأهيلي، وحذفت وهم يطالبون بإعادتها. فقد بنيت التربية الإسلامية سنة 2000 على أساس أنها مهيمنة على جميع المواد. وهذا خطأ، الآن عادت لموقعها.

ماذا عن إشكالية قصور التحصيل في المواد العلمية والرياضيات ؟ 

لقد تأكد لنا بعد إجراء أبحاث وخبرات ميدانية تخص مدى درجة التحصيل العلمي ، وخصوصا لدى تلاميذ مستوى الخامس ابتدائي. أن 70 في المائة من المكتسبات العلمية تضيع. ولا يتم استيعابها من طرف التلاميذ. ما يعني أن هناك مجموعة من البرامج التعليمية في العلوم والرياضية تضيع.  وتفقد التلميذ التسلسل المنهاجي المفروض تحصيله للتمكن من استيعاب برامج أخرى..  التوجه التربوي السابق، كان هو توفير الدعم المدرسي  للتلاميذ الذين يجدون صعوبات في التعلم، واستيعاب بعض البرامج. إلا أن الدعم كان ينحصر في البرامج التعليمية الخاصة بالمستوى التي يدرس فيه التلميذ. علما أن التلميذ له نواقص في برامج سابقة ولا يمكن تجاوزها. فالتلميذ يفقد سنويا مجموعة من البرامج الضرورية وعليه أن يحصل على الدعم فيها. اشتغلنا على ما يسمى (بيداغوجية الخطأ)، مهمتها رصد الأخطاء لدى التلميذ.  ويعمل الأستاذ على تصحيح تلك الأخطاء باعتماد سيناريو بعدي (تصحيح الأخطاء بعد اكتشافها). ويتحول إلى سيناريو قبلي في السنوات المقبلة (تصحيح الأخطاء قبل الدخول في الدرس الجديد). لضمان استيعابه من طرف أكبر عدد ممكن من التلاميذ.

كيف ترون عمليات التقييم التي توظفها الوزارة  (الامتحانات الإشهادية نموذجا)؟

هل طريقة تقويم التعليم الامتحانات الحالية تخدم التعلمات ؟. وهل بهذا التقويم سنستعيد ما أعطي للتلاميذ من تعلمات ؟.. هذه أسئلة عميقة يجب على الإصلاح أن يجيب عليها. رأيي أن التقويمات يجب ألا تنحصر في السنوات الإشهادية.  ويجب أن نعلم نهاية كل سنة دراسية بأن التلميذ توفرت لديه الشروط والمعايير للانتقال إلى السنة الموالية. كما يجب ألا ننتظر نهاية السنة. بل العمل على طول السنة من أجل تصحيح كل الاخطاء والنواقص، على أساس أن ينجح كل التلاميذ. امتحان الباكالوريا مثلا، قد يأتي بأسئلة حول درس ما. ويكون من حظ تلميذ راجعه. إذن فهذا تقويم جزئي، لا بد أن يكون التقويم  كلي ومستمر في الزمن،  لكي يؤدي دوره الصحيح.

 

 ماذا ينقص النموذج البيداغوجي  المغربي ؟

هناك أشياء يجب أن تضاف إلى النموذج البيداغوجي، منها مدخل القيم مثلا. يجب اعتماد دستور 2011 من أجل تحديد ما هي القيم المفروض ترسيخها لدى التلميذ (الدين الاسلامي، مبادئ حقوق الإنسان.. المواطنة، الإرث التاريخي والحضاري ..). هناك قيم تعطى بشكل عمومي سواء بالبرامج التعليمية أو الكتب المدرسية. يجب التدقيق  في القيم، التي تم تحديدها في ستة قيم انطلاقا من الدستور وهي (الحرية، العدل، المساواة، التضامن، التسامح، الكرامة). عندما يتم تأليف كتاب مدرسي يجب أن يراعي في كل برامجه ودروسه هذه القيم. ومن تخلى عن إحداها فلا يمكن القبول به من طرف لجنة المصادقة على الكتب المدرسية.فالمراجعة التي أنجزناها سنة 2015 ل190 كتاب مدرسي، تضمن كل المستويات التعليمية اعتمدت هذه شبكة القيم الجديدة قبل المصادقة عليها . وقد وجدنا عدة كتب لا تعتمد بعض تلك القيم. مثلا وجدنا كتاب مدرسي اعتمد مقالة من الأدب الفارسي، تتحدث عن فتاة قاصر يحاول شقيقها الأكبر (15 سنة) أن يعيلها في مصاريف الزواج. علما أن القانون المغربي يمنع زواج القاصرات. وكتاب آخر يتحدث عن انتقام طالبة أجنبية من صديقة لها (سرقت قلب خليلها) بالحي الجامعي السويسي (منقول عن جريدة وطنية)..وهي حكايات بعيدة كل البعد عن ثقافة المغاربة وقانون البلاد. ومن أجل الارتقاء بالفرد والمجتمع  يجب كذلك توفير ما يعرف ب(التعليم متداخل الاختصاصات ) بالثانوي في كل البرامج.  حيث يمكن للتلميذ أن يطلع على موضوع أو قضية ما في عدة مواد بنفس المستوى التعليمي. وذلك بتوحيد العمل على مواضيع بعينيها في عدة مواد تعليمية. فهل بالإمكان أن نوفر دروسا في عدة مواد تهتم بنفس الموضوع والقضية لدعم استيعاب التلميذ، وجعله يتعامل مع المركب. هذا ما يجب أن نصل إليه، عند مراجعة البرامج والمناهج التعليمية.

الجامعة المغربية تنتج البطالة ومعظم الطلبة تائهون عن سوق الشغل فهل من حلول ؟ 

 يجب أن يشعر التلاميذ والطلبة في مرحلة ما من الدراسة الثانوية أو الجامعية، بأنهم قادرين على الاندماج في المجتمع. اليوم هذا الشعور غير موجود لديهم. هناك طلبة يتابعون دراساتهم الجامعية (إجازة، ماستر..) لا يدرون ما سيفعلون في حيواتهم. يستحيل أن تجد طالبا في دولة غربية لا يعرف ما سيفعله مستقبلا. فالطالب هناك قد يعمل من أجل توفير مصاريف الدراسة، وليس له أوقات لضياعها. لكن معظم الطلبة بالمغرب يحاولون تمديد الحياة الجامعية قد الإمكان، للهروب من مواجهة الحياة. من بين أهم المؤشرات التي يقاس بها أداء الجامعات ،هي عدد الطلاب الذين يحدثون مقاولات.  بفرنسا أحسن المؤسسات لا يتجاوز عدد الطلاب من هذه الفئة، سبعة في المائة. وبالولايات المتحدة لا تنزل  عن 12 ف المائة. على الطالب ما إن يدخل الجامعة، حتى يكون قد بدأ التخطيط لمستقبله وما أن يتخرج منها حتى يكون مشروعه قد اكتمل. هذا ما يجب أن يكون بالمغرب. ولهذا يجب تعزيز المسارات المهنية وتوسيع إطار الباكالوريا المهنية.  الآن أزيد من 16 ألف تلميذ يدرسون بهذا السلك المهني.  يجب التقليص من عدد الباكالوريا (بدون معنى) شعب الفيزياء والعلوم الحياة والأرض والآداب والعلوم الإنسانية.. بالمقابل علينا أن نوسع دائرة الباكالوريات المهنية. بالمغرب سوق الشغل الذي يتطلب (باك زائد سنتين تكوين مهني) أكثر من (باك زائد 3) أو (باك زائد 4).. بالنسبة للباكالوريا الدولية، فهي نفس شعبة العلوم الرياضية المعربة، لكن موادها العلمية تدرس باللغة الفرنسية. وهناك باكالوريا دولية تدرس باللغة الانجليزية  (فقط بثانوية مولاي عبد الله بالبيضاء). وهذا مهم لأن النسيج الاقتصادي يفرض اللغتين الفرنسية والانجليزية. وهو ما جعلنا ندرج شعبة التعليم الدولي ابتداءا من السنة الأولى إعدادي. كما أن الجامعة لم تخضع للتعريب لهذا السبب. ف30 في المائة من الطلبة الذي يلجون الجامعة هم من يحصلون على الإجازة فقط. ولكم أن تتصوروا  أن 70 في المائة من ميزانية التعليم العالي تضيع اليوم بسبب هؤلاء الخريجين بدون دبلومات. ونحن السبب لأننا لم نؤهل الطالب بما يكفي للاستمرار في التعليم العالي بنجاح.

 

ما ردكم بخصوص شكايات الآباء حول كثرة الكتب المدرسية وتنوعها وثقلها؟..

بخصوص كثرة الكتب المدرسية، فإن هذا كلام غير صحيح. فبمستوى التحضيري مثلا، لدينا سوى ستة كتب مدرسية وهي (الرياضيات، القراءة، النشاط العلمي، التربية التشكيلية أو الفنية، التربية الإسلامية، الفرنسية). وهي كتب متعلقة بكل مادة تعليمية. كما أن وزنها الإجمالي مع باقي المتعلقات المدرسية (دفاتر وأدوات)، حوالي كلغرامين ونصف. أما بالنسبة للتعليم الخصوصي، فبعض المدارس تثقل كاهل التلاميذ بكتب أخرى ناذرا من يتم فتحها. أما بخصوص تنوع تلك الكتب المدرسية. واختلافها بين مجموعة من المؤسسات التعليمية. فعاد راجع إلى عملية تحرير الكتاب المدرسي التي أقرها الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1987. فموضوع الكتاب مر منذ الاستقلال إلى اليوم بثلاثة مراحل. في المرحلة الأولى، لم يكن هناك كتاب مدرسي.  فقط مؤلفين مغاربة وأجانب، أصدروا كتبا تم اعتمادها من طرف الوزارة (كتب بوكماخ، عبد السلام ياسين..). في المرحلة الثانية، أخذت الوزارة على عاتقها مسؤولية تأليف كتب مدرسية. كان هناك قسم للبرامج أواسط السبعينات وحتى سنة ألفين. لم نكن نعرف من المؤلف، والكتاب كان يحمل اسم (المملكة المغربية). المؤلفون لهم حقوقهم، لكن لا أحد كان يعرفهم. كما كان هناك كتاب واحد فقط لكل مادة أو مستوى. وفي المرحلة الثالثة. سنة 1999، وبعد صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين. أنجز مدير المناهج حينها دراسة شملت 400 فرد فاعلين في القطاع (مفتشين، أساتذة آباء..). وكان الميثاق تكلم عن تعدد الكتاب المدرسي. ونظمت مناظرة بمدينة سطات، خلصت إلى أن الكتاب الوحيد (منمط)، ويجب تحريره  وفتحه للمنافسة.  وفي سنة 2002، أعدت الوزارة دفتر تحملات خاص بشروط ومعايير واضحة للتأليف. حيث أحدثت عدة فرق للتأليف وسحبت نسخة من دفتر التحملات من أجل تنفيذ بنوده والدخول في المنافسة. وبعدها تم عرض الكتب المتنافسة على لجنة أولية للتحقق من مراعاتها لبنود دفتر التحملات. قبل إحالة الكتب المنتقاة على لجنة خاصة من أجل ما كان يعرف ب(التقويم المميز).  ويتم بعدها ترتيب الكتب. على أساس أن يشمل الانتقاء النهائي أكثر من كتاب مدرسي لنفس المستوى والشعبة (من 1 إلى 5). واقترحت الوزارة تسويق تلك الكتب بالتساوي وفق عدد التلاميذ المعنيين بها. وهو ما جعل تلاميذ مستوى معين بمدرسة ما، يدرسون بكتب مدرسية مغايرة الاسم والأنشطة لزملائهم في نفس المستوى بمدرسة أخرى. وقد تسببت العملية في عدة اكراهات. سواء من حيث طريقة تسويق الكتب، أو من حيث انتقادات بعض الأساتذة، الذين كانوا يرفضون التدريس ببعض الكتب.  وهنا كان لابد من تنبيه المديرين الإقليميين إلى أنه من حق أية مدرسة أن تختار الكتب المدرسية التي ترى أنها تناسبها. وما عليها سوى مراسلة المديرية من أجل الترخيص لها. إلا أنه ولا أحد راسل المديرية في هذا الموضوع.

 

 ماذا اقترحت الوزارة  وهي بصدد تغيير عدة برامج ومناهج وخصوصا بداية الموسم المقبل ؟..

خلال الموسم الدراسي المقبل، سيبدأ تطعيم (المنهاج المنقح)، بكل الإصلاحات التي سبق الحديث عنها والمتعلقة باللغتين العربية والفرنسية والعلوم ورصد القيم.. وأظن أنه من الصواب عدم الحديث عن تغيير الكتب المدرسية. بل عن مراجعتها لتفادي الدخول في صراعات ومتاهات تزيغ بنا عن الهدف المنشود. لذا سنطلب من كل فرق التأليف التي لها كتب مدرسية، بأن تعيد مراجعتها وضبطها لتراعي الإصلاحات الحديثة والمنهاج المنقح. كما أن على تلك الفرق أن تعيد سنويا تقييم ومراجعة كتبها. وسنحاول أن نفعل جانب المنافسة في التسويق على أساس البقية للأفضل. حيث سيظهر الكتاب الجيد والكتاب الرديء.   ما وقع سابقا، يؤكد أن الوزارة وقعت في مصيدة. ولا يمكنها فتح المنافسة من جديد، بل سنعمل على تنقيح وتجديد الكتب الآنية. فمن الصعب الآن إلغاء تعدد الكتب والمنافسة واختيار كتاب واحد لكل مادة ومستوى …فالفرق المقصية لا تقبل بدعم الكتاب الفائز. ونفقد دعم مجموعة كبيرة من المؤلفين الغاضبين.

 

ما هي الاختلالات التي راكمها الكتاب المدرسي ؟

أذكر فترة تنفيذ مشروع تغيير البرامج الخاصة بكل المستويات التعليمية،التي امتدت من سنة 2002 إلى سنة 2006. والتي صاحبتها عملية تغيير الكتب المدرسية والوثائق الخاصة بالأساتذة. كنت حينها عضو في اللجنة المكلفة بالإشراف والتتبع للبرامج الابتدائية . حيث اشتغلنا بشكل آلي رهيب، أنهك الإدارة التربوية والمركزية وكل الفاعلين. العملية تمت بشكل متسرع. علما أن المراجعة والتقييم النهائي لجدوى وأهداف البرامج لا يمكن أن تتم إلا بعد مرور 15 سنة على الأقل، أي عندما يبلغ الطفل الذي ولج القسم الأول ابتدائي إلى مستوى الباكلوريا. تلك البرامج تبث أن بها عدة اختلالات،  برزت عند حل سلسلة المنهاج الدراسي، حيث اتضح أن بها تقطعات. كما تأكد فيما بعد أن من أنتجوا الكتاب الأبيض في  صيغته الجديدة بالتوجهات الكبرى والاختيارات ليسوا هم من وضعوا البرامج. بدأنا بلجنة من 33 عضو ،  ثم 100 و 600 عضو .. كما آخرون هم  من ألفوا الكتب، والذين بلغ عددهم 10 آلاف مؤلف. تمت المصادقة على كتب تخص أكثر من ألفين مؤلف. وقد كان من بين أسباب الاختلالات، سوء التوثيق، و إكراهات التأليف وفق شروط معينة. وخصوصا عندما يتم فرض عدد الصفحات على المؤلف. ومطالبته في نفس الوقت باحترام عدد الساعات والمستوى الدراسي والبرامج.. وهو ما يرغم المؤلف على الحذف أو التقطيع للبرامج التعليمية. ويفقدها أدوراها..  كما أن من صادقوا على الكتب لا علاقة بباقي الفرق أو اللجان السابقة. الكتاب المدرسي يعتبر وثيقة من بين عدة وثائق تربوية، تخص مستوى أو شعبة ما. فهناك  دليل الأستاذ ووثيقة التوجهيات التربوية التي تصدرها الوزارة. ولا يمكن أن نصب الإخفاقات إن وجدت على الكتاب المدرسي وحده. بل إن هناك عدة عوامل مؤثرة في العملية التعليمية. شخصيا عندما تسلمت مهام إدارة المناهج والبرامج سنة 2010، طلبت من المفتشين التربويين، تقارير مفصلة. ووقفنا على أن أهم الانتقادات، تتعلق بكمية المعارف المطلوب تمريرها للتلاميذ. حيث البرامج مكتظة ومثقلة بالمفاهيم والمعارف. فبالنسبة للتعليم الابتدائي، كان من الضروري البحث في اتجاه ملائمة التعلمات بمستوى ووضع التلميذ. وطرح سؤال (ما جدوائية التعلمات ؟). فقد شكلت فريقا من 50 إطار  منذ سنة 2010 لوضع منهاج التعليم الابتدائي. لأن على التلميذ أن يستوعب كل التعلمات المبرمجة في مستوى معين. وعليه أن يوظفها في أمور معقدة .. اشتغلنا على بيداغوجية الإدماج. وتبين أن هناك فقرات لا علاقة لها بفقرات أخرى تتواجد معها. أو أن هناك فقرات تم تغيبها. وتم الكشف عن مجموعة من الاختلالات بالمحتويات التعليمية، عند تطبيق منطق التدريس بالكفايات. فالتلميذ كان يقرأ (الحاجة) من أجل ذاتها، بينما الهدف هو تعلمها من أجل توظيفها.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *